📌 ارتفعت أسعار بيض المائدة بنحو 22.5% في الأشهر الأربعة الأخيرة، مسجلة رقمًا قياسيًا بعدما بلغ ومتوسط سعر الطبق (30 بيضة) 173 جنيهًا، في وقتٍ يستعد فيه الأهالي لبداية العام الدراسي، الذي يرتفع فيه عادة استهلاك "بروتين الفقراء".
➖ من خلال الحديث مع 5 من مُنتجي وتجار البيض من 5 محافظات مختلفة، ونائب رئيس اتحاد مُنتجي الدواجن ثروت الزيني، يتتبع فريق #متصدقش في هذا التقرير أسباب ارتفاع الأسعار بهذا الشكل، ليكشف عن وجود شبهات في حدوث ممارسات احتكارية، وقرارات حكومية خاطئة يدفع المواطن ثمنها. ⬇️⬇️
❓❓ من يحدد سعر "البيض"؟
◾ بحسب بوابة الأسعار المحلية والعالمية التابعة لمجلس الوزراء، انخفض سعر التجزئة لـ "طبق البيض" من متوسط 158.8 جنيه في أبريل 2024 إلى 141.6 جنيه في مايو 2024، بنسبة انخفاض 10.8%، بعد نحو شهرين من تحريك سعر الصرف، واستقراره عند مستوى 48 جنيه، وانحسار السوق السوداء.
◾ لم يدم الانخفاض طويلًا، فعلى مدار الشهور الأربعة التالية (يونيو - سبتمبر 2024)، سجل سعر طبق البيض ارتفاعات متتالية، حتى وصل اليوم الجمعة، لمتوسط 173.6 جنيه، بنسبة ارتفاع 22.5%.
◾ لنفهم الأسباب وراء ارتفاع سعر بيض المائدة مجددًا بمستويات فاقت أسعاره في فبراير 2024، التي اُعتبرت قياسية حينها بعدما بلغ سعر الطبق 165 جنيه، نحتاج أولًا لمعرفة من يحدد أسعار بيض المائدة يوميًا.
◾ بحسب المصادر التي تحدثت إلى #متصدقش من المنتجين والمربيين، فإن السعر يُحدد يوميًا من خلال شعبة بيض المائدة باتحاد مُنتجي الدواجن، أو من خلال أسعار بعض البورصات غير الرسمية لكبار تجار الجملة.
◾ يُشير بعض المُنتجين والتجار الذين تحدثوا إلى #متصدقش لوجود ممارسات "احتكارية" من بعض كبار المُنتجين تسببت في ارتفاع الأسعار مجددًا، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الاستثمار في إنتاج بيض المائدة.
⭕ ممارسات "احتكارية" تُشعل الأسعار
◾ لدى شريف الرويني، تاجر بيض مائدة جملة بمحافظة البحيرة، ومُنتج سابق، تجربة مشابهة مع مسعد العراقي تاجر البيض جملة بالشرقية، ومُنتج سابق، في أسباب الاكتفاء بتجارة البيض فقط ووقف الإنتاج.
◾ توقف "الرويني" الذي كان يمتلك 9 عنابر دواجن عن إنتاج البيض وأجّر مزارعه، واكتفى بالتجارة الجملة منذ عام 2021، بسبب تأثيرات جائحة كورونا على قطاع الدواجن، وفشل في العودة مجددًا.
◾ يقول "الرويني" أنه لكي يبدأ من جديد يحتاج إلى شراء الكتاكيت لتربيتها لتُصبح فراخ بيّاضة، وهي عملية أصبحت صعبة للغاية لأن "كبار المنتجين اللي هما أعضاء بشعبة بيض المائدة باتحاد مُنتجي الدواجن قفلوا على نفسهم".
◾ يشرح التاجر: شراء الكتاكيت يكون من خلال الشركات الكبرى التي تستورد الدواجن الجدود من خارج مصر، والمملوكة لكبار المُنتجين. "بيعمل إيه الكبار دول بقى؟ (تروح تشتري) يقولك احجز وهتستلم بعد 8 شهور أو سنة، ويدّيك كتكوت. مش هيديك اللي إنت هتستفيد منه، هيديك الكتكوت اللي مستغني عنه، الأم لما بتولد، بتولد أول عيل صحته قوية.. الولادة التانية والتالتة تيجي تربيه (الكتكوت) متستفادش منه، يجيله أمراض".
◾ تأخير استلام الكتاكيت أو الامتناع عن بيعها أحيانًا كما يقول "العراقي"، يُسبب خسارة كبيرة لأنه "ببقى حاسب التكلفة على أساس أسعار دلوقتي مش بعد شهور". ويشير إلى أن بعض كبار المُنتجين يتعمدون أحيانًا، خاصة عند وفرة المعروض، تخفيض الأسعار في السوق لأقل من تكلفة الإنتاج، مُعتمدين على امتلاكهم الحصة الأكبر من السوق.
◾ الهدف من ذلك بحسب "العراقي" تعريض بعض متوسطي وصغار المنتجين لخسائر لا يتحملونها ليخرجوا من السوق، ثم يقومون برفع الأسعار بعد ذلك.
◾ ويوضح "الرويني" أنها ممارسة قديمة: "في 2016 المُنتج إ.ب نِزل بسعر الطبق تحت تكلفته الفعلية 5 جنيه، خَرّج 60% من المنتجيين، ورِجع رافع السعر 8 جنيه، وكان بينتج وقتها 40 ألف طبق يوميًا، دلوقتي بينتج 120 ألف طبق بيض يوميًا، شوف ممكن يعمل إيه".
◾ ويُشير نفس التاجر إلى ممارسة أخرى لهؤلاء المُنتجين تتعلق بالتحكم في الأسعار: "بيختبروا السوق.. بيتفقوا على إنهم يزودوا جنيه، وكل واحد يمسك في البضاعة اللي عنده إن يبيعها بالسعر ده، لو السوق قابل هيزيد، لو السوق رفض هيرخص، فالبيض بيعتمد على اللي بيشتري أكتر.. لكن للأمانة مش هما بس".
◾ يوضح محمدين خطاب أحد مُنتجي بيض المائدة بمحافظة المنوفية، أن بعض كبار تجار الجملة يقومون بشئ شبيه: "التاجر بيبقى قارئ السوق، وبييجي يخزن عنده يلمله 10 أو 15 ألف طبق، مش هيقدر يخزنه أكتر من يومين، لو غِلي جنيه ولا 2 هيكسب 15 ألف لـ 30 ألف"، وهو ما يُشير إليه "الرويني": "في بورصة لتاجر بيض بقرية النجاح (طريق القاهرة - إسكندرية) الصحراوي، لو مزنوق والسعر بـ 163 الطبق.. هيبيعلك بـ 172..173".
◾ صعّبت تلك العوامل مع ارتفاع تكلفة إنتاج بيض المائدة ومخاطر الاستثمار به، من دخول "العراقي" و"الرويني" سوق التربية مجددًا؛ "عشان أدخل تاني دلوقت بعد ما خرجت.. عشان أعمل عنبر هكَّلف 5 مليون جنيه..(و) ممكن (الفراخ) يموتوا أو يخسروا، وفوائد البنوك دلوقتي حلوة.. اللي بيربي الكبار".
◾ تحدث #متصدقش إلى محمد، مُنتج وتاجر آخر لبيض المائدة بمحافظة القليوبية، ينتج 6 آلاف طبق يوميًا، وأكّد تحكم كبار المنتجين سواء في تحديد الأسعار أو بيع الكتاكيت، لكنه لا يعتبرها ممارسات مقصودة أو احتكارية.
◾ ويوضح أن كبار المنتجين العاملين حاليًا بالسوق عليهم ضغط طلبات بسبب خروج بعض الشركات العاملة في القطاع من السوق بسبب تأثير الأزمة الاقتصادية في عام 2022، ولذا يؤخرون تسليم الكتاكيت، كما أن تحديدهم للأسعار بحسب "محمد" ناتج عن ارتفاع الطلب.
◾ حدد "الرويني" و"العراقي" لـ #متصدقش أسماء كبار المُنتجين الذين يمارسون ممارسات وصفوها بـ"الاحتكارية"، ونتحفظ على ذِكر أسمائهم. وبالبحث عنهم وجدنا أن بعضهم أعضاء بمجلس إدارة شعبة بيض المائدة باتحاد مُنتجي الدواجن.
⭕ "حماية المنافسة": أخطرنا النيابة و"اتحاد الدواجن": لم يُحقق معنا
◾ حديث الممارسات الاحتكارية يدعمه إعلان جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، في 9 سبتمبر 2024، تحريك الدعوى الجنائية ضد 21 من كبار منتجي بيض المائدة، وإحالتهم للنيابة العامة، لافتًا إلى أنهم "من أعضاء شعبة بيض المائدة التابعة للاتحاد العام لمنتجي الدواجن ومن بينهم أعضاء بمجلس إدارة الشعبة".
◾ وقال "حماية المنافسة" في بيانه، إن المخالفون قاموا "باتباع منهجية في زيادة الأسعار بشكل تدريجي بغض النظر عن آليات العرض والطلب خلال الفترة الماضية… بالإضافة إلى قيام أحد العناصر الرئيسية في الاتفاق الذي يشغل منصب رفيع المستوى في شُعبة بيض المائدة بحث أصحاب المزارع على عدم التعاون مع الأجهزة الرقابية ومحاولة طمس الأدلة وعرقلة إجراءات الفحص والاستدلال"، وأوضح "حماية المنافسة" في بيانه أن الممارسات كانت تخص التحكم في أسعار البيع.
◾ نائب رئيس اتحاد مُنتجي الدواجن ثروت الزيني، كشف لـ#متصدقش، عدم وجود أي إخطار من جهاز حماية المنافسة أو النيابة العامة للتحقيق مع أعضاء بشعبة بيض المائدة، وعدم إجراء أي تحقيق مع أحدًا منهم حتى أمس الخميس 19 سبتمبر 2024.
◾ وقال "الزيني" ردًا على اتهامات بوجود "ممارسات احتكارية" وأسباب ارتفاع سعر البيض مجددًا، بأن: "البيض ده سلعة طازجة بتتباع يوم بيوم.. 100% (سبب ارتفاع السعر) عرض وطلب.. في فجوة في الإنتاج عشان تداعيات 2022 و2023.. أزمة الدولار وأزمة العلف".
◾ وأشار "الزيني" إلى أن أزمة ارتفاع السعر "هتبدأ تتحل مع بداية نوفمبر (2024) مع دخول إنتاج القطعان الجديدة (الدواجن البيّاضة)، ومفيش علاقة طبعًا بأسعار البيض وقرار (جهاز) حماية المنافسة".
◾ كانت شعبة بيض المائدة باتحاد مُنتجي الدواجن أعلنت أمس الخميس 19 سبتمبر 2024، طرح 4 آلاف طبق بيض مائدة في منافذ الشركة القابضة للصناعات الغذائية بدءً من غدٍ السبت 21 سبتمبر 2024، بسعر 150 جنيه للطبق، على أن يزيد الضخ وفقًا للاحتياجات.
◾ جاء ذلك بعد يوم من اجتماع بعض أعضاء "الاتحاد" مع وزيري التموين والتجارة الداخلية والزراعة، لبحث ضبط أسعار بيض المائدة. وهو التدخل الحكومي الذي جاء متأخرًا بعد ترك السوق 4 أشهر، ولم تُسفر نتائج الاجتماع عن آليات أو قرارات أخرى لضبط السوق سوى طرح الـ"4 آلاف طبق".
⭕ تأثير قطع الكهرباء الممتد و"رفع المحروقات"
◾ تُشير بعض المصادر التي تحدثت إلى #متصدقش، لأسباب أخرى أثّرت على ارتفاع الأسعار أهمها تأثير قطع الكهرباء قبل إنهاء خطة "تخفيف الأحمال"، ورفع أسعار المحروقات.
◾ تعرض "خطاب" لخسارة مادية كبيرة في يونيو الماضي بعد نفوق 1100 دجاجة دفعة واحدة في أحد عنابره الـ 3 من إجمالي 6000 دجاجة بالعنبر، وهو ما أدى لتراجع إنتاجه: "الفرخة لحد ما جابت بيضة مكلفاني 300 جنيه".
◾ يشير "خطاب" إلى أن المزارع بسبب حر الصيف، تعتمد على وجود مُكيفات لتبريد الأجواء للعنابر، لكن قطع الكهرباء أثّر عليها بالسلب وذلك لثاني مرة بعدما تعرض لأزمة مشابهة في فبراير 2024 بسبب قطع الكهرباء.
◾ يوضح "خطاب" أنه عندما يُشغل المُكيف، يغلق أي منافذ للتهوية على الدواجن "عشان ميشتغلش التكييف على الفاضي"، لكن في أحد المرات قطعت الكهرباء في غير موعدها، ولم يكن يتواجد أحد بالمزرعة، فـ"العنبر كله اتكتم والرطوبة عِليت.. الفراخ ماتت". لافتًا إلى أن موعد القطع المعتاد كان من الساعة 2 ظهرًا لـ 4 "في عز الحر".
◾ وفي يوليو 2024، قال رئيس شعبة الدواجن في الغرفة التجارية بمحافظة الجيزة سامح سعد، لجريدة المصري اليوم، إن نسبة نفوق الدواجن بسبب انقطاع الكهرباء، ما بين 5 إلى 10% "ما يعني أنها تصل تقريبًا إلى 3 مليون دجاجة بالمزارع".
◾ وإلى جانب قطع الكهرباء، يُشير "خطاب" إلى تأثير ارتفاع أسعار المحروقات في يوليو 2024: "بعد رفع سعر السولار بقى بيجيلي التاجر (جملة) والبورصة 162 جنيه مثلًا، بيبقى عامل حسابه إن هيشيل من عندي 161، مش هيقدر يقولي نزلني أكتر من جنيه لأنه عارف غالي عليا، فَبياخد من القطاعي (زيادة) 2 لـ 3 جنيه، والقطاعي بيرفع على المواطن".
➖ بعد ارتفاع باقي أنواع البروتين، يبقى البيض مفضلًا كوجبة أساسية تضم البروتين، يصعب تخلي المصريين عنها خاصًة مع ارتفاع باقي أنواع اللحوم والدواجن، وهو ما يشير إليه شريف دياب تاجر بيض مائدة جملة بمحافظة الجيزة، قائلًا لـ#متصدقش: "الناس مبتبطلش تشتري البيض، السحب زيادة زي ما هو لما كان الطبق رخيص".