مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

حقيقة السبب وراء بناء سد النهضة الإثيوبي وتصريحات وسائل الإعلام المتعارضة

حقيقة السبب وراء بناء سد النهضة الإثيوبي وتصريحات وسائل الإعلام المتعارضة
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr

الإدعاء

** بعد فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، بدأ صراع آخر بين وسائل الإعلام المملوكة لأجهزة الدولة، والقنوات المعارضة اللي تبث من تركيا، عن السبب الحقيقي اللي سمح لإثيوبيا ببناء سد النهضة، خرجت تصريحات عده من مقدمي البرامج في "إعلام الدولة" يرى السبب قيام ثورة 25 يناير عام 2011، والإعلام المعارض من تركيا يراه اتفاقية "إعلان مبادئ مشروع سد النهضة" اللي وقعت عليه مصر والسودان وإثيوبيا في مارس 2015.

دحض الإدعاء

* السببان كلاهما غير حقيقي، لم تتسبب ثورة يناير أو اتفاقية "إعلان المبادئ" في تشييد إثيوبيا لسد النهضة، وإن بناء السد اللي بدأ التخطيط له من 2010، خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، استمر حتى الوصول للملء الأول في عام 2020 خلال عهد الرئيس السيسي، بدون أن تؤثر على إمكانية بناءه من عدمها ثورة يناير أو إعلان المبادئ. وده يظهر بوضوح لو رجعنا لرصد ما حدث خلال عشر سنوات وما قبلها. * ثورة 25 يناير 2011: = أعلنت إثيوبيا رسميا التفكير في بناء عدد من المشروعات على أنهارها الدولية سنة 2001، أما التخطيط لبناء السد النهضة بشكله الحالي فأعلن عنه في أغسطس 2010، لما أعلنت الحكومة الإثيوبية أنها انتهت من عملية مسح موقع سد النهضة تمهيدا لبدء عمليات البناء، وده كان قبل ثورة 25 يناير 2011. = قبلها وتحديدا في مايو 2010، وقعت إثيوبيا اتفاقية "عنتيبي" مع أربعة دول في حوض النيل، لإعادة توزيع حصص مياه النيل بدون النظر إلى أي حصة تاريخية، تمهيدا لبناء سد النهضة، وده اللي رفضته مصر والسودان وتمسكا بالحصص المائية التاريخية، وفقا لاتفاقات عامي 1929 و1959. = في نوفمبر 2010، أعلنت الحكومة الإثيوبية رسميا الانتهاء من تصميمات سد النهضة، وأنها جاهزة لتنفيذ مشروع السد وعملية البناء. = لو رجعنا لورا سنوات آخرى في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك سنجد أن المشروع مخطط له من قبل ذلك بكتير، وده اللي كشفه مراسل بي بي سي، أنور العنسي، لما نشر شهادته عن لقاء مع ميليس زيناوي، رئيس الوزراء الإثيوبي الأسبق، عام 1997، وإنه تحدث إليه عن كيفية الاستفادة من مياه نهر النيل، ووقف تجريفها للطمي من بلاده، وبعدها حاول الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عقد اتفاق بينه وبين الرئيس مبارك لإبطاء بناء السد، ولكن فشل. = ما يدعم شهادة مراسل بي بي سي اليمني، ما نشره موقع ويكليكس أن مبارك طلب من الرئيس السوداني السابق عمر البشير إنشاء قاعدة عسكرية وتحديداً في مدينة "كوستي" التي تقع جنوب الخرطوم تستخدمها مصر في حال أصرت إثيوبيا في المضي قدماً في إنشاء سد النهضة. = أول تقرير عُرض على مبارك حول سد النهضة كان في نهاية 2008. وفي النصف الثاني من 2009 شكل الرئيس مبارك لجنة لدراسة الملف، ضمت أعضاء من وزارات الدفاع والخارجية والداخلية والري والكهرباء، وده بحسب دبلوماسي السابق لموقع مدى مصر. * اتفاقية إعلان المبادئ عام 2015: = في مايو 2013، أعلن المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية، بريخيت سمؤون، عبر التليفزيون الإثيوبي الرسمي، إن بلاده ستبدأ في تحويل مجرى نهر النيل الأزرق قرب موقع بناء "سد النهضة"، وذلك للمرة الأولى في تاريخ نهر النيل، وده عشان تبدأ بوضع أساسات السد في مجرى النيل. = بعد الإعلان بأيام بالفعل بدأت إثيوبيا تحويل مجرى النيل لمسافة 500 متر وسط احتفالات رسمية ببدأ البناء الفعلي للسد، وده كان قبل توقيع "إعلان المبادئ حول سد النهضة" بين الدول الثلاثة في مارس 2015، وقبل وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي لحكم مصر من الأساس. = في يونيو 2014، وقبل توقيع الاتفاقية بتسعة أشهر، كانت قد وصلت إثيوبيا إلى 35.8 %، من أعمال بناء السد، حسب مؤتمر للمجلس الوطني التنسيقي لمشروع سد النهضة، وأُعلن وقتها إنها ستنتهي من المشروع بشكل كامل في إبريل 2017. = المكسب اللي حصلت عليه إثيوبيا من اتفاقية إعلان المبادئ، هو الحصول على اعتراف من مصر والسودان بموافقتهم على بناء السد. = وهو ما حذرت منه جهات رسمية داخل الدولة، قبل التوقيع حسبما نشر في تقرير لموقع مدى مصر: أن جهات وشخصيات مقربة من الرئيس قالت إن الاتفاقية ستُضعف موقف مصر، خلال المفاوضات على ملء السد وتشغيله. = فايزة أبوالنجا، مستشارة الرئيس لشؤون أمن القومي، ومختصين سابقين في المخابرات وفي وزارات الخارجية والدفاع والري، أجمعوا على أن التوقيع على اتفاق إعلان المبادئ يمثل إقرارًا مصريًا بالموافقة على قيام إثيوبيا ببناء السد بدون أية ضمانات أو التزامات. = نص الاتفاق على 10 مبادئ أولها: "مبدأ التعاون -مبدأ التنمية والتكامل الإقليمي والاستدامة -مبدأ عدم التسبب في ضرر ذي شأن -مبدأ الاستخدام المنصف والمناسب -مبدأ التعاون في الملء الأول وإدارة السد -مبدأ بناء الثقة -مبدأ تبادل المعلومات والبيانات - مبدأ أمان السد -مبدأ السيادة ووحدة إقليم الدولة -مبدأ التسوية السلمية للمنازعات". = إعلان المبادئ منح مصر تعهدًا إثيوبيًا كتابيًا بعدم الإضرار بحقوقها في مياه النيل، بالمقابل حصلت إثيوبيا على موافقة مصرية وسودانية على بناء السد مع انتظار التقرير النهائي للجنة الخبراء الدولية بشأن الآثار السلبية لسد النهضة. = بحسب دراسة لعطية عيسوي كاتب متخصص في الشئون الإفريقية، أن اتفاق المبادئ لا يُمثل لإثيوبيا سوى مبادئ عامة تُبرز حسن النية، لكن التطبيق لها مرهونًا بالرؤية الإثيوبية. ويضمن الاتفاق مبادئ عامة فضفاضة تسمح بتأويلات متباعدة تمامًا، مثلما يحدث بالفعل الآن. ** لكن هناك رأي آخر يرى: = إن الاتفاقية منحت المشروعية لعودة التمويل الأجنبي لبناء السد بعدما توقف بعد نجاح الدبلوماسية المصرية في حث الدول المشاركة على وقفه ومنها الصين وكوريا والبنك الدولي وإيطاليا، بحسب الدكتور نادر نور الدين أستاذ المياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة. = بالتالي يعود التمويل الدولي للسد وهو 5.5 مليار دولار من بنك الصين الوطني ومليار دولار من إيطاليا ومثلها من كوريا الجنوبية. كمان موافقة البنك الدولي على طرح السندات الإثيوبية للتمويل بضمان السد وبعدها تتسارع الخطى في بنائه والانتهاء منه. = برده الدكتور محمود عفيفي، عضو وفد الدبلوماسية الشعبية المصرية، قال إن "الوثيقة ليست اتفاقية ملزمة تضمن حقوق مصر وضمان حصتها في المياه، وإنما عبارة عن مبادئ عامة حاكمة لأي اتفاق سيتم في المستقبل، وإثيوبيا هي الرابح الوحيد من الاتفاق لأنها مستمرة في بناء السد كما خططت له من البداية". ** الخلاصة: إن اتفاقية إعلان المبادئ حول سد النهضة الموقعة عام 2015، لم تكن سببا في بناء السد، أو السمح لإثيوبيا باستكماله، والدليل أن وصلت إلى أكثر من ثلث مراحل البناء قبل توقيع الاتفاق، ولكن هناك أراء ترى أنه أضعف من موقف مصر التفاوضي على آليات إدارة السد وفترة الملء، وسحب اعترافا منها بمشروعية السد، وسهل سرعة بناءه.