📌 انتشر خلال يومي الأحد والاثنين الماضيين، 3 و4 فبراير 2024، صورًا وفيديوهات تُظهر عملية هدم مباني سكنية في ضاحية الجميل بمحافظة بورسعيد، تحت حماية قوات الأمن، وسط استغاثات من الأهالي للرئيس عبد الفتاح السيسي بوقف الاعتداء على منازلهم.
◾ ولقي مواطن حتفه أثناء عمليات الهدم، وقالت مواقع صحفية إن المتوفي "سارق" كان يحاول سرقة محتويات إحدى المباني أثناء هدمها، فيما نفى شقيقه والأهالي صحة هذه الرواية.
◾ تواصل فريق #متصدقش مع 4 من سكان ضاحية الجميل، وشقيق المواطن المتوفي، واطلع على نسخة من عقد وتراخيص إحدى الوحدات بالضاحية، لكشف حقيقة ما حدث.
⭕ ضاحية الجميل تدخل في "إعادة التخطيط"
◾ عام 1978، خصصت محافظة بور سعيد 317 قطعة أرض تقع على شاطئ البحر المتوسط مباشرة على بعد 10 كيلو مترات من مدينة بور سعيد، بموجب حق انتفاع سنوي لتخفيف الضغط على الأراضي المزدحمة بالمحافظة، بحسب جمعية ضاحية الجميل لحماية البيئة والتنمية والمشهرة برقم 219 لسنة 1985.
◾ بنى الأهالي بأموالهم منازل على هذه الأراضي، بتراخيص من المحافظة، كما تعاونوا لإدخال المرافق على حسابهم الخاص دون دعم حكومي، بحسب المصادر التي تحدثت إلى #متصدقش.
◾ ظلت الأوضاع مستقرة نحو 4 عقود، وتحديدًا حتى عام 2019، عندما أعلنت محافظة بور سعيد انتهاء حق الانتفاع من جانبها، ورفضت استلام قيمة حق الانتفاع للوحدات.
◾ في سبتمبر 2019، نشرت صفحة محافظة بور سعيد على فيسبوك، فيديو لحوار بين اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد، وأحد قاطني ضاحية الجميل، قال فيه الغضبان: "المواطن مش هيّضر مش هنضر مواطن.. بس مقبلش أبدًا إن بيت في الجميل مقابل انتفاع سنوي 600 جنيه متدفعش يعني كل شهر 50 جنيه".
◾ ليرد المواطن: "بس أنا اللي باني… خد مني حق انتفاع زيادة، ملّكني". وعقب المحافظ عليه: "بس انت استفدت منها…ومينفعش فيها تمليك لأنها محمية طبيعية وعشان كده عايزين نطور المنطقة دي"، في إشارة إلى وقوع أراضي الضاحية ضمن محمية "أشتوم الجميل وجزيرة تنيس".
◾ لم يمر شهر على هذا الحوار، حتى أصدر مجلس الوزراء قرارًا بتعديل إحداثيات محمية أشتوم الجميل وجزيرة تنيس، واستقطاع 61.2 فدانًا من أراضيها وتخصيصها لصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لاستخدامها في إقامة مجتمع عمراني جديد (غرب بور سعيد). وأدى القرار إلى خروج ضاحية الجميل من المحمية.
◾ في ديسمبر 2020، وافق المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية، على إعلان ضاحية الجميل ببورسعيد، كمنطقة إعادة تخطيط، ويعني ذلك وفقًا للمادة 47 من قانون التخطيط العمراني رقم 3 لسنة 1982، أنه يمكن إزالة العقارات بتلك المنطقة لأغراض التطوير والمنفعة العامة مع تعويض ملاكها، وأصحاب الحقوق.
◾ ويوضح هنا المحامي ناصر أمين، رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، أن المنتفع في حال كون عقد انتفاعه ساري ولم يتم انتهائه يستحق له التعويض في حال الحاجة لإخلاء وحدته في مناطق إعادة التخطيط.
◾ في مارس 2022، أرسلت المحافظة إنذارات أخيرة لبعض الأهالي تطالبهم فيها بإخلاء الوحدات بـ"الجميل"، فيما رفض الأهالي الإخلاء مؤكدين أنهم لن يتركوا منازلهم التي لا يمتلكون غيرها.
◾ وفي مارس 2023، ناقش مجلس النواب طلب إحاطة مقدم من النائب البورسعيدي أحمد فرغلي، بشأن قيام محافظة بورسعيد بإرسال إنذارات لأهالي "الجميل" لإخلاء سكانها، مؤكدًا أن هناك من الأهالي من لديه استعداد لشراء تلك الأراضي بـ"الجميل" بأسعارها الحقيقية.
◾ الغضبان رد بـإنه "لا ضرر ولا ضرار.. نحن نعمل على جذب الاستثمار من أجل بلدنا والناس أنا مصري وطني".
◾ ورغم طلب لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، من محافظة بورسعيد بإيفادها بالمخطط الاستثماري للمنطقة الخاصة بضاحية الجميل. إلا أننا لم نجد أي تفاصيل معلنة عن هذا المخطط حتى الآن.
⭕ البلدوزرات تبدأ الهدم
◾ يوم السبت الماضي، 3 فبراير 2024، فوجئ أهالي "الجميل" بوصول عدد من البلدوزرات والحفارات إلى الضاحية، ثم انقطاع المياه عن كامل الضاحية، بحسب يحيى بسيوني ومحمد رضا وهناء بدران المقيمين هناك.
◾ على مدار يومي الأحد والاثنين الماضيين، هدمت البلدوزرات في حماية قوات الأمن، نحو 17 فيلا منهم 6 تابعين لجهة سيادية، بحسب يحيى بسيوني إلى #متصدقش.
◾ وبحسب المصادر، فإن جميع الفيلات التي هُدمت غير مأهولة بالسكان. وتقول بدران إن مدير أمن محافظة بورسعيد أخبرهم أن "محدش جه جنبكم (المقيمين في الفيلات)"، وأن المستهدف الفيلات غير المأهولة.
◾ وقال الأهالي أنه بعد هدم بعض الفيلات يوم الأحد الماضي، استمر بقاء البلدوزرات فيما رحلت قوات الأمن، وعندها تعرضت الضاحية لهجوم من بعض "السارقين والبلطجية" لنهب محتويات الفيلات التي هُدمت، وهو ما دعا الأهالي لتشكيل لجنة شعبية لحماية ممتلكاتهم.
◾ واشتكى بسيوني لمدير أمن بور سعيد من حوادث السرقة يوم الأحد والتي استمرت حتى صباح يوم الاثنين، وأن "السارقين والبلطجية" استهدفوا فيلات المقيمين أيضًا، واستجابت قوات الأمن عن طريق وضع كمائن على مداخل الضاحية لحمايتها.
◾ رغم ذلك، قال بسيوني ورضا لـ #متصدقش اليوم الثلاثاء 6 فبراير 2024، إنه في ساعات متأخرة من أمس الاثنين والساعات الأولى من صباح الثلاثاء، هجم عدد من "البلطجية" على وحدات خالية داخل الضاحية لسرقتها، قبل أن تأتي البلدوزرات لهدم الوحدات المسروقة.
⭕ وفاة مواطن
◾ أعلنت محافظة بورسعيد في بيان لها في ساعة متأخر من الاثنين 5 فبراير، أنه "أثناء تنفيذ أعمال الإزالة بواسطة الجهة المنفذة"، تُوفي المواطن عاطف عبد الفتاح شبراوي، الذي "كان متواجدًا بالمنطقة بدون أن يكون له أي عمل أو دور تنفيذي ويقطن بدائرة قسم الزهور".
◾ ونشر موقع أهل مصر نقلًا عمن قال إنهم "شهود عيان"، أن الشبراوي كان أحد السارقين الذين استهدفوا الوحدات.
◾ تواصل #متصدقش مع رضا شبراوي شقيق عاطف، والذي أوضح أن شقيقه يعمل في حراسة العقارات بالضاحية، وأنه أتفق مع المقاول "مصطفى سيف" (شركة سيفكو للمقاولات)، الذي تعاقدت معه محافظة بورسعيد للقيام بأعمال الهدم، ليُصبح أحد العمال المشاركين في عمليات الهدم بالضاحية.
◾ وأضاف رضا أن المشرف على شقيقه في العمل، طلب منه أمس الاثنين تفحص أحد المنازل قبل هدمها، ثم بدأ هدم المنزل دون أن ينتبه لوجود عاطف به، ما أدى لوفاته بحسب شقيقه.
◾ وأكد رضا وبسيوني وبدران أنهم يعرفون الضحية شخصيًا، وأنه نجل أحد حراس العقارات بالضاحية و"ليس لصًا"، وأنه تُوفي إثر سقوط سقف أحد الوحدات عليه خلال وجوده بجانب الوحدة.
⭕ لا تعويضات للمنتفعين
◾ كما أوضحنا، يحمل قاطنو ضاحية الجميل عقود انتفاع للأراضي المقامة عليها مساكنهم وليس تمليك.
◾ ولمعرفة تفاصيل العقود، تواصل #متصدقش مع حسن زهران ونجلته، أحد المنتفعين في "الجميل" والذي هُدمت الفيلا الخاصة به أمس الاثنين، بعد يوم من تعرضها للسرقة يوم الأحد الماضي.
◾ واطلع فريق #متصدقش على عقد الانتفاع الخاص بزهران، ووجدنا أنه موقع في 5 نوفمبر 1994، وينص على ترخيص محافظة بور سعيد لزهران بـ"إشغال" قطعة أرض رقم 336 مساحتها 121 مترًا مربعًا في ضاحية الجميل، على أن ينتهي الترخيص في 4 نوفمبر 1995، وذلك لإقامة فيلا.
◾ كما نص العقد على أن الترخيص "يُجدد من تلقاء نفسه ما لم يُخطر أحد الطرفين الطرف الآخر برغبته بإنهاء الترخيص بخطاب موصي عليه بعلم الوصول قبل انتهاء المدة الجارية بشهرين على الأقل".
◾ وأكد زهران لـ#متصدقش أنه لم يتلق أي إخطار بهدم وحدته قبل هدمها. فيما قال أهالي آخرين إن بعض السكان استلموا إخطارات لكن ليس الجميع.
◾ يوضح المحامي ناصر أمين، رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، لـ #متصدقش، أن حق الانتفاع مختلف عن حق الملكية، إذ ينص على استعمال العين دون التصرف فيها، ويكون العقد محدد بمدة، مضيفًا أن تجديد العقد تلقائيًا لا ينفي حق المالك في إفساخ عقد حق الانتفاع في أي وقت، مُشيرًا إلى أن إخلاء الوحدة دون إخطار، يستلزم التعويض لعدم الإخطار.
◾ ويؤكد الأهالي أن المحافظة لم تعرض عليهم أي تعويضات مقابل منازلهم التي لا يمتلكون غيرها، ولا تقدم لهم حلًا.
◾ "بيوتنا ملناش غيرها. ستات وأطفال ورجالة ملناش غيرها. إحنا مش ضد البلد، إحنا مع بلدنا بس أنا عاوزة وطني أنا عايزة بيت أعيش فيه، لو مليش بيت أنا هعيش في الوطن أعمل إيه يا سيادة الريس.. إحنا قانونيين مش مخالفين"، هكذا قالت إحدى المقيمات في ضاحية الجميل في رسالة بالفيديو موجهة إلى رئيس الجمهورية.