يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22 بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول للحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
من صور وفيديوهات مضللة حول معبر رفح نشرها الجانب المصري تزامناً مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمدينة العريش، إلى إعلان منسوب للرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع بشأن التطبيع مع إسرائيل، مروراً بتحذير السفارة الأمريكية في بغداد لرعاياها من البقاء في العراق، ووصولاً إلى إعلان الجيش السوداني ضبط قارب أسلحة كان في طريقه إلى قوات الدعم السريع، تعددت الشائعات والمعلومات المضللة التي تعاملت معها منصات التحقق العربية خلال الأسبوع.
"أفراح على الجانب المصري من معبر رفح"
بالتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رفقة نظيره المصري عبد الفتاح السيسي لمدينة العريش شمالي سيناء، انتشرت مجموعة من الفيديوهات، زعم ناشروها أنها التقطت من الجانب المصري لمعبر رفح.
تظهر إحدى المقاطع المصورة مواطن يرقص وهو يرتدي علم مصر وعليه صورة السيسي، رفقة تعليق نصه: "بنص فرخة (دجاجة) و400 جنيه أنصار السيسي على معبر رفح، رقص وأغاني بدون إدخال شاحنة واحدة من المساعدات المتراكمة على المعبر".
دققت منصة "متصدقش" المصرية المتخصصة في تدقيق المعلومات في الفيديو، كاشفة أنه فيديو قديم وسبق أن انتشر على منصة "يوتيوب" بتاريخ الأول من شباط/فبراير 2025، عقب يوم واحد من المظاهرات التي جرت أمام معبر رفح، رفضاً لمقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير الفلسطينيين إلى كل من مصر والأردن.
فيما انتشر مقطع آخر يظهر أشخاص يحملون العلم المصري على الجانب المصري من المعبر، في حين تندلع النيران في الجانب الفلسطيني منه. ورُكب على الفيديو مقطع من أغنية فرقة كايروكي المصرية "ناس بترقص وناس بتموت".
فيما انتشر مقطع آخر يظهر أشخاص يحملون العلم المصري على الجانب المصري من المعبر، في حين تندلع النيران في الجانب الفلسطيني منه. ورُكب على الفيديو مقطع من أغنية فرقة كايروكي المصرية "ناس بترقص وناس بتموت".
وبينت "متصدقش" أن الفيديو الذي تعاطى معه المستخدمون بوصفه فيديو حقيقي، مولد بالذكاء الاصطناعي، كما أن إسرائيل تحتل بالكامل الجانب الفلسطيني من المعبر الذي لا يوجد في نطاقه أي مواطنين فلسطينيين.
كما انتشر فيديو لنساء يرقصن، مصحوباً بنص يقول: "هؤلاء ذهبوا لمعبر رفح لفتحه بالرقص والغناء، بينما خلفه تقطع الأجساد أشلاءً".
أشارت "متصدقش" أن الفيديو قديم، ويعود تاريخ نشره إلى كانون الثاني/يناير 2025، بالتزامن مع وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وزار ماكرون مصر الأسبوع الماضي، حيث أجرى مباحثات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي تناولت الحرب الإسرائيلية على غزة، وأكد خلالها على أهمية تأمين الممرات الملاحية، إلى جانب مناقشة عدد من القضايا الإقليمية الأخرى.
هل أعلن الشرع التطبيع مع إسرائيل؟
انتشرت من سوريا عدة معلومات مضللة، أبرزها مقطع للرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، زعم بعض الناشرين أنه يعلن فيه استعداده للتعاون مع إسرائيل.
تحقق مرصد "كاشف" الفلسطيني من الفيديو، بإجراء بحث عكسي قاد إلى أنه مجتزأ، إذ تحدث الشرع عن العلاقات بين بلاده وتركيا، ولم يتطرق إلى التعاون إسرائيل، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقده مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في شباط/فبراير 2025.
وطالب الشرع خلال كلمته في المؤتمر مواصلة الضغط الدولي على إسرائيل للانسحاب من المنطقة العازلة في جنوبي سوريا، وتطبيق اتفاق عام 1974.
ومن سوريا، راج على صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، مع ادعاء أن أحد فصائل الأمن العام في حمص، أعلن ولاءه لتنظيم داعش.
أجرت منصتا "ترو بلاتفورم" و"فارق" السوريتان المتخصصتان في تدقيق المعلومات بحثاً عن الفيديو الذي يظهر عناصر ملثمين يضعون شارة جهاز الأمن العام السوري، ويرفعون راية تنظيم داعش التي تعرف باسم راية "العقاب".
وخلص البحث إلى أن الفيديو المتداول نشر لأول مرة على حساب "الموحد السلفي (الخطيب الحمصي)"، في نيسان/أبريل 2025.
وينشر هذا الحساب مقاطع من إصدارات مؤسسة أمجاد الإعلامية التابعة لما كان يعرف سابقاً "هيئة تحرير الشام"، وأشارت تقارير إعلامية إلى أن عناصر من إدارة العمليات العسكرية رفعت راية العقاب أثناء المعارك مع قوات النظام السابق، كما رفعتها عناصر من الأمن العام في بعض الشوارع.
ولم يثبت أن فصيلاً من الأمن العام في حمص أعلن ولاءه لتنظيم داعش، كما ادعت المنشورات.
"سم إيراني في شوارع بغداد"
شهد العراق خلال الأسبوع الماضي انتشار عدد من المعلومات المضللة، أبرزها مقطع مصور يُظهر عمالاً يلقون مادة بيضاء في أحد شوارع العاصمة بغداد، مع مزاعم بأنهم "عمال إيرانيون يسكبون السم في الشوارع لنشر الأمراض بين العراقيين".
شهد العراق خلال الأسبوع الماضي انتشار عدد من المعلومات المضللة، أبرزها مقطع مصور يُظهر عمالاً يلقون مادة بيضاء في أحد شوارع العاصمة بغداد، مع مزاعم بأنهم "عمال إيرانيون يسكبون السم في الشوارع لنشر الأمراض بين العراقيين".
كشفت منصة "صحيح العراق" أن المقطع ليس من شوارع العراق، وسبق أن نشر في سياق نظريات مؤامرة في عدة دول أخرى.
وأتضح أن الفيديو لعملية نثر الملح في الشوارع لمنع تكون الجليد، ما يجعل القيادة أكثر أماناً خلال فصل الشتاء، وهو إجراء شائع في الدول التي تشهد سقوط الجليد بكثافة خلال الشتاء.
وفي الشأن العراقي أيضاً، نشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خبراً يزعم أن السفارة الأمريكية في العراق تدعو رعاياها إلى مغادرة العراق فوراً.
راجعت منصة "الفاحص" العراقية المتخصصة في تدقيق المعلومات موقع السفارة الأمريكية في بغداد، والصفحات التابعة لها على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تعثر على خبر كهذا منشوراً على أي منها.
وكان آخر تحذير سفر منشور من قبل الخارجية الأمريكية في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، ونصحت حينها مواطنيها بعدم السفر إلى العراق لأسباب أمنية، ولم يتضمن المنشور أي أمر إخلاء.
"عمليات ضبط أسلحة في طريقها للدعم السريع"
نقلت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر قارباً محملاً بالأسلحة، مع ادعاء أن الفيديو للحظة اعتراض الجيش السوداني للقارب الذي كان في طريقه لنقل أسلحة لقوات الدعم السريع.
دققت منصة "بيم ريبورتس" السودانية في الفيديو، موضحة أنه قديم، ويعود تاريخ نشره إلى عام 2022، وهو يوثق اعتراض القوات البحرية السودانية قارباً كان يحمل أربعة يمنيين بحوزتهم أسلحة وذخائر، ولا علاقة له بالحرب الدائرة في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
كما نشرت صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحاً منسوباً إلى مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول ركن ياسر العطا، مفاده أن جهة عسكرية انضمت للجيش تمرر الإحداثيات إلى الطائرات المسيرة التي تستهدف مواقعه، ما يشي بأن الجيش السوداني مخترق من الداخل.
وبالبحث عن تصريحاته المنشورة مؤخراً على الصفحات الرسمية والمواقع الإعلامية الموثوقة، توصلت منصة "بيم ريبورتس" أن التصريح المنسوب لياسر العطا زائف.