موجة معلومات مضلّلة حول "ردع العدوان" تشمل النظام السوري والمعارضة على السواء
يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22 بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول للحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
رافقت عملية "ردع العدوان" المفاجئة التي شنّتها فصائل من المعارضة السورية العديد من الادعاءات المضلّلة، تراوحت بين اغتيال قيادة "هيئة تحرير الشام"، واقتحامها سجن حلب وتحرير المعتقلين فيه، علاوة على ترويج معلومات عن تلقّي الرئيس السوري بشار الأسد دعماً عسكرياً من العراق، وقصفه فصائل المعارضة بحلب، وغيرها من الادعاءات التي فنّدها مدقّقو معلومات عرب هذا الأسبوع.
أطلق إعلان فصائل من المعارضة السورية عن شنّ عملية عسكرية غرب حلب، تحت اسم "ردع العدوان"، سيلاً من المعلومات المضلّلة التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، وتضمّنت اقتحام سجن مركزي في حلب، وتحرير المعتقلين، ورفع علم إسرائيل بجانب علم داعش، واغتيال قائد "هيئة تحرير الشام" في غارة سورية روسية مشتركة.
تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لـ"زعيم هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) أبو محمد الجولاني، مع زعم أنها من داخل غرفة عمليات عسكرية أنشأتها فصائل مسلحة شمال سوريا. وأسفر تدقيق منصة "فارق" عن أن الصورة قديمة وترجع إلى عام 2023.
كما لاقت صورة مُرفقة بتعليق: "صورة الإرهابي الجولاني بعد مقتله بالغارة الروسية"، رواجاً كبيراً، وكشف تحقّق منصة "تيقّن" الفلسطينية أن الصورة قديمة إذ نُشرت عام 2015 مُرفقةً بتعليق: "مقتل الإرهابي الأردني أبو القعقاع بقصف جوي على حمص"، عدا أن الصورة خضعت للتعديل عبر أدوات تعديل الصور، وتوصلت منصة "صواب" للنتيجة ذاتها.
كذلك كشفت منصة "فارق" أن تداول الصورة جاء بعد نشر جريدة الوطن السورية مقطع فيديو يوثّق لحظة استهداف مبنى، وقالت نقلاً عما وصفتها بـ"مصادر خاصة في إدلب" أنه تم استهداف مقر قيادي مركزي لجبهة النصرة في إدلب، ويعتقد أن أبو محمد الجولاني كان بداخله.
وفنّدت منصة "ترو بلاتفورم" بياناً منسوباً إلى "إدارة الشؤون السياسية في المحرر" يُعلن مقتل الجولاني بشكل رسمي إذ لم يتم العثور عليه في حساب تلك الإدارة أو حسابات المعارضة السورية.
وراج فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، مصحوباً بزعم أن الفصائل المشاركة في عملية "ردع العدوان" اقتحمت السجن المركزي في حلب بهدف تحرير المعتقلين. وتوصّلت منصة "صواب" إلى أن الفيديو يرجع إلى عام 2015، ولا علاقة له بالأحداث التي تشهدها حلب حالياً. توصّلت أيضاً منصة "صدق اليمنية" إلى النتيجة ذاتها.
وكشفت "صواب" زيف صورة متداولة، يزعم ناشروها أنها لجنود إسرائيليين يرفعون علم الجيش الإسرائيلي إلى جانب علم تنظيم "داعش" بعد الأحداث الأخيرة في سوريا إذ اتضح أنها نُشرت لأول مرة عام 2023، وتم استبدال علم وحدة الاستطلاع في لواء "غولاني" بعلم "داعش".
تضمّنت موجة المعلومات المضلّلة حول "ردع العدوان" وصول مقاتلين من فصائل عراقية لمساندة النظام السوري، وزيارة عاجلة للرئيس السوري لروسيا، إلى جانب استهداف النظام للمعارضة.
تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يظهر ثلاثة أشخاص بزي عسكري، وأشارت إلى أنّهم مقاتلون من فصائل عراقية وصلوا إلى سوريا إثر الأحداث الأخيرة. كشف تحقّق منصة "صحيح العراق" أن الفيديو نُشر في 27 حزيران/ يونيو 2024، بالتزامن مع استهداف إسرائيل مركز خدمات لمؤسسة "جهاد البناء" التابعة لحزب الله اللبناني، في منطقة السيدة زينب القريبة من دمشق، وليس له علاقة بالأحداث الجارية في سوريا.
وتتبّع فريق صحيح العراق مقطعاً مصوّراً لمسلحين بالزي العسكري في ساحة استعراض، وإلى جانبهم صورة كبيرة لنائب رئيس هيئة الحشد الشعبي السابق، أبو مهدي المهندس، مع تعليق: "قناة الميادين: 27 ألف مقاتل من العراق دخلوا إلى سوريا بقيادة الشيخ أكرم الكعبي لإسناد الجيش السوري ضد الإرهابيين". وتوصّل إلى أن المقطع يرجع إلى استعراض الحشد الشعبي في ذكرى تأسيسه في بغداد عام 2022، كما أنّ الخبر المتداول مع الفيديو مزيف، إذ لم تنشره قناة الميادين على منصّاتها، ولا يوجد إعلان عنه من قبل الحركة أو أمينها العام أكرم الكعبي.
فنّدت منصة "صدق اليمنية" صورة متداولة مع زعم هذا نصه: "الجيش العراقي يتحرك للقتال إلى جانب قوات النظام السوري"، إذ توصلت إلى أن السلطات العراقية أو السورية لم تلعن عن عبور قوات عسكرية عراقية إلى سوريا، كما أن الفيديو المتداول يظهر تعزيزات الجيش العراقي لتأمين الحدود.
تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو لشبان قيد الاعتقال، مع زعم أنهم من "أسرى مقاتلي المعارضة الذي سقطوا في قبضة قوات النظام" خلال المعارك الجارية. كشف تدقيق منصة "فارق" أن الفيديو منشور عام 2019، ويُظهر أسرى من هيئة تحرير الشام في قبضة "جبهة تحرير سوريا".
كذلك، نشرت حسابات وصفحات على منصة إكس فيديو، مع ادعاء أنه يصور استهدافاً جوياً لمجموعات تابعة لفصائل المعارضة السورية في ريف إدلب، أثبت تحقّق منصة "يوب يوب" أن الفيديو مضلّل، إذ يعود إلى عام 2021، ويظهر حرائق وانفجارات ناجمة عن قصف صاروخي على سوق النفط بحلب.
كما توصّلت منصة "فارق" إلى النتيجة نفسها، مع اكتشافها أن الفيديو تعرّض لتعديلات، عن طريق طمس صوته الأصلي، ليظهر وكأنه من الأحداث الحالية.
ودقق فريق منصة "تيقن" الفلسطينية في صورة رائجة مُرفقة بخبر جاء فيه: "عاجل… زيارة مفاجئة للرئيس السوري بشار الأسد إلى العاصمة الروسية موسكو"، واتضح أن الصورة مضلّلة إذ تعود إلى حفل استقبال نظم للأسد في مطار فنوكوفو في موسكو عام 2023، وليس لها علاقة بالأحداث الحالية.
وانتشرت تصريحات منسوبة لمدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فرهاد شامي، مفادها أنه لا يمكن لقسد الصمود في مناطق تل رفعت والشيخ مقصود، ولا يمكن أن "نضحّي بالرفاق في حرب نعرف أنفسنا سنخسرها". تحقّق فريق "ترو بلاتفورم" من التصريحات الرسمية الصادرة عن "قسد" ومديرها، واتضح أن شامي قد نشر تغريدة على حسابه، لكنها لا تتضمّن محتوى التصريح المنسوب إليه. وعليه، فإن التصريحات المنسوبة إليه مفبركة.
راج مقطع فيديو يُظهر أفراد أمن يفتشون حقيبة سيدة، مع ادعاء بأنه لـ"القبض على مستثمرة سودانية بالمطار لجلب مخدرات لمصر في جيوب سرية بحقائب السفر، هؤلاء ضيوفكم أيها السادة المسؤلون حكومة مسيو مدبولي خربوا مصر".
كشف تدقيق "مرصد بيم" أن الصور المأخوذة من الفيديو، ترجع إلى خبر منشور في نيسان/ إبريل 2024 على مواقع إخبارية مصرية، يتضمّن توقيف "راكبة أفريقية"، من دون تحديد جنسيتها، في مطار القاهرة، بتهمة حيازة مواد مخدرة.
وتأتي هذه الأخبار في ظل موجة من خطاب الكراهية والتحريض ضد اللاجئين في مصر عقب الإعلان عن مناقشة البرلمان مشروع قانون "لجوء الأجانب" في مصر.