مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

عبور سفن إسرائيلية من مصر يطلق موجة من التضليل

عبور سفن إسرائيلية من مصر يطلق موجة من التضليل

يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22 بالتعاون مع "مجتمع التحقق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصات التحقق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصات التحقق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.

تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول للحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.

أطلق رسوِّ السفينة "كاثرين" في ميناء الإسكندرية، والأنباء عن عبور سفينة إسرائيلية أخرى المجرى الملاحي لقناة السويس، العديد من الادعاءات حول خط سير السفن ومحتوى شحناتها، وهو ما كان موضع تحقّق عدد من مدققي المعلومات العرب خلال الأسبوع الماضي.

التحقّق من "كاثرين"


عقب ظهور السفينة "كاثرين"، التي قيل إنها تحمل شحنة متفجرات تابعة لإسرائيل، في ميناء الإسكندرية، راجت منشورات تدّعي أن السفينة أوكرانية، ولا تحمل أية شحنة من المتفجرات. توصّل فريق منصة "متصدقش" إلى أن السفينة المذكورة تحمل علم ألمانيا، وكان على متنها معدات حربية، بحسب بيانات ميناء الإسكندرية.

وتتبّعت المنصة خط سير السفينة، بدايةً من تحركها من فيتنام، متجهة إلى إسرائيل، حاملةً ست حاويات من المتفجرات، وفقاً للحكومة الناميبية التي رفضت دخولها.

توصّل فريق منصة "يوب يوب" إلى النتيجة نفسها. كما نقل تقرير منشور على منصة "صحيح مصر" تصريحات أدلى بها وزير الخارجية البرتغالي تؤكد أن السفينة كان على متنها متفجرات. وصرّح خبير بحري، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"صحيح مصر" بأن السفينة لم تُخطّط للتوجه مباشرة نحو أحد الموانئ الإسرائيلية لثلاثة أسباب، الأول هو تجنّب المسؤولية القانونية على شركة الشحن، والثاني هو الخوف من استهدافها بطائرات مسيّرة من حزب الله، والثالث سبب لوجستي يتمثّل في توزيع الشحنات على سفن أصغر حجماً لتوفير الطاقة.

استكملت "صحيح مصر" رحلة البحث عن السفينة، بالتواصل مع مصدرين يعملان في ميناء MBM الألباني، حيث رست السفينة في 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، وأكّدا أن عمال الميناء أفرغوا جزءاً من الشحنة المحملة على السفينة قبل إبحارها نحو الإسكندرية، لكن لم تتمكن المنصة من التأكد ما إذا كان هذا الجزء متجهاً نحو إسرائيل أم شحنة أخرى، إذ لم تظهر سجلات الميناء مغادرة سفن باتجاه إسرائيل خلال الأيام الخمسة التالية.

من جهتها، قالت وزارة النقل المصرية إن السفينة أفرغت حمولة في ميناء الإسكندرية لصالح وزارة الإنتاج الحربى.

في سياق متّصل، تداولت حسابات اجتماعية عربية ومصرية مقطع فيديو، قالت إنه للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، يشكر فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على وقوفه بجانب إسرائيل، بسماحه بعبور سفن الأسلحة والذخيرة من مصر إلى إسرائيل.

دقّق المرصد الفلسطيني "تحقّق" في الفيديو المتداول، وتبين له زيفه إذ جرى التلاعب به بإضافة صوت آخر يماثل صوت أدرعي، بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقد استدل على ذلك بفعل التشوّهات البادية في الفيديو، بالإضافة إلى أن اللغة العربية لأدرعي ليست بالإتقان الذي يُظهره الفيديو المعدّل. قاد تدقيق "صحيح مصر" إلى النتيجة ذاتها.

وراج الفيديو بعد نفي القوات المسلحة المصرية، في بيان عبر صفحة المتحدث العسكري باسمها على فيسبوك، وجود أي شكل من التعاون مع إسرائيل.

عبور سفينة إسرائيلية من قناة السويس


كذلك، رافق مرور سفينة قيل إنها إسرائيلية عبر قناة السويس، انتشار العديد من المعلومات المضللة بشأن خط سيرها، وبشأن موقف الحوثيين منها. انتشرت عبر السوشال ميديا صورة لمصريين يستقبلون سفينة حربية تعبر قناة السويس بإشارات بأصابع الإبهام إلى أسفل، تعبيراً عن رفضهم عبورها، مصحوبة بنص يدّعي أن الصورة حديثة، والتقطت أثناء مرور سفينة عسكرية إسرائيلية لقناة السويس.

صورة قديمة لتلويح مصريين ضد سفينة إسرائيلية

أسفر تحقق منصة "صحيح مصر" عن أن الصورة قديمة، إذ التقطت عام 1998، أثناء مرور سفينة عسكرية بريطانية للمشاركة في عملية "ثعلب الصحراء" التي أطلقتها أمريكا ضد العراق. توصلت منصة "متصدقش" للنتيجة نفسها.

ونشرت هيئة قناة السويس بياناً رسمياً، تقول فيه إنها ملتزمة "تطبيق الاتفاقيات الدولية التي تكفل حرية الملاحة البحرية للسفن العابرة للقناة سواء كانت سفناً تجارية أو حربية من دون تمييز لجنسية السفينة".

ونقلت "متصدقش" عن شهود عيان، قولهم إن قوة من الجيش طلبت من الأهالي الابتعاد عن الممشى المقابل لمسار السفينة لتجنّب أي احتكاك مع طاقمها. كما أظهرت مقاطع الفيديو مرور لانش "Pilot" من طراز "بحار 12"، الذي يُستخدم عادة في مهام إرشاد السفن، وظهر في فيديو آخر مجند يطلب من الأهالي الابتعاد عن الممشى المجاور للقناة. كما أشار تقرير "متصدقش" إلى أن رفع العلم المصري إلى جانب علم إسرائيل على متن سفينته الحربية، يعدّ إجراءً بروتوكولياً ورمزياً يُشير للاعتراف بسيادة مصر على المجرى الملاحي، وللتأكيد على المرور السلمي.

ورد الإعلامي المصري الموالي للنظام، أحمد موسى، على الانتقادات بشأن عبور سفينة إسرائيلية عبر قناة السويس، قائلاً: "ما هي جاية من عندك هو أنت سبتها ليه؟ أين الحوثي من هذه الفرقاطة وهي ترفع علم إسرائيل؟"، وهو ما فنّدته"متصدقش"، بالإشارة إلى أن مسار السفينة يبيّن أنها لم تمر عبر المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

أحدث المعلومات المضللة حول التصعيد في الشرق الأوسط


في سياق التصعيد العسكري في المنطقة، فنّدت منصة "الفاحصصورة تظهر مجموعة صواريخ، مصحوبة بنص يشير إلى الاستعداد لإطلاقها على إسرائيل. وقد اتضح أن الصورة تعود لاستعراض عسكري أجرته إيران عام 2022، كشفت خلاله عن أحدث صواريخها الإستراتيجية واسمه "خيبر شكن".

صورة مضللة مع ادعاء بأن إيران بصدد شن هجوم على إسرائيل

كما دقّق فريق منصة "تيقّن" الفلسطينية في صورة ادّعى متداولوها أنها للمدينة الصناعية في عسقلان بعد استهدافها بمسيرات يمنية. وقاد البحث العسكري الذي أجرته المنصة إلى أن الصورة تعود إلى عام 2021. أُعيد نشر الصورة في سياق إعلان المتحدث باسم الحوثيين، يحيى السريع، في بيانِ له عبر منصة إكس في 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، عن تنفيذ عملية عسكرية نوعية "استهدفت منطقة عسقلان جنوب فلسطين المحتلة بعدد من الطائرات المسيرة".

تضليل يحيط بطرفي النزاع في السودان


كذلك تداولت حسابات على فيسبوك ادعاءً مفاده القبض على رئيس تنسيقية "تقدم"، عبد الله حمدوك، بواسطة الشرطة البريطانية، بناءً على دعوى رفعتها جهات سودانية بزعم أنه من "أكبر مؤجّجي الحرب في البلاد"، وإعلانها في بيان أن حمدوك سيُحاكم بوصفه "مجرم حرب، ومحرّضاً لصالح أحد جانبي الصراع في السودان"، وأنها مستعدة لتسليمه إلى حكومة السودان، وفق اتفاق تبادل المجرمين الموقعة بين البلدين، لاستكمال محاكمته.

تحقّق  فريق "مرصد بيم" السوداني من هذه الادعاءات عبر مراجعة الحسابات الرسمية لكل من شرطة لندن وتنسيقية "تقدم"، ولم يتم العثور على دليل يثبت صحة هذا الادعاء.

وتداولت حسابات اجتماعية عدة، مقطع فيديو يظهر فيه القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، وسط ضباط وجنود من الجيش، مع ادعاء بأنه يوثّق "زيارة البرهان التفقدية للخطوط الأمامية في الجزيرة اليوم". أسفر تحقّق "مرصد بيم" عن أن الفيديو قديم، ونُشر في نيسان/ أبريل 2024، ولا صلة له بالأحداث الجارية في ولاية الجزيرة. كما لم يُسفر البحث بالكلمات المفتاحية عن أية نتائج تؤيد الادعاء.