مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

اغتيال السنوار والعدوان الإسرائيلي على لبنان يطلقان موجة معلومات مضللة

اغتيال السنوار والعدوان الإسرائيلي على لبنان يطلقان موجة معلومات مضللة

يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22 بالتعاون مع "مجتمع التحقق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصات التحقق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصات التحقق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.

تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول للحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.

أثار اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، موجة من المعلومات المضللة حول مصيره ثم حول تفاصيل عملية الاغتيال وصولاً إلى مستقبل الحركة بعد مقتله. تزامنت هذه الادعاءات مع استمرار انتشار الأخبار المضللة عن العدوان الإسرائيلي على لبنان، وهي ادعاءات فنّدها مدققو معلومات عرب خلال الأسبوع الماضي.

تضليل حول اغتيال السنوار

عقب إعلان الجيش الإسرائيلي، مساء الخميس 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، عن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، خلال اشتباكات جنوب قطاع غزة، انتشرت جملة من الأخبار المضللة التي تضمنت تصريحات منسوبة للسنوار وقيادة الحركة، بالإضافة إلى معلومات مضللة طالت الحركة ورئيس مكتبها السياسي قبل اغتياله.

بدايةً، راج منشور عبر فيسبوك مزعوم باسم "محمود يحيى السنوار"، يقول فيه: "أبـــي بــخـيــر". خلص تحقق منصة "متصدقش" إلى أن الحساب مزيف، علماً أن السنوار لديه ابنان، ولا يحمل أي منهما اسم محمود.

ودقّق فريق "تحقق" في تصريحات نُسبت إلى حركة "حماس"، مفادها أن "القائد يحيى السنوار بخير"، وأن "الحركة تتابع الأخبار حول اغتياله"، وأن "من استُشهد هو شبيهه، ولدينا مئة نسخة من السنوار". وتوصّل الفريق إلى أن التصريحات مُلفقة ولم تصدر عن الحركة، ولم يتم العثور عليها في أي من مواقعها، كما نفتها حركة حماس عبر قناتها على تطبيق "تليغرام".

كذلك، تداول مستخدمون لمنصة إكس تصميماً نُسب إلى "الجزيرة فلسطين"، يتضمن تصريحاً منسوباً لرئيس حركة "حماس" في الخارج، خالد مشعل، حول موافقته على تولي منظمة التحرير جميع الشؤون الفلسطينية. أسفر بحث منصة "صواب" أن مشعل لم يدلِ تصريح كهذا، ولم تنشره قناة "الجزيرة"، كما توصلت منصة "الفاحص" للنتيجة نفسها، مضيفة أن "حماس" قد نفته في بيان رسمي.

تصريح ملفق منسوب لخالد مشعل


وتداولت حسابات على منصة إكس، صوراً  وفيديوهات تجمع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار والمرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، مع تعليق: "العميل يحيى السنوار يقبل سيده خامنئي في إيران قبل تنفيذ حماقة 7 أكتوبر".

تحققت منصة "صحيح العراق" من الصور وتوصّلت إلى أنها مضللة، لأنّ اللقاء سبق أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بأكثر من 11 عاماً، وكان على هامش زيارة وفد من حركة حماس إلى العاصمة الإيرانية طهران بمناسبة ذكرى الثورة الإسلامية، وقد أعاد نشره الموقع الرسمي للمرشد الإيراني وهو ينعى السنوار، مصحوباً بتعليق: "فيديو خاص، المشهد الأخير لعمرٍ من النّضال".

وراج تصميم منسوب إلى موقع "الجزيرة نت"، يتضمّن تصريحاً يزعم أن السنوار كفّر الملك عبد الله بن عبد العزيز، ورأى أن صلاة الغائب لا تجوز عليه، كما كفر الشعب السعودي لمبايعته. تحرّى المرصد الفلسطيني "تحقق" عن التصريح المزعوم، وتوصل إلى وجود اختلاف واضح في نوع الخط وحجمه وعدد الكلمات المستخدمة في العناوين بين التصميمات الأصلية للجزيرة والتصميم المزعوم، إضافة إلى عدم العثور على التصريح في أي من منصات القناة.

وراج تصريح منسوب للإعلامي المصري أحمد موسى، هو: "اليومين اللي فاتوا بدأ كل واحد يقولك فلان شهيد (يقصد يحيى السنوار)... خالد المغربي وأحمد المنسي... مين اللي قتلهم؟ مين اللي عمل كمين البرث؟… اتعميتوا؟... وألاقي النقابات والمؤسسات طالعة (ببيانات)". تقصّت منصة "متصدقش" على تصريحات موسى، وتوصلت إلى أن موسى لم يحدد اسم من يقصده بشكل مباشر، لكن تصريحاته جاءت بعد يوم من اغتيال السنوار. وأوضحت المنصة أن حديث "موسى" مضلل؛ إذ لا توجد علاقة بين وصف "السنوار" بـ"الشـهيد"، واسـتـشهاد ضباط وجنود من الجيش المصري، بينهم النقيب خالد المغربي، والعقيد أحمد المنسي، في الهجوم الإرهابي على كمين البرث عام 2017، إذ لم تتهم أي من أجهزة الدولة المصرية حماس بقتلهما أو بالتورط في واقعة كيمن البرث.

وأضافت المنصة أن تنظيم داعش أعلن مسؤوليته عن الحادث، في بيان رسمي، نشرته عدة وسائل إعلام من بينها موقع "بي بي سي"، كما شارك إسماعيل هنية، الرئيس السابق لحماس، وعدد من قادة الحركة، في عزاء أقامته الجالية المصرية في غزة، لتأبين شهداء الجيش المصري في كمين البرث.

تضليل حول العدوان الإسرائيلي على لبنان

إلى جانب الادعاءات التي راجت عقب اغتيال السنوار، استمر انتشار المعلومات المضللة بشأن العدوان الإسرائيلي على لبنان. تحققت منصة "صواب" من خبر متداول عبر تطبيق "واتساب"، يحمل نص: "إخلاء مطار رفيق الحريري الدولي بناءً على نصائح من دبلوماسيين غربيين". وتواصلت المنصة مع المدير العام للطيران المدني، فادي الحسن، الذي نفى صحة الخبر.

كذلك فندت المنصة خبراً يزعم سقوط أحد أعمدة قلعة بعلبك جراء العدوان المتواصل على المدينة، وهو ما نفاه محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر.

ونَشرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي صورة، مع خبر يزعم: "أسر ضابط في الجيش الإسرائيلي من قبل حزب الله". كشف فريق الفاحص أن الصورة مضللة، إذ إنها تعود إلى عام 2023، وهي لشخص ألقت إسرائيل القبض عليه في تل أبيب، لانتحاله شخصية ضابط في الجيش، كما لم يعلن الحزب عن مثل هذا الخبر. كما توصل فريق صواب إلى النتيجة نفسها.


من يظهر في الصورة ليس ضابطاً إسرائيلياً أسره حزب الله 

 

وراج مقطع فيديو يزعم ناشروه أنّه لـ"إطلاق الجيش الإسرائيلي منشورات تحمل ألوان العلم اللبناني فوق بيروت"، وتوصلت منصة "صواب" إلى أن الفيديو المتداول يرجع إلى بالونات أُطلقت من منطقة البيال خلال احتفال ترفيهي.

تحقق فريق صواب أيضاً من صورة يزعم ناشروها أنها تصور جانباً من العدوان الإسرائيلي على منطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت، واتضح أن الصورة قديمة وترجع إلى عام 2019، والتقطت عقب هجوم إسرائيلي على قطاع غزة.

وتناقل مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي صورة، يزعم ناشروها أنها لهبوط طائرة في مطار بيروت، بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي القريب من المطار، وعند التحقق منها توصلت منصة صواب إلى أن الصورة مُولدة باستخدام الذكاء الاصطناعي، ويتبيّن ذلك من خلال ألوان مدرج المطار، وغياب النوافذ في بعض أجزاء الطائرة.

الصورة لا تظهر وصول طائرة إلى مطار بيروت أثناء غارة إسرائيلية قريبة




تحققت منصة "الفاحص" من مقطع فيديو، مصحوباً بنص يقول: "لبنان (سويسرا الشرق الأوسط) تحترق هل فهمتم لبنان تدمر وإيران تنعم بسلام"، وخلصت إلى أن الفيديو مضلل، إذ تم إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي، الذي ولد مقاطع تحاكي آثار القصف الإسرائيلي على لبنان.