يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22 بالتعاون مع "مجتمع التحقق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصات التحقق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصات التحقق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول للحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
أدى تنفيذ الحرس الثوري الإيراني لضربات صاروخية استهدفت تل أبيب، رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، والأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، إلى انتشار وابل من المعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي. كما أجج احتدام الصراع بين إسرائيل وحزب الله موجة أخرى من التضليل والمبالغات بشأن المعارك بين كلا الطرفين.
الهجوم الصاروخي الإيراني على تل أبيب
أثار الهجوم الإيراني الصاروخي على العاصمة الإسرائيلية، تل أبيب، موجة من المعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي.
تداول بعض رواد منصات التواصل الاجتماعي فيديو يظهر صاروخاً يسقط وسط مبانٍ سكنية مع صوت بكاء فتاة في خلفية الفيديو، وعلّقت الحسابات التي شاركته بأنه يوثق سقوط أحد الصواريخ الإيرانية على تل أبيب. غير أن منصة "صحيح مصر" تحققت من الفيديو، وأكدت أنه يعود لهجوم طائرات أوكرانية من دون طيار على مبانٍ إدارية في مدينة موسكو الروسية عام 2023، وليس له علاقة بالهجوم الإيراني على تل أبيب. كما فنّدته منصة "صواب" عبر البحث العكسي، وتوصلت إلى النتيجة نفسها.
جاء تداول الفيديو تزامناً مع صدور بيان عن الحرس الثوري الإيراني، أعلن فيه أنهم أطلقوا عشرات الصواريخ على إسرائيل رداً على مقتل إسماعيل هنية وحسن نصرالله.
كما دققت منصة "متصدقش" في فيديو يظهر نشوب حريق في مبنى ضخم، وزعم مروجوه أنه حريق في إسرائيل إثر الهجمات الصاروخية الإيرانية، إلا أن الفيديو يعود إلى عام 2022، ويوثق اشتعال حريق في ناطحة سحاب في الصين، حيث حذفت الأصوات الأصلية من الفيديو، وتم إضافة صوت شخص عربي يقول "تل أبيب ولعت" ليبدو حقيقياً.
حقق فيديو تداوله ناشروه على أنه يوثق قصف إيران على تل أبيب في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر انتشاراً كبيراً، غير أن تدقيق منصة "أنير" توصل إلى أن الفيديو قديم ومضلل، حيث يجمع مقاطع مختلفة، تظهر احتفالات بذكرى تأسيس نادي كرة القدم في الجزائر.
كما توصلت منصة "متصدقش" إلى أن الأجسام المضيئة الظاهرة في السماء في الفيديو هي ألعاب نارية وليست صواريخ، وأن الأصوات الموجودة في مقاطع الفيديو الأصلية حذفت، وأضيفت أصوات صراخ وصافرات إنذار، ليبدو حقيقاً. وتوصلت منصتا "صحيح مصر" والفاحص للنتائج السابقة نفسها عند تدقيقها الفيديو ذاته.
كما تحققت منصة "الفاحص" من صورة منتشرة للرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، على أنَّها التقطت له في غرفة العمليات أثناء الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، وتبين لها أن الصورة قديمة وتعود إلى عام 2019، ولا علاقة لها بمتابعة بزشكيان للضربة الصاروخية الإيرانية على إسرائيل.
تأثير الهجوم الإيراني في المسؤولين الإسرائيليين
راج منشور يتضمن تصريحاً لمصدر أمني إسرائيلي لقناة الجزيرة، جاء نصه كالتالي: "تواصل فرق الإنقاذ البحث عن جثتي وزير الدفاع ورئيس جهاز الموساد، تحت أنقاض المكان المدمر بالصواريخ البالستية الإيرانية، في ضواحي تل أبيب".
توصلت منصة "صدق اليمنية" إلى أن الجزيرة لم تنشر هذا الخبر، ولم تتناقله وسائل إعلامية أخرى، وجاء ظهور وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بعدها في مقطع فيديو نشر عبر حسابه على إكس، وهو يتفقد المقاتلين، تأكيداً على عدم صحة الخبر. كما توصلت منصة "الفاحص" للنتيجة نفسها عند تحققها من الخبر المنتشر.
كما انتشر عبر موقع إكس فيديو لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وهو يركض داخل مبنى، ومكتوب على الفيديو: "عاجل: لحظة هروب نتنياهو إلى الملاجئ بعد بداية الهجوم الإيراني على تل أبيب".
كشف تدقيق منصة "صحيح مصر" أن الفيديو قديم، إذ يعود إلى عام 2021، وفيه يركض نتنياهو داخل مبنى الكنيست الإسرائيلي، في إشارة رمزية إلى اعتزامه الترشح لمنصب رئيس الوزراء.
وتوصلت منصة "الفاحص" إلى أن نتنياهو سبق أن نشر الفيديو على إكس، مرفقاً بنص: "أنا فخور دائماً بالترشح من أجلكم. لقد تم التقاطها قبل نصف ساعة في الكنيست".
ردود الأفعال على الهجوم الإيراني على تل أبيب والتصعيدات المتوقعة
نشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، زعمت أنه لصاروخ أعدّه الحرس الثوري الإيراني تحسباً لأي رد محتمل من إسرائيل، إلا أن المرصد الفلسطيني "تحقق" كشف أن الفيديو قديم ويعود إلى عام 2020، ويُظهر استعراض قوات الجوفضاء التابعة للحرس الثوري الإيراني لمنظومتها الصاروخية الجديدة آنذاك.
أفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بأن الحرس الثوري حذر إسرائيل من مغبة الرد على العمليات، مهدداً إياها بهجمات ساحقة.
نشرت صفحات على منصات التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو للرئيس الإيراني مصحوب بترجمة تدعي أن بزشكيان رد على سؤال المذيعة له بشأن ابتسامته ومناسبتها بالقول: "أضحك على الصواريخ التي أطلقناها على إسرائيل لم تقتل أي إسرائيلي فقط قتلت فلسطيني لكن سوف نعتبره من الشهداء، هذا الموضوع الذي أضحكني".
وتوصل فريق "تحقق" إلى أن الترجمة مضللة، وأن الفيديو الأصلي جاء في سياق سؤال بزشكيان عن مخاوفه من السفر إلى قطر، وهو ما نفاه.
ويأتي تداول الفيديو بعد وصول بزشكيان إلى قطر لعقد لقاء ثنائي رسمي مع أمير قطر، والمشاركة في اجتماع منتدى حوار التعاون الآسيوي (ACD).
تصدي حزب الله وتصاعد الهجمات الإسرائيلية
امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بوابل من المعلومات المضللة، بشأن الاجتياح البري للبنان، والغارات على جنوبي لبنان واحتمالية توسعها، وأخبار عن تصدي حزب الله والهجمات المضادة.
تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي فيديو، يزعم ناشروه أنّه لتدمير حزب الله لدبابة ميركافا بصواريخ موجهة في بلدة مارون الراس جنوبي لبنان. أسفر تحقق "صواب" عن أن الفيديو قديم ويعود لعام 2023، عندما استهدف الجيش الأوكراني دبابة روسية من نوع "T-90M".
كما انتشر فيديو مع خبر مفاده: "أحد أبطال قوة الرضوان ينكل بجنود الجيش الصهيوني جنوب لبنان على حدود فلسطين المحتلة". وفندت منصة "الفاحص" الخبر، وأوضحت أن الفيديو قديم، وسبق أن نُشِر في 2017، هو يوثق استهداف عناصر عسكرية تابعة للرئيس السوري بشار الأسد.
كما دقق فريق "الفاحص" في فيديو آخر متداول على أنَّه يظهر عملية إلقاء قنابل على جندي إسرائيلي، وكشفت أنَّه قديم، ويظهر استهداف جندي روسي في أوكرانيا في نيسان/ أبريل 2024.
ولاقت صورة تم تداولها على أنها تُظهر دماراً بمنزل داخل مستوطنة "كرمئيل" جرّاء سقوط صاروخ من لبنان، رواجاً كبيراً. وأسفر تدقيق المرصد الفلسطيني "تحقق" في الصورة عن أنها قديمة، وتعود لعام 2023، وتظهر أضراراً في مستشفى برزلاي في مدينة عسقلان، إثر صاروخ أطلقته كتائب القسام عقب عملية طوفان الأقصى.
كما تحققت منصة "صواب" من فيديو يظهر جنود الجيش الإسرائيلي وهم بحالة رعب شديد، ما منعهم من قيادة الدبابة. واتضح أن الفيديو قديم ويرجع إلى عام 2020، حينما انقلبت دبابة تابعة لجيش إسرائيل في وادي الأردن.
أوضحت منصة "صواب" كذب الخبر المنسوب إلى القناة 14 الإسرائيلية، الذي يزعم أنّ "الرد على لبنان الليلة، سنستهدف مناطق في العاصمة غير متوقعة تجهزو"، إذ لم تنشره القناة على أي من منصاتها.
كما تحققت من فيديو يزعم متداولوه أنه لغارات شنّها العدو الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت، وأسفر البحث العكسي عن أنً الفيديو يعود لغارة إسرائيلية استهدفت مقهى في مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية، ولا علاقة له بالهجمات على لبنان.