يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22 بالتعاون مع "مجتمع التحقق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصات التحقق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصات التحقق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول للحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
ما بين شجار وزير التجارة المصري مع مسؤولين بحرينيين وسبِّه الشيعة، وبيع مصر منجم السكري بأقل من ثلث إيراده السنوي، وإعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن برنامجه الانتخابي قبل الموعد المسموح في قوانين الانتخابات في بلاده، تعدّدت المعلومات المضللة التي فندها مدققو معلومات عرب بين 9 و15 أيلول/ سبتمبر 2024.
1- هل تشاجر وزير التجارة المصري الحالي مع مسؤولين بحرينيين وسبّ الشيعة؟
انتشر على موقع التواصل الاجتماعي إكس فيديو يظهر مجموعة أشخاص يتشاجرون، مصحوباً بتعليق: "وزير التجارة المصري ذهب للبحرين، لتعزيز العلاقات، وعمل صفقة تبادل تجاري مع البحرين، حب يجامل المسؤولين البحرينيين، قام سبّ الشيعة، وتحولت إلى معركة، وبدل التبادل التجاري صار تبادل سب وشتم وعراك".
تحقّقت منصة "متصدقش" من الفيديو المتداول، وتوصّلت إلى أنه يعود إلى عام 2019، وهو لمشاجرة نشبت بين المستشار القانوني السابق لرئيس غرفة التجارة والصناعة البحريني، ياسر أحمد العطار، وبعض أعضاء الغرفة المذكورة، ولا علاقة له بوزير التجارة المصري الحالي.
وتحولت الواقعة لدى حدوثها في 2019، إلى قضية رأي عام في البحرين، وأُحيل العطار إلى المحاكمة الجنائية حينها، بعد اتهامه بالتحريض ضد المنتمين للطائفة الشيعية، واتهامهم بأنهم "مموّلون من إيران". كما أوضحت المنصة أن وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري الحالي، حسن الخطيب، لم يزر البحرين منذ توليه مهام منصبه في تموز/ يوليو 2024.
2- هل باعت الحكومة المصرية منجم السكري "بأقل من ثلث إيراده السنوي"؟
نشر حساب "حزب تكنوقراط مصر" عبر موقع إكس خبراً مزعوماً على لسان الدكتورة سامية هاريس، يرد فيه: "السيسى يعلم أنه راحل وكل ما يفعله هو محاولات لكسب المزيد من الوقت لتدمير ما تبقّى من موارد هذا البلد. منجم السكري أحد أهم المناجم على مستوى العالم تم بيعه برقم لا يساوى ثلث إيراده السنوي".
تحققت منصة "صحيح مصر" من التصريح المتداول، وتوصّلت إلى أن ما تم بيعه هي شركة سنتامين المالكة لحق امتياز منجم السكري، وليس المنجم نفسه. وبلغت قيمة صفقة بيع "سنتامين" لصالح شركة أنغلو غولد أشانتي الأمريكية نحو 2.5 مليار دولار أمريكي، وهو ما يعادل نحو ثلاثة مرات تقريباً إيراد منجم السكري في آخر عام تشغيلي، وفقاً للرئيس التنفيذي لشركة سنتامين مصر، عمرو حسونة.
وتبلغ حصة مساهمي "أنغلو غولد أشانتي" في المنجم نحو 83.6%، فيما تبلغ حصة مساهمي "سنتامين" نحو 16.4% من إجمالي أسهم "أنغلو غولد أشانتي".
وحصلت سنتامين على امتياز منجم السكري في عام 1994، مقابل حصول مصر على 50% من أرباحه بعد الاكتشاف التجاري، كما تذهب 3% من إيرادات المنجم الكلية للحكومة، وذلك بعد خصم التكاليف الإجمالية. وبدأت مصر في الحصول على نسبتها من الأرباح في عام 2016.
3- هل نشر الرئيس التونسي قيس سعيد برنامجه الانتخابي قبل الموعد المحدد؟
تداول مستخدمون على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتيك توك مقاطع فيديو تزعم إطلاق برنامج الرئيس التونسي الذي أوشكت ولايته على الانتهاء والمرشح الرئاسي قيس سعيد، متضمنةً أبرز نقاط البرنامج الانتخابي المزعوم، على غرار "تأميم حقول النفط الغاز، وتفعيل قانون العفو الضريبي، ودعم الصادرات والانفتاح التجاري، وحماية وتعزيز الموارد المائية، وتطوير المنظومة التعليمية وتحسين دخل الأفراد".
جاءت هذه الادعاءات قبيل الإطلاق الرسمي لحملة الدعاية الانتخابية التي بدأت السبت 14 أيلول/ سبتمبر 2024، وتستمر حتى 4 تشرين الأول/ أكتوبر الوشيك، بالتزامن مع بدء عملية الاقتراع.
تحقق فريق منصة "بي إن تشيك" التونسية، من المقاطع المتداولة عن طريق البحث في المصادر الرسمية عن تصريحات سعيد، ولم تتوصّل إلى نتائج تدعم صحة هذه الادعاءات. وعند البحث عن برنامجه الانتخابي المعلن في عام 2019، توصل الفريق إلى أن أبرز سمات البرنامج كانت "إعادة بناء النظام السياسي بشكل هرمي من القاعدة للقمة، واستبدال التصويت بالقوائم بالنظام الفردي، وتعزيز مكاسب المرأة، والتصالح مع رجال أعمال النظام السابق، وتكليفهم بتنفيذ مشاريع في المناطق الفقيرة".
وسبق أن أعلن سعيد ترشّحه للانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر إجراؤها في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، عبر فيديو نُشر على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية التونسية في 19 تموز/ يوليو 2024.
4- هل طالبت محامية عراقية بتقنين تعدد الأزواج للعراقيات؟
تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، صورة للمحامية العراقية قمر السامرائي، تم تصميمها من قبل وكالة أنباء تدعى "الزاوية للأخبار"، مع تصريح مزعوم منسوب لها نصّه: "نطالب بحقنا في تعداد الأزواج مثلما يحق للرجال تعدد الزوجات".
فنّدت منصة "صحيح العراق" التصريح، وتبيّنت من أن السامرائي لم تطالب بتعدد الأزواج، كما أن الصورة المرفقة بالتصميم سبق أن نشرتها صفحة "الزاوية للأخبار" ضمن خبر نصه: "نقابة المحامين العراقيين تُحيل المحامية قمر السامرائي لمجلس تأديبي وتمنعها من الظهور الإعلامي".
ويظهر التصميم علامات واضحة للتلاعب في الصورة، بما في ذلك اختلاف نوع الخط المستخدم، وإزالة النصوص الأصلية، واستبدالها بكلمات أخرى، ما يشير إلى تعديلات متعمدة على المحتوى الأصلي.
ويأتي تداول هذه المعلومة المضللة في سياق هجمة تتعرض لها السامرائي، على خلفية موقفها المعارض من التعديل المقترح على قانون الأحوال الشخصية، بعد ظهورها في مقابلة تلفزيونية، عبّرت فيها عن مخاوف من انتهاكات ستطال النساء والأطفال، حال إقرار التعديل الجديد.
كما تأتي الهجمة على المحامية العراقية في إطار حملة تشويه منظمة لمعارضي التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية، فقد أثارت مساع البرلمان العراقي لتعديل القانون جدلاً واسع النطاق، وسط رفض من ناشطات ومنظمات المجتمع المدني، فيما تضغط لصالح إقراره قوى سياسية شيعية مرتبطة بإيران.
وكشف تقرير "مجتمع التحقق العربي" عن أنشطة منسقة وغير أصيلة تهدف إلى تضخيم الرواية المؤيدة للتعديلات على القانون، مستندة إلى حسابات وهمية لتشويه معارضي التعديلات.
ورصد "مجتمع التحقق العربي" استخدام هذه الحملة لسلاح الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنتاج مواد مصوّرة تضخم من حجم التظاهرات المؤيدة للتعديلات، وذلك عبر تغذية تقنيات الذكاء الاصطناعي بعبارات وشخصيات وأوصاف محدّدة لإنتاج هذه الصور.
كما احتوت منشورات الحملة على تحريضات وخطاب كراهية ضد منظمات المجتمع المدني، والمؤسسات النسوية، والناشطات في مجال حقوق المرأة، وبخاصة أولئك الرافضين تعديل قانون الأحوال الشخصية، علاوة على تضمنها صوراً ومقاطع فيديو مصحوبة بعبارات تهدف إلى التشويه الفردي للناشطات والمعارضين.