يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22 بالتعاون مع "مجتمع التحقق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصات التحقق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصات التحقق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول للحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
بين الروايات المختلفة حول هوية منفذ عملية معبر الكرامة، وتوزيع الجيش المصري مليار دولار سنوياً من المعونة الأمريكية على قادته، وتوعّد صاحب عمل سعودي بحرمان عامل يمني لديه من أجره بعد فيلم "حياة الماعز"، تعدّدت المعلومات المضللة التي فندها مدققو معلومات عرب بين 3 و9 أيلول/ سبتمبر 2024.
1- هوية منفذ عملية معبر الكرامة
تناقلت صفحات وحسابات في موقعيّ التواصل الاجتماعي فيسبوك وإكس صورة، على إنها ترجع لمنفذ عملية معبر الكرامة التي وقعت يوم الأحد 8 أيلول/ سبتمبر 2024.
دقق المرصد الفلسطيني "تحقق" في صحة الصورة المتداولة، مستخدماً البحث العكسي الذي بين أن الصورة ترجع للعقيد في الدفاع المدني الفلسطيني، محمد مرسي، الذي قتل فجر يوم العملية إثر قصف استهدف منزله في قطاع غزة.
راجت الصورة بعد الإعلان عن مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين قرب معبر معبر الكرامة، أو معبر الملك حسين، بين فلسطين والأردن، في عملية إطلاق نار وقعت في الجانب الأردني من المعبر. ووفقاً للمصادر الإعلامية الإسرائيلية، فقد خرج سائق شاحنة أردني من شاحنته وأطلق النار على ثلاثة من حراس الأمن الإسرائيليين على المعبر.
نشرت مواقع عبرية وعربية صورة لجواز سفر، زعمت أنه يعود لمنفذ عملية معبر الكرامة، والذي قيل إنه يدعى عبد السلام الزعبي (47 عاماً) من قرية الشجرة. كما ادعت مواقع أخرى أن منفذ العملية يُدعى عمر عبد المجيد محمود بطاينة.
وفي سياق المعلومات المضللة المتصلة بالعملية، نشرت قنوات إخبارية عبرية وفلسطينية صورة عبر تليغرام، زعمت أنها من موقع تنفيذ العملية. تعود الصورة المنشورة إلى حادثة مقتل القاضي الأردني من أصل فلسطيني، رائد زعيتر، على يد جنود إسرائيليين عند المعبر نفسه بتاريخ 10 آذار/ مارس عام 2014، أثناء عبوره من الأردن إلى الضفة الغربية المحتلة.
أما عن هوية منفذّ العملية، فهو الأردني ماهر ذياب حسين الجازي، من قرية "أذرح" التابعة لمحافظة معان.
2- "الجيش المصري يوزّع مليار دولار من المعونة الأمريكية سنوياً على قادته"
ادَعى الإعلامي مقدم برنامج "مصر النهارده" المذاع على قناة مكملين، محمد ناصر، أن الجيش المصري يتسلم مليار دولار سنوياً من الولايات المتحدة الأمريكية بناءً على اتفاقية كامب ديفيد، وتساءل عن أوجه صرفها، زاعماً أنها تُنفق كمعاشات ورواتب لقادة الجيش.
فنّدت منصة "متصدقش" ادعاء ناصر، بالاطلاع على التقارير الصادرة عن مركز خدمة أبحاث الكونغرس الأمريكي. وتبينّت من أن أحدث تقرير، والصادر في 2023، يبرز أن المساعدات العسكرية لمصر لا تُقدم في صورة أموال نقدية، بل تُستخدم في تمويل شراء أنظمة الأسلحة وخدمات من متعاقدين دفاعيين أمريكيين.
وتبلغ المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر نحو 1.3 مليار دولار سنوياً، ويرتبط جزء منها بسجل مصر في حقوق الإنسان. وفي عام 2023، حجبت إدارة الرئيس جو بايدن 85 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر، لعدم تحقيق تقدم في سجل حقوق الإنسان.
3- "اجتماع مؤسس السعودية مع الدبلوماسييّن سيكس وبيكو"
نشر حساب سام يوسف المثير للجدل على "إكس"، صورة يظهر بها ثلاثة أشخاص يقفون أمام خيمة، مع ادعاء أن الشخص الموجود على اليمين هو الدبلوماسي البريطاني مارك سايكس، والشخص على اليسار هو الدبلوماسي الفرنسي جورج بيكو، ويتوسطهما مؤسس السعودية، الملك عبد العزيز آل سعود. وعلق يوسف قائلاً: 'في خيمة هذا الرجل تم تمزيق الأمة وتحويلها إلى حظائر ودويلات".
تحقّقت منصة "صحيح مصر" من الصورة الرائجة، وتوصلت إلى أن الصورة تُظهر مؤسس السعودية، الملك عبد العزيز آل سعود، إلى جانب ضابط الاستخبارات البريطاني غلبرت كلايتون (على يمين الصورة)، والكاتب الفلسطيني جورج أنطونيوس (على يسار الصورة)، خلال أحد اجتماعاتهم التفاوضية قبل توقيع معاهدة جدة في عام 1927، والتي اعترفت فيها بريطانيا بسيادة الملك السعودي على الحجاز ونجد، وأنه لا علاقة للصورة باتفاقية سايكس بيكو.
وقد وقعت اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، وهي اتفاقية سرية أبرمت أثناء الحرب العالمية الأولى بين بريطانيا وفرنسا، بموافقة إمبراطورية روسيا، لتفكيك الإمبراطورية العثمانية، وقد ترتب على ذلك تقسيم سوريا والعراق ولبنان وفلسطين إلى مناطق مختلفة تديرها فرنسا وبريطانيا.
4- "صاحب عمل سعودي يتوعّد عاملاً يمنياً بحرمانه من أجره"
تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، يظهر مواطناً سعودياً يسب عاملاً يمنياً، ويتوعده بحرمانه من حقوقه. مع تعقيب: "العامل اليمني يصيح بحرقة: أكلت رواتبنا أكلت حقوقنا ليش ما تعطيني حقي؟". تعاطى مستخدمون مع المقطع على أنه حديث، وربط البعض بينه وبين الفيلم الهندي المثير للجدل "حياة الماعز".
تحقّقت منصة "صدق اليمنية" من الفيديو، وتبين لها أنه قديم ويعود إلى عام 2019، وانتهت تلك الواقعة فور رواج المقطع بتقديم صاحب العمل السعودي اعتذاره للعامل.
وسبق أن تناولنا عدة ادعاءات مضللة ارتبطت بفيلم "حياة الماعز" في نشرة سابقة، كما حلل "مجتمع التحقق العربي" حملة منسقة يتخللها معلومات مضللة رداً على الفيلم.