مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

تزويج القاصرات في العراق وثروة إسماعيل هنية… معلومات مضللة راجت عربياً في أسبوع

تزويج القاصرات في العراق وثروة إسماعيل هنية… معلومات مضللة راجت عربياً في أسبوع

يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها "رصيف22" بالتعاون مع "مجتمع التحقق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصات التحقق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصات التحقق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.

تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول للحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.

ما بين خفض سن الزواج في العراق إلى ما بين 9 و15 عاماً، مروراً بثروة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الراحل إسماعيل هنية، وصولاً إلى 100 مليار دينار تونسي ككلفة مقدرة للانتخابات الرئاسية التونسية الوشيكة، تعدّدت المعلومات المضللة التي فنّدها مدققو معلومات عرب بين 5 حتى 13 آب/ أغسطس 2024.

 

1- "خفض سن الزواج في تعديلات قانون الأحوال الشخصية العراقي"

تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق مجموعة من المعلومات المضللة عن التعديلات المثيرة للجدل المقترحة على قانون الأحوال الشخصية العراقي، بعضها ادّعى إقرار خفض السن القانونية للزواج، علاوة على تصريحات مضللة عن احتكام دول غربية إلى الكنيسة في تنظيم الأحوال الشخصية لمواطنيها.

وراج مقطع فيديو لمشادة كلامية داخل إحدى المحاكم، أحد طرفيها المحامية العراقية قمر السامرائي، مع زعم بأن المقطع يوثّق تعرض المحامية للاعتداء جراء موقفها الرافض للتعديلات المقترحة. تحقّقت منصة "صحيح العراق" من الفيديو، بالتواصل مع السامرائي التي أوضحت أن المشادة المعروضة في الفيديو وقعت في تموز/ يوليو 2024، ولا علاقة لها بموقفها الحالي من التعديلات.

رصدت المنصة ذاتها رواج صورة لطفلة تبكي وبجوارها شخص بالغ، مصحوبة بتعليق يزعم أن: "البرلمان العراقي يخفض السن القانوني لزواج الفتيات من 15 إلى 9 سنوات". لكن فريق المنصة العراقية المتخصصة في تدقيق المعلومات توصَّل إلى أن هذا الزعم مُضلل حيث لم يصوّت مجلس النواب العراقي بعد على اقتراح خفض السن القانونية للزواج.

وأنهى البرلمان العراقي القراءة الأولى لمقترح قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية، ولم تشهد الجلسات اللاحقة أية إجراءات جديدة بشأن التعديل المثير للجدل، والذي يسمح بالتقاضي في أمور الزواج والطلاق والنفقة وفق الأحكام الشرعية.

علاوة على ما سبق، فنّدت "صحيح العراق" تصريحات رجل الدين الشيعي رشيد الحسيني الذي قال، في تصريح تلفزيوني، إن "المملكة المتحدة، بريطانيا، الأحكام الصادرة من المحاكم الشرعية (الكنيسة) خاضعة إلها... تقبلها" وإن "اليونان وهي دولة ديمقراطية تمنح للكنيسة الأرثذوكسية الأحوال الشخصية مثل الزواج والطلاق" و"الولايات المتحدة ولاية ولاية هناك اختلاف في أحكامهم الشخصية وكلها شرعية".

وفق "صحيح العراق"، يحظر القانون البريطاني الزواج دون سن 18 عاماً، كما أن القرارات الكنسيّة في بريطانيا "ليست ملزمة قانونياً". ولا يبيح القانون اليوناني الزواج إلا للأشخاص الذين يبلغون من العمر 18 عاماً أو أكثر، مع استثناءات محددة تقررها المحكمة حصراً. وتمنع معظم الولايات الأمريكية الزواج دون سن 18 عاماً، كما تحدد أخرى الحد الأدنى للزواج بـ16 عاماً، مع استثناءات تخضع لموافقة أحد الوالدين أو المحكمة. 

 

2- "حظر تيك توك في مصر بناءً على تعليمات جهات أمنية سيادية"

ادعت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر أن الحكومة المصرية بصدد حظر تطبيق الفيديوهات القصيرة "تيك توك" نزولاً عند رغبة "جهات سيادية". فنّدت منصة "صحيح مصر" الادعاء، وتبيّنت من أنه لا يوجد أي إعلان رسمي من أية جهة حكومية عن حظر التطبيق، كما لم تنشر أية وسيلة إعلامية موثوقة هكذا خبر.

وتتزامن شائعات حظر "تيك توك" في مصر مع رفع وزارة العدل الأمريكية دعوى قضائية ضد التطبيق لعدم التزامه الإجراءات الضرورية لحماية خصوصية الأطفال، وجمع وتخزين معلومات شخصية عنهم من دون موافقتهم أو إبلاغ والديهم.

وطالما أثار "تيك توك" الجدل في مصر، خاصةً بعد الحكم بسجن عدد من صانعات المحتوى عليه في ما يُعرف إعلامياً بـ"فتيات تيك توك" بدعوى "تحريضهن على الفسق والفجور" وعدم التزامهن بـ"قيم الأسرة المصرية".

3- مسؤول مصري: "الحكومة توفر الغذاء للمصريين و10 ملايين ضيف"

صرّح رئيس شعبة السلع الغذائية في مصر، هشام الدجوي، خلال لقاء تلفزيوني، بأن الحكومة المصرية تتكفّل بدعم السلع الغذائية للمصريين علاوة على "10 ملايين ضيف"، في إشارة إلى اللاجئين والمهاجرين الذين تستضيفهم مصر.

تحققت منصة "متصدقش" من صحة هذا التصريح، ووجدت أنه مُضلل حيث أن المهاجرين واللاجئين لا يتلقون دعماً من الحكومة لشراء مواد غذائية، ويقومون بشرائها بأسعار السوق. كما أن الحكومة المصرية توفر دعماً لبعض السلع الغذائية للمصريين فقط، بموجب بطاقة الهوية الوطنية (الرقم القومي).

وتعاني مصر على مدار العامين ونصف العام الماضية ارتفاعاً قياسياً في أسعار الطعام والشراب، جراء الأزمة الاقتصادية، التي أعقبت الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/ فبراير 2022، وما صاحبها من ارتفاع معدلات التضخم. 

ويقطن بمصر نحو تسعة ملايين مهاجر ولاجئ، يعمل أكثر من 70% منهم في وظائف ثابتة ومستقرة. ويحصل اللاجئون على مساعدات وإعانات من مفوضية اللاجئين، في حين تتولى الحكومة المصرية تقديم خدمات تعليمية وعلاجية لهم.

4- "كلفة الانتخابات الرئاسية التونسية المرتقبة 100 مليار دينار" 

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات حول حجم الإنفاق الحكومي على الانتخابات الرئاسية التونسية المقررة في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، بينها مزاعم بأن تكلفتها تقدر بـ100 مليار دينار (نحو 32 مليار دولار)، وأخرى قدَّرتها بـ140 مليار دينار تونسي (نحو 45 مليار دولار).

تحقّقت منصة "بي إن تشيك" التونسية، من المزاعم المتداولة، بالاستعانة بأرشيف الانتخابات التونسية بداية من عام 2011. ووجدت أن إجمالي الإنفاق على الانتخابات التشريعية والرئاسية لعام 2014 بلغ نحو 69 مليون دينار (نحو 22 مليون دولار)، كما قدرت تكلفة انتخابات البلدية بـ 46 مليون دينار.

أما عن الانتخابات التشريعية والرئاسية لعام 2019، فبلغت ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات 166 مليون دينار (نحو 54 مليون دولار)، وبلغ إجمالي الإنفاق على هذه الانتخابات، بما في ذلك جولتي الانتخابات الرئاسية، نحو 140 مليون دينار (نحو 45 مليون دولار)، وهي التكلفة الأعلى في تاريخ الانتخابات التونسية.

وعليه، وبمقارنة تكاليف الانتخابات الرئاسية المقبلة بسابقاتها، يتضح أن مزاعم تخطّي ميزانيتها حاجز الـ100 مليار دينار تنطوي على مبالغات. كذلك، لم يصرّح أي مصدر تونسي موثوق بذلك.

5- "ثروة إسماعيل هنية تقدر بـ4 مليار دولار"

نقلت عضوة المجلس القومي المصري للمرأة، مقدمة برنامج "روزنامة" على قناة الحياة المصرية، نشوى الحوفي، عن تقارير إعلامية غربية مزاعم بأن ثروة رئيس المكتب السياسي الراحل لحماس، إسماعيل هنية، تقدّر بـ4 مليار دولار.

عند تحقّقها من صحة هذا الادعاء، توصلت منصة "متصدقش" إلى أن القناة 13 الإسرائيلية هي أول من روّجه إذ نشرت تقريراً في حزيران/ يونيو 2021، يدّعي أن ثروة عائلة هنية تبلغ 4 مليارات دولار، ولم تقدم أية أدلة موثوقة على صحة ادعائها.

وعقب اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، أعادت العديد من الصحف الأجنبية ترويج هذا الزعم دون تدقيق أو دليل، بما في ذلك التايمز البريطانية، التي نشرت تقريراً يُدرج الادعاء نفسه.