يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها "رصيف22" بالتعاون مع "مجتمع التحقق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصات التحقق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصات التحقق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول للحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
ما بين ادعاء أن الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد التقى وفداً إسرائيلياً، واعتقال قيادي حوثي أثناء أدائه مناسك الحج، وصولاً إلى حملة إماراتية دعائية لرئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك، تعددت المعلومات المضللة التي فندها مدققو معلومات عرب بين 11 حزيران/ يونيو و19 حزيران/ يونيو 2024.
انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو للرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، زعم مروجوه أنه التقط مؤخراً أثناء لقائه وفداً إسرائيلياً.
تحققت منصة "الفاحص" العراقية المختصة بتدقيق المعلومات، من المقطع المتداول، وتوصلت إلى أنه قديم، والتقط أثناء لقاء نجاد بمجموعة من الحاخامات اليهود المناهضين لإسرائيل في عام 2006.
ويظهر الفيديو أن الحاخامات كانوا يرتدون ملابس عليها علم فلسطين، وشعارات مناهضة لإسرائيل. كما حملوا لافتات مكتوب عليها: "أنا يهودي، ولست صهيونياً".
وعليه؛ فإن الفيديو مضلل، ولا علاقة له بالأحداث الأخيرة التي شهدت تصاعداً في حدة التوترات بين البلدين، بعد تبادلهما الهجمات العسكرية في نيسان/أبريل 2024.
نشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لإلقاء الشرطة السعودية القبض على مجموعة من الأشخاص. وادعت هذه الحسابات أن الصورة توثق القبض على القيادي الحوثي يحيى الرزامي، بعد ترديده شعارات سياسية في الحرم المكي. وعلق سعوديون على المنشور، بإبداء ترحيبهم باعتقال الرزامي.
من خلال البحث العكسي، استطاعت منصة "صدق اليمنية"، إثبات أن الصورة التقطت في عام 2021، أثناء إلقاء شرطة الرياض القبض على خمسة أشخاص اعتدوا على العاملين بأحد المطاعم في محافظة القويعية، ولا علاقة لها بالرزامي. وبعد البحث بالكلمات المفتاحية، خلصت المنصة إلى عدم وجود مصدر رسمي يؤكد اعتقال القيادي الحوثي.
ويزور الرزامي وبعض من القادة الحوثيين السعودية، لأداء مناسك الحج، في الوقت الذي يسود الهدوء العلاقات بين السعودية وجماعة الحوثي، بعد الوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار في اليمن في كانون الثاني/ديسمبر 2023.
انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي مزاعم تفيد بأن السلطات المصرية قامت بترحيل 36 ألف لاجئ من أراضيها، مع انتقاد لعدم إعلان السلطات عن هذا الإجراء.
بالبحث عبر المواقع والصفحات الرسمية الحكومية، لم تتوصل منصة "متصدقش" المصرية المختصة بالتحقق من المعلومات، إلى أي مصدر رسمي يدعم ما جاء في الادعاء. كما نفى المدير التنفيذي لمنصة اللاجئين في مصر -مؤسسة معنية بمتابعة أحوال اللاجئين في مصر- نور خليل، أن المؤسسة رصدت أي عمليات ترحيل لعدد كبير من اللاجئين في الأيام الأخيرة. وأشار إلى أن السلطات المصرية قد احتجزت بعض السودانيين وأوقفت بعض المهاجرين الأفارقة في القاهرة والجيزة، ولكن لم يتم الإعلان عن عددهم أو توفر أي دليل على أنه تم ترحيلهم.
تزامن انتشار هذا الادعاء مع عودة نشاط وسوم قديمة تحرض على اللاجئين والمهاجرين المقيمين في مصر. ونشر فريق "متصدقش" بالتعاون مع "مجتمع التحقق العربي" تقريراً في كانون الثاني/ يناير 2024، يكشف عن حملة الهجوم على اللاجئين، مشيراً إلى أن حسابات تدعم الهوية الفرعونية لمصر، وأخرى تؤيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، هي التي تقف وراء إطلاق هذه الحملة.
ادعى المحلل السياسي المقرب من "الإطار التنسيقي" العراقي عباس العرداوي، في مداخلة تلفزيونية، أن السجون العراقية تضم 11 ألف سعودي -بينهم 111 أمير جهادي- نتيجة ارتكابهم جرائم إرهابية. كما زعم أن خمسة آلاف سعودي قد فجروا أنفسهم في العراق في عمليات انتحارية.
كشفت منصة "صحيح العراق" أن تصريح العرداوي غير صحيح؛ إذ تشير آخر بيانات صادرة عن وزارة العدل العراقية إلى أنّ عدد النزلاء في السجون العراقية يبلغ نحو 65 ألف سجين. ولا يتجاوز عدد السجناء العرب من غير العراقيين 1500 سجين.
كما توصلت "صحيح العراق" إلى أن العدد المقدر لمنفذي التفجيرات الانتحارية من السعوديين في العراق هو 500 انتحاري، بحسب مصادر رسمية عراقية.
تزامن الادعاء مع هجوم "الإطار التنسيقي العراقي" -وهو تجمع للأحزاب الشيعية العراقية- على السعودية، واتهامها بمحاولة فرض نفوذها في دول المنطقة، ودعمها للاتجاهات السنية الموالية لها، فضلاً عن تنكيلها بالمعارضين.
في أيار/ مايو 2024، وقع رئيس الوزراء السوداني السابق، ورئيس الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) عبد الله حمدوك، "إعلاناً في العاصمة الكينية، نيروبي، مع زعيمي حركتين مسلحتين في كينيا؛ بهدف إنهاء الحرب.
تذبذب الرأي العام بين تأييد الإعلان ومعارضته. في الوقت نفسه، أطلقت على منصة التواصل الاجتماعي إكس حملة دعائية لصالح حمدوك، عملت على الإشادة به، والدفاع عن مصالح دولة الإمارات، مع توجيه انتقادات للجيش السوداني.
عبر تحليل الحسابات المشاركة في الحملة، توصل فريق "مجتمع التحقق العربي" إلى أن الحسابات المشاركة في الحملة نصف آلية؛ فهي إما يديرها أشخاص حقيقيون- بشكل جماعي- وإما تديرها جهة ما، لها مصلحة في التلاعب بالرأي العام.
تطابق المحتوى الذي تنشره حسابات الحملة على منصات التواصل المختلفة، وأخذت هذه الحسابات في الإشارة لبعضها بعضاً في التغريدات؛ بهدف زيادة انتشار محتوى الحملة.
أشادت حسابات الحملة بحمدوك ووصفته بـ”المؤسس”، بينما وصفت بعض المنشورات قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بـ “الخائن والعميل”، والجيش السوداني بـ “الفلول والدواعش”. كما حرصت هذه الحسابات على الإشادة بدور الإمارات، مروجة لمساعدات مزعومة قدمتها الدولة الخليجية للسودان في الفترة الأخيرة.