◾ يستعرض #متصدقش في التقرير التالي، الخيارات المصرية المتاحة للتعامل مع الأزمة المعقدة بعد إعلان موت المفاوضات، والتي تقلصت ما بين حلول سلمية لم تأت بنتيجة مسبقًا، أو حل عسكري غير مأمون العواقب. ⬇️⬇️
❓❓ ماذا يقول إعلان المبادئ؟
◾ ينص المبدأ العاشر من إعلان المبادئ حول مشروع سد النهضة، والذي وقعته مصر و #السودان و #إثيوبيا في مارس 2015، والذي بات يحكم مسار التفاوض، على أنه "إذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/ رئيس الحكومة".
◾ إحالة الأمر لرؤساء الدول والحكومات حدث بالفعل من قبل. جولة المفاوضات الأخيرة أتت بعد اتفاق الرئيس عبد الفتاح #السيسي مع رئيس الوزراء الإثيوبي #آبي_أحمد في يوليو 2023 على الشروع في مفاوضات عاجلة للوصول إلى اتفاق حول سد النهضة خلال 4 أشهر. لكن مرت 5 أشهر دون نتيجة.
◾ رغم ذلك قال مساعد وزير خارجية أسبق لـ #متصدقش، إن مصر ليس بيدها إلا الاحتكام لإعلان المبادئ التي وقعت عليه، والتزمت به، والذي ينص في مبدأه العاشر على "التسوية السلمية"، فعليها البحث عن الوساطة أو التحكيم في حال فشل التفاوض.
❓❓ هل حلول "الوساطة والتحكيم" فعّالة؟
◾ رفضت إثيوبيا سابقًا اقتراحات مصر والسودان باللجوء إلى وساطة دولية غير أفريقية لحل اﻷزمة أكثر من مرة، واتهمت الدولتين بأنها يطرحان تلك الفكرة كـ "فخ" لتحقيق أهدافهما.
◾ وفي المرة التي قبلت فيها إثيوبيا بالدخول في مسار تفاوضي تحت رعاية الولايات المتحدة اﻷمريكية، رفضت بعد التوصل لاتفاق مبدئي حول قواعد الملء والتشغيل، التوقيع على اتفاق نهائي، وبدأت في يوليو 2020 ملء سد النهضة بشكل منفرد.
◾ أحد الحلول التي طُرحت هو اللجوء للتحكيم الدولي لحل الأزمة، لكن بحسب المصادر التي تحدث إليها #متصدقش هناك صعوبة في أن تلجأ مصر لذلك الحل، لأنه يتطلب موافقة الطرفين.
◾ ويُضيف خبير بالموارد المائية تحدث إلى #متصدقش، أن مصر فوتت فرصة أن يتضمن إعلان المبادئ، الاتفاق على التحكيم للفصل في أي نزاع في حالة عدم التوصل لاتفاق.
◾ يرى د.مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في حديثه لـ #متصدقش، أن "صانع القرار المصري تأخر كثيرًا فيه إدراك ما تسعى إليه الحكومة الإثيوبية".
◾ ويُضيف أن هدف الحكومة الإثيوبية كان واضحًا، وهو كسب الوقت لكي تبدو أمام الرأي العام العالمي إنها تسعى لحل المشكلة، لكن في الحقيقة إنها لم تكن ترغب في الوصول إلى حل.
❓❓ هل يمكن اللجوء لحل عسكري؟
◾ يتوقف قرار اللجوء لذلك الحل، على 3 أشياء هي 1- مشروعيته. 2- فعاليته. 3- تقبل مصر لعواقبه.
1️⃣ الغطاء القانوني للخيار العسكري:
◾ تنص الفقرة من المادة الثانية لميثاق الأمم المتحدة، على "يمتنع أعضاء الهيئة جميعًا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة".
◾ لكن يشير بحث لمنتدى السياسات الدولية إلى المادة 51 في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تنص على "ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء "الأمم المتحدة".
◾ ربطت المادة حق الدفاع في حالة اعتداء قوة مسلحة، لكن دكتور السيد يشير لـ #متصدقش إلى أن جميع الدول تلجأ لتبرير مواقفها في حالة استخدامها للقوة بالدفاع عن أمنها القومي، فالأمر سيتوقف على حالة تقديم مصر مبررات قوية.
◾ يستبعد السيد لجوء مصر لذلك الحل حاليًا، لأن مبرر مصر سيكون ضعيفًا في حالة اللجوء للقوة لدفع خطر محتمل، إذ لم يثبت أن موارد مصر من النيل تأثرت بصورة كبيرة بالفعل حتى الآن.
2️⃣ فعالية الحل العسكري:
◾ يعتقد خبير الموارد المائية، الذي تحدث لـ#متصدقش، أن مصر يجب عليها إجراء استهداف محدود فقط للسد، لأنه لا يمكن تدميره بالكامل بعد اكتمال الملء، لأن السودان خاصًة لن تتحمل عواقب الفيضانات الناتجة عن ذلك. لكن يمكن ضرب التوربينات، أو استهداف السد الركامي لسد النهضة.
◾ أحد التحديات التي تواجه مصر هو ما تردد سابقًا في عام 2019، من أخبار غير مؤكدة في الصحافة الإسرائيلية عن امتلاك إثيوبيا لمنظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية "SPYDER -MR" لحماية سد النهضة.
◾ لكن الباحث العسكري محمد الكناني في تصريحات سابقة لموقع "روسيا اليوم"، أشار إلى أن مقاتلات الرافال التي تمتلكها القوات المسلحة يمكنها إعاقة وخداع تلك المنظومة إن وُجدت.
3️⃣ تحمل مصر لعواقب العمل العسكري:
◾ يشير السيد إلى أن حتى في حالة عدم وجود عقوبة قانونية على مصر، فإن علاقتها بالكثير من الدول الأفريقية قد تتأثر بالسلب، بعد استهدافها لدولة أفريقية عسكريًا.
◾ كما أنه لن يساهم في تحقيق هدف مصر الرئيسي؛ فمصر تُطالب بأن يكون هناك اتفاقية قانونية ومُلزمة لإثيوبيا، ومن الصعب على مصر إقناع إثيوبيا بالعودة مجددًا للمفاوضات في حالة استخدام مصر للقوة ضدها.
❓❓ ماذا لو بقى الوضع كما هو عليه
◾ لا يُشكل الوضع في الوقت الحالي خطورة مائية على إلا في حالة حدوث جفاف طويل، حسبما يقول لـ #متصدقش باحث في شؤون الزراعة والري (فضّل عدم ذِكر اسمه)، مُشيرًا إلى فتح مفيض توشكى منذ أيام لاستيعاب فائض المياه، وهو ما يؤكد وصول منسوب المياه في بحيرة ناصر للحد المخطط له من "الري"، لكنه يُضيف أن نتائج عدم الاتفاق على المدى الطويل لدول المصب، غير مبشرة.
◾ تُقدر احتياجات مصر المائية بـ 114 مليار متر مكعب سنويًا، فيما تُقدر مواردها بـ 60 مليار متر مكعب، يأتي 55.5 مليار متر مكعب منهم من نهر النيل، بنسبة 91.6% من موارد مصر.
◾ ويقترب نصيب الفرد من المياه في مصر من 500 متر مكعب سنويًا، وهو أقل من نصف حد الفقر المائي الذي حددته الأمم المتحدة عند 1000 متر سنويًا، بحسب "الري".
◾ أطلقت مصر الخطة القومية للموارد المائية (2017/2037)، وضمنها استراتيجية إدارة الموارد المائية في 2020، للعمل على تعظيم الموارد المائية، من خلال مشروعات متعددة مثل تبطين الترع، ومحطات تحلية المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وتقليص المساحات المنزرعة من المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه.
◾ رغم تلك المشروعات المتعددة، أتفق الخبير في الموارد المائية مع وزير ري أسبق، تحدثوا لـ متصدقش، أن أثرهم محدود في سد احتياجات مصر، فعلى سبيل المثال محطات تحلية المياه تكلفتها عالية، ولسد الاحتياجات الزراعية ستكون تكلفة شراء المياه من الخارج أرخص، بحسب المسؤول السابق.