دحض الإدعاء

📌 منذ أواخر نوفمبر 2023، تصاعدت هجمات جماعة أنصار الله (الحوثيين) اليمنية على السفن المارة في البحر الأحمر. ورغم تأكيد الجماعة أنها تستهدف السفن المتوجهة إلى إسرائيل فقط ردًا على عدوانها على غزة، إلا أن العديد من شركات الشحن الكبيرة قررت وقف مرور سفنها عبر البحر الأحمر حتى استقرار الأوضاع، ما يهدد بتراجع إيرادات قناة السويس، أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر.

➖ لا توجد حتى الآن بيانات متوفرة عن مدى تأثر قناة السويس بالتوترات الحالية، لكن العودة إلى الماضي القريب، وتحديدًا إلى العام 2008، عندما تصاعدت أعمال القرصنة البحرية في خليج عدن، قبالة سواحل الصومال، يمكن أن يعطينا بعض الإجابات.

❓❓ كيف تأثرت إيرادات القناة خلال أزمة 2008

◾ مع تصاعد أعمال القرصنة قبالة السواحل الصومالية، في مدخل البحر الأحمر، عام 2008، هوّن أحمد فاضل، رئيس هيئة قناة السويس حينها، في تصريحات صحفية، من تأثير ذلك على إيرادات القناة. فيما قال محمود عبد الوهاب، المتحدث الرسمي باسم هيئة القناة، إن حركة الملاحة لم تتأثر بظاهرة القرصنة.

◾ أثبتت الأيام عدم دقة هذه التصريحات، حيث كشفت بيانات البنك المركزي، تراجعًا في إيرادات قناة السويس عن السنة المالية 2008/ 2009، بمعدل 8.4%، لتبلغ 4.7 مليار دولار، بعد أن سجلت 5.2 مليار دولار في العام المالي السابق.

◾ وفي عام 2009/ 2010، واصلت إيرادات قناة السويس تراجعها بمعدل 4.3 % لتسجل 4.5 مليار دولار.

◾ وأرجع البنك المركزي السبب في انخفاض إيرادات القناة إلى: تراجع عدد السفن العابرة، والحمولة الصافية بفعل تباطؤ حركة التجارة الدولية، إثر تداعيات الأزمة العالمية، ومخاطر القرصنة البحرية عند سواحل الصومال.

◾ وتكشف بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، عن تراجع عدد السفن المارة في القناة في العام المالي 2008/ 2009 بمقدار 1726 سفينة، لتسجل 19 ألف و354 سفينة مقارنة بـ 21 ألف و80 سفينة عن العام المالي السابق. وانعكس ذلك على الحمولة الصافية للسفن التي انخفضت بمقدار 80 مليون طن.

◾ عادت إيرادات القناة للارتفاع في العام 2010/ 2011، مسجلة 5.1 مليار دولار، بعدما أثمرت جهود القوة البحرية الدولية في مواجهة تهديدات القراصنة، والتي تلاشى خطرهم تقريبًا عام 2012.

❓❓ كيف تأثرت الملاحة في قناة السويس بسبب "الحوثيين"

1️⃣ انسحاب شركات شحن

◾ أدى استهداف جماعة الحوثيين لبعض السفن المارة في البحر الأحمر إلى اتخاذ عدد من شركات الشحن العالمية قرارات بتعليق المرور عبر البحر الأحمر، بينها شركات بارزة مثل ميرسك وCMA CGM وMSC وإيفرجرين وغيرهم، وهي شركات تسيطر على حوالي نصف سوق شحن الحاويات العالمية، بحسب تصريحات المحلل المالي ألبرت جان سوارت، لرويترز.

2️⃣ انسحاب شركات بترول

◾ قررت 4 شركات نفط على الأقل تجنب المرور عبر البحر الأحمر خلال الفترة المقبلة لحين استقرار الأوضاع، وهي: شركة النفط البريطانية "بي بي"، وشركة النفط النرويجية إيكونور، وشركة ناقلات النفط البلجيكية يوروناف، وشركة فرونتلاين النرويجية.

◾ منذ 19 نوفمبر 2023، مع بدء استهداف الحوثيين لبعض السفن في مدخل البحر الأحمر وحتى 17 ديسمبر 2023 حولت 55 سفينة مسارها عن طريق قناة السويس إلى طريق رأس الرجاء الصالح، فيما عبرت 2128 سفينة من القناة، بحسب الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس.

◾ ويعتبر "ربيع"، أن تأثير العمليات الحوثية في مدخل البحر الأحمر على قناة السويس محدود حتى الآن، إذ لم تحول سوى 2.5% فقط من السفن مسارها خلال الفترة الماضية. لكن آثار قرارات شركات الشحن والنفط العالمية بتغيير مسارات سفنها لم تظهر بشكل واضح بعد.

◾ تأتي الأزمة في وقت تشهد فيه قناة السويس انتعاشة قوية في إيراداتها، حيث سجلت إيرادًا قياسيًا بلغ 8.8 مليار دولار تقريبًا في العام المالي 2022/ 2023، بحسب بيانات البنك المركزي. وتأتي كذلك في وقت تحتاج فيه مصر بشدة إلى النقد الأجنبي لمواجهة الأزمة الاقتصادية الصعبة.

◾ ويرى الفريق مهاب مميش، مستشار رئيس الجمهورية للموانئ ورئيس هيئة قناة السويس السابق، أن التوترات في البحر الأحمر ستؤثر على إيرادات القناة، في ظل أزمة النقد الأجنبي التي تعاني منها مصر، مضيفًا: "أي مركب بتعدي على القناة بتدخل دولار لخزانة الدولة، احنا محتاجينه. نحتاج زيادة إيرادات قناة السويس عشان احتياجات الدولة من العملة الصعبة".

◾ ويعتقد "مميش"، أن الاقتصاد المصري يحتاج إلى كل سفينة تمر عبر قناة السويس، حتى لو حولت 55 سفينة فقط مسارها، لأنه لو تنازلت مصر عن مرور 55 سفينة، فمن الممكن أن تتنازل أيضًا عن عدد مثل هذا، وبذلك يزيد معدل السفن التي تحول مسارها عن القناة، ما يضر بالاقتصاد القومي.

◾ واقترح "مميش"، تشكيل قوة بحرية مصرية مسلحة، ترافق السفن القادمة إلى مصر من عند باب المندب، لتأمين السفن من الهجمات الحوثية، وحتى عبورها إلى القناة.

⭕ الخلاصة:

◾ تأثرت قناة السويس بشكل محدود، حتى الآن، بالهجمات الحوثية ضد بعض السفن المارة في البحر الأحمر، لكن آثار قرارات شركات الشحن والنفط العالمية بتجنب العبور من قناة السويس، سوف تظهر على الإيرادات الشهرية والسنوية للهيئة، كما ظهرت في التقرير السنوي للبنك المركزي عام 2008/ 2009.

◾ هناك العديد من العوامل تتحكم في حجم الضرر الذي ستتعرض له إيرادات القناة، أهمها طول الفترة التي سيستمر فيها العدوان الإسرائيلي على غزة والعمليات الحوثية في مدخل البحر الأحمر، ومدى قدرة التحالف العسكري البحري الذي شكلته الولايات المتحدة مع حلفائها لتأمين مدخل البحر الأحمر في تأمين طرق الملاحة من وإلى قناة السويس.