مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

من البحر الأحمر إلى قنا لماذا عادت "حمى الضنك" إلى القصير؟.. وكيف انتقلت إلى نجع سندل؟ أزمة خزانات المياه من 2017 ولم تحل والصرف الصحي يعزز انتشار المرض

من البحر الأحمر إلى قنا
لماذا عادت "حمى الضنك" إلى القصير؟.. وكيف انتقلت إلى نجع سندل؟
أزمة خزانات المياه من 2017 ولم تحل والصرف الصحي يعزز انتشار المرض
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr

الإدعاء

فرضت منظمة مراقبة الصحة العامة في روسيا، الحجر الصحي على الرحلات القادمة من مصر، بعد انتشار أخبار عن ظهور مرض "غامض" في نجع سندل التابع لقرية العليقات في محافظة قنا، ومدينة القصير التابعة لمحافظة البحر الأحمر، وهي تتوسط مدينتي "مرسى علم" والغردقة" السياحيتين. = وذلك قبل أن تعلن وزارة الصحة، منذ ساعات فقط، أن المرض "الغامض" هو "حمى الضنك"، والتي سبق وظهر في مدينة القصير عام 2017، لذلك يحاول صحيح مصر في هذا التقرير الوصول إلى أسباب عودة المرض للتفشي في القصير مرة أخرى بعد خمس سنوات وكيفية انتقاله إلى نجع سندل. تواصل صحيح مصر مع عدد من أهالي المنطقتين، من بينهم شخص أصابه المرض، وآخر أصيب 50 شخصًا من عائلته وأسرته بينهم ابنه، كما تواصلت مع أحد مسؤولي وزارة الصحة والطب الوقائي هناك، ومسؤولين آخرين في الحكم المحلي. وهو ما أظهر أن تقصيرًا حكوميًا في علاج مشكلات الصرف الصحي ومياه الشرب في مدينة القصير ونجع سندل تسبب في انتشار البعوض الناقل للمرض، بجانب غياب الشفافية وتأخر التعاطي مع دعم القطاع الصحي لعلاج المصابين ساعد في تفشي المرض خلال الشهر الماضي.

دحض الإدعاء

** "حمى الضنك" هي عدوى فيروسية، تنتقل إلى البشر عند تعرضهم للسعات بعوضة غير متوطنة في مصر تسمى "ايديس ايجيبتي"، وتظهر عادة في المناطق التي تكثر فيها المياه الراكدة والمستنقعات. = وتتمثل أعراض حمى الضنك في صورة حمى شديدة، وصداع، وألم خلف محجر العين، وآلام العضلات والمفاصل، والغثيان، والتقيؤ، وتورم الغدد، وطفح جلدي، وعلى الرغم من أن الكثير من حالات العدوى عديمة الأعراض أو لا تسبّب إلا اعتلالات خفيفة، فإن فيروس حمى الضنك يمكن أن يسبّب أحيانًا الوفاة، بحسب منظمة الصحة العالمية. ** لماذا تفشي المرض في القصير 2017؟ ولماذا عاد؟ = لم يكن ظهور "حمى الضنك" في مدينة القصير التابعة للبحر الأحمر، هو الأول، سبق وتفشى المرض في عام 2017، وبلغت الحالات المعلنة رسميًا وقتها 224 حالة مصابة. = وبعد توقف انتشار المرض، أعلنت وزارة الصحة أن أسباب انتشار تلك البعوضة المسببة للمرض، هو وجود بعض برك المياه بجانب خزانات المياه القديمة المستقرة فوق المنازل بسبب ضعف المياه القادمة عبر الخطوط الأرضية. = ويقول محمود وصفي، وهو اسم مستعار، لأحد سكان مدينة القصير، إن المرض عاد للظهور بين سكان مدينة القصير من جديد في يونيو 2023، قبل أن يظهر في محافظة قنا، وتفشى بسرعة بين الأهالي: "مفيش بيت في القصير مفهوش حالة أو اتنين". = وهو ما يدعمه مسؤول في قطاع الطب الوقائي التابع لوزارة الصحة، والذي يؤكد أن المرض ظهر في البداية في القصير قبل أن ينتقل إلى نجع سندل وقرية العليقات في قنا. = ولكن أهالي المدينة -بحسب وصفي- كان لديهم خبرة في التعامل مع المرض من التجربة الأولى لتفشي المرض عام 2017، ولم يصب الأهالي بنفس الهلع الذي أصابهم في المرة الأولى، والكثير من الحالات تُعالج في المنزل. = يصف "وصفي" المشهد في المدينة بأنه مشابه إلى حد بعيد لما حدث في 2017، إذ وقتها ارتفعت درجات الحرارة بصورة غير مسبوقة في المدينة الساحلية، وتبعها انتشار المرض، وتقريبا في نفس الوقت ما بين شهر يونيو ويوليو، وتتنوع الحالات ما بين بسيطة وخطيرة تستحق النقل إلى المستشفى. = وتابع وصفي، قائلًا إن الأسباب التي أدت إلى انتشار البعوضة المسببة للمرض في القصير عام 2017 لم تحل إلى الآن، مازالت خطوط المياه ضعيفة ولا تكفي السكان، ومازالت الأهالي تعتمد على تخزين المياه فوق المنازل. = ورغم الوعود المتكررة من المسؤولين لحل أزمة المياه، والإعلان عن تدشين محطة سفاجا لتحلية مياه البحر، ولكن الأهالي -بحسب حديث وصفي- لا يروق لهم استعمال مياه البحر في الشرب بسبب اختلاف الطعم عن المياه المعتادة القادمة من النيل، ويستخدموها فقط في الاستحمام والنظافة، وما زال الاعتماد الرئيسي على ما تخزن من مياه فوق الأسطح. = ويدعم حديث وصفي، مسؤول في الطب الوقائي، يقول لصحيح مصر، إن المرض غالبا انتشر في القصير بسبب تراكم البعوض على خزانات المياه المستقرة فوق المنازل والقرى السياحية، وإنه خلال أربعة أيام ستظهر نتيجة التحاليل للتأكد من تلك الفرضية. ** كيف انتقل المرض من القصير إلى نجع سندل؟ = يربط ما بين القصير على البحر الأحمر ومحافظة قنا، طريق يسمى "قفط - القصير" على مسافة نحو 150 كيلومترًا، وهو ما ساهم في انتقال الكثير من أهالي مدينة قنا للعيش في مدينة القصير، أو العمل في الفنادق السياحية المتاخمة لها على طريق "القصير - مرسى علم"، وتعد قرية العليقات التابع لها نجع سندل من القرى القريبة من نهاية ذلك الطريق. = ويقول مسؤول في الطب الوقائي، في المركز الرئيسي في القاهرة، إن أول ظهور للحالات المصابة في قنا، كانت من العاملين في القرى السياحية في القصير، ونُقلوا للعلاج في مستشفى حميات قنا، وربما هذا ما نقل المرض إلى هناك. = أيضا الكثير من الحالات التي ظهرت عليها أعراض المرض في البداية في نجع سندل- بحسب المسؤول- هم من العاملين في الفنادق السياحية المتاخمة لمدينة القصير، وعادوا إلى النجع لقضاء إجازة قصيرة. ** ما التشابه بين القصير ونجع سندل؟ = يجمع ما بين القصير ونجع سندل أن كلاهما يعاني من مشكلة المياه الراكدة، إذ يقول أحمد حليم، اسم مستعار، لأحد أهالي نجع سندل، إن القرية تعاني من أزمة نقص مياه الشرب النظيفة، بسبب ضعف الخطوط الموصلة للمياه، مما دفع الكثير من الأهالي لوضع خزانات فوق أسطح البيوت واستخدام الجراكن في تخزين المياه. = ويقول حليم، إن منازل القرية تعاني من غياب المياه طوال ساعات اليوم، إلا بضعة ساعات قليلة في الليل، مما يضطر أهالي القرية إلى الاعتماد على تخزين المياه في أواني ضخمة للشرب والاستعمال المنزلي، وخزانات فوق أسطح المنازل. = وليست مياه الشرب المشكلة الوحيد، ولكن أيضًا النجع يعاني من أزمة عدم وجود صرف صحي. ويقول محمد ناجي، اسم مستعار، إن الأهالي يحفرون خزانات للصرف الصحي داخل المنازل، تسمى "طرنشات"، وعند امتلائها بالمياه تفرغ في سيارات ضخمة، وتنقلها إلى إحدى المناطق الجبلية المتاخمة للنجع، حيث لا يبعد موقع تلك البركة من الصرف الصحي عن النجع سوى كيلومتر واحد فقط، وهو أحد أهم أسباب انتشار البعوض هناك. = ورغم أن القرية مدرجة ضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" لتطوير القرى الأكثر فقرًا، إلا أن مشروع الصرف الصحي لنجع سندل توقف دون سبب واضح ولم يكتمل، وتُظهر صور من داخل القرية -حصل عليها صحيح مصر- آبارًا للصرف الصحي تغطيها القمامة، وأخرى تتراكم داخلها المياه الراكدة. = ويقول مسؤول في وزارة الصحة تحدث إلى صحيح مصر، إنه لا يمكن القضاء على البعوض الناقل للمرض نهائيًا إلا بتجفيف مستنقعاته، لذا فإن عمليات الرش لقتل البعوض لن تجدي كثيرًا طالما ظلت هناك برك ملوثة ومياه راكدة حاضنة ليرقات البعوض، وطالما لم تراعَ النظافة العامة بالقرية، وحل مشكلاتها المتعلقة بالمياه. ** وماذا عن القطاع الصحي في "القصير" و"نجع سندل"؟ ** يرجع الكثير من الأهالي تفشي المرض بهذه الصورة لغياب الشفافية وعدم الإفصاح عن وجود المرض من البداية ومواجهته، ويقول "وصفي" إن ذلك سبب مباشر في زيادة أعداد المرضى في القصير وسفاجا وانتقاله لنجع سندل، حيث أن انتشار المرض بدأ في يونيو الماضي ولم تتحرك أجهزة الدولة سوى في يوليو، بعد شهر من تفشي المرض. = ويقول وصفي إنه رغم ظهور المرض منذ شهر تقريبًا في القصير، لم يتعاطَ أحد من المسؤولين معه إلا بعد وصوله إلى قنا، في ظل عدم وجود سوى مستشفى حكومي واحدة في المدينة، ومستشفى آخر استثماري لا يقدر على أسعاره أهالي المدينة الفقراء. وبحسب ناجي وحليم من أهالي نجع سندل، فإن الوحدة الصحية القريبة من النجع يعمل بها طبيب واحد فقط، يبدأ عمله في الثامنة صباحًا وينهيه في الـ12 ظهرًا، وهو ما لم يسعفهم لمجابهة انتشار المرض. = ويقول محمود خليل -اسم مستعار- لأحد أهالي نجع سندل، إن المسؤولين التفتوا إلى قريتهم بعد المكالمة الهاتفية التي أجراها عمدة قرية العليقات مع الإعلامي مصطفى بكري على قناة صدى البلد، وتوجيه مناشدة عاجلة إلى وزارة الصحة للتدخل والحد من انتشار المرض. = ويقول ناجي إنه بعد تلك المكالمة، بدأت سيارات إسعاف تابعة لوزارة الصحة تطوف النجع، حيث وصل إلى منزله 11 مندوبًا عن وزارة الصحة لمتابعة حالة أسرته الصحية، حيث أصيب 50 شخصًا منهم، والاطمئنان على اتباع الأسرة لإجراءات النظافة، وبخاصة فيما يخص تخزين المياه. = كما ينقل #صحيح_مصر عن مسئول بوزارة الصحة، رفض الكشف عن هويته لأسباب وظيفية، إن الوزارة أوفدت 3 قوافل طبية إلى نجع سندل، على رأس كل قافلة طبيب nan