مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

هل التزمت الحكومة بالنسبة الدستورية في الإنفاق على التعليم والصحة؟

هل التزمت الحكومة بالنسبة الدستورية في الإنفاق على التعليم والصحة؟
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr

الإدعاء

نشر مجلس الوزراء أول أمس، بيانًا، يدعي فيه تصحيح شائعة نشرتها بعض المواقع الإلكترونية، عن عدم التزام الحكومة بالاستحقاقات الدستورية للإنفاق على التعليم والصحة، في الموازنة الجديدة 2023/ 2024، وادعى البيان التزام الحكومة المصرية باستيفاء الاستحقاقات الدستورية المقررة لتلك القطاعات في الموازنة العامة.

دحض الإدعاء

والحقيقة أن هذا الادعاء مُضلل، وتردده الحكومة على مدار السبع سنوات الماضية، إذ لم تلتزم الحكومة، منذ إقرار دستور 2014، بالنسب الدستورية في الإنفاق على التعليم والصحة، والمحددة بـ 4% من الناتج المحلي للإنفاق على التعليم، و3% للإنفاق على الصحة. ✅ وأكد ذلك رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي والذي أقر في تصريح رسمي خلال مؤتمر الشباب الأخير، في 14 يونيو الماضي 2023، على عدم الالتزام بالنسبة الدستورية للإنفاق على التعليم والصحة، وعلل ذلك بقدرات الدولة الضعيفة. (1) 📌 وقال السيسي: "الدولة دي عشان تصرف كويس عايزة 2 تريليون دولار في السنة، معاك المبلغ ده؟ هتعمل استحقاق دستوري إزاي للتعليم؟ مش بتقولوا كده؟ أنتم عاوزني أضحك عليكم كلكم؟ تقول لي استحقاق دستوري للصحة؟ هو أنا معايا فلوس للكلام ده.. الأرقام المطلوبة مش موجودة يا جماعة، ولازم إحنا كلنا نبقى موجودين على أرض الواقع". ✅ وبلغت مخصصات التعليم في الموازنة العامة الجديدة 2023/ 2024 نحو 229 مليار و891 مليون جنيه، وهو ما يمثل حوالي 2.3% من الناتج المحلي البالغ 9.8 تريليون جنيه، وبالتالي لم تصل إلى النسبة المقررة دستوريًا بـ4%. (2) 📌 كما بلغت مخصصات الصحة في الموازنة العامة الجديدة 2023/ 2024 نحو 147 مليار و864 مليون جنيه، وهو ما يمثل حوالي 1.5% من الناتج المحلي البالغ 9.8 تريليون جنيه، وبالتالي لم تصل هي أيضًا إلى النسبة الدستورية المحدد بـ3%. ❓ كيف تخدع الحكومة المواطنين بادعاء استيفاء النسب الدستورية؟ ◾ ينص دستور 2012 والمعدل في العام 2014 في المادة 18: "تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية"، وفي المادة 19: "تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيًا أيضًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية". (3) ◾ ونصت المادة 238 من الدستور على أن "تضمن الدولة تنفيذ التزامها بتخصيص الحد الأدنى لمعدلات الإنفاق الحكومي على التعليم المقررة في الدستور تدريجيًّا اعتبارًا من تاريخ العمل به، على أن تلتزم به كاملًا في موازنة الدولة للسنة المالية 2016/ 2017". ⬛ ولكن الدولة منذ العام 2016/ 2017 وحتى الموازنة الجديدة 2023/ 2024، لم تلتزم بتلك النسب، وكانت نسب الإنفاق على التعليم على سبيل المثال: - عام 2017/ 2018 كانت نسبة الإنفاق على التعليم 2.5% - عام 2018/ 2019 كانت نسبة الإنفاق على التعليم 2.2% - عام 2019/ 2020 كانت نسبة الإنفاق على التعليم 2.1% - عام 2021/ 2022 كانت نسبة الإنفاق على التعليم 2.7% - عام 2022/ 2023 كانت نسبة الإنفاق على التعليم 1.6% - عام 2023/ 2024 كانت نسبة الإنفاق على التعليم 2.3% ◾ تضع الحكومة في البيان المالي المقدم لمجلس النواب لإقرار الموازنة أرقامًا للتعليم والصحة تتعدى النسب المقررة دستوريًا، ولكن في البيان التحليلي للموازنة، تظهر أرقام مغايرة أقل في مخصصات وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة لا تتفق مع مواد الدستور، وهي الأرقام الحقيقية للإنفاق الفعلي على كلا الوزارتين. ◾ على سبيل المثال، في العام الماضي 2022/ 2023، جاء في البيان المالي للموازنة -المقدم لمجلس النواب- أن الحكومة خصصت مبلغ 317 مليار جنيه للإنفاق على التعليم ما قبل الجامعي، وهو الرقم الذي يمثل 4.01% من الناتج المحلي للعام السابق البالغ 7.9 تريليون جنيهًا. (4) ⬛ ولكن على النقيض، جاء البيان التحليلي لنفس الموازنة، بأن الميزانية المخصصة للتعليم فقط 131 مليار جنيه، وهذا الرقم لا يمثل سوى 1.6% فقط من إجمالي الناتج المحلي. ❓ أين يذهب الفارق بين الرقمين؟ ⬛ كشفت وزارة التخطيط في تقريرها السنوي للموارد البشرية لعام 2021، أن الحكومة تضيف قسما إلى مصروفات التعليم والصحة في البيان المالي، تسميه بـ"مخصصات البنود ذات الصلة"، وتسدد من خلالها جزءًا من بند خدمة الدين "فؤاد القروض" والنفقات على البنية التحتية وخدمات توصيل الإنارة والتليفونات والصرف الصحي. (5) ◾ أي أن الدولة تضيف جزء من التزاماتها لسداد القروض إلى ميزانية التعليم والصحة لتكمل النسبة الدستورية "صوريًا" أمام مجلس النواب، فيما يكون الإنفاق الفعلي على التعليم والصحة هو المدرج في ميزانية الوزارتين، والذي لا يصل بأي شكل من الأشكال للنسب المقررة في الدستور. ⬛ في تصريح لموقع مدى مصر، يقول سعيد صديق، المشرف على قطاع الموازنة بوزارة التربية والتعليم "مكانش في اهتمام من القيادة السياسية بموضوع التعليم أوي، ومش هقدر أفسر أكتر من كده". (6) ❓ كيف تورط مجلس النواب في خداع المواطنين؟ ◾ في العام 2016/ 2017، وهو العام الأول الذي أقره الدستور لتنفيذ النسب الدستورية، وافقت لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان؛ على إضافة تلك "البنود ذات الصلة" على موازنة التعليم والصحة في البيان المالي، وتتمثل في نسبة من بند خدمة الدين وفوائد القروض، وجزء من البنية التحتية مثل خدمات توصيل الإنارة والتليفونات والصرف الصحي للمدارس، ونقل ميزانية المعاهد الأزهرية من باب الشؤون الدينية إلى باب التعليم، وذلك حتى تكتمل نسبة الإنفاق إلى 4% والصحة إلى 3%. (6) ◾ بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية فإنه بإمكان الحكومة الالتزام بالنسب الدستورية للصحة والتعليم في حال أحسنت إدارة الموارد وترتيب أولويات الإنفاق. (7) ◾ على سبيل المثال، تلك الفجوة بين الإنفاق الفعلي على التعليم قبل الجامعي والإنفاق الصوري، تقترب قيمتها من قيمة مخصصات بناء مباني وزارات وأجهزة إدارية بالدولة، في موازنة العام 2023-2024، بحسب ما أوردته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في تقريرها. nan