العلاقة بين سعر الفائدة وقيمة العملة المحلية "طردية" وليست "عكسية"، أيّ تعد معدلات الفائدة واحدة من محددات قيمة العملة المحلية، وتلجأ البنوك المركزية إلى رفع الفائدة للحفاظ على قيمة عملتها، وليس خفضها.
إمبارح، قرر البنك المركزي زيادة الفائدة بنسبة 2 %، ووسط انتشار الكثير من المخاوف من زيادة سعر صرف الدولار وانخفاض قيمة الجنيه، وخاصة أن آخر ارتفاع لسعر صرف الدولار في مارس الماضي، جاءت بعد رفع "المركزي" لسعر الفائدة بنسبة 1 %. = ما هي العلاقة بين رفع الفائدة وسعر صرف الدولار؟ وهل هناك حتمية لانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار بعد رفع معدلات الفائدة؟ = تحدث صحيح مصر لعدد من الخبراء الاقتصاديين والمتخصصين في رصد حركة العملات بالسوق، وعدد من أعضاء الشعب التجارية للسلع والمنتجات، للرد على تلك الأسئلة. ** خلينا في البداية نوضح إن ليس بالضرورة وليس حتميًا زيادة سعر الدولار أمام الجنيه، بعد القرار الأخير للبنك المركزي بزيادة الفائدة، بل على النقيض من الممكن أن تؤدي معدلات الفائدة المرتفعة إلى الحفاظ على قيمة الجنيه أو زيادتها، ولكن هذا يرتبط بعدة عوامل، وهنشرح ده من خلال الإجابة على الأسئلة التالية:
** ما العلاقة بين قيمة الجنيه وسعر الفائدة؟ = العلاقة بين سعر الفائدة وقيمة العملة المحلية "طردية" وليست "عكسية"، أيّ تعد معدلات الفائدة واحدة من محددات قيمة العملة المحلية، وتلجأ البنوك المركزية إلى رفع الفائدة للحفاظ على قيمة عملتها، وليس خفضها. = عبر زيادة سعر الفائدة، يزيد الطلب على الاستثمار في العملة المحلية، أكثر من العملات الأخرى، وبالتالي زيادة الفائدة يزيد من قيمة الجنيه في مقابل الدولار وليس العكس -من المفترض- أن ينتظر المصريون زيادة قيمة الجنيه وليس انخفاضها. = وذكر محللون لصحيح مصر أن هدف البنك المركزي من زيادة أسعار الفائدة الحالية تقليل المضاربة على الدولار أو ما يسمى "الدولرة" وهي لجوء المواطنين لشراء الدولار بدلاً من الجنيه، للحفاظ على مدخراتها أو تحقيق مكاسب من الزيادة المتوقعة. = كمان، يهدف قرار سعر الفائدة إلى تحفيز المستثمرون الأجانب للعودة لشراء الأذون والسندات، اللي بتصدرها الحكومة المصرية بالعملة المحلية "الجنيه المصري". = وخاصة أن مع زيادة أسعار الفائدة، ده هيكون عامل جذب أمام مستثمري الأموال الساخنة، اللي هدفهم زيادة أرباحهم من خلال الاستثمار في أدوات دين الأسواق الناشئة، اللي دايما بتقدم أسعار فائدة مرتفعة. = وهي خطوة على أمل استعادة الأموال الساخنة، اللي هربت من السوق المصري منذ بداية العام الجاري، وتقدر بحوالي 20 مليار دولار، بحسب رئيس الوزراء مصطفى مدبولي. = إضافة لذلك، يحاول البنك المركزي القضاء على أي محاولة لخلق سوق سوداء للدولار من جانب بعض المضاربين. * طب ليه انخفض الجنيه في مقابل الدولار بعد رفض سعر الفائدة في مارس الماضي؟ = الفائدة ليست المحدد الوحيد لقيمة العملة، وليس رفع الفائدة في مارس هو ما تسبب في انهيار الجنيه مقابل الدولار بنسبة تعدت 14 % من قيمته، إذ تخطى سعره 18.50 جنيه في مقابل الدولار الواحد وقتها، بعدما ظل لشهور طويلة لا يتعدى 16 جنيه. = ولكن في حينها، كان سعر الجنيه المصري مقومًا بأكثر من قيمته الفعلية بنسبة 21%، وده حسبما ذكر تقرير لبنك الاستثمار "رينيسانس كابيتال"، وعدد من المؤسسات الاقتصادية الأخرى. = وفي مارس 2022، أكد على ذلك محللون في بنك "جي بي مورجان"، ولكن بنسبة أخرى، إذ قدروا أن الجنيه مقوم بأكثر من قيمته الحقيقية بنسبة 15 %. = وبالتالي انخفاض قيمة الجنيه وزيادة سعر صرف الدولار في مارس الماضي كانت حتمية، وليست مرتبطة بزيادة سعر الفائدة، وخاصة أن سعر الجنيه ظل لفترة طويلة تتحكم فيه الحكومة وليس متروكًا للسوق الحر "معومًا". = واللي بيأكد ده، ما ذكرته شركة "لايت هاوس" لأبحاث السوق في 20 مارس 2019، إذ قالت في مذكرة رسمية: "الجنيه المصري مازال خاضعا لإدارة محكمة ولا يعمل وفقا لنظام سعر صرف حر". = وفي 11 مارس 2021، غرد كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي، روبن بروكس، على تويتر، إن "تحديد سعر صرف الجنيه المصري عاد إلى مكان عليه قبل 2016" أي قبل تحرير سعر صرف الجنيه وتعويمه، وأكد أن ربط الجنيه بما وصفه "بحكم الأمر الواقع" يضر. = ومع هروب الأموال الساخنة، انخفض صافي الأموال الأجنبية، زاد الضغط على الجنيه المصري، وأصبح الحكومة لا تستطيع الاستمرار التحكم في سعره ودعم قيمته، وحاولت من خلال رفع سعر الفائدة وخفض قيمة الجنيه جذب استثمارات جديدة وخفض التضخم. ++ وبالتالي لم تكن زيادة سعر الفائدة في مارس الماضي هي السبب في زيادة سعر صرف الدولار أمام الجنيه، وليس من الضروري تكرار نفس الأمر بعد القرار الأخير للبنك المركزي بزيادة سعر الفائدة 2 %. ** ما هي مخاطر رفع سعر الفائدة؟ = توقع عدد من أعضاء شعب المستوردين وشعب السلع الغذائية في الغرف التجارية، احتمالية وجود تأثير على أسعار السلع والمنتجات، سواء المستوردة أو المصنعة محليًا، ولكن هذا يرتبط بعدة عوامل، أهمها مستقبل سعر الدولار، ومعدل القوة الشرائية ومستويات التضخم. = وأرجع المستوردون سبب ذلك إلى ارتفاع قيمة الاقتراض على المستورد أو صاحب المصنع بعد زيادة سعر الفايدة، وبالتالي هيرفع سعر السلعة للحفاظ على أرباحه أو تجنب تحمله أي خسارة. = وفي نفس الوقت، رفع سعر السلع والمنتجات وزيادة التضخم، هيكون له عواقب سلبية زي الركود وانخفاض القوة الشرائية. = وكمان من الممكن أن يكون لها آثار سلبية على الاستثمار، ولكن ده هيتوقف على موقف البنك المركزي من نسب الفائدة اللي أقرها للقطاع الصناعي، واللي تتراوح بين 5 إلى 8 %، فإذا طالتها الزيادات، بالتأكيد هتأثر على الاستثمار في القطاع الصناعي. ** أمتى هتظهر آثار رفع سعر الفائدة سواء إيجابية أو سلبية؟ = مفيش توقيت محدد لظهور آثار زيادة سعر الفائدة على سعر صرف الدولار أو حتى على أسعار السلع والمنتجات، وده لأنه سعر صرف الدولار مرتبط بعوامل كثيرة. ** إيه هي العوامل المؤثرة على سعر صرف الدولار مقابل الجنيه؟ = أبرز العوامل دي: حجم الاستيراد وتكلفته. = المصادر الدولارية للاقتصاد المصري، وعلى رأسها إيرادات قناة السويس، وإيرادات السياحة، الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حجم الصادرات. = كمان حجم نتائج زيادة سعر الفائدة، وما يجنيه البنك المركزي من استثمارات أجنبية في الجنيه.