مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

كيف تسللت مواد قانون الطوارئ "الاستثنائي" إلى قوانين دائمة؟

كيف تسللت مواد قانون الطوارئ "الاستثنائي" إلى قوانين دائمة؟
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr

أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي إنهاء حالة الطوارئ، لكن الحقيقة أن مواد قانون الطوارء الاستثنائي المثير للجدل، تسللت إلى قوانين أخرى دائمة.


الإدعاء

أول إمبارح، أعلن الرئيس السيسي، عن إلغاء مد حالة الطوارئ، بعد مرور أربعة سنوات ونصف على تطبيقها. ولكن عقب إصدار القرار الأخير، نشر رئيس مركز استقلال القضاء والمحاماة، ناصر أمين، تدوينة كتب فيها أن "كل الإجراءات الاستثنائية التي ينص عليها قانون الطوارئ، نُقلت إلى عدة قوانين أخرى دائمة وسارية، ولا يتطلب تطبيقها إعلان حالة الطوارئ". فما صحة ذلك؟


دحض الإدعاء

** بحث صحيح مصر في مواد القوانين الواردة في تدوينة ناصر أمين، ورصد البنود المتشابهة مع قانون الطوارئ، واللي بتحد من حرية الأفراد والتجمعات، وبتضع قيود على العمل السياسي.. فكيف تسللت بنود قانون الطوارئ الاستثنائي إلى قوانين دائمة؟ ** أولاً: قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015: = دخلت فيه بعض النصوص اللي أعطت الحق لرئيس الجمهورية في إعلان حالة الطوارئ والاعتقال بدون جريمة، وتخصيص دوائر للإرهاب دون درجات التقاضي العادية المنصوص عليها في القانون، وهذه المواد هي. * اعتقال في غير حالة التلبس: = المادة 40 من القانون أعطت الحق للأجهزة الأمنية اعتقال أو إلقاء القبض على الأشخاص في غير حالة التلبس ودون صدور أمر قضائي من قبل مأموري الضبط، تحت مسمى "التحفظ"، ويعطي القانون مأمور الضبط الحق في سماع أقوال المتحفظ عليه وعرض المتحفظ عليه بصحبة المحضر على النيابة العامة، كذلك إيداع المتحفظ عليه في الأماكن المخصصة قانونيًّا، وهو ما يعني أن التحفظ في هذا القانون هو مرادف لعملية القبض، بالإضافة إلى حق النيابة العامة في مد فترة التحفظ لمدة لا تتجاوز سبعة أيام، واستصدار أمر من النيابة بتفتيش مسكن المتحفظ عليه. * وهي مادة مشابهة للمادة (1) من قانون الطوارئ واللي بتنص على: "القبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية". = المادة 50 "دوائر قضائية للإرهاب": = خصص القانون في المادة 50 دوائر من محاكم الجنايات لنظر الجنايات من الجرائم الإرهابية، وتُخصص دوائر في المحاكم الابتدائية لنظر الجنح في الجرائم الإرهابية والمرتبطة بها. = كما تُخصص دوائر في المحاكم الابتدائية لنظر الطعون بالاستئناف في الأحكام الصادرة في هذه الجرائم. * وهي مادة تتطابق مع المادة السابعة من قانون الطوارئ واللي بتنص على: "تفصل محاكم أمن الدولة الجزئية (البدائية) والعليا في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه." = المادة 53 من قانون مكافحة الإرهاب: = لرئيس الجمهورية متى قام خطر من أخطار الجرائم الإرهابية أو ترتب عليها كوارث بيئية أن يصدر قرارًا باتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام بما في ذلك إخلاء بعض المناطق أو عزلها أو حظر التجول فيها، على أن يتضمن القرار المنطقة المطبق عليها لمدة لاتجاوز 6 أشهر، ويجوز لرئيس الجمهورية مد مدة التدبير المشار إليه. * وهي مادة تتشابه مع المادة السادسة من قانون الطوارئ واللي بتنص على: "لرئيس الجمهوري إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة. ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية توسيع دائرة الحقوق المبينة في الفقرة السابقة، على أن يعرض هذا القرار على مجلس الشعب في المواعيد وطبقاً للأحكام المنصوص عليها في المادة السابقة. ويشترط في الحالات العاجلة التي تتخذ فيها التدابير المشار إليها في هذه المادة بمقتضى أوامر شفوية أن تعزز كتابةً خلال ثمانية أيام". = علق محمد زارع مدير مكتب مصر لمركز القاهرة على بعض مواد القانون رقم 94، بأنه يمثل تهديد وإرهاب للمجموعات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ولوسائل الإعلام أكثر مما يمثله من تهديد لجماعات التطرف العنيف، وهو يعزز من إغلاق المجال العام في مصر، الأمر الذي لن يفيد سوى تلك الجماعات المتطرفة من النمو والتمدد. ما يزيد الأمر سوءًا هو الغياب التام للرقابة الفعالة على القائمين على تنفيذ القانون في ظل الانهيار التام لمنظومة العدالة. في واقع الحال فإن منظومة العدالة ليست مكبلة بالقوانين، بل هي مكبلة بالتدخلات الأمنية والخطاب السائد بخصوص مكافحة الإرهاب". ** ثانيًا: قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015 والمعدل بالقانون 14 لسنة 2020. = وفقًا لورقة بحثية صادرة عن مركز حرية الفكر والتعبير في 2020، بعنوان الحكم قبل الإدانة، قراءة في تطبيق قانون الكيانات الإرهابية. = القانون حدد عددًا من المصطلحات الفضفاضة عند تعريفه للكيانات الإرهابية أو الأشخاص الإرهابين، بشكل أهدر الضمانات الدستورية المعنية بحماية الحقوق والحريات، وده تسبب في الحد من حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات والأحزاب السياسية وحرية الفكر والتعبير. = القانون لم يضع تعريف للإرهاب وده يفسح مكان للتأويل ويسمح للتقديرات من جانب القضاة والأجهزة الأمنية. = أهمل القانون تحديد الشكل القانوني الذي يتخذه الكيان الإرهابي، حيث عرفه في البداية بأنه الجمعيات أو المنظمات أو الجماعات أو العصابات أو الخلايا أو غيرها من التجمعات واختتم التعريف قولاً أياً كان شكلها القانوني أو الواقعي متى مارست الغرض منها. (المادة الأولى من القانون) = يتحول الإدراج على قوائم الإرهاب، من إجراء احترازي مؤقت، إلى عقوبة ممتدة لا يوجد ميعاد حقيقي واضح لإسقاطها على عدد من المعارضين السياسيين والمشتغلين بالمجال العام، وذلك جنبا إلى جنب مع تمديد فترات الحبس الاحتياطي، بما يزيد عن العامين، فيما يعرف "بالتدوير" وهو قيام الأجهزة الأمنية والنيابة العامة باتهام المحبوسين احتياطيا في قضايا جديدة، تجعل من حبسهم، حبس لما لا نهاية، ودون صدور حكم قضائي يدينهم بمخالفة القانون. (المادة الثالثة من القانون) = وده حصل مع المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح المحتجز رهن الحبس الاحتياطي، من أكثر من ثلاث سنوات، ومع علاء عبد الفتاح وزيادة العليمي ورامي شعث وغيرها من السياسيين المعارضين المصريين، وغالبًا تبدأ خطوة الإدراج على قوائم الإرهاب بالاستناد في الغالب على تحريات مجهلة من قطاع الأمن الوطني فقط. * وتلك المواد تسمح بالحد من حرية الأفراد تتطابق مع نص المادة "13" واللي بتنص على: "حظر الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات والاحتفالات وغيرها من أشكال التجمعات، وتقييد الاجتماعات الخاصة". * والمادة 1 من قانون الطوارئ واللي بتنص على: " وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة".