مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

ما هو لون بشرة كليوباترا؟.. حلقة جديدة من صراع أبناء "كيميت" مع "الأفروسنتريك"

ما هو لون بشرة كليوباترا؟.. حلقة جديدة من صراع أبناء "كيميت" مع "الأفروسنتريك"
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
Matsda2sh

الكاتب

Matsda2sh

دحض الإدعاء

➖ قبل أيام، طرحت منصة "نتفليكس" الإعلان والملصق الدعائي لفيلمها الوثائقي الجديد "الملكة كليوباترا"، الذي سيُعرض في 10 مايو 2023. 

◾ سرعان ما تعرض الفيلم والمنصة لانتقادات حادة واتهامات بتزييف التاريخ والترويج لحركة المركزية الإفريقية "الأفروسنتريك"، بسبب لون البشرة والملامح الأفريقية لبطلة الفيلم التي تؤدي دور كليوباترا، وهي الممثلة البريطانية أديل جيمس.

➖ في السطور القادمة، نوضح ما هي حركة "الأفروسنتريك"، ونخوض معًا رحلة البحث عن لون بشرة "كليوباترا". ⬇️⬇️

❓ ماذا نعرف عن الأفروسنتريك؟

📌 مصطلحات (الأفروسنتريك) أو بالأنجليزية (Afrocentricity - Afrocentrism)، ظهرت للنور لأول مرة للنور في ثمانينيات القرن الـ 20 على يد الباحث الأمريكي من أصل أفريقي موليفي أسانتي، وذلك لوصف حركة فكرية ثقافية، ولها نشاط سياسي، تسعى لإبراز دور المساهمات الأفريقية في حضارات العالم المختلفة.

◾ جاءت الحركة كجزء من صراع ثقافي بين الأمريكيين من أصول أفريقية والأمريكيين من أصول أوروبية، لإثبات دور الأفريقيين في الثقافة والتاريخ العالميين ومواجهة تهميش الأفارقة.

◾ ويرى المؤيدون لـ "الأفروسنتريك" أن الأوروبيون وغيرهم من أصحاب البشرة البيضاء، استولوا عبر التاريخ على الإرث الثقافي الأفريقي، ونسبوا كل إنجازات الأفارقة الحضارية والثقافية لهم، وذلك نتيجة العبودية والاستعمار. لذلك، يجب على ذوي الأصول الأفريقية، أن يعتزوا بهويتهم الأفريقية التاريخية، وقيمهم الخاصة، وأن يقدروا أكثر انجازات الحضارات الأفريقية المختلفة.

◾ في سبيل ذلك، تسعى الأفروسنتريك لإثبات تفوق الأفارقة الحضاري والثقافي التاريخي عبر نسبهم حضارة عظيمة كالحضارة المصرية القديمة لهم، إذ يقولوا أنها كانت حضارة أفريقية الأصل.

❓ لماذا يوجد صراع بين "الأفروسنتريك" و"أحفاد الفراعنة"؟

📌 ترى "الأفروسنتريك" أن الثقافة الأفريقية والتاريخ الحضاري للأفارقة بدأوا في مصر القديمة، والتي تزعمت أفريقيا السوداء، وكانت أمة واحدة، لكن الأوروبيين وذوي البشرة البيضاء، سرقوا أفكارها وإنجازاتها وهمشوها، ويعمل مؤيدو "الأفروسنتريك" على ترويج ذلك الفِكر في الأوساط العلمية ووسائل الإعلام المختلفة.

◾ لدى أحد أبرز مفكري الأفروسنتريك، السنغالي "الشيخ أنتاديوب"، كتاب بعنوان "الأصول الزنجية للحضارة المصرية"، يُنظر فيه لفكرة الأصل الأفريقي للحضارة المصرية القديمة، وينقل فيه ادعاءات لمؤرخين ورحالة أن المصريين القدماء وأسلافهم كانوا سود، وأن ملامح المصريين على الجداريات والموميات زنجية.

◾ تجد هذه الادعاءات صدى في العالم الغربي، رغم وجود العديد من الأدلة على عدم صحتها. حيث تؤكد الدراسات العلمية أن المصريين المعاصرين هم الأكثر شبهًا بالمصريين القدماء، وأن جينات قدماء المصريين أكثر ارتباطًا بشعوب الشرق الأدنى والشام من الشعوب في أفريقيا جنوب الصحراء.

◾ تحاول مجموعات تدافع عن "القومية المصرية" مواجهة توسع نشاط "الأفروسنتريك". أحدث المواجهات بين الطرفين حدثت في فبراير 2023، عندما دعت صفحات "القومية المصرية" إلى مقاطعة حفل "ستاند أب كوميدي" للممثل الأمريكي كيفن هارت، كان مقررًا إقامته في مصر، بسبب تأييده لأفكار حركة "الأفروسنتريك". وبعد الضغوط، تم ألغت الشركة المنظمة الحفل بدعوى وجود "مشكلات لوجستية محلية".

◾ ويؤخذ على مجموعات "القومية المصرية" أنها في معرض هجومها على أنصار "الأفروسنتريك" تقع في فخ العنصرية ضد أصحاب البشرة السوداء، وتؤجج مشاعر شوفينية قائمة على قناعات التفوق العرقي والحضاري.

❓ كليوباترا بيضاء أم سوداء البشرة؟

📌 الجدل حول لون بشرة كليوباترا وأصولها العرقية، هو خلاف علمي قديم، دار على مدى عشرات السنوات الماضية.

◾ في كتابها "كليوباترا ملكة مصر"، تبرز عالمة المصريات البريطانية سالي-آن أشتون، الحاصلة على درجة الدكتوراة في النحت الملكي المصري، الخلاف التاريخي حول لون بشرة كليوباترا وهويتها وترى أنه لا يمكن الجزم برأي قاطع في تلك النقطة.

 ◾ تقول أشتون أننا "لا نعرف (تحديدًا) هل كانت كليوباترا جميلة وسمراء، أم بيضاء وغير جذابة، أم مزيجًا بين تلك المفاهيم الحديثة، لأننا لا نملك جثمانها حتى نحدد العرق التي تنتمي إليه من خلال تحليل الحمض النووي".

➖ الرأي بأن كليوباترا "بيضاء" يستند إلى بعض الدلائل منها أن أصلها يوناني مقدوني، فهي تنتمي للسلالة البطلمية، التي أسسها الإسكندر الأكبر وأحد حكام مصر القديمة، بطليموس الأول في 323 قبل الميلاد.

📌  كاثرين بارد، أستاذة علم الآثار والدراسات الكلاسيكية بجامعة بوسطن، ترى أن كليوباترا السابعة مثلها مثل جميع حكام مصر في الإسكندرية، المنحدرين من سلالة بطليموس الأول، لونهم أبيض، حسبما صرّحت سابقًا لمجلة "النيوزويك" الأمريكية.

◾ نفس الرأي يؤكده زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق وعالم الآثار المعروف، حيث قال في تصريحات صحفية إن "كليوباترا كانت يونانية، بمعنى أنها كانت شقراء وليست سوداء"، معتبرًا أن الحديث عن كون كليوباترا سوداء البشرة "تزييف للحقائق ومحاولة جذب أسماء تاريخية لامعة مثل الملكة كليوباترا، بهدف الترويج أن الحضارة المصرية سوداء".

◾ وفي تصريحات نقلتها مواقع إلكترونية عدة مثل "أخبار اليوم" و"العين" و"الفجر"، قال كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار مجدي شاكر تعليقًا على شكل الممثلة التي ستؤدي دور كليوباترا إن "هذا الشكل عار تمامًا عن الحقيقة لأن الملكة كليوباترا لها أصول يونانية فإذا هي ذات البشرة البيضاء و لدى مصر الكثير من العملات التي تظهر فيها ملامح الملكة كليوباترا البعيدة كل البعد عن بطلة هذا الفيلم".

➖ على الجانب الآخر، يرى علماء وباحثين أن كليوباترا لم تكن يونانية صرفة، ما يعني احتمالية أن تكون بشرتها غير بيضاء، ويستندوا في ذلك إلى أن كليوباترا عندما حكمت مصر كانت أسرتها تأسست منذ نحو 272 سنة، وأن بالرغم من وضوح سلالتها من ناحية الأب، لكن هناك شكوك حول أن أمها وجدتها لم تكونا يونانيتين، وربما كانت والدتها أفريقية أو مصرية من النخبة الدينية آنذاك.

📌 يقول جيرالد كارديش، أستاذ التاريخ ودراسات الشرق الأدنى بجامعة بينغهامتون الأمريكية: "القضية التي لم تحل وربما غير قابلة للحل، من كانت والدة كليوباترا؟". ويرى أستاذ المصريات بجامعة جون هوبكنز، بيتسي بريان أن والدتها كانت من عائلة كهنة ممفيس، فلذا هي مصرية بنسبة 50%، بحسب "نيوزويك".

◾ وفي 2009 تعززت نظرية الأصول غير اليونانية لوالدة كليوباترا، من خلال فيلم وثائقي أنتجته بي بي سي، وأعده فريق من علماء الآثار بقيادة العالمة هيلك ثوير من الأكاديمية النمساوية للعلوم؛ عندما وجدوا ما اعتقدوا أنه رفات لجثة الأميرة أرسينوي أخت كليوباترا، في تركيا، وقال العلماء إن البقايا تُشير إلى أن والدتها، والمحتمل أن تكون والدة كليوباترا أيضًا، من أصول أفريقية.

◾ في مقالة له على مدونة "oupblog" التابعة لجامعة أوكسفورد، يقول عالم الآثار الأمريكي دوان دبليو رولر، إن هناك عدة مسائل عن الخلفية العرقية لوالدة كليوباترا تستحق الدراسة، أبرزها أن كليوباترا كانت الحاكم الوحيد في سلالتها الذي عرف، بالإضافة إلى لغتها الأم اليونانية، اللغة المصرية، وهو ما يشير إلى أن لديها ارتباط وثيق بمتحدثة مصرية، ربما كانت والدتها.

◾ ويستخلص رولر أنه "من الممكن أن تكون كليوباترا يونانية مقدونية خالصة، لكن من المحتمل أن يكون لديها بعض الدم المصري"، ويضيف "لا يوجد مكان لأي شيء آخر، وبالتأكيد ليس لأي دم أفريقي أسود"، مشيرًا إلى أن تمثيلات كليوباترا في الفن اليوناني والروماني والعملات المعدنية لا تُظهر أي شيء بخلاف أنها من العرق المتوسطي التقليدي، على الرغم من أن الفنانين كانوا قادرين تمامًا على إظهار مجموعات عرقية أخرى.

➖ الراجح لدينا من خلال استعراض الآراء المتباينة، والاطلاع على عدد من الدراسات الخاصة بالعرق السائد لقدماء المصريين، أن الملكة كليوباترا السابعة إما أنها كانت بيضاء البشرة أو قمحاوية، لكنها ليست سوداء البشرة.