مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

مقاطع فيديو مزيفة بتقنيات الذكاء الاصطناعي تُنسب زوراً إلى نساء سودانيات من مدينة الفاشر

مقاطع فيديو مزيفة بتقنيات الذكاء الاصطناعي تُنسب زوراً إلى نساء سودانيات من مدينة الفاشر
tahaqaqps

الكاتب

tahaqaqps
[:ar]
الادعاء
انتشرت في منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مزيفة، تم إنتاجها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتُنسَب كذباً إلى نساء سودانيات من مدينة الفاشر، غرب السودان، تزامناً مع تطورات الأوضاع الجارية.
تحقّق المرصد الفلسطيني "تحقّق" من صحة المقاطع المتداولة، من خلال البحث العكسي عنها في المصادر المتفوحة، وتحليلها باستخدام تقنيات التحقّق الرقمي المتخصصة، وأدوات كشف التزييف، وتبيّن أن هذه المقاطع غير حقيقية، ومولَّدة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. فقد أظهرت نتائج فحص المقطع الأول، عبر أداة Sightengine المتخصصة في كشف المحتوى المولَّد والمزيَّف، وجود احتمال كبير بأنّه مُنتَج باستخدام الذكاء الاصطناعي بنسبة 99%. كما أظهر التحليل أن المقطعين الثاني والثالث مولَّدان بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي، بنسبة تطابق بلغت 99%.
وقد أظهر الفحص التقني للمقطع وجود تشوّهات بصرية واضحة، إذ بدت حركة الوجه ثابتة، وتعابير الملامح مبالغًا فيها، كما لوحِظت اضطرابات في الإضاءة والخلفية، وتفاوت في حدة الصورة وتناسق الظلال، فضلًا عن عدم تطابق حركة الشفاه مع الصوت، ما يعزّز أنها تم توليدها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. ضوابط أخلاقية ومهنية لتداول مقاطع النساء في مناطق النزاع: بين التوثيق والاستغلال في سياق التحقق من مقاطع فيديو مزيفة نُسبت إلى نساء من مدينة الفاشر بالسودان، تواصل فريق مرصد "تحقّق" مع خبيريْن في الإعلام وحقوق الإنسان لاستطلاع الآثار الأخلاقية والمهنية المترتبة على تداول هذا النوع من المحتوى، خصوصًا عندما يكون مولَّدًا بتقنيات الذكاء الاصطناعي. أوضحت أستاذة الإعلام والخبيرة في القضايا الحقوقية والنوع الاجتماعي، لبنى الأشقر، أن قراءة مقاطع الفيديو في سياقات النزاع لا يمكن أن تكون أحادية، فالمحتوى ذاته قد يُعدّ توثيقاً إنسانياً مشروعاً إذا توافرت فيه معايير مثل التحقّق من المصدر، وذكر السياق، واحترام هوية الضحايا، مما يجعله أداة للتذكير بمعاناة واقعية تتطلب التدخل. بالمقابل، قد يتحول المقطع ذاته إلى مادة استهلاكية تفتقر للمعنى الإنساني إذا نُشر بلا تحقق، أو وُظّف بعناوين مثيرة لاستدرار المشاهدات أو التبرعات، مما يُحوّل الألم إلى أداة استغلال إعلامي. وشددت الأشقر على ضرورة أن يسبق النشر تقدير أخلاقي دقيق، يراعي عدم زيادة المخاطر على النساء المعنيات، مؤكدة على أهمية الحفاظ على الكرامة والخصوصية، من خلال حجب أو تشويش الوجوه، وتجنّب ذكر الأسماء أو المواقع الدقيقة، مع تقديم معلومات واضحة عن المصدر والزمان والمكان وسبب النشر دون تعريض أي شخص للخطر.  كما دعت إلى التحقّق من هوية الرواي ومطابقة المحتوى مع روايات موثوقة، وتقنين الاستخدام بمنع التوظيف السياسي أو التجاري للمعاناة، مع التأكد من وجود دعم فعلي للضحايا أو عائلاتهم قبل وبعد النشر. من جانبه، أكد الأكاديمي والخبير في التربية الإعلامية والرقمية، الدكتور بركات الزيود، أن نشر مشاهد المعاناة الإنسانية قد يكون مبرراً من منظور مهني وأخلاقي، بهدف خلق رأي عام والضغط على السلطات، شرط ألا يتم على حساب كرامة وخصوصية الضحايا.  وشدد على أن تغطية الوجوه وإخفاء الهوية أمر جوهري، ولا يجوز تجاوزه إلا في حالات استثنائية تتحقق فيها مصلحة عامة عليا، وهو ما يتطلب مسؤولية مهنية عالية وتقديرًا دقيقًا للسياق. وأشار الزيود إلى أن بعض مقاطع النساء من الفاشر قد تُبرر هذا التجاوز، خاصة في حال كان الجناة أنفسهم هم من صوّروا المقاطع، بينما من أعاد نشرها سعى إلى فضح الجرائم لا استغلال الضحايا. ومع ذلك، شدد على أن حق الضحايا في الكرامة والخصوصية يسبق حق الجمهور في المعرفة. كما دعا الصحفيين إلى الالتزام بأعلى المعايير المهنية عند التعامل مع مشاهد العنف، والإفصاح بوضوح عن المحتوى المولَّد بالذكاء الاصطناعي، لحماية الجمهور من التضليل، وتعزيز الوعي الإعلامي والمجتمعي تجاه هذه الظواهر. وختم بالقول إن حماية الضحايا تتطلب وعيًا أخلاقيًا يرتكز إلى احترام القيمة الإنسانية للنشر، دون المساس بكرامة الأشخاص أو توظيف صورهم خارج سياقها. الآثار المترتبة على الادعاء  تداول مقاطع الفيديو المولدة بالذكاء الاصطناعي دون تحقق يُسهم في نشر معلومات مضللة ويشوّش الصورة الحقيقية للأحداث الجارية مما يضعف جهود التوثيق والإغاثة كما قد يؤدي إلى استغلال معاناة الضحايا الحقيقيين وزيادة التلاعب العاطفي عبر الوسائط الرقمية. تدهور حاد في الأوضاع الإنسانية بمدينة الفاشر ونزوح جماعي للمدنيين وسط مخاطر متزايدة تشهد مدينة الفاشر ومحيطها في ولاية شمال دارفور تدهورًا إنسانيًا حادًا، إذ اضطر آلاف المدنيين، غالبيتهم من النساء والأطفال، إلى الفرار سيرًا على الأقدام لمسافات طويلة، في ظل نقص حاد في الغذاء والماء، ومخاطر متزايدة على طول طرق النزوح، وذلك وفقًا لتقارير صادرة عن منظمة اليونيسف. وتُظهر التقارير أن النازحين قطعوا ما يقارب 60 كيلومترًا باتجاه منطقة طويلة، من دون توفر أي احتياجات أساسية، وقد وصلت أعداد كبيرة منهم في حالة إنهاك شديد، ويعانون من الجوع وسوء التغذية، في وقت يستمر فيه النزوح بشكل يومي. وذكرت المصادر أن بعض الأطفال وصلوا إلى مناطق النزوح من دون مرافقة ذويهم، وسط ظروف خطيرة تشمل التعرض للعنف، وانعدام المياه، ونقص المساعدات. كما حذّرت منظمات إنسانية من تفاقم الكارثة في ظل غياب الاستجابة الكافية. ويأتي هذا التدهور في ظل استمرار سيطرة قوات مسلّحة على المدينة، ما يعمّق الأزمة ويزيد من المخاوف بشأن اتساع رقعة الانقسام في البلاد، في وقت تتصاعد فيه التحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة.
خلاصة التحقق
مصادر التحقق مصادر الادعاء 
[:]