مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

تصاعد خطاب الكراهية والتحريض بين الضفة وغزة يهدد وحدةَ الفلسطينيين وصدقَ سرديتهم

تصاعد خطاب الكراهية والتحريض بين الضفة وغزة يهدد وحدةَ الفلسطينيين وصدقَ سرديتهم
kashif_ps

الكاتب

kashif_ps

عامان كاملان من الإبادة والدمار والمحو لكل معالم الحياة في غزة، نحو 68 ألف شهيد، ومئات الآلاف من الجرحى، مدينة عمرها آلاف السنين سوّت بالأرض، شاخ الشباب دون أن يعيشوا أعمارهم، ومات الأطفال دون أن يكبروا ويحققوا أحلامهم، وعاشت النساء ويلات لم تعشها مثيلاتهن في أنحاء العالم، عمّ الفقر وانتشرت المجاعة والأمراض. 

وفي الجهة الأخرى، يعيش الفلسطينيون قهراً يومياً سواء من خلال الاقتحامات اليومية والبوابات والحواجز أو استهدافات جنود الاحتلال واعتداءات مستوطنيه على القرى، إلى جانب التمييز العنصري والجرائم اليومية التي تجري في الداخل المحتل على مرأى من شرطة الاحتلال ودون أي تحرك حقيقي وفعلي منهم.

وما إن تم التوصل إلى وقف إطلاق النار، حتى تصاعد خطاب الكراهية بشكل واضح على مواقع التواصل الاجتماعي. وبين من هو راضٍ وليس راضٍ عن صفقة تبادل الأسرى، عاد النقاش حول 7 اكتوبر "تشرين أول" 2023 ليفتح من جديد على شكل مشاحنات وتلاسن بين المؤيدين والمعارضين، وبرز خطاب الكراهية والتفرقة العنصرية بين الضفة وغزة بشكل واضح في المحتوى المتداول. وما هو مقلق أن التحريض امتد لبعض حسابات النشطاء والصحفيين الذين لديهم عدد كبير من المتابعين، خاصة من الجمهور الفلسطيني. 

في هذا التقرير يرصد كاشف ملامح خطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بين النشطاء والصحفيين، ويبحث في أسبابه وتداعياته وكيف يمكن لها أن تؤثر على حجم المناصرة للقضية الفلسطينية ، وكيف يمكن ضبط المحتوى ورفع جودته ليتلاءم مع تضحيات الفلسطينيين ومعاناتهم، على شكل سردية وحدوية واعية، تحد من التحريض والكراهية في المجتمع الفلسطيني.

خطاب الكراهية على منصات التواصل والتحريض الداخلي

تحدث مرصد كاشف مع مجموعة من الصحفيين حول التحريض على منصات التواصل الاجتماعي، وفي هذا السياق، أوضح الصحفي هاني أبو رزق من غزة أن ضبط هذه الظاهرة يتطلب وعيًا فرديًا ومسؤولية شخصية، إلى جانب دور مؤسسات المجتمع المدني في تنظيم ندوات ودورات وأنشطة توعوية للحد من انتشار الكراهية.

يضيف أبو رزق:

"الصحفيون يتحملون مسؤولية مضاعفة في الالتزام بالمعايير المهنية وتجنب الانخراط في الخطاب التحريضي، خاصة في ظل الحاجة الماسة إلى وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الذي يسعى دائمًا لتقسيم المجتمع. 

على المستخدمين، سواء كانوا صحفيين أو مواطنين، التفكير مليًا قبل النشر أو التعليق، لأن الكلمة قد تشعل خلافًا واسعًا في لحظة انفعال. في النهاية، نحن أبناء شعب واحد، مهما اختلفت مناطقنا أو انتماءاتنا، وعلينا أن نحافظ على إنسانيتنا ووحدتنا في مواجهة كل هذا الألم."

الصحافة المهنية وأخلاقيات العمل

ويتفق مع أبو رزق الصحفي عميد شحادة، مراسل التلفزيون العربي في الضفة الغربية، مشددا على أن جزءًا كبيرًا من المهنية والصحافة الأخلاقية يكمن في عدم تحريض الناس على القتل أو سفك الدماء، يقول:

"إذا كان الصحفي صاحب رسالة تحت الاحتلال، فإن أي فتنة داخلية تجعل من مهمته وأولويته الحفاظ على وحدة المجتمع، مبينا أن الصحفي المهني الذي يلتزم بأخلاقياته لا يساهم في تأجيج خطاب الفتنة الداخلية، بل يعزز المجتمع ويدافع عن النسيج الاجتماعي الفلسطيني."

ويضيف شحادة:

"اليوم تختلط الأمور بين الصحافة الحقيقية وبعض النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، الذين يحرضون على القتل أو يستهدفون زملاءهم الصحفيين أو المواطنين العاديين، وهذا قد يؤدي في النهاية إلى سفك الدماء. كثير من الناس قد يوجهون لبث التفرقة بين الشعب الفلسطيني بالكلام، تمهيدًا لبث التفرقة بطرق أخرى سواء بالأيدي أو بالسلاح أو غيره، وهذا يجعل من المهم أن نتعامل كصحفيين ونشطاء بمسؤولية عالية مع خطابنا".

الصحفي مصطفى قبلاوي، ابن الداخل الفلسطيني، أكد أن المسؤولية من أجل وقف خطاب الكراهية لا تقتصر على الصحفي فقط، وإنما هي مسؤولية مشتركة بين الصحفي والناشط والمواطن العادي، الكل يجب ان يراعي أننا منذ عامين نعيش أحداثا مأساوية في غزة والضفة والداخل، مشيرا أنه في الداخل 201 جريمة وقعت منذ بداية العام فقط. هذا يؤكد أننا كلنا شركاء في الالم الذي يتسبب به الاحتلال، وأن لا منقذ لنا في معاناتنا إلا وحدتنا، وعلينا تعزيز أي شيء يجمعنا ويعطي فرصة للخلاص. المرحلة صعبة جدًا، والمسؤولية على كل إنسان بعدم بث خطاب كراهية، بل التركيز على ما يوحدنا."

التعصبية تعمينا والمناخ مشحون

الصحفي فراس الطويل، رئيس تحرير موقع الاقتصادي يشير إلى أن التعصب الأعمى لأي حزب أو طرف سياسي لا يُعفي الأفراد من الالتزام بأسس الخصومة النزيهة، وأن الانجرار وراء الطعن والتدليس والكذب، حتى في إطار المنافسة السياسية، يمثل خطأً جسيمًا. ويؤكد أن هذا السلوك موجه للسياسيين وللأفراد على حد سواء، خصوصًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يُمارس البعض تحريضًا ضد الطرف الآخر دون احترام للحقائق أو الالتزام بالمعايير الأخلاقية.

ويضيف الطويل أنه من المؤسف أن نرى صحفيين يكررون هذا السلوك، من خلال نشر معلومات أو فيديوهات غير مدققة فقط بهدف الطعن بالطرف الآخر، مشيرًا إلى أن هؤلاء يُحسبون على الجسم الصحفي، وهو ما يستدعي التزام الصحفيين بأعلى درجات المهنية والدقة، والحفاظ على مصداقيتهم في نقل الأخبار والمعلومات.

من جهتها تعتقد الصحفية ريم أبو لبن، وهي محاضرة في جامعة خضوري برام الله، أن المخرج هو بالتركيز على الجانب الإنساني للخطاب في هذه المرحلة الحساسة، وتؤكد أنه بعد وقف الحرب على غزة، ازدادت حساسية النقاشات على منصّات التواصل الاجتماعي، وأصبح أي طرح أو تحليل قد يُفسَّر على أنه انحياز لطرف على حساب آخر. 

تقول: 

"من الصعب في هذا المناخ أن تعبّر بوضوح عن رأيك دون أن تُفسَّر كلماتك على نحوٍ مختلف. العمل الصحفي الآن أشبه بالسير في منطقة رمادية، تتطلب توازنًا دقيقًا بين قول الحقيقة والحفاظ على النسيج الداخلي الفلسطيني، خاصة عندما تتحول منصات التواصل إلى ساحة مفتوحة للانفعالات". 

من جهتها تؤكد الصحفية شروق عليا من غزة، أن هذا الخطاب برأيها لم ينشأ من فراغ، فكون أهالي غزة مكلومين وموجوعين من كل ما جرى لهم خلال العامين الماضين، وعدم سماع صرخاتهم من أجل وقف الحرب طوال الفترة الماضية، وشعورهم بالتخلي عنهم حتى من بعض أبناء وطنهم، هو ما فاقم من حدة غضب النشطاء والصحفيين على مواقع التواصل الاجتماعي في غزة، مشيرة أنها نفسها تأثرت بكل هذه الأسباب مجتمعة، وداعية إلى تفهم أكبر للحالة التي يعيشها أهالي غزة حاليا فهم في حالة صدمة، والتفهم سيخفف من حدة الأزمة.

أكاديميون "قلقون" مما يجري

نبال ثوابتة، المحاضرة في كلية الاعلام بجامعة بيرزيت، عبرت عن قلقها إزاء ما يجري، مبينة أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على الصحفي الفلسطيني في المرحلة الحالية، وقالت:

"الموضوع مهم جدًا ويشغل بالنا جميعا، علينا أن نركز على الجانب الإنساني والمؤنسن للخطاب، لا التاجيجي. الصحفي الفلسطيني ليس عنصرًا خارج المعادلة، بل جزء من المجتمع ويملك مسؤولية اجتماعية رغم كل الآلام والصعاب. الدقة، الاتزان، واحترام الآخر، واستخدام اللغة الإنسانية هي أساسيات عملنا، بدل لغة العنف والتحريض. اليوم، علينا التركيز على القضايا الجامعة والموحدة، وليس القضايا المفككة."

من جهتها د. وداد البرغوثي، وهي محاضرة سابقة في كلية الاعلام بجامعة بيرزيت، تعزو هذه الحالة التي نعيشها إلى الانقسام السياسي بين الضفة وغزة، والذي يسهم برأيها بشكل مباشر في نشوء خطاب الكراهية:

"ما أوجد خطاب الكراهية والتفرقة هو وجود نهجين سياسيين مختلفين بين الضفة والقطاع. الصحفيون ليسوا بمنأى عن ذلك، فهم أبناء هذا الواقع أو يعملون وفقه. الوحدة الوطنية بحد ذاتها رسالة يمكن للصحفي أن يتمترس وراءها، لكنها تقوم على أسس وثوابت مشتركة."

ويرجح غازي مرتجى، الذي يعرف عن نفسه كمواطن من غزة، أن الانقسام الذي نعيشه ليس انقساما سياسيا فقط، إنما انقساما وجدانيا واجتماعيا أيضا، ويتابع:

"الانقسام الوجداني بين غزة والضفة يشكل خطراً حقيقياً على مشروعنا الوطني. إذا كنا نخاطب العالم ونقول إننا شعب واحد، فإن أي شرخ داخلي سيضعف روايتنا. المطلوب اليوم إعادة توحيد السردية الفلسطينية، فكل شارع في غزة أو نابلس أو القدس له خصوصيته، لكننا جميعًا نتشارك مصيرًا واحدًا وثقافة واحدة."

ويؤكد أن حجم المأساة التي عاشها أهل غزة في العامين الأخيرين ولّد صدمة جماعية تركت آثارًا نفسية عميقة، وأدت إلى بروز سرديات انفصالية ولو على مستوى الشعور. 

ويشير إلى أن جزءًا من ذلك سببه الدعاية الإسرائيلية التي عملت على تشويه صورة الغزيين من جهة، وضغطت على الضفة من جهة أخرى، مما جعل أهل غزة يظنون أن الضفة تراجعت تحت تأثير هذه الدعاية، بينما الواقع أن الاحتلال شدد قبضته هناك وجعل أي فعل ميداني شبه مستحيل. 

ويضيف أن الصورة البطولية الخارقة التي رُسمت للغزيين قلّلت من التعاطف الإنساني المطلوب، وحوّلت النقاش إلى ميدان صلب بعيد عن المشاعر الطبيعية.

ويخلص مرتجى إلى أن المطلوب اليوم هو إعادة توحيد السردية الفلسطينية، ويرى أن ترسيخ هذا الوعي الجمعي سيقلل التشويش واللغط، ويعزز القدرة على مواجهة الاحتلال ودعايته، ويبني مستقبلًا مشتركًا يقوم على الوحدة والعدالة.

مؤسسات صحفية: حماية حرية الرأي والتعبير يجب أن لا تكون فخا

شروق أسعد، صحفية في ماونت كارلو الدولية ومديرة مشغل فلسطين للصحافة، أكدت أن خطاب الكراهية والتحريض له جذور عميقة في المجتمع الفلسطيني، وهو مشكلة مستمرة منذ سنوات.

 وأوضحت أن خطاب الكراهية هو فخ يقع فيه البعض اثناء حماية حرية التعبير، مؤكدة أن الكل كمؤسسات وصحفيين يجب أن يعملوا على تعزيز التعددية والحرية وفي نفس الوقت ضمان عدم الإقصاء أو التحريض على الآخرين، سواء داخل الإعلام أو في المناهج التعليمية والمجتمعية.

 وأشارت إلى أهمية إنشاء قاعدة أمان للصحفيات والصحفيين الفلسطينيين خاصة في غزة، مؤكدة أن العلاقة عكسية بين الحماية والكراهية، فكلما اشتغلنا على حماية الصحفيين من التهديدات أو التحرشات الجسدية أو النفسية، كلما وفرنا مناخا اقل تحريضا وكراهية.

وأضافت أسعد أن المؤسسات الإعلامية يجب أن تدافع عن العاملين فيها وتوفر لهم حماية قانونية ومجتمعية، وأن التدريب المستمر على قيم التعددية والقبول المتبادل يساعد في تطوير الإعلام وبناء مجتمع أكثر أمانًا وصحة. وأكدت أن الإعلام جزء رئيسي في عملية التغيير المجتمعي، من خلال القصص والمحتوى الذي يشكّل وعيًا جماعيًا ويعزز ثقافة المساءلة والحماية، بعيدًا عن النجاة الفردية أو الانخراط في خطاب الكراهية والتحريض. 

من جهته دعا فراس طنينة، رئيس لجنة الصحفيين المستقلين في نقابة الصحفيين، إدارات مواقع التواصل الاجتماعي أن يكون لها دوراً، في ضبط حالة التحريض وبث الكراهية، معبرا عن استغرابه كيف تلاحق منصات التواصل الاجتماعي المحتوى الفلسطيني وتعتبره تحريضيا وخطاب عنف وكراهية حين ينقل جرائم الاحتلال بحق الشعب، في حين يبقى خطاب الكراهية الحقيقي دون أي ضبط أو تقييد من هذه المنصات، وهذا يؤكد انحيازها بشكل قاطع الى الاحتلال، ويجعل من هذه المنصات شريكًا غير مباشر في بث خطاب الكراهية وإسكات صوت الضحية.

وتنظر شيرين الخطيب، القائم بأعمال مدير مركز مدى للحريات الإعلامية إلى خطورة تفشي خطاب الكراهية والتحريض على منصات التواصل الاجتماعي، وبين الصحفيين أنفسهم، لما يمثله من تهديد مباشر للسلم الأهلي والنسيج المجتمعي، وتشويه رسالة الإعلام القائمة على الحقيقة والمهنية. وأكدت أن حرية التعبير لا تعني التحريض أو الإقصاء، بل يجب أن تُمارس في إطار يحترم القيم الإنسانية ويعزز ثقافة الحوار والتنوع.
ولفتت الخطيب إلى أن مكافحة خطاب الكراهية لا تتعارض مع حرية التعبير، بل تهدف إلى صونها وضمان أن تبقى أداة لبناء مجتمع حرّ ومتعدد يحترم الاختلاف ويعزز التعايش الإنساني. ودعت الصحفيين والإعلاميين إلى الالتزام بالتحقق من الأخبار والفصل بين الرأي الشخصي والخبر، واستخدام لغة متوازنة ومحترمة، والوعي القانوني بأن التحريض على العنف والكراهية لا يندرج ضمن حرية التعبير.

ما هو خطاب الكراهية؟

وفقًا للأمم المتحدة، يُعرّف خطاب الكراهية على أنه:

"أي نوع من أنواع التعبير الذي يهاجم أو يميّز ضد أفراد أو مجموعات بناءً على خصائص متأصلة مثل العرق أو الدين أو الجنس أو الجنسية أو أي سمة أخرى، مما يُهدّد السلم الاجتماعي ويُثير العنف أو التمييز."

وقد ورد هذا التعريف في استراتيجية الأمم المتحدة وخطة عملها لمكافحة خطاب الكراهية، التي تُشير إلى أن التحريض يُعتبر شكلًا خطيرًا من أشكال هذا الخطاب، لأنه يهدف عمدًا إلى تحفيز التمييز والعداوة والعنف، وقد يستتبع أو يشمل أيضًا أعمال الإرهاب. الأمم المتحدة

ويتوافق هذا التعريف أيضا مع تعريف اتفاق الرباط لعام 2012، حول خطاب الكراهية، والذي كان عبارة عن مبادرة من مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان تهدف إلى وضع معايير واضحة للتفريق بين حرية التعبير وخطاب الكراهية، خاصة في سياق تطبيق المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ووفقًا لهذا الاتفاق يُعرّف خطاب الكراهية بأنه أي نوع من التعبير الذي يهاجم أو يستخدم لغة تحقيرية أو تمييزية بالإشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس هويتهم، مثل العرق أو الدين أو الجنسية أو اللون أو النسب أو الجنس أو أي عامل هوية آخر.

ويُشدد في الاتفاق على أن حرية التعبير ليست مطلقة، بل يجب ممارستها ضمن حدود تحترم حقوق الآخرين وتحافظ على النظام العام.

هل يُعتبر خطاب الكراهية جريمة في القانون الدولي؟

يُعتبر خطاب الكراهية جريمة في القانون الدولي إذا كان يشكل تحريضًا على التمييز أو العداء أو العنف. حيث تُشير الاتفاقيات الدولية إلى أن التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية أو التمييز العنصري يُعد جريمة يجب معاقبة مرتكبيها.

على سبيل المثال، تنص المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه:

"تُحظر بالقانون أي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تُشكل تحريضًا على التمييز أو العداء أو العنف."

هل يُعاقب القانون الفلسطيني على خطاب الكراهية؟

وعلى الرغم من أن قانون الجرائم الإلكترونية لعام "2017/2018" لم يكن مرحبا به كثيرا من قبل الناشطين والحقوقين لأسباب كثيرة، إلا أن القانون عالج خطاب الكراهية في المادة 13 من منه، حيث نصت المادة على أنه:

"أية دعاية للحرب وأية دعوة إلى الكراهية القومية أو الدينية، واللذين يشكلان تحريضًا على العنف المخالف للقانون، أو أي عمل غير قانوني آخر."

وبناءً على ذلك، يُعتبر خطاب الكراهية جريمة يُعاقب عليها القانون الفلسطيني، سواء كان ذلك عبر وسائل الإعلام التقليدية أو منصات التواصل الاجتماعي.

وعلى الرغم مما سبق يخشى الباحث القانوني عمار جاموس، في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، التعامل مع خطاب الكراهية في أروقة المحاكم، ويفضل أن يتم الأمر بعيدا كل البعد عن القضاء، وذلك حفاظا على أعلى درجات حرية الرأي والتعبير

لكنه في نفس الوقت يشدد على أن المسؤولية القانونية تكون واجبة فقط في الحالات التي يؤدي فيها الخطاب إلى قتل أو أذى وشيك بحق الآخرين:

يقول:"خطاب الكراهية يحدد مدى مسؤوليته القانونية من خلال مضمون الكلام وسياقه ومدى جديته، ومدى انتشاره ومن قام بإلقائه. أما بقية الآراء فيجب ألا تلاحق قانونيًا، لأن معرفة الخطأ ضرورية للوصول إلى الصواب."

هذا المبدأ، المعروف ضمن إطار اتفاق الرباط لمكافحة خطاب الكراهية، يوضح أهمية التفريق بين حرية التعبير، والتحريض على العنف، ويشكل مرجعًا أخلاقيًا وقانونيًا للصحفيين الفلسطينيين.

يوصي المرصد الفلسطيني للتحقق والتربية الاعلامية "كاشف"، النشطاء والصحفيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، بضرورة:

  1. الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية في صناعة ونشر المحتوى.
  2. تعزيز خطاب الوحدة والتضامن الفلسطيني، وحماية السردية الوطنية الموحدة.
  3. مكافحة خطاب الكراهية والتحريض عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل.
  4. تعزيز التوعية المجتمعية والقانونية حول أثر خطاب الكراهية وأهمية التضامن الداخلي.
  5. دعم المبادرات والمؤسسات الإعلامية التي تركز على حماية الصحفيين وتطوير مهاراتهم في بيئة آمنة.