في وقت يشن فيه الاحتلال منذ عامين حرب إبادة جماعية ضد البشر والحجر والشجر وكل أشكال الحياة في غزة، وفي وقت وصل فيه عدد الشهداء نتيجة هذه الحرب إلى أكثر من 67 ألف شهيد و178 ألف جريح، لا تزال الحرب عبر الفضاء الالكترونية منذ عامين مستمرة.
عشرات الحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا تزال تمارس حملات التضليل المختلفة، ترافقها في ذلك بعض وسائل الإعلام المنحازة للاحتلال، إلى جانب التضليل المتعمد من قبل الصحافة العبرية، مستغلين أدوات عديدة في هذه الحملات، في محاولة لتبييض وجه الاحتلال بعد ارتكابه أبشع الجرائم على أرض غزة منذ عامين.
جهود مراصد التحقق
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها مراكز التحقق الفلسطينية والعربية والدولية منذ سنتين، إلا أن مشهد التضليل لم يتوقف أبدا. الاحتلال الإسرائيلي يخصص ملايين الدولارات من أجل تبييض سمعته وتضليل الرأي العام والتحريض ضد الفلسطينيين. فعلى سبيل المثال، أنفق الاحتلال ما بين شهري حزيران وآب 2025 ما يقارب 49 مليون يورو اعلانات ممولة على منصات التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب وإكس.
وتشير مديرة مرصد كاشف، رهام أبو عيطة حول ذلك قائلة أن مراصد التحقق مجتمعة لا تمتلك القدرات والموارد التي يسخرها الاحتلال للتضليل. وشركات التكنولوجيا متواطئة في نشر التضليل من جهة وحجب الرواية الفلسطينية من جهة أخرى. مع ذلك، يقوم مرصد كاشف منذ عامين بمخاطبة الجمهور العالمي باللغة الانجليزية وبعمل مواد توعوية حول التضليل الذي يمارسه الاحتلال، هذا الى جانب المناصرة الدولية والمشاركة في المحافل الدولية المختلفة للحديث عن التضليل والتحريض الذي يمارسه الاحتلال بحق الفلسطينيين.
وتضيف أبو عيطة أن عمل المرصد قوبل بتفاعل كبير من جانب المجتمع الدولي ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، خاصة انستغرام.
ورغم انتشار المئات من المواد المضللة التي رصدتها مراكز التحقق خلال السنتين الماضيتين، وقامت بالتحقق منها وتفنيدها ونشر الصواب إلى الجمهور، فإن المختصين والمتابعين يؤكدون أن حجم الأثر الذي خلفه مشهد التضليل هذا العام تراجع عما كان عليه في بداية الحرب، وهذا يفسر المظاهرات الحاشدة التي خرجت دعما لغزة ورفضا الإبادة والتجويع فيها حول العالم.
الإعلام العبري: تضليل بثوب المهنية
على الجانب الآخر فإن اعتماد الكثير من الصحفيين والناشطين على مصادر الإعلام العبرية، لعب دورا في وقوع الكثيرين في فخ التضليل، يعتبر المحلل والمختص في الشأن الإسرائيلي ومسؤول القسم العبري في مرصد كاشف عصمت منصور وسائل الإعلام العبرية من أكبر مصادر التضليل حول حقيقة ما يحدث منذ بدء الحرب على غزة، مشيرا أنها تعمدت طوال فترة الحرب إلى نشر أخبار غير صحيحة، يتم تداولها من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، مستغلة في كثير من الأحيان غياب المصادر الرسمية الفلسطينية أو تأخر تعقيبها على بعض الأحداث.
ويبين منصور أيضا أن استمرار الحرب لفترة زمنية طويلة، وانقسام الآراء حول ذلك، بين من يحمل الاحتلال المسؤولية ومن يحمل حركة حماس المسؤولية عن عدم توقف الحرب حتى اليوم، ساهم في خلق الانتقائية في تداول الأخبار ونقلها عن المصادر العبرية، والنتيجة واحدة وهي مساحة أكبر للتضليل وتشويه الحقائق.
الأثر يتراجع.. الوعي يزداد
رغم ذلك أكد منصور أن الأثر الذي يخلفه مشهد التضليل الإعلامي شهد تحولاً واضحاً خلال العامين الماضيين، فرغم استمرار أنماط التضليل في الإعلام العبري، إلا أن البيئة الإعلامية الاسرائيلية شهدت تغيّرا بشكل ملحوظ عن بداية الحرب.
وأوضح أن الإعلام العبري في الأشهر الأولى للحرب كان عبارة عن اعلام عسكري موجهاً بالكامل، خاضعاً للرقابة العسكرية وتوجيهات الحكومة، ويعمل بوظيفة تعبويّة تهدف إلى رفع المعنويات وتوحيد الجبهة الداخلية الاسرائيلية وحشد الرأي العام خلف الجيش.
لكنه أشار إلى أنه بعد الهدنة وتزايد الانتقادات الدولية، خصوصاً في ظل المجاعة في غزة، أصبح الإعلام الإسرائيلي مضطراً لفتح النقاشات الداخلية وتناول قضايا الفشل والفساد بشكل أكبر، ما اضطره إلى رفع مستوى التضليل من تضليل مباشر إلى تضليل يمكن القول انه ذكي ويعتمد على السياق لا على المعلومة، وهذا لان الجمهور اصبح اكثر وعيا ويتحقق من كل ما يتم نشره.
احتكار المعلومات يفرض استمرار الصحافة العبرية كمصدر
وأضاف أن الاعتماد على الصحافة العبرية كمصدر للمعلومات ما يزال قائماً لدى الصحفيين الفلسطينيين والعرب، رغم وعيهم بوجود تضليل، وذلك بسبب غياب المصادر الفلسطينية البديلة واحتكار الإعلام العبري للمعلومات العسكرية والسياسية خاصة المرتبطة بالمفاوضات والقرارات الإسرائيلية.
وأوضح أن الصحافة العبرية ما زالت تعد المصدر الأقرب لمراكز صنع القرار، ما يجعل المتابعين يلجؤون إليها لفهم مواقف الاحتلال وتوجهاته، رغم أنها تخدم في كثير من الأحيان روايتها الخاصة.
وبيّن أن الإعلام الفلسطيني والعربي ما زال يتعامل مع الإعلام العبري بشكل انتقائي، أحياناً بدافع الحاجة للمعلومة وأحياناً بسبب ضعف الثقة بالمصادر المحلية، في حين أن انحياز إعلام حركة حماس كإعلام حزبي زاد من ميل بعض الجمهور إلى متابعة الإعلام الإسرائيلي بحثاً عن ما يراه “مصدراً أكثر مهنية وتنوعاً في الطرح”، رغم طابعه التضليلي.
وأشار أن الحكومة الإسرائيلية بنفسها تنبهت إلى تراجع تأثير التظليل الاسرائيلي على العالم، وهو ما انعكس على شكل حملات ومظاهرات على الأرض تطالب بوقف الحرب، وأكد أن هذا ما يفسر ذهاب نتنياهو إلى عمل اجتماع مع المؤثرين وعدهم خلاله بمبالغ مالية كبيرة لقاء كل منشور تحريضي يتم نشره.
أدوات حملات التضليل في الحرب على غزة
وبالرجوع إلى الحملات الإعلامية والمواد المضللة التي تم نشرها خلال العامين الأخيرين، نجد أن المضللين تعمدوا استخدام وسائل عديدة بعضها تقليدية تقوم على إعادة استخدام المحتوى، وأخرى مواكبة للحداثة والتكنولوجيا وتعتمد بشكل أساسي على أدوات الذكاء الاصطناعي، ومنها:
ثانيا: المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي، وهذا من أهم الأدوات التي استخدمت خلال الحرب، خاصة مع استمرار جهل الكثيرين بأدوات الذكاء الاصطناعي، وعلامات المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي، يجدر الاشارة هنا إلى أن مراصد التحقق الفلسطينية والعربية بذلت جهدا كبيرا في مساعدة الناس على تمييز المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي، وتوجيههم إلى عدم نشره لأن هذا يستغل بشكل كبير من القائمين على الحملات المضادة مثل حملة gazawood التي واصلت على مدار عامين تشويهها للحقائق ووضع الأخبار في سياق يخدم الرواية الاسرائيلية، ولا يمكن إغفال اعتمادها على المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي من ناحية واعتمادها على تصيد المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي والمنشور على الحسابات الفلسطينية من ناحية أخرى.
ثالثا: استخدام الأعمال الفنية الفلسطينية وكواليسها في حملات التضليل، مثل مسلسل نزيف التراب الذي استخدم محتواه الفني في حملات التضليل المختلفة التي رافقت الحرب.
سياقات التضليل في ظل الحرب
خلال عامين من الحرب على غزة، اعتمدت الماكينة الاعلامية الاسرائيلية والبروبوغاندا الاسرائيلية على سياقات مختلفة للتضليل، من خلال العمل اليومي لمرصد كاشف في ملاحقة ادعاءات الحسابات الاسرائيلية، نجمل أهم هذه السياقات التي كان التضليل يتم من خلالها:
أولا: التضليل في أهداف العمليات العسكرية للاحتلال
منذ الساعات الأولى للحرب، اعتمد الاحتلال على تبرير عدوانه على غزة تحت شعار "الدفاع عن النفس" بسبب الأحداث التي وقعت في 7 تشرين أول، وزعم أن عملياته تستهدف حركة حماس فقط، وأنفاقها ومراكز وجود عناصرها، في حين كان يقصف المدنيين والبنية التحتية بشكل واسع في غزة، هذا الخطاب التضليلي ساعدها في تبرير الجرائم أمام المجتمع الدولي وتخفيف الضغوط السياسية.
ثانيا: التضليل في حجم الجرائم وأعداد الشهداء والمصابين
عمل الإعلام الإسرائيلي على التقليل من أعداد الشهداء الفلسطينيين، والتشكيك في بيانات وزارة الصحة في غزة، واتهام حماس باستخدام المدنيين كدروع بشرية، إلى جانب التشكيك في الصور والفيديوهات المنشورة للشهداء، فقد روج مثلا أن بعض الفيديوهات هي لدمى وليست لأطفال تم قتلهم، وقد استخدم الاحتلال هذا النهج بهدف إضعاف التعاطف الدولي مع غزة وتبرير استمرار القصف.
ثالثا: التحريض على الناشطين والشخصيات الفلسطينية
لم يقتصر التضليل خلال الحرب على وقائع الجرائم والأحداث بل امتد إلى التحريض على أشخاص بعينهم، بعضهم سياسيين وبعضهم نشطاء أو صحفيين ومحلليين مثل صالح الجعفراوي ووائل الدحدوح، ومعتز عزايزة، وفايز الدويري، إضافة سياسيين وقادة عسكريين لحماس، مثل السنوار واسماعيل هنية.
رابعا: شيطنة الرواية الفلسطينية
عملت الماكينة الاعلامية الاسرائيلية منذ بداية الحرب، على شيطنة الرواية الفلسطينية، وتحويل الحديث عن الجرائم التي ترتكبها في غزة على أنه "عداء لإسرائيل/ معاداة للسامية"، أو دعاية للمقاومة، وتقديم كل الساردين الغزيين والنشطاء والصحفيين الذين ينقلون الحقائق على الأرض كإرهابيين ومحرضين على الاحتلال، وهذا ساهم في تهميش صوت الفلسطينيين خاصة في الإعلام الغربي.
كيف تغيّر المشهد خلال السنتين الأخيرتين؟
على الرغم من استمرار حملات التضليل التي تمارسها حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بكافة أشكالها، وتنوع الأساليب والأدوات التي تستخدمها هذه الصفحات من أجل تكذيب وتشويه الرواية الفلسطينية لحقيقة ما يجري في غزة وبشاعة الجرائم التي يرتكبها الاحتلال على الأرض، إلا أن بعض الأكاديمين والمطلعين على مسار الحملات التضليلية، يؤكدون تراجع أثرها على الرأي العام العالمي.
وفي سياق ذلك، قال د. سعيد أبو معلا، المحاضر في الجامعة العربية الأمريكية، في مقابلة مع كاشف، إن العامين الماضيين شهدا تغيرات كبيرة في المشهد الإعلامي المرتبط بالحرب على غزة. وأوضح أن العالم كان في البداية مصدوماً بعملية "طوفان الأقصى"، وأبدى تعاطفاً واسعاً مع الاحتلال فيما كانت وسائل إعلام عالمية مختلفة مستعدة لأن تكون جزءاً من ماكينة التضليل الإسرائيلية الضخمة، ذات العلاقات المتشابكة مع الإعلام الإسرائيلي، والتي توظف أدوات متعددة للسيطرة والتأثير، من بينها التأثير المباشر على الصحفيين ووسائل الغربي، وقد استخدمت في ذلك أدوات مختلفة أهمها المؤثرين والنشطاء على صفحات التواصل، وإنتاج الأفلام الدعائية، وصولاً إلى التأثير على الساسة ومواقفهم.
وأضاف أبو معلا أن هذه البروباغندا الإسرائيلية الهائلة دفعت في البداية قطاعات واسعة من الرأي العام العالمي لتصديق الرواية الإسرائيلية بما فيها من حقائق وما تحويه من تضليل، لكن مع مرور ستة أشهر على الحرب وظهور مشاهد الوحشية والجنون الإسرائيلي بدأ العالم يستيقظ ويفكر مجدداً.
وأشار إلى أن نشاط النشطاء الفلسطينيين والعرب والأجانب المدافعين عن القضية الفلسطينية أسهم في هذا التحول، رغم ما وصفه بـ"التضليل المرعب" الذي اجتاح المنصات والإعلام في بداية الحرب.
جنون الجرائم فضحَ التضليل
وأكد أن تراجع تأثير التضليل اليوم بات واضحاً، خاصة مع انكشاف خطط التهجير واستمرار الإبادة، وهو ما أظهر أن الحرب ليست مجرد رد على "حماس" وعلى أحداث السابع من تشرين الأول، كما روج الاحتلال.
وشدد أبو معلا على أن هذا التحول في الرأي العام الدولي خدم القضية الفلسطينية، وخلق مناصرين جدد بالإضافة إلى أن طول أمد الحرب أتاح وقتاً لنشر الرواية الفلسطينية، مؤكداً على ضرورة مواصلة جهود مكافحة التضليل وفضح جرائم الاحتلال، والبناء على هذا الجهد حتى لا تذهب دماء الشهداء هدراً.
وحول دور مراصد التحقق في التغيير الذي حدث على مشهد التضليل أكد أبو معلا أنها لعبت دورا واضحا، وخاصة في التوعية، مشددا على أهمية أن تتم ترجمة محتواهم إلى لغات اخرى وخاصة الانجليزية لأن هذه الملاحقة للتضليل حتى تكون مؤثرة وتصل الى العالم يجب أن تبذل مراصد التحقق جهدا في الترجمة كي تكون أكثر تاُثيرا.
السرد القصصي الإنساني لنشطاء غزة حقق نتائج كبيرة
من جهته قال صالح مشارقة، المحاضر في جامعة بيرزيت، والذي نشر قبل أيام تقريراً في مجلة عالمية حول "الساردين الرقميين في غزة وتأثيرهم على الإعلام العالمي"، إن الدعاية الإسرائيلية قدّمت خلال الحرب على غزة أقصى ما تملكه من أدوات التضليل الإخباري على مستوى العالم، من خلال خطط حرب استخبارية قادها متحدثو جيش الاحتلال ووحدات متخصصة في القرصنة والسيطرة على الفضاء الرقمي وخطوط الاشتباك على الإنترنت.
وأوضح أن معامل الدعاية الإسرائيلية أنتجت خلال حرب الإبادة أخباراً مفبركة وصوراً مضللة حول مزاعم "تقطيع الرؤوس والحرق والاغتصاب" خلال أحداث السابع من أكتوبر، في محاولة للتغطية على ما وصفه بـ"الجرائم الحقيقية" من قتل وتهجير وحرق طالت أكثر من ربع مليون فلسطيني في قطاع غزة.
ويرى مشارقة أن هذه الدعاية فشلت في تحقيق أهدافها، وهو ما يظهر بوضوح في التحولات التي يشهدها الرأي العام العالمي، سواء في حركة الشوارع التي تعبر عن دعم متزايد لفلسطين، أو في التغير الملحوظ في مواقف صحفيين ومذيعين وكتاب ومؤرخين غربيين بدأوا يدركون حجم الخداع الذي مارسته إسرائيل والدور الذي لعبه لوبي "أيباك" في تزييف الوعي الغربي والأميركي.
وأضاف أن تراجع فاعلية التضليل الإسرائيلي يعود أيضاً إلى قوة السرديات الفردية التي خرجت من داخل غزة عبر مؤثرين عاديين لا ينتمون للأحزاب أو المؤسسات الربحية، إذ شكّلت رواياتهم وفيديوهاتهم الميدانية الصادقة تحدياً حقيقياً للدعاية الإسرائيلية، وكشفت زيف تغطيات إعلامية "معلّبة" تحت شعارات الحياد والمهنية.
وخلص مشارقة إلى أن هذه السرديات الرقمية الأصيلة أسهمت في قلب موازين التأثير الإعلامي، وفضح ماكينة التضليل التي طالما نجحت في تشكيل الرأي العام العالمي تجاه فلسطين.
الشركات التكنولوجية شريكة في التضليل
من جهته قال مدير المناصرة في مركز حملة، جلال أبو خاطر، إن التغيير الذي حصل خلال العامين الأخيرين في مشهد التضليل يتمثل في طرق انتشار المعلومات المضللة والأدوات المستخدمة واتساع رقعتها، موضحًا أن حملات التضليل كانت موجودة دائمًا، لكن التطور النوعي حصل مع دخول أدوات الذكاء الاصطناعي على الخط، سواء من قبل المستخدمين العاديين أو من قبل الاحتلال الإسرائيلي نفسه.
وأشار إلى أن الاحتلال بدأ باستخدام جيوش من الحسابات الوهمية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل أدوات "تشات جي بي تي" من شركة "OpenAI"، لإنتاج محتوى مضلل ومنظم يخدم روايته. ولفت إلى أنه لاحظ هذا الاستخدام بشكل واضح في عدة حالات، معتبرًا ذلك خطرًا حقيقيًا، موضحًا أن شركة ميتا انتبهت إلى بعض هذه العمليات وأوقفتها، وأصدرت تقريرًا حول مخاطر المعلومات المضللة القادمة من جهات غير واضحة.
وأضاف أن مركز حملة قام بتوثيق عدد من هذه الحالات، مشيرًا إلى أن شركات التكنولوجيا الكبرى تدرك أن منصاتها تُستغل لنشر هذا النوع من المحتوى، لكنها في الوقت ذاته تسهل استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في إنتاجه ونشره.
نزع شرعية الأونروا.. أحد أهداف حملات التضليل
وبيّن أن الاحتلال استخدم هذه الأدوات تحديدًا في حملته لنزع الشرعية عن وكالة الأونروا، إذ سخّر الذكاء الاصطناعي التوليدي وحسابات وهمية وشبكات متعددة لاستهداف شخصيات مؤثرة وسياسيين في الولايات المتحدة وأوروبا، من أجل زرع فكرة أن وكالة الغوث متواطئة، رغم أن هذه الادعاءات لا تستند إلى أي دليل. وأشار إلى أن هذه الحملات حققت بعض النجاح في تشويه صورة الأونروا وسحب الغطاء عنها.
وأوضح أبو خاطر أن منصات مثل يوتيوب وفيسبوك ما زالت تفتقر إلى آليات حماية فعالة ضد المحتوى المضلل، فلا تُظهر للمستخدمين بوضوح أن المادة التي يشاهدونها مضللة أو مزيفة.
وأكد أن التغيير الجوهري خلال العامين الماضيين يتمثل في تعدد الأدوات المستخدمة في التضليل، واستثمار الاحتلال مئات الملايين من الدولارات في مشاريع مختلفة عبر وزاراتها وشركات خاصة لترويج معلومات مضللة، وتبرير سياساتها ضد الفلسطينيين، وتبرير الإبادة في غزة.
كما أشار إلى أن بعض الشركات التكنولوجية تتيح استغلال أدواتها ومساحاتها الرقمية لخلق ونشر محتوى كاذب ومضلل يخدم هذه الأهداف.