مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

هل يمكن أن تؤدي الأحاديث السياسية في العراق إلى تقسيم البلاد؟

هل يمكن أن تؤدي الأحاديث السياسية في العراق إلى تقسيم البلاد؟
SaheehNewsIraq

الكاتب

SaheehNewsIraq
nan في سياق تعليق على الأحاديث السياسية عن احتمالية إقامة إقليم شيعي في جنوب العراق، وما يعنيه ذلك من احتكار الثروة النفطية، تحدث رئيس مجلس النواب عن التعطيش بوصفه ورقة يمكن أنّ تستخدمها المناطق السنية بالمقابل، باعتبارها تسيطر على مناطق مرور نهري دجلة والفرات. وأثار الحديث جدلًا وانتقادات اضطرت المشهداني إلى إصدار توضيح صوتي، أكّد فيه أنّ حديثه لم يكن إلا في سياق "التهكم وازدراء الداعين إلى الأقلمة"، كما أكّد رفض أي مشاريع تقوم على تقسيم العراق.[*] لكن تصريحات المشهداني لم تقتصر على هذا، إذا تورط المشهداني بسرد معلومات مضللة عن توزيع الثروات بذات الدافع الطائفي، حين أشار إلى أنّ المناطق الجنوبية ستفقد ثرواتها، وأنّ محافظة الأنبار تمثل أغنى مناطق العراق، بالنظر إلى ما تضمه من ثروات وغاز فضلاً عن اليورانيوم، وكما نشير في هذا التوضيح: قال المشهداني: "أغنى محافظة في العراق هي الأنبار، في كلّ شيء، وثاني أغنى محافظة في العراق السماوة"، و"كلّ ثروات العراق المستقبلية (...) موجودة في الأنبار والسماوة.. بس اليورانيوم والسليكون يعيشون العراق كله".[**] وبالبحث والمراجعة نجد أنّ هذا التصنيف لا يستند إلى دراسات أو بيانات موثوقة من مراكز عالمية أو اقتصادية مرموقة مثل البنك الدولي أو مؤسسة راند أو غيرها من المراكز الاقتصادية العالمية.[1] كما أنّ الدراسات والبحوث الصادرة عن هيئة المسح الجيولوجي العراقية والتي تنشر عبر مجلة الجيولوجيا والتعدين العراقية، لا تصنف الأنبار بوصفها أغنى محافظات العراق، بل تشير إلى توزع الثروات المعدنية بنوعيها (الفلزية واللافلزية) على مناطق واسعة من العراق لا تقتصر على الأجزاء الغربية.[2] وتتواجد المعادن الفلزية بشكل رئيسي في شمال العراق، خاصة في إقليم كردستان، وتشمل هذه المعادن الزنك والرصاص والنحاس والكروم والنيكل والحديد والمنغنيز، كما تُعتبر منطقة Penjween-Walash في شمال شرق العراق من المناطق المعدنية الهامة، حيث توجد معادن مثل النحاس والحديد والزنك.[3] في حين يوجد الكبريت الحر بشكل رئيسي في محافظتي نينوى وصلاح الدين، وهو يُستخدم في صناعات متعددة مثل إنتاج الحمض الكبريتي، وتتواجد احتياطيات فوسفاتية هائلة في محافظة الأنبار، حيث تُعتبر من أكبر الاحتياطيات في العالم.[4] أما بما يتعلق بالنفط والغاز، فتشير أحدث تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية (U.S. Energy Information Administration - EIA)، إلى أنّ العراق يصنف في المرتبة الخامسة من حيث احتياطيات النفط الخام المثبتة بـ 145 مليار برميل، وهي تمثل 17% من احتياطيات الشرق الأوسط و8% من الاحتياطيات العالمية.[5] وتؤكّد بيانات إدارة الطاقة الأميركية، أنّ هذا الاحتياطي يتركز في جنوب العراق، وبعض المناطق الشرقية والشمالية، مثل ديالى وكركوك. والأمر ذاته ينطبق على الغاز، إذ يقدر الاحتياطي العراقي المؤكد من الغاز الطبيعي بما يقارب 131 تريليون قدم مكعبة (Tcf)، ومعظم احتياطيات الغاز الطبيعي في العراق مرتبطة بالنفط، ويتركز معظم هذا الغاز الطبيعي المرافق في الحقول النفطية الكبيرة جنوب العراق. ويمثل نحو ثلثي إنتاج العراق من الغاز الطبيعي بالغاز المصاحب، وهو منتج ثانوي لإنتاج النفط، فيما تشير تقديرات البنك الدولي إلى أنّ العراق أحرق أكثر من 630 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي في عام 2022، ليصبح ثاني أكبر مصدر لحرق الغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا. ويتم حرق الغاز الطبيعي بسبب نقص طاقة الأنابيب وغيرها من البنية التحتية الوسيطة اللازمة لنقل الغاز الطبيعي من مناطق إنتاج النفط الخام، حيث أرجأ العراق هدفه لوقف حرق الغاز الطبيعي إلى عام 2027. وإدارة معلومات الطاقة الأميركية، هي وكالة حكومية تابعة لوزارة الطاقة الأميركية (U.S. Department of Energy)، وتُعد المصدر الرئيسي للإحصاءات والتحليلات والتنبؤات الموضوعية والمستقلة حول الطاقة في الولايات المتحدة والعالم. وتقدم هذه الوكالة معلومات تفصيلية عن إنتاج واستهلاك الطاقة (النفط، الغاز الطبيعي، الكهرباء، الطاقة المتجددة، الفحم، إلخ)، ولها تحديثات حول الاحتياطيات النفطية العالمية، وأسعار النفط الخام، والإنتاج اليومي للدول، وتقارير عن انبعاثات الكربون والاتجاهات البيئية المرتبطة بالطاقة. كما تقدم تحليلات وتنبؤات طويلة وقصيرة المدى حول الطلب والعرض العالمي على الطاقة، ودراسات حول تأثير السياسات أو الأحداث العالمية (مثل الحروب أو الاتفاقيات المناخية) على قطاع الطاقة، وتغطي بتقاريرها الدول المنتجة للنفط مثل العراق والسعودية وروسيا، وتعتبر بياناتها موثوقة وتعتبر من المصادر الأساسية للمختصين والباحثين والمسؤولين، خاصة تقارير التوقعات قصيرة الأجل للطاقة. وتتوافق هذه التقديرات من البيانات الرسمية العراقية، التي تشير إلى أنّ هناك 143 مليار برميل من الاحتياطات المثبتة متركزة في عدة حقول كبيرة في الجنوب الشرقي من البلاد قرب الحدود العراقية مع الكويت وإيران مع 20% اضافية واقعة في الجزء الشمالي قرب كركوك، واحتياطي غاز طبيعي يقدر بـ 127 تريليون قدم مكعب من الاحتياطات المثبتة.