مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
بالتزامن مع عرض مسلسل النقيب الذي يجسد شخصية الضابط في وكالة الاستخبارات العراقية حارث السوداني، أثيرت الكثير من المعلومات عن الأسباب التي أدت إلى كشف هويته بعد سلسلة من العمليات الناجحة التي اخترق من خلالها تنظيم "داعش"، من بينها تصريحات لرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.[*]
وتعود تصريحات العبادي المتداولة إلى لقاء جمع رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي مع المرجع الديني، حسين إسماعيل الصدر، في 31 تشرين الأول أكتوبر 2024. وخلال المقطع المجتزأ تحدث العبادي عن المعلومات المحلية التي تصل إلى الحكومة العراقية من المواطنين عن تنظيم داعش، وقدرة الجهاز الأمني على اختراق التنظيم بناءً على المعلومات التي تصل، كذلك تناول التفجيرات التي وقعت في بغداد والاستراتيجية التي اتبعتها الحكومة في السيطرة عليها، أي بعد نحو 7 سنوات من حادثة النقيب حارث السوداني.[1]
تداول الفيديو الاتهامات بحق رئيس الوزراء السابق، دفع ائتلاف النصر بزعامة العبادي إلى إصدار توضيح رسمي، أشار إلى ذات التفاصيل عن الفيديو، وقال إنّ جهات "معروفة" تقف وراء ترويج الفيديو في "محاولة رخيصة" تستهدف العبادي.[2]
وفي هذا التوضيح الموجز ينشر "صحيح العراق" تفاصيل موثقة عن قصة الضابط حارث السوداني وعملياته النوعية، وعن الخلل الذي تسبب بكشف هويته في آخر المطاف:
قصة حارث السوداني:
انضم حارث السوداني إلى خلية الصقور الاستخبارية في بداية تأسيسها على يد "أبو علي البصري" عام 2006، بتشجيع من شقيقه مناف، وكانت الوحدة الاستخبارية حينها تضم 16 رجلاً فقط، قبل أن تتحول إلى واحدة من أبرز وحدات النخبة العسكرية.
قبلها كان حارث قد تعثر في دراسته، ولم يكملها إلإ بعد أن تزوج زواجًا تقليديًا، إذ عمل في صيانة المراقبة الإلكترونية في مؤسسات نفطية.
وفي عام 2014 ومع استيلاء داعش على مساحات كبيرة في سوريا والعراق، تطوع السوداني في مهمة للتسلل إلى صفوف التنظيم، فتمت ترقيته لرتبة النقيب وتدريبه على المهمة.
وبحسب شهادات سابقة لمسؤولين في وكالة الاستخبارات وأفراد من عائلته نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز"، فإنّ عائلة السوداني تنحدر من الرمادي، وهو ما ساعد حارث في مهمته، إذ كان يجيد اللهجة المحلية في الأنبار، فنجح في الانخراط في صفوف التنظيم من خلال مراسلات على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أنّ أتقن الأحاديث الدينية وحفظ خطبًا وأناشيد مرتبطة بالتنظيمات الجهادية.
اختلق النقيب حارث شخصية "أبو صهيب"، العاطل عن العمل بأحد أحياء السنة بالعاصمة بغداد، وبدأ مهمة اختراق صفوف المتشددين في مدينة الطارمية المجاورة، ونجح في مهمته، وتحول بسرعة إلى أحد قيادي التنظيم المسؤولين عن مئات الكيلوغرامات من المتفجرات والانتحاريين في بغداد.
كان السوداني ينسق هذه العمليات مع الخلية التي يقوم أفرادها بدورهم بتأمين طريق مروره إلى موقع محدد لاعتقال الانتحارين وضبط المتفجرات، ثم ينفذون تفجيرًا وهميًا ويعلنون عنه رسميًا مع تقديم بيانات غير حقيقية عن قتلى وجرحى.
وعلى مدار 16 شهرًا أثمرت جهود السوداني عن إحباط العديد من العمليات الإرهابية والقضاء على قياديين بارزين في التنظيم، إذ يقول أبو علي البصري مدير الاستخبارات العراقية إن جهود السوداني ساعدت في إحباط 30 هجومًا بعربات مفخخة و18 مخططًا انتحاريًا.
وفي إحدى المرات، منتصف عام 2016، تلقى السوداني اتصالاً من "أميره" في التنظيم، حين كان من المفترض أن يكون في موقع لتنفيذ تفجير داخل بغداد، في حين كان النقيب في منزله. أكّد السوداني أنّه في موقع التفجير، لكن التنظيم كان قد تعقب موقعه الحقيقي واكتشفه، فقال له القيادي في التنظيم: "أنت تكذب".
يقول مسؤولون في وكالة الاستخبارات، إنّ قيادة الوكالة طلبت من السوداني وقف المهمة إثر هذا الاتصال لكنه رفض وأصر على الاستمرار.
وفي أوائل كانون الثاني يناير 2017 كلف التنظيم السوداني بمهمة كانت هي الأخيرة فقد اختفى بعدها تمامًا، ثم أصدر التنظيم في آب أغسطس التالي شريط فيديو يظهر إعدام سجناء كان من بينهم النقيب حارث السوداني، وفق ما أكدته وحدة الصقور، دون أن يعثر على جثته حتى الآن.