مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
يبرز "الرشق الإلكتروني" من بين أساليب عدة يلجأ إليها مسؤولون وسياسيون في العراق بهدف التلاعب بالرأي العام، أو ترويج فكرة محددة أو معارضة أخرى أو ممارسة حرب كلامية وحملة ضد طرف ما، وهي تنفذ بالعادة من خلال أشخاص ينشطون بوصفهم "إعلاميين"، أو من خلال المكاتب الإعلامية الرسمية في حالة كبار المسؤولين.
ويهدف "الرشق" لخلق انطباع زائف بشعبية شخص أو جهة أو دعم جماهيري مُفتعل، وهو ما ينطبق على صفحة "رئاسة جمهورية العراق" الرسمية على فيسبوك، إذ يكشف "صحيح العراق" في سياق هذا التقرير كيف تضخم حجم التفاعل مع نشاطات لرئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد وزوجته التي تلقب بـ "السيدة الأولى" من قبل الرئاسة[1]:
رشق 13 منشور خلال شهر واحد!
حلل فريق "صحيح العراق" منشورات الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية منذ بداية عام 2025، بعد ملاحظة نشاط غير اعتيادي، وتوصل إلى أنّ هذا النشاط مرتبط بحسابات وهمية استخدمت لزيادة عدد "الإعجابات" للمنشورات الخاصة بفعاليات رئيس الجمهورية وزوجته شاناز إبراهيم أحمد.
ويظهر بالتدقيق، أنّ حسابات وهمية تحمل معظمها أسماء مكتوبة باللغة الفيتنامية، وهي لغة تستخدم الحروف اللاتينية مع إضافة علامات تشكيل خاصة لتمثيل الأصوات الفيتنامية المميزة، استخدمت للتفاعل بزر "لايك" ضمن 13 منشورًا خلال شهر واحد (31 ديسمبر 2024 - 30 يناير 2025)، وكما يلي[2]:
1- فيديو/ السيدة الأولى تستقبل ممثلي العراق في برلمان الطفل العربي.
2- السيدة الأولى تستقبل ممثلي العراق في برلمان الطفل العربي.
3- بيان رئاسة الجمهورية عن اعتقال "جالاك صباح عمر"
4- فيديو/ رئيس الجمهورية يستقبل رئيس إقليم كردستان والوفد المرافق له.
5- رئيس الجمهورية يستقبل رئيس إقليم كردستان والوفد المرافق له.
6- فيديو/ تقرير خاص لزيارة فخامة رئيس الجمهورية لمحافظة واسط.
7- رئيس الجمهورية يستقبل سفير الجمهورية اللبنانية.
8- رئيس الجمهورية يستقبل رئيس اللجنة المالية النيابية.
9- فيديو/ رئيس الجمهورية يشارك في الحفل التأبيني بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم.
10- صور/ رئيس الجمهورية يشارك في الحفل التأبيني بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم.
11- رئيس الجمهورية يشارك في الحفل التأبيني بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم.
12- رئيس الجمهورية يشارك في الحفل التأبيني بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد آية الله السيد محمد باقر الحكيم واحياء يوم الشهيد العراقي.
13- تهنئة العام الجديد.
"رشق بدائي رخيص"!
ولا تقتصر حملات الرشق على هذه المنشورات، بل تمتد إلى أخرى كثيرة على مدار العام الماضي، ما ساهم في رفع حجم التفاعل بمئات الإعجابات غير الحقيقة، إذ تستخدم حسابات مجهولة بشكل كامل، والتي تنشأ بأساليب مُمنهجة تعرف بـ "برامج أو مزارع بشرية"، وهي تحمل أسماء وصور مُستعارة، أو تُسرق هويات حقيقية.[3]
ويعرف الأسلوب الذي أتبع لترويج نشاطات رئيس الجمهورية وزوجته عبر الصفحة الرسمية بـ "الرشق الرخيص"، بحسب تعبير خبير تقني تحدث لـ "صحيح العراق"، إذ لا تتجاوز كلفة رشق كل منشور من هذه المنشورات "3 - 4 دولارات".
ويؤكّد الخبير أنّ الجهة أو الشخص الذي نفذ هذه الحملة "استخدم أسلوبًا بدائيًا"، ولجأ إلى "طريقة سهلة من أجل تضخيم سريع للتفاعلات، ولم يكلف نفسه عناء طلب أسماء منطقية".
هذا الأسلوب لم يعد مفضلاً في أوساط المسؤولين والسياسيين، بالنظر إلى إمكانية اكتشافه، كما يؤكّد الخبير، مبينًا أنّ "الطريقة المتبعة هي استخدام أشخاص حقيقيين من البلدان العربية الفقيرة مثل سوريا، مقابل رواتب تتراوح بين 150 - 250 دولارًا شهريًا، وتوظيفهم في حملات تفاعل أو هجمات إلكترونية ضد الخصوم".
في ذات الوقت، يوضح الخبير أنّ "أسلوب الرشق البدائي"، يجنب المسؤولين الرسميين أي مساءلة قانونية، "إذ يمكن لأي شخص أن ينفذ الرشق بمجرد الحصول على الرابط الإلكتروني"، مشيرًا إلى أنّ معرفة الجهة الممولة لمثل هذه الحملات ممكن بتحديد الجهة المستفيدة، وهي "الرئيس وزوجته في هذه الحالة".
كما يمكن المقارنة بدلائل أخرى للوصول إلى شكل أوضح عن الجهة المسؤولة عن هذه الحملات، ومنها "إخفاء معلومات عدد المتابعين"، في محاولة لإخفاء هوية الحسابات ضمن المتابعين وتحليلها، وفقًا للخبير.
ويمكن بخطوات أساسية معرفة الحسابات الوهمية، أو ما يعرف بـ "الذباب الإلكتروني"، الذي يستخدم في مثل هذه الحالات، وكما يلي:
الملف الشخصي (Profile):
صور عامة أو مسروقة: استخدام صور مشهورة (ممثلين، علماء دين، أو علم العراق) أو صور مخزنة من الإنترنت.
يمكن التحقق من الصور عبر محركات البحث العكسي مثل Google Images أو موقع Facecheck.ID.
اسم عام أو غير مكتمل: أسماء مثل "محمد العراقي" أو "فتاة بغداد" بدون تفاصيل شخصية.
غياب المعلومات الشخصية: لا توجد تفاصيل عن العمل، الدراسة، أو الاهتمامات الواقعية.
النشاط على المنصات:
تفعيل الحساب حديثًا: حسابات مُنشأة منذ أسابيع أو أشهر قليلة مع آلاف التفاعلات.
تكرار المحتوى: نشر نفس المنشور أو التعليق على صفحات متعددة (مثل "نحن مع القائد" أو "يسقط الفاسدين").
تركيز على قضية واحدة: الترويج لهاشتاغات سياسية أو طائفية فقط.
تفاعل غير طبيعي: عشرات التعليقات أو الإعجابات في دقائق معدودة.
التوقيت والسلوك:
نشاط ليلي أو متزامن: ظهور تفاعل مفاجئ لآلاف الحسابات عند منتصف الليل (عندما يكون الجمهور الحقيقي نائمًا).
عدم التفاعل مع الجمهور: الحسابات الوهمية نادرًا ما ترد على الأسئلة المباشرة أو تناقش بشكل عميق.
استخدام لغة متطابقة: تعليقات مكتوبة بنفس الأخطاء الإملائية أو نفس التراكيب اللغوية.