أثار المؤتمر العاشر لحزب البعث في الأردن ضجة واسعة في العراق، حول منح عمّان إجازة للحزب، المحظور في العراق، وفيما يتداول محللون معلومات حول منح الحزب العراقي المحظور إجازة، يقدم "صحيح العراق" مادة مفصلة عن حزب البعث العربي الاشتراكي في الأردن وتداعيات مؤتمرهم الأخير. من بين المحللين سعيد ياسين، عضو منظمة الشفافية، حيث قال خلال برنامج "رأي عام" الذي يعرض على قناة "آفاق" الفضائية ما نصه: "أنا حقيقة انصدمت من تسجيل حزب البعث في الأردن، هم موجودين في لبنان والأردن، لكن حزب عراقي باسم عراقي هذا موضوع مخالف للدستور". الحقيقة: تصريح غير دقيق، لأن حزب البعث العربي الاشتراكي الأردني نال إجازة التأسيس في الأردن عام 1993، كما هو الحال في عدد من البلدان العربية ولم يتم تأسيس حزب جديد باسم البعث، فما حصل هو أن الأردن أصدر قانونا جديدا لتنظيم عمل الأحزاب في البلاد، ووضع شروطا جديدة ومنح الأحزاب مهلة لتسوية أوضاعها من أجل تجديد رخصتها، ومن ضمن تلك الأحزاب الأردنية التي طبقت الشروط ونالت رخصة التجديد كان حزب البعث العربي الاشتراكي الأردني. قانون جديد لتنظيم عمل الأحزاب في الأردن: في آذار مارس 2022، أقر الأردن قانوناً جديداً للأحزاب المرقم 7 لسنة 2022، وذلك ضمن الإصلاحات التي أوصت بها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في البلاد. وبحسب المادة 3 من القانون، فإن "الحزب تنظيم سياسي وطني يتألف من أردنيين تجمعهم قيم المواطنة.."، أي القانون لا يمنح إجازات للأحزاب غير الأردنية. وفرض القانون شرطين: الأول أن لا يقل عدد أعضاء الحزب عن ألف عضو، والثاني أن يكون من هم دون 35 سنة يشكلون 40% من مجموع الأعضاء. كما فرض القانون أن يكون اجتماع الهيئة العامة 501 عضواً على الأقل [1]. مهلة للأحزاب لتسوية أوضاعها في 14 نيسان أبريل 2023، انتهت المهلة التي حددتها الهيئة المستقلة للانتخاب لغايات تقديم الأحزاب الراغبة بتوفيق أوضاعها بموجب أحكام قانون الأحزاب النافذ، وذلك ليتسنى لسجل الأحزاب بالهيئة تدقيق الأوراق المطلوبة ومطابقتها، حتى تتمكن الأحزاب بعد الموافقة عليها من عقد مؤتمرها العام قبل الرابع عشر من مايو أيار 2023 [2]. حزب البعث الأردني يكمل متطلبات القانون في 12 أيار مايو الجاري، ومن أجل استكمال متطلبات قانون الأحزاب الجديد ولم يتم تأسيس حزب جديد، عقد حزب البعث العربي الاشتراكي الأردني، في نادي المعلمين بالعاصمة عمّان مؤتمره العاشر، وأعلن الحزب استيفاء الشروط المطلوبة، وحاز على الترخيص، وبالتالي لم يعد يعمل في الأردن تحت اسم حزب البعث العربي الاشتراكي سوى الحزب المذكور [3]. الهيئة المستقلة للانتخاب تمنح الترخيص لـ26 حزباً في 14 أيار مايو الجاري، أعلن مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب، عن استكمال (26) حزبا شروط وأحكام القانون النافذ، واستكمال حزب واحد عقد مؤتمره التأسيسي، فيما فشل 19 حزباً باستكمال المتطلبات التي حددها القانون. ومن بين الأحزاب التي منحت الترخيص هو "حزب البعث العربي الاشتراكي" لأكماله كافة متطلبات قانون الأحزاب الجديد، بناءً على مؤتمرهم الأخير [4]. ماذا جرى في المؤتمر؟ وشهد المؤتمر هتافات تمجد بالحزب، وتدعو إلى عودة حكم الحزب في العراق، لأن حزب البعث العربي الاشتراكي، له فروع في مختلف البلدان العربية، وحكم العراق 35 عاماً، ليتم حظره من الساحة السياسية في العراق بعد اسقاط نظام صدام حسين عام 2003 [5]. حظر حزب البعث في العراق وحظرت السلطات العراقية حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، ونشرت جريدة الوقائع العراقية في عددها رقم (4420)، عددا من القوانين التي اقرها مجلس النواب وصادقت عليها رئاسة الجمهورية، ومن بينها قانون حظر حزب البعث والكيانات والأحزاب العنصرية والإرهابية رقم (32) لسنة 2016 [6]. ردود عراقية غاضبة على إجازة البعث في الأردن شكل المؤتمر العاشر لحزب البعث الأردني، ردود أفعال غاضبة في العراق، على خلفية الهتافات التي رددت في القاعة خلال المؤتمر. أولى المواقف صدر عن حزب الدعوة الأسلامية في العراق الذي دعا في بيان، الحكومة العراقية إلى استدعاء السفير الأردني في العراق احتجاجًا على إجازة عمل حزب البعث، فيما عد إجازة الحزب من قبل الأردن بـ "العمل العدواني والاستفزازي" [7]. النائب عن دولة القانون محمد حسن راضي، قال "ماحصل من قرار لدولة الأردن بإجازة النشاط السياسي لحزب البعث المحظور غير مقبول ويوم غد سيكون هناك موقف وبيان لاستنكار هذا الأمر في مجلس النواب". ورجح، ان "يكون هنالك موقفا عراقيا في هذا الشأن" [8]. وطالبت لجنة "الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين" النيابية، وزارة الخارجية العراقية السفير الأردني لدى بغداد وتسليمه مذكرة احتجاج على خلفية إجازة المملكة الهاشمية لحزب البعث بممارسة نشاطه السياسي في الأردن [9]. من جهته، قال النائب عن كتلة صادقون النيابية حسن سالم “للاسف نتفاجأ اليوم بخبر اجازة الأردن لحزب البعث الفاشي بممارسة نشاطه السياسي حيث يعد تجاوزا صريحا على مشاعر الشعب العراقي الذي لاقى الويلات والظلم والحيف من هذا الحزب الظالم الدكتاتوري، فضلا عن كونه مخالف للاعراف والأديان والاتفاقيات التي تجمع البلدين الشقيقين" [10]. وحزب البعث العربي الاشتراكي الأردني (والمعروف سابقًا باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - منطقة الأردن)، هو حزب سياسي في الأردن وهو فرع لحزب البعث العربي الاشتراكي، والفرع الإقليمي لحزب البعث العربي الاشتراكي (العراق). بعد تأسيس حزب البعث في سوريا عام 1947، انتشرت الأفكار البعثية في العالم العربي، وانتشر الفكر البعثي في الأردن لأول مرة في الضفة الشرقية في أواخر الأربعينيات، وعلى الأخص في الجامعات. وحصل على الترخيص بشكل رسمي في الأردن عام 1993 [11]. إلا أنه بحسب الموقع الرسمي للحزب فإن الحياة السياسية للحزب في الأردن بدأت منذ عام 1947، أي بعد المؤتمر التأسيسي للحزب الذي دعا إلية ميشيل عفلق [12].