مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
الكاتب
SaheehNewsIraq
هل قلة المزروعات هي السبب الوحيد؟.. تعرف للأسباب الحقيقية وراء العواصف الترابية
شهد العراق منذ الشهر الماضي موجة عواصف ترابية غزت الأجواء بشكل غير معتاد، متسببة بآلاف من حالات الاختناق، وأدت لتعطيل بعض المؤسسات الحكومية في مدن مختلفة بينها أربيل والرمادي، فيما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالأخبار والتوصيات، التي حصرت أسباب الظاهرة بانعدام الأشجار وأوصت بزراعتها وإنشاء الأحزمة الخضراء في جميع المحافظات.
الحقيقة أن عدم وجود غطاء نباتي حول المدن، ليس السبب الوحيد في العواصف الترابية التي تحدث في العراق، بل إن هناك أسبابا أخرى تتمثل بقلة الأمطار وجفاف البحيرات والأنهار، فضلا عن تغير المناخ على مستوى العالم، والذي وضع العراق ضمن الدول الخمسة الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم، بسبب تزايد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف.
وفي شهر أيار مايو سجلت وفاة واحدة وأكثر من 5 آلاف حالة اختناق بسبب عاصفة ترابية ضربت مناطق وسط وجنوب البلاد، بحسب إحصائية أعلنتها وزارة الصحة، وهي العاصفة السابعة خلال شهر.
أسباب العواصف الترابية:
كشفت الهيئة العامة للأنواء الجوية مصادر وأسباب العواصف الترابية التي ضربت البلاد على مدار أكثر من شهر، وقالت إن "العواصف الترابية تأتي من قبل المناطق الغربية نتيجة قلة الأمطار وهشاشة التربة في تلك المناطق مما يجعلها تتأثر بالموجات الهوائية، وتولد عواصف ترابية ضخمة".
وأضافت أن جفاف البحيرات والأنهار داخل البلاد كان سبباً رئيساً لتقلبات الجو الترابية، مشيرةً إلى أن قلة مناسيب المياه وتساقط الأمطار وعدم تماسك التربة جميعها عوامل كبيرة أسهمت بشكل مباشر بتشكل العواصف الترابية.
قال مدير إعلام هيئة الأنواء الجوية عامر الجابري، إن "سرعة الرياح وقلة الأمطار من الأسباب الرئيسة التي تساعد على تصاعد الغبار لا سيما في المناطق الغربية من العراق التي تعتبر من المناطق الهشة، ولذلك تحمل الرياح التي تصل سرعتها من 30 إلى 40 كيلومتراً في الساعة الأتربة وتؤثر في تصاعد الغبار"، مبيناً أن "ما يساعد هذه العواصف هو افتقاد البلاد إلى الغطاء النباتي والحزام الأخضر نتيجة التجريف بالأراضي الزراعية التي تعتبر حاجزاً طبيعيا".
أما عميد المعهد الأميركي للدراسات البيولوجية حيدر معتز، فأوضح أن "عدم وجود مصدات لصد الرياح، وقلة الأمطار أديا إلى زياد حجم وتأثير العواصف الترابية في العراق".
ولفت إلى أن "العاصفة الترابية تأتي بين فترة وأخرى ولا نستطيع التنبؤ بها إلا أنه بالإمكان معالجتها من خلال زيادة نسبة الغطاء النباتي في المناطق التي تهب منها العواصف الترابية لصد الرياح"، مبيناً أن "عدم تساقط الأمطار يعتبر عاملاً سلبياً في زيادة تأثير العواصف الترابية لكون العراق شهد خلال السنوات الماضية نسب أمطار قليلة جدا".
كما قال وكيل وزارة الزراعة، ميثاق عبد الحسين، إن "هناك 3 عوامل مباشرة أدت لتكرار العواصف الترابية وزيادة التصحر تمثلت بقلة الأمطار وقلة الموارد المائية من بلدان المصب وخفض الخطة الزراعية".
أنشطة الجهات المعنية:
كشفت الحكومة العراقية عن اتفاق مع نظيرتها المصرية على إشراك خبراء مصريين في معالجة التصحر بهدف التقليل من آثار العواصف الترابية.
وقال المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي حيدر مجيد، إن "هناك لجنة لمعالجة حوض نهر الفرات والكثبان الرملية والتصحر وإنشاء الحزام الأخضر"، موضحا أنها "عقدت أربعة اجتماعات بحثت خلالها آلية وضع رؤى وأفكار لمعالجة ملوحة حوض نهر الفرات والمحافظات الثلاث وأيضاً ظاهرة تصحر محافظتي المثنى وذي قار".
فيما كشف الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي عن مبادرة أطلقتها دائرة المنظمات غير الحكومية بالأمانة العامة بزراعة مليون شجرة في عموم المحافظات للحد من التصحر.
يأتي ذلك في وقت أبلغ فيه العراق السعودية صاحبة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر بأنه لن يتمكن من توفير كميات المياه اللازمة للمشاركة في المشروع التي تكفلت به لزراعة نحو ستة ملايين دونم من أراضي محافظات الانبار والنجف والمثنى.
تحذيرات بشأن التغيرات المناخية:
حذّر تقرير أمريكي، 11 دولة من بينها العراق، من عدم الاستقرار بسبب التغير المناخي، وأنها قد تعاني من الضعف وعدم الاستقرار الجيوسياسي، فيما أكد تقرير دولي، أن العراق سيكون خامس أكثر البلدان تعرضا لانخفاض موارد المياه وقلة وفرة الغذاء مع تصاعد مفرط بدرجات الحرارة مصحوب بمشاكل صحية"، بين أن "البلاد تواجه ارتفاعاً دورياً بدرجات الحرارة العامة بمعدل 1 درجة مئوية وانخفاض المياه بوفرة بحلول العام 2050 بمعدل 20 الى 30%".
وحذر البنك الدولي في تشرين الثاني نوفمبر 2021 من انخفاض بنسبة 20 بالمئة في الموارد المائية للعراق بحلول عام 2050 بسبب التغير المناخي.
وحذر المدير العام للدائرة الفنية في وزارة البيئة العراقية، من تزايد العواصف الرملية، خصوصا بعد ارتفاع عدد الأيام المغبرة إلى "272 يوماً في السنة لفترة عقدين". ورجح أن "تصل إلى 300 يوم مغبر في السنة عام 2050".
كما وتؤكد أرقام رسمية في العراق، أن التصحر بات يطال 39% من الأراضي، كما تهدد زيادة ملوحة التربة القطاعَ الزراعي 54% من الأراضي المزروعة، علماً بأن موسم الأمطار للعام 2020-2021 كان الأكثر جفافاً خلال 40 عاما مضت، وهو ما أدى الى نقص حاد في التدفقات المائية في نهري دجلة والفرات بلغت نسبتها 29% (في دجلة) و73% (في الفرات).