مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

الحكومة تهدم مقابر "العبور" ببليس دون إبلاغ أهالي المتوفين وإعلاميون يقودون حملة مُضللة تنفي الهدم ومصدر في محافظة القليوبية يدحض ادعاءاتهم لصحيح مصر: الهدم لم يسبقه إبلاغ الأهالي بنقل رفات ذويهم والمقابر غير مرخصة

الحكومة تهدم مقابر "العبور" ببليس دون إبلاغ أهالي المتوفين 
وإعلاميون يقودون حملة مُضللة تنفي الهدم
ومصدر في محافظة القليوبية يدحض ادعاءاتهم لصحيح مصر: 
الهدم لم يسبقه إبلاغ الأهالي بنقل رفات ذويهم والمقابر غير مرخصة
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr
nan

الإدعاء

-على مدار الأيام الماضية، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات وصور لهدم مقابر "آل حجاب بالعبور" بمركز بلبيس بمحافظة القليوبية، ونقل مواطنين لجثث مكفنة في عربيات خاصة. -في أعقاب انتشار تلك الفيديوهات والصور، قاد إعلاميون حملة للتشكيك في صحة الواقعة من الأساس، نافين أن تكون تلك المقابر طالتها الهدم، ومدعين أن تلك الجثث التي ظهرت بالفيديوهات ليست حقيقية، وأنها جزءً من شائعات جماعة الإخوان المسلمون. -قال الإعلامي أحمد موسى، أثناء عرضه لفيديو من جبانات غير مهدمة: "آدي المقابر اللي بيتكلموا عليها اللي طالع منها الجثث المزعومة، لا في مقابر اتهدت ولا في جثث حد شالها ولا في جثث أصلًا حد خرجها، آدي الجثث اللي بيتكلموا عليها، هنا الأكاذيب بتاعة جماعة الإخوان". -وقالت مقدمة البرامج عزة موسى: "(الإخوان) كفنوا خشب وقالوا بصوا الحكومة المصرية هدت المقابر ودول جثث الموتى وطلعوا جثث الموتى في الأشولة والأكفان البيضا دي". -إلا أن تلك الحملة التي قادها إعلاميون مضللة، إذ بحسب مصدر بمحافظة القليوبية وثلاثة من الأهالي المدفون ذويهم في تلك المقابر، فإن الحكومة قامت بالفعل بهدم أعداد كبيرة من تلك الجبانات، كما حصل مع صحيح مصر على شهادات وفيديوهات لأهالي نقلوا جثث ذويهم المكفنة في عربات خاصة بعد هدم المقابر. -وحصل صحيح مصر على فيديوهات موثقة لجبانات مهدمة، كما حصل على فيديوهات لأناس يحملون جثث ذويهم.

دحض الإدعاء

المقابر هدمت.. والحكومة: غير مرخصة -وقالت سلمى* اسم مستعار، والتي دفنت والدها في تلك المقابر قبل حوالي سنتين، إنها وأسرتها علموا بخبر هدم الجبانات من خلال الفيديوهات على السوشيال ميديا. -لتتوجه سلمى وأسرتها إلى المكان، ويجدوا بالفعل أن تم هدم ما يزيد على 600 جبانة- وفق تقديرها، منهم جبانة والدها التي طال الهدم سورها، فيما نجت العين المدفون فيها والدها من النبش إلى الآن. -وتقول سلمى، إن أسر أخرى كانت أسوأ حظًا من أسرتها، حيث طال الهدم والركام العيون المدفون فيها ذويهم، وكانت سلمى شاهد عيان على نقل أسر أخرى جثث ذويهم في عربة تويوتا بعد هدم المقابر على الجثث. -كما أكد مصدر بمحافظة القليوبية، لصحيح مصر، صحة هدم الجبانات بتلك المقابر، بدعوى أن الأرض مملوكة للدولة، والمقابر المبنية عليها غير مرخصة. -وقال المصدر، إن الأرض المقامة عليها تلك المقابر تم الحصول عليها عن طريق وضع اليد، وأضاف: "جزء منها متاخد في 2005، وجزء متاخد في 2011". وتابع المصدر، أنه وفق القانون، فإن تلك المقابر مخالفة، إذ لم يقنن واضعي اليد موقفها، ولم يحصلوا على تراخيص لبناء مقابر عليها، وبناء عليه قررت المحافظة إزالتها. "آل حجاب بالعبور".. فص ملح وداب - تقول سلمى إن والدها اشترى تلك المقبرة قبل عام من وفاته من شركة تحمل اسم "آل حجاب بالعبور"، ومعهم عقد موثق بذلك. وأشارت إلى أن أسرتها حاولت التواصل مع الشركة في أعقاب الهدم، إلا أنهم لم يستطيعوا الوصول إلى أي من المسؤولين عنها. -وبالبحث عن معلومات عن شركة "آل حجاب بالعبور"، نجد صفحة لها على فيسبوك، منشأة في فبراير 2021، ورقم هاتف حاولنا الاتصال به، لكنه مغلق، وتعريف عبارة عن "شركة آل حجاب للاستثمار العقاري خبرة أكثر من 10 سنوات في؟". -كما أنه بالبحث عن الشركة، نجد ملف لها على موقع "BizMidEast - الدليل التجاري للشرق الأوسط"، ومعلومات عنها تشير إلى أن مقرها محافظة القليوبية، وتعريف عنها: "مقابر آل حجاب بالعبور موجود في القليوبية (محافظة). هذه الشركة تعمل في النشاط التجاري التالي: مقابر ومحارق جثث". -كما أن البحث داخل صفحتهم على فيسبوك، يُظهر نشرهم للكثير من الإعلانات لدعوة الناس إلى شراء مقبرة بـ"موقع مميز بمساحة ٢٠ فدان على الطريق الرئيسى، ونقدمها لكم بأقل الأسعار، وجاري العمل في التوسعات الجديدة الحمد لله". الأهالي لم يبلغوا بالهدم.. والجثث الضحية -لكن في نظر محسن* اسم مستعار، وهو واحد من الأهالي الذين هُدمت مقابر أسرهم، لا يصح أن تكون إشكالية الترخيص مبررًا لهدم المقابر دون إخبار الأهالي بنقل رفات ذويهم. -عدم إخبار الأهالي بنقل رفات ذويهم قبل الهدم واقع يؤكده المصدر بمحافظة القليوبية. مبررًا ذلك بأن المحافظة غير مسؤولة عن وجود رفات بالمقابر، وذلك لأنها مقابر غير مرخصة. كاشفًا أن "المحافظة في طور حصر الأرض لإدخالها في حزمة استثمارات". -يقول محسن: "لو كانوا قالوا لنا قبلها، كنا نقلنا حبايبنا، لكن دلوقتي الوضع صعب، ومش عارفين ممكن نعمل ده إزاي والهدد في كل مكان". نقل الرفات.. رحلة شاقة -أما سلمى فهي مستمرة في محاولات الحصول على تصريح لنقل رفات والدها إلى مقابر أخرى. تقول إنها توجهت إلى مكتب الصحة لاستخراج تصريح نقل للجثة، إلا أنهم اصطدمت بالإجراءات التي تطالبها بإحضار شهادة الوفاة المشخص فيها سبب الوفاة وإحضار جميع الورثة لإتمام الإجراءات. -يحدث هذا، في وقت لا تعرف سلمى مصير المقابر في الأيام المقبلة، وكل ما تأمل فيه الشابة أن تنجح في نقل جثمان والدها إلى مقابر أخرى، قبل أن يطويه الضياع بين الركام المتناثر في المكان.