مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
"اللي ما كان بدي موت عشانها قتلوها.. من شو بخاف.. أنا بدي موت"... فقدت أسماء، طفلتها الوحيدة مع بداية الحرب، واليوم تستمع لأصوات القصف بلا اكتراث، بينما لا تفارق طفلتها أحلامها، لتفيق على كابوس فقدها.
-قالت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، إن أكثر من نصف من قتلتهم إسرائيل في هجمهاتها الجوية والبرية على غزة هم من النساء والأطفال، واصفة الحرب المستعرة في غزة، منذ عام بأنها "حرب على صحة النساء".
يرصد صحيح مصر في هذا التقرير حجم المعاناة والتأثيرات التي تواجه السيدات الفلسطينيات في غزة، تحت القصف الإسرائيلي المستمر للقطاع.
دحض الإدعاء
** ليسوا مجرد أرقام
-بلغ عدد الشهداء منذ 7 أكتوبر الماضي، وحتى أمس، 42 ألفًا و 612 شهيدًا، من بين كل عشر شهداء 3 نساء و 4 أطفال، كما فُقد 10 آلاف شخص، 47% منهم نساء وأطفال.
- كما تواجه 177 ألف امرأة في غزة، مخاطر صحية مهددة للحياة، بما في ذلك الأمراض غير المعدية والجوع وسوء التغذية أثناء الحمل، فضلا عن خطر الموت والإصابة الذي يهدد جميع سكان القطاع القابع تحت النيران الإسرائيلية منذ عام.
-إذ اضطر 83% من سكان القطاع، الذي يعيش به 2 مليون و300 ألف مواطن للنزوح، ويعيش أغلب النازحين في ملاجئ مكتظة ويواجهون صعوبة في الوصول إلى الغذاء والمياه والمرافق الصحية.
-تسببت أوضاع الملاجئ في حدوث مئات الآلاف من حالات التهابات الجهاز التنفسي الحادة واليرقان والإسهال والطفح الجلدي.
- في وقت، تعرض 84% من المرافق الصحية بالقطاع للدمار الكلي أو الضرر، وافتقار المنشآت المتبقية إلى الأدوية وسيارات الإسعاف والكهرباء والمياه، بما في ذلك أبسط أنواع العلاجات المنقذة للحياة، فضلا عن قتل 986 من مقدمي الخدمات الصحية بالقطاع منذ اندلاع الحرب.
** الحوامل والأمهات الجدد.. مخاطر مضاعفة
-"باتمنى لو ما جبت بنتي على هاي الحياة.. الموت محاوطنا".. تقول أمل* لصحيح مصر، بعد أن وضعت طفلتها بجراحة قيصرية دون مخدر في عيادة غير مجهزة، كانت خيارها الوحيد المتاح لإنقاذ جنينها، بعد أن خرجت جميع المستشفيات بوسط غزة، من الخدمة.
-لم تتمكن أمل، من زيارة الطبيب أو متابعة الحمل منذ اندلاع الحرب وحتى موعد ولادتها، كما لم تتمكن من إرضاع صغيرتها مع تعدد أماكن نزوحها، وتوفر لها لبنا صناعيا بصعوبة بالغة، وتبكي مع رضيعتها كلما تعثر حصولها على عبوة حليب، وهو ما كان يحدث كثيرا، حتى اضطرت لإطعامها قبل أن تبلغ ستة أشهر.
-تواجه 155 ألف امرأة حامل ومرضعة عقبات في الحصول على الرعاية قبل الولادة وبعدها، وقالت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، إن جميع من قابلتهن تقريبا من الحوامل واجهن تحديات تتعلق بالتغذية وتوفير المكملات الغذائية الضرورية أثناء الحمل، ولم تتمكن 8 من كل 10 منهن من إجراء فحوصات لتقييم حالتهن التغذوية والصحية.
-يؤدي تدهور خدمات الولادة وما قبل الولادة إلى مخاطر جسيمة كارتفاع معدلات وفيات الأمهات والمواليد الجدد أو ولادة الجنين ميتا، فضلا عن نقص الأدوية الأساسية لحديثي الولادة، وخضوع العديد من النساء للولادات القيصرية دون تخدير.
-عانت النساء الحوامل اللاتي أجرت هيئة الأمم المتحدة مقابلات معهن من مضاعفات متعددة، حيث أصيبت 92% بالتهابات المسالك البولية، و 76% بفقر الدم، و20% من مضاعفات الولادة المبكرة، و 44 % أصبن بارتفاع ضغط الدم، كما أصيبت 20% بالنزيف، و 16% أصبن بنزيف داخلي، فيما وضعت 12% منهن مولودا ميتًا.
-وذكرت ممرضة بجنوب القطاع، ليونيسيف، مطلع العام الجاري، أنها أجرت عمليات قيصرية طارئة لست نساء متوفيات في الأسابيع الثمانية السابقة للقاء، كما تحدث حالات إجهاض بسبب الهواء غير الصحي والدخان الناتج عن القصف بعدد أكثر مما تستطيع حصره.
-ينال العيش في مساكن مكتظة أو ملاجئ أو خيام مؤقتة من خصوصية وكرامة النساء والفتيات النازحات مما يزيد من المخاطر المتعلقة بأمنهن، كما يعوق إرضاعهن لأطفالهن بحسب 55% من المشاركات في استطلاع الأمم المتحدة.
-وأدى انعدام الأمن الغذائي والنقص في المنتجات والمكملات الغذائية إلى تفاقم المخاطر التي تتعرض لها الأمهات، فوفقا لصندوق الأمم المتحدة للسكان هناك 15,000 امرأة حامل في غزة، على حافة المجاعة.
** ندرة المياه والنظافة الشخصية
-يحصل المواطن في غزة، على 3-15 لترا من المياه يوميًا، وهو ما يمثل 20% من نصيب الفرد قبيل الحرب، إذ دمرت إسرائيل 67% من منظومتي المياه والصرف الصحي، منها 194 بئراً لإنتاج المياه، و40 خزاناً كبيراً للمياه، و76 محطة تحلية.
- كما توقفت جميع محطات معالجة المياه العادمة، ويتم التخلص من معظم المياه العادمة حاليا دون أي معالجة، حيث تُصرف في البحر، الشوارع، وحتى داخل المنازل، مما يفاقم الأزمات الصحية والبيئية، وتتحمل النساء جانبا أكبر من الضرر بسبب دورهن غير المتناسب في الرعاية.
-لا يتمكن النساء من الحصول على أدوات النظافة الشخصية كالصابون والشامبو والفوط الصحية لندرتها وارتفاع أسعارها، كما لا تتوفر لهن أماكن ملائمة للاستحمام والنظافة، إذ تقول وفاء* لصحيح مصر، وهي أم شابة من شمال القطاع: "قصصت شعري وشعر أطفالي".
- تصل نسبة النساء المصابات بعدوى جلدية إلى 25%، وهو ضعف نسبة الإصابات في الرجال والبالغة 12.5%، من المشاركين في استطلاع الهيئة الأممية، وتشكل النساء أكثر من ثلثي الحالات المبلغ عنها من أمراض الجهاز الهضمي والتهاب الكبد الوبائي، كما أصيب 9 من كل 10 أطفال دون سن الخامسة بمرض معدي واحد على الأقل.
مرضى السرطان والأمراض المزمنة بلا رعاية أو علاج
- قالت مريضة سرطان، التقتها هيئة الأمم المتحدة، إنها لم تتمكن من زيارة طبيبها المختص أو إجراء فحوصاتها أو تلقي العلاج منذ اندلاع الحرب، حيث دُمر مستشفى الأورام الذي كانت تتلقى الرعاية فيه ليُترك مرضى السرطان بلا أي خدمات طبية.
- يضم القطاع 162 ألف امرأة مصابة أو معرضة للإصابة بأمراض مزمنة كالسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والضغط والسرطان، ويؤدي غياب الرعاية الطبية لهذه الأمراض لمضاعفات خطيرة قد تصل للوفاة.
-يبلغ عدد مرضى السرطان في غزة 9 آلاف بينهن 5 آلاف و 201 امرأة، تضاعفت معاناتهم/ن منذ بدء الحرب إثر توقف المرفق الوحيد لعلاج السرطان في قطاع غزة عن الخدمة.
-يواجه المرضى نقصا يهدد الحياة بسبب عدم توافر العلاج الإشعاعي والعلاج الجهازي بالإضافة إلى عدم كفاية التغذية، فمن بين سبع مريضات بالسرطان التقتهن هيئة الأمم المتحدة، لم تتمكن أي منهن من الحصول على العلاج والأدوية اللازمة.
-كما ذكر 25% من النساء والرجال المشاركون في استطلاع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، أنهم مصابون بمرض مزمن، نصفهم مصابون بارتفاع ضغط الدم، و 35% بالسكري، و 16% بأمراض القلب والأوعية الدموية، وأصبحت أدويتهم محدودة منذ اندلاع الحرب، فضلا عن عدم تمكنهم من المتابعة الطبية أو الحصول على النظام الغذائى المناسب.
المجاعة.. نساء يواجهون الموت جوعا
-تحاول وفاء، المقيمة بشمال القطاع، توفير الطعام لعائلتها، ولكن تلك باتت مهمة بالغة الصعوبة، إذ يواجه 96% من السكان في قطاع غزة، أي 2 مليون و 150 ألف مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم 49,300 امرأة حامل.
-يعاني 495 ألف من سكان القطاع، أي 22% من السكان من مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الخامسة)، بينهم 11,000 امرأة حامل.
-أسفرت تلك الأوضاع عن أضرار بالغة على صحة الأطفال، حيث يعاني واحد من كل ثلاثة أطفال دون سن الثانية من سوء التغذية، ويواجه 3,500 طفل خطر الموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، فيما استشهد 36 طفلا نتيجة المجاعة.
-يعاني القطاع كاملا من أزمة الجوع وتوفر الأغذية وارتفاع أسعار المتوفر منها وإن تفاوتت قيمة الارتفاع، فشمال القطاع هو الأكثر معاناة من أزمات الجوع وندرة توفر المواد الغذائية فضلا عن الارتفاع الهائل في أسعارها.
-وبحسب وفاء، المقيمة بالشمال، بلغ سعر الكيلو من البصل أو البطاطس 160 شيكل، وهو ما يعادل 2025 جنيها، بينما بلغ سعر الكيلو من الدجاج 270 شيكلا، ما يعادل 3418 جنيها، أما طبق البيض فبلغ سعره 330 شيكلا ما يقابل 4177 جنيها.
-ويباع كيلو السكر مقابل 115 شيكل ما يعادل 1456 جنيها، وكان متوسط سعر بيع الكيلو من كل من الكوسا والباذنجان والخيار والطماطم والبرتقال والليمون 35 شيكل، وهو ما يعادل 443 جنيها.
الصحة النفسية.. يتوقعن الموت أو يرغبن به!
-تقول وفاء، إنها ترتعب من أصوات القصف، التي قتلت عشرات من أقاربها وجيرانها، وقد تقتلهم أيضا في أي وقت، ولكنها تحاول أن تتماسك لأجل أطفالها، رغم ذلك فكثيرا ما تنهار وتبكي بحرقة كصغارها، كما لا تفارقها الكوابيس التي تأتيها بعد أن تنام من فرط الإنهاك.
-يعاني الجميع في القطاع من الصدمات النفسية، وتتأثر الفئات الأكثر هشاشة مثل النساء والأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة بشكل خاص بهذه الصدمات.
-قالت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، أن الحرب على غزة سببت خسائر فادحة للصحة النفسية للسكان، وعبرت 75% من المشاركات في استطلاع للهيئة، إنهن يشعرن بالاكتئاب في كثير من الأحيان، كما لا تستطيع 62% منهن النوم غالبا، وتعاني 65% منهن من التوتر والكوابيس معظم الأوقات.
- تتولى 77% من الأمهات مسؤولية إطعام الأطفال ورعايتهم ونظافتهم، كما تتحمل 57% منهن مسؤولية تعليمهم، ويكافحن لحماية الصحة البدنية والنفسية للصغار بينما يعشن في حرمان دائم من السلامة والأمان واحتياجاتهن الأساسية.
*النساء الفلسطينيات فضلن في حديثهن مع صحيح مصر ذكر الاسم الأول فقط دون ذكر اسم العائلة