مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

الإصبع الخامس

الإصبع الخامس
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr
nan

الإدعاء

في مارس الماضي، رصد "صحيح مصر" [1] عبر صورة الأقمار الصناعية، استدعاء النهج العملياتي الإسرائيلي في غزة، لخطة قديمة بعمر أكثر من 50 عامًا، إذ استهدفت تلك الخطة تقسيم قطاع غزة في العام 1971 إلى عدة قطاعات تحت اسم "الأصابع الخمسة". وحاليًا، وبعد مرور أربعة أشهر على اجتياح القوات الإسرائيلية لمحافظة رفح، تظهر البيانات الجيومكانية وتحليل الصور الجوية، استكمال إسرائيل لخطتها وفرض قبضتها على غزة، عبر الأصبع الخامس في رفح، والتي أفسحت الطريق لبسطه عبر تدمير ما لا يقل عن 44% من محافظة رفح. ويظهر التدمير في المناطق الأقرب لمحور فيلادلفيا، ما يرجح أن إسرائيل تهدف إلى تقليص مساحة رفح وإخلاء منطقة للأصبع الخامس ضمن خطتها لتقسيم غزة، وتقليص التجمعات السكانية عبر محاور تستوطنها القواعد العسكرية. صحيح مصر يكشف في هذا التقرير، أن إسرائيل بعد عام من بداية عدوانها على غزة، أعادت تموضعها في القطاع إلى ما كانت عليه تمركزاتها وقواتها قبل الانسحاب في العام 2005، تنفيذا لخطة فك الارتباط.

دحض الإدعاء

ما هي خطة الأصابع الخمسة؟ "الأصابع الخمسة" هي خطة إسرائيلية تعود إلى عام 1971، صاغها وعمل على تنفيذها قائد منطقة الجنوب بإسرائيل حينها، أرئيل شارون، واستهدفت تقسيم قطاع غزة عبر 5 محاور تتضمن قواعد عسكرية ومستوطنات، وذلك بغرض خلق وضع ديموجرافي جديد في غزة يؤدي إلى تقلص التجمعات السكانية العربية وقطع الاتصال بينها. وبدأ تنفيذ تلك الخطة على إثر حملة عسكرية شنتها إسرائيل بقيادة شارون على غزة، بعد زيادة عمليات المقاومة التي انطلقت من غزة عقب هزيمة 1967. لكن بعد فك الارتباط في 2005 وانسحاب إسرائيل من غزة، عادت المدن والتجمعات السكانية العربية في التوسع، واستطاع نحو مليون و300 ألف فلسطيني كانوا محاصرين في مساحة لا تتجاوز 50% من القطاع بفعل الأصابع الخمسة؛ أن يتوسعوا بتجمعاتهم السكنية على امتداد القطاع، قبل أن تعيد إسرائيل الكرّة مرة أخرى بحربها الجارية على غزة. محور نتساريم "الأصبع الثالث" يناقض واقع العمليات العسكرية الإسرائيلية على الأرض، نفي حكومة نتنياهو المتكرر لوجود نية لديها أن تستمر في احتلال غزة، خاصة مع إنشاء قواعد عسكرية في المحاور التي أنشأتها بطول قطاع غزة، خصوصًا محور نتساريم. بحلول 26 سبتمبر 2024، كان عرض محور نتساريم الذي يفصل بين مدينة غزة وديل البلح، قد بلغ أكثر من 6 كيلومتر في بعض المناطق، على مساحة إجمالية تبلغ قرابة 20 كيلومتر مربع بحسب القياسات المبدئية باستخدام Sentinel-Hub وجوجل إيرث. وبحسابات الذكاء الاصطناعي من HOTOSM لبيانات OpenStreetMap فإنّ نحو 80% من أكثر من 15 ألف مبنى في تلك المنطقة تم تدميرها. وأنشأت القوات الإسرائيلية بنى تحتية لقواعد عسكرية في منطقتين على الأقل بطول نتساريم، بالإضافة إلى 9 تمركزات عسكرية على الأقل في مواقع متفرقة من المنطقة التي تم تجريفها حول نتساريم، حيث مهدت الأرض وأقامت سواتر ترابية لإنشاء تلك التمركزات. الأصبع الخامس قيد التنفيذ بنفس الطريقة عملت إسرائيل على إنشاء محور في رفح، عبر تقليص 44% على الأقل من مساحة المحافظة الصغيرة، إذ وصل التدمير إلى عمق 2 كيلومتر في رفح بدايةً من محور فيلادلفيا. وكان الأصبع الخامس في خطة شارون يضم أجزاءً من محافظة رفح بالإضافة إلى محور فيلادلفيا والشريط الحدودي مع مصر، و140 كيلومتر في عمق سيناء. في 7 مايو 2024 احتلت القوات الإسرائيلية معبر رفح بعد أن وصلت إليه آلياتها العسكرية من خلال محور فيلادلفيا كما أثبت تحقيق سابق لصحيح مصر [2]. واستمر تقدم إسرائيل في محور فيلادلفيا بالتوازي مع القصف والتدمير لعمق يتجاوز 2 كيلومتر داخل مدينة رفح. ولتعزيز سيطرتها بصورة مستدامة على موقع الإصبع الخامس، دمرت القوات الإسرائيلية قرية السويدي في أقصى غرب رفح بشكل كامل تقريبًا، وربطت بينها وبين معبر كرم أبو سالم في أقصى الشرق بطريق رصفته حديثًا يوازي محور فيلادلفيا الذي قامت بتجريف أرضه وتمهيدها، وبذلك تكون قد حاصرت المحور الخامس في رفح بين قاعدتين عسكريتين: منطقة قرية السويدي المدمرة شرقًا، وكرم أبو سالم غربًا. وعلى طول المحور مهدّت وأقامت سواتر ترابية للعديد من النقاط العسكرية. وتُظهر صور الأقمار الصناعية من Planet أنّ القوات الإسرائيلية بدأت في إقامة بنى تحتية بمحاذاة الشريط الحدودي، على شاكلة ما حدث أيضًا في المحاور السابقة مثل نتساريم، حيث نصبت أبراج مراقبة إلكترونية في العديد من المناطق، ما يتوافق مع صورة نشرتها حسابات إسرائيلية في 29 سبتمبر لعملية نصب أحد تلك الأبراج. وبحلول الذكرى الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة، تكون إسرائيل قد أعادت التجمعات العمرانية في غزة إلى وضع أسوأ مما كان عليه قبل انسحابها في 2005، حيث أكثر من 66% من مباني القطاع قد دمّرت، وأكثر من 76% من الأراضي الزراعية جرفت وتضررت، وأكثر من 68% من شبكة الطرق دمّرت، وفقًا لبيانات مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية [3].