مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
بعد عدة جولات من المفاوضات بين الأهالي والحكومة، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن نقل سكان المرحلة الأولى من أهالي رأس الحكمة إلى منطقة الإسكان البديل في مدينة "شمس الحكمة" على بُعد نحو 40 كيلو مترًا من ساحل مثلث رأس الحكمة، بمحاذاة الطريق الساحلي جنوبًا بعمق حوالي 2.5 كيلو مترًا، على يمين ويسار مزلقان محطة قطار قرية فوكة.
وشكلت الحكومة لجنة ثلاثية من وزارة النقل، ومحافظة مطروح، ومديرية مساحة مطروح بهدف حصر المنازل التي لا تزال قائمة داخل المرحلة الأولى، والتي تبلغ مساحتها نحو 10 آلاف فدان، تمهيدًا لتسليمها إلى الشركة الإماراتية، واتخاذ الإجراءات التنفيذية لترفيق منطقة شمس الحكمة.
ويأتي قرار تهجير أهالي رأس الحكمة إعمالاً لقرار مجلس الوزراء رقم 55 لسنة 2024 بتخصيص نحو 170 مليون و800 ألف متر مربع لصالح هيئة المجتمعات العمرانية لاستخدامها في إقامة مدينة رأس الحكمة الجديدة بالشراكة مع شركة أبوظبي التنموية القابضة، والتي أُعلن عنها في فبراير الماضي.
تحدث صحيح مصر إلى الأهالي المهجّرين، والذين مازالوا على خلاف مع الحكومة حول التعويضات العادلة، في ظل إصرار الحكومة على تنفيذ عمليات الإخلاء لتسليمها للشريك الإماراتي، وتعد هذه حلقة في سلسلة طويلة من المفاوضات بدأتها الحكومة مع الأهالي منذ العام 2018، وحتى الآن لم يصلوا إلى رقم مرضي وعادل للتعويضات.
دحض الإدعاء
** الخلاف على التعويضات مازال قائمًا
ويقول راضي الصنقري، أحد سكان قرية رأس الحكمة المهجّرين، لصحيح مصر، إن الحكومة اتفقت مع الأهالي على نقلهم إلى شمس الحكمة على ثلاثة مراحل، بدأت المرحلة الأولى بالفعل، وجار نقل الأهالي وإزالة المنازل، بعد الاستقرار على تعويض بقيمة 150 ألف جنيه للفدان و5 آلاف جنيه تعويضا على متر المباني للمنازل.
ولكن بحسب الصنقري، يستقر معظم أهالي المرحلة الأولى -الجاري إخلائها- في شوارع القرية الداخلية وهم أقرب للطريق الساحلي من المناطق المطلة على البحر، وعددهم يقارب الـ 3 آلاف شخص، ولكن "الأزمة الأكبر في سكان المرحلة الثانية والثالثة من عمليات التهجير".
إذ يرفض سكان المناطق الساحلية في المثلث المطل على البحر مباشرة تقديرات الحكومة للتعويضات، والتي بلغت 300 ألف جنيه للفدان و7 آلاف جنيه لمتر المنازل، وبحسب "الصنقري" إنه رغم أن المرحلة الثانية محدد الانتهاء منها بنهاية أكتوبر، إلا أن الحكومة لم تتفق مع الأهالي بشكل نهائي على التعويضات المرضية لهم.
ويؤكد محمود عوض، أحد سكان المرحلة الثانية، حديث "الصنقري": "محتاجين فلوس أكتر عشان زرع الأرض اللي هناخدها في شمس الحكمة، وتشطيب بيوتنا، والخلاف حاليا ان الحكومة عايزة تدفع 7 آلاف جنيه على سعر البيت المتشطب امام البحر و5 آلاف جنيه لغير المتشطب، لكن احنا عايزين 10 آلاف جنيه للمتر التشطيب و7 آلاف لغير المتشطب".
** أعمال المرحلة الأولى "العاجلة"
في منتصف أغسطس الماضي، بدأت لجان المعاينات بمدينة مرسى مطروح بالرفع المساحي للأراضي البديلة المخصصة لتعويض أهالي رأس الحكمة، قبل بداية مرحلة تسليم عقود التمليك بأنظمة سداد ميسرة لقيمة الأراضي.
وقال رضا جاب الله رئيس مدينة مرسى مطروح، إنه جرى فتح مكتب في الوحدة المحلية لقرية رأس الحكمة، لتلقي طلبات التقنين للحالات المدرجة أسماؤهم ضمن عقود الأراضي ورخص المباني، في تعويضات قرية شمس رأس الحكمة، طبقًا للحصر السابق لمديرية المساحة المدنية والجاري رفعها حاليا.
في الوقت نفسه تحذر محافظة مطروح المواطنين غير الحاصلين على تعويضات من شراء أراضي أو البناء داخل حدود مدينة شمس الحكمة.
وحددت الحكومة للمرحلة الأولى "العاجلة" مساحة 2000 فدان من مدينة شمس الحكمة، وحددت الطرق الخارجية حول قطع الأراضي، وبحسب مصدر من إدارة المشروعات جار استكمال أعمال تجهيزها وتسليمها للأهالي المهجرين، فضلاً عن إصدار قرار بتخصيص 10 آلاف متر مربع لإنشاء مدرسة تجريبية بمنطقة شمس الحكمة.
يشرح أستاذ القانون العام بإحدى الجامعات الحكومية لصحيح مصر، أن الحكومة استندت في تهجير وإخلاء قرية رأس الحكمة من سكانها إلى قانون نزع الملكية للمنفعة العامة الصادر برقم 10 لسنة 1990، وتحديدًا الباب الأول، والذي يسمح للحكومة بنزع الملكية لأغراض وأعمال للتخطيط العمراني وتحسين المرافق العامة.
** الخدمات في شمس الحكمة مازالت غائبة
وتركزت مشكلة سكان أراضي المرحلة الأولى من المشروع -الذين تُخلى منازلهم حاليًا- بعدم وجود خدمات في المنطقة البديلة "شمس الحكمة" بحسب محمد زيان، أحد السكان الذي يستعد لإخلاء منزله والانتقال للسكن البديل.
ويقول زيان: "الأرض الجديدة مفيهاش أي مرافق أو خدمات ولا مياه ولا كهرباء ولا طرق ممهدة، ومش عارفين هيخلصوا الخدمات أمتى والحكومة مستعجلة على إخلاء منازلنا من غير متوفر لنا مكان يصلح للمعيشة، وكل اللي بنسمعه من المسؤولين وعود في وعود ومفيش حاجة لسه واضحة على الأرض".