مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
بعد تجاوز خسائرها نصف مليار جنيه:
هل ينقذ القطار السريع الشركة العامة لاستصلاح الأراضي من التصفية؟
الحكومة سحبت منها 10 آلاف فدان لصالح الشركة الوطنية التابعة للقوات المسلحة
= أواخر يونيو الماضي، أسندت وزارة النقل بالأمر المباشر بعض أعمال مشروع القطار الكهربائي السريع للشركة العامة لاستصلاح الأراضي والتنمية والتعمير التابعة للشركة القابضة لاستصلاح الأراضي التابعة لوزارة الزراعة، بمقابل 62.2 مليون جنيه. (1)
= وبلغت قيمة المشروع المسند للشركة العامة نحو 62.2 مليون جنيه، وتشمل أعمال الجسر الترابي للقطاع السريع، في وقت تُعول فيه الشركة على مشروع القطار الكهربائي لتخفيض حجم خسائرها التي بلغت نحو 559.6 مليون جنيه بما يمثل خسارة نحو 9 أضعاف رأسمالها الذي يبلغ نحو 65.1 مليون جنيه، حسبما أبلغت الشركة الجهاز المركزي للمحاسبات في ردًا على آلية تعويضها لكل تلك الخسائر. (2)
= وفي نوفمبر الماضي 2023 وافقت الجمعية العامة غير العادية للشركة على منح الشركة الفرصة الأخيرة قبل الاتجاه لـ"تصفيتها" على غرار شركات أخرى مملوكة للحكومة أخرها راكتا للورق، وشركة المعادي للصناعات الهندسية؛ ووافقت الجمعية على استمرار عمل الشركة وترحيل الخسائر إلى العام المالي الحالي 2024/ 2025 وتكليف مجلس إدارة الشركة بتقديم خطة مقترحة مستقبلية لتحسين أحوال الشركة لتقليل الخسائر.
= صحيح مصر يكشف في هذا التقرير أسباب فشل الشركة العامة للاستصلاح وتحقيقها خسائر ضخمة، وهل يكون القطار الكهربائي السريع طوق النجاة أما تلحق بركب الشركات المعرضة للتصفية وتسريح العاملين بها.
دحض الإدعاء
** كيف تطورت خسائر الشركة على مدار السنوات الماضية؟
= كان الهدف من عودة الشركة العامة لاستصلاح الأراضي والتنمية والتعمير في يناير 2012 إلى قطاع الأعمال العام هو تجاوز خسائر المالية المرحلّة والتي وصلت في نهاية العام المالي 2011/ 2012 نحو 153.3 مليون جنيه؛ إلا إن ذلك لم يتحقق إذ ارتفع حجم الخسائر في العام التالي إلى 178.5 مليون جنيه. (3)
= وكان أصدر رئيس الوزراء قرارًا برقم 106 لسنة 2012 بعودة الشركة العامة تحت مظلة القانون 203 لسنة 1992 قطاع أعمال عام على تؤول تبعيتها إلى الشركة القابضة لاستصلاح الأراضي وأبحاث المياه الجوفية التابعة لوزارة الزراعة. (4)
= وذلك بعد أن تم خصخصة الشركة عام 1994 في إطار سياسة الخصخصة الحكومية في تسعينات القرن الماضي، وتم بيعها وفقًا لاتحاد العاملين المساهمين بالشركة عملاً بقاعدة توسيع الملكية، وبالتالي وطوال الفترة بين 1994 وحتى 2012 كانت الشركة خاضعة إلى قانون الشركات المساهمة رقم 159 لسنة 1981.
= وكانت مارست الحكومة في تسعينات القرن الماضي ما عُرف بسياسة توسيع قاعدة الملكية ببيع بعض الشركات إلى العاملين بها من خلال قيام العمال بتأسيس اتحاد من بينهم يعرف باسم "اتحاد العاملين المساهمين"، وتم بيع نحو 20 شركة وفقًا لتلك السياسة منهم 5 شركات في قطاع استصلاح الأراضي، وبالفعل تم تمليك الشركات بنسبة 100% للعمال. (5)
= لكن وبعد تراكم الخسائر طالب العاملون بالشركة عودتها إلى قانون قطاع الأعمال العام وهذا ما تم في 2012؛ إلا إن الخسائر لم تتوقف وتراكمت حتى وصلت في مارس 2023/ 2024 إلى نحو 559.6 مليون جنيه.
= وبلغ حجم الخسائر المرحلّة نحو 539 مليون جنيه، فيما سجل حجم الخسائر السنوية حتى مارس 2023/ 2024 إلى نحو 15.8 مليون جنيه.
= وتسبب هذا الوضع في عدم قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها المالي وسداد المبالغ المالية المستحقة عليها لمصلحة الضرائب وهيئة التأمينات الاجتماعية ومستحقات المقاولين وأجور العاملين مما اضطرها للجوء إلى الاقتراض من البنوك التجارية مبالغ وصلت إلى 87.8 مليون جنيه، منهم 38.7 مليون جنيه من البنك الأهلي، و29.5 مليون جنيه من بنك مصر، و 19.4 مليون جنيه من بنك قطر الوطني.
تطور حجم الخسائر المرحلّة بين 2010 إلى 2024
** ما هي أسباب خسائر الشركة ؟
= تباينت خسائر الشركة العامة السنوية من 2010 وحتى مارس 2024، إذ سجل العام 2016/ 2017 أكبر خسارة سنوية للشركة بقيمة 99 مليون جنيه، فيما لم تُحقق الشركة أرباح سنوية إلا في عامين وهم 2017/ و2018، و2015/ 2016 وبقيمة إجمالي تصل إلى 9 مليون جنيه فقط.
= ويكشف تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات أن أبرز أسباب الخسارة ترجع إلى عدم استغلال أصول الشركة، إذ بلغت قيمة الأصول الثابتة العاطلة وغير المستغلة من الآلات فقط نحو 92.8 مليون جنيه.
= بيع الشركة مساحات من الـ916 فدان المخصصة لها بسهل الطينة بمحافظة شمال سيناء دون استصلاح فضلاً عن عدم حصولها على عقد من هيئة التعمير يثبت ملكية الشركة لهذه الأراضي.
= خسارة الشركة نحو 158 مليون جنيه نتيجة فرض غرامات تأخير عليها بعد فشلها في تسليم أعمال أُسندت إليها خلال السنوات السابقة بقيمة 329.1 مليون جنيه، ومن بينها فشل الشركة في تسليم مشروع إسكان مسند إليها من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وعدم تمكنها من إنهاء عملية تكريك منطقة البوغاز ببحيرة المنزلة، وعدم قدرتها على إتمام أعمال توسيع مفيض توشكى.
= فضلاً عن تحمل الشركة مبلغ 28.4 مليون جنيه بعد فشلها في تسليم عمليات مسندة إليها من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في منطقة غرب الشروق والتجمع، وسحب الهيئة العامة للسد العالي وخزان أسوان عمليات مسندة للشركة بقيمة 60.4 مليون جنيه بسبب فشل الشركة في تسليم تلك الأعمال في مواعيدها المحددة، ويرجع ذلك إلى قيام الشركة بالتعاقد مع مقاولين من الباطن لتنفيذ تلك الأعمال.
= كما تأخرت الشركة في تسليم عملية استصلاح 6 آلاف و280 فدانًا بمنطقة الضبعة والعلمين مما تسبب في خسائر بقيمة 71.6 مليون جنيه.
= وجود حجز على كافة أرصدة الشركة بالبنوك والبالغة 30.3 مليون جنيه بعد رفع دعاوى قضائية ضد الشركة من بعض المقاولين وأصحاب الأعمال المسندة للشركة، ودعوى قضائية من مصلحة الضرائب ضد الشركة.
= وجود مديونية لصالح الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية بقيمة 183.8 مليون جنيه، ووجود 68 مليون ضرائب متنازع عليها مع مصلحة الضرائب.
= فضلاً عن ارتفاع حجم مصروفات الشركة بسبب ارتفاع المصروفات العمومية والإدارية للشركة عند 12.1 مليون جنيه، و498.6 ألف جنيه مكافآت وبدلات لأعضاء مجلس الإدارة، إضافة إلى المصروفات التمويلية البالغة 15.2 مليون جنيه.
= كما يقول أحد العاملين السابقين بالشركة، أن جميع السيارات المملوكة للشركة توقفت عن العمل بعد عدم موافقة التأمينات على إصدار شهادات للمرور مما يعوق حركة السير وتعرض السائقين للحبس والمساءلة القانونية وتعطيل العمل.
= ويكشف لصحيح مصر أن الشركة باعت جزء من أصولها وبعض المعدات لأجل سداد الديون المتراكمة، كما اضطرت لسحب قروض من بعض البنوك ومن الهيئة العامة للتنمية والتعمير الزراعية لسداد رواتب العاملين بالشركة.
= ويوضح، أن رواتب العاملين بالشركة يتراوح بين 2 إلى 3 مليون جنيه شهريًا، لكن كثيرًا ما كانت تتأخر الرواتب لعدم توفر السيولة بالشركة، إضافة لحجز البنوك على أرصدة الشركة بالبنوك.
= وقال أحد العاملين، إنهم طالبوا مرارًا بمهلة لإنهاء الأعمال المسندة للشركة بدلاً من تغريمها وسحب الأعمال منها.
** كيف تراجع دور الشركة في عملية استصلاح الأراضي؟
= كانت الشركة منذ أن تم تأسيس الشركة العامة لاستصلاح الأراضي في عام 1958 وهي كانت رائدة في عمليات استصلاح الأراضي، فضلاً عن مشاركتها بدور أساسي في تطهير قناة السويس عقب إعادة تشغيلها مرة أخرى عام 1974 بعد انتصار حرب أكتوبر.
= كما أن للشركة فرع عمل رئيسي في دولة ليبيا وتحديدًا في مدينة بنغازي، وقيدت الشركة في البورصة المصرية عام 1996 برأسمال 10.8 مليون جنيه زاد إلى 65.1 مليون جنيه في 2016.
= لكن ذلك الدور تراجع بشكل ضخم منذ منتصف التسعينات وحتى الآن، إذ لم تنجح الشركة منذ العام 2007 وحتى 2024 إلا في استصلاح عدد محدود من الأفدنة لا يتعدى 1700 فدان فقط، فيما سحبت منها الحكومة 10 آلاف فدان بشرق العوينات وأعادت تخصيصها لصالح الشركة الوطنية لاستصلاح الأراضي التابعة لجهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة.
= ويُرجع أستاذ اقتصاد زراعي بجامعة عين شمس ذلك إلى تراجع دور الشركات الحكومية المكلفة باستصلاح الأراضي الزراعية بعد خصخصتها في التسعينات مما تسبب في تدهور أوضاعها، ثم بعد تم إعادتها مرة أخرى لتبعية الحكومة لكن بعد فوات الآوان.
= ويُضيف لصحيح مصر، أن الشركة العامة لاستصلاح الأراضي مثل كل الشركات الحكومية يعيبها عدم يعيبها عدم توافر القدرة المالية اللازمة للاستصلاح، فضلاً عن الترهل والفساد الإداري، إضافة إلى عدم قدرتها على تنفيذ العمليات بنفسها لذا تقوم باستئجار شركات يعملون كمقاولين من الباطن مما يحد من قدرة الشركة على تحقيق أرباح.
= وعموماً تكشف بيانات نشرة استصلاح الأراضي المنشورة على الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن تراجع الدور الحكومي في عمليات استصلاح الأراضي إلى نسبة 23.3%، مقابل 76.6% للقطاع الخاص خلال الفترة بين 2014 إلى 2021.