مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

بعد 6 سنوات من الاكتفاء الذاتي لماذا عادت سفينة تغويز الغاز الطبيعي لميناء العين السخنة؟ مصر تلجأ لشركة النرويجية لإنقاذها من أزمة الكهرباء مقابل 250 ألف دولار يوميًا

بعد 6 سنوات من الاكتفاء الذاتي
لماذا عادت سفينة تغويز الغاز الطبيعي لميناء العين السخنة؟
مصر تلجأ لشركة النرويجية لإنقاذها من أزمة الكهرباء مقابل 250 ألف دولار يوميًا
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr
nan

الإدعاء

في 14 يونيو الجاري، استقبل ميناء العين السخنة، سفينة التغييز "هوج جاليون"، المتخصصة في تغويز الغاز الطبيعي المسال المستورد من الخارج، وهي إحدى سفن شركة الغاز النرويجية "هوجو- HOEGH"، والتي رحلت آخر سفنها عن الموانئ المصرية في العام 2018، بعد إعلان مصر تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي والتوقف عن الاستيراد، في أعقاب اكتشاف حقل ظُهر. (1، 2 ) = عودة السفينة النرويجية يعد إشعارًا بعودة مصر للاعتماد على الشحنات المستوردة من الخارج لسد حاجة محطات الطاقة الكهربائية، وهي سفينة مخصصة لاستقبال شحنات الغاز المسال المستورد ثم تعيده إلى صورته الغازية مرة أخرى بعدما تحول إلى غاز مسال لتسهيل تصديره. = والغاز الطبيعي المسال، هو غاز طبيعي تمت عملية تسييله (أي تحويله من غاز إلى سائل) في مصانع إسالة الغاز لتصبح عملية نقله أسرع وتخزينه أسهل، كونه يتخذ مساحة أصغر بنسبة 600 مرة من الغاز الطبيعي وهو في حالته الغازية، وهذا ما يُسهل عملية نقله بين البلدان، والسفينة تعيد تحويله إلى صورة الغازية مرة أخرى.

دحض الإدعاء

** عودة إلى ما قبل حقل ظهر = في مايو 2014، وبالتزامن مع أزمة الكهرباء وقتها، تعاقدت مصر ممثلة في شركة إيجاس مع نفس الشركة النرويجية "هوج" لاستئجار سفينة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال، وكانت مدة التعاقد 5 أعوام، لكن العقد لم يكتمل، إذ اكتشفت مصر حقل ظُهر في العام 2017، وأصبحت ليست في حاجة لاستيراد الغاز المسال من الخارج. وفي أواخر عام 2018، ساهم حقل ظُهر في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي؛ لذلك رحلت سفينة الشركة النرويجية عن ميناء العين السخنة، بعدما أصبحت مصر ليست في حاجة للاستيراد من الخارج وإعادة تحويل الغاز السائل. = ولم تستطع الحكومة التخلص نهائيًا من العقد المبرم مع الشركة النرويجية، لذلك عدلت العقد في أكتوبر 2018، لتسمح بتأجير سفينة التغييز هوجو جالانت كناقلة غاز طبيعي لطرف ثالث، على أن تتحمل الحكومة المصرية فارق السعر بين تحويل السفينة من سفينة استقبال غاز إلى سفينة ناقلة للغاز، واستمرت الحكومة في دفع هذا الفارق حتى انتهاء مدة التعاقد في أبريل 2020. (3) = ولكن في مارس الماضي، عادت مصر للتعاقد من جديد مع شركة "هوج" النرويجية وشركة الطاقة الصناعية الأسترالية AIE لاستئجار سفينة تغويز، لفترة تتراوح بين 19 إلى 20 شهرًا، بحسب بيانات الشركة النرويجية. على أن توفر السفينة استقبال الغاز النرويجية نفس كمية الغاز الطبيعي المسال التي كانت توفرها في عام 2014 والبالغة نحو 500 مليون قدم مكعب يوميًا. = وتصل تكلفة الإيجار اليومي لسفينة التغييز نحو 250 ألف دولار، بإجمالي شهري يصل إلى نحو 7.5 مليون دولار، ومن المتوقع أن تصل تكلفة فترة إيجارها نحو 135 مليون دولار، وفقًا ما نشرته موقع قناة العربية عن مسؤول حكومي لم تفصح عنه. (5) ** العودة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال = كانت آخر شحنات الغاز الطبيعي المسال التي استوردتها مصر بشكل منتظم في أكتوبر 2018، وبلغت حينها نحو 19 مليون متر مكعب، فيما شهد شهرا ديسمبر 2020، ومارس 2021 استيراد مصر شحنتي غاز مسال بحجم 327 مليون متر مكعب، و350 مليون متر مكعب على التوالي. (6) = وبدأت مصر استيراد الغاز الطبيعي من أبريل 2015 وبلغت خلال ذلك العام كمية الغاز المسال المستورد نحو 2.97 مليار متر مكعب، وزادت في 2016 إلى 10.15 مليار متر مكعب، ثم تراجعت إلى 8.9 مليار متر مكعب في 2017، وخلال الفترة بين يناير إلى أكتوبر 2018، انخفضت كمية الغاز المسال المستوردة إلى 3.2 مليار متر مكعب. = وانخفض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي في 2015 إلى 42.6 مليار متر مكعب، ثم إلى 40.3 مليار متر مكعب في 2016، ثم ارتفع في 2017 إلى 48.8 مليار متر مكعب، ثم إلى 58.6 مليار متر مكعب في 2018 وهو العام الذي تحقق فيه الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي. (7 ) = ويقول قيادي سابق بالهيئة العامة للبترول لصحيح مصر، أنه كان مقررًا أن تستورد خلال هذا العام نحو 15 شحنة غاز طبيعي مسال، لكن الواقع الحالي يشير إنه ربما تزيد إلى 20 شحنة، في ظل الانخفاض المستمر للإنتاج المحلي حتى عام 2027 بمعدل 30%. = ويتفق هذا ما نشره موقع الشرق بلومبرج في أن مصر ربما تستورد نحو 18 شحنة غاز مسال بواقع 3 شحنات شهريًا بتكلفة 120 مليون دولارًا شهريًا. (8) ** دور سفينة التغييز = يشرح قيادي سابق الهيئة العامة للبترول لصحيح مصر، أن سفينة التغييز هدفها تحويل الغاز الطبيعي من الحالة السائلة إلى الغاز المناسب للدخول على الشبكة القومية للغاز الطبيعي، كون أن الغاز يحتاج للدخول على الشبكة بدرجة ضغط مُعينة. = تجهز السفينة الغاز بدرجة ضغط ملائم للضغط الخاص بالشبكة القومية، ما بين 1 بار إلى 70 بار، وعليه فهذه السفينة ستقوم بتحويل السائل الغاز عن طريق تسخين مياه البحر، قبل ضغطه باستخدام الكومبرسور الضاغط حتى 200 بار، وذلك لتخزينه في قناني الغاز الطبيعي المضغوط التي تبلغ سعتها 15 متر مكعب. = ويقول القيادي السابق، أن مصر استخدمت على فترات متقطعة سفينة تغييز موجودة في ميناء العقبة الأردني، وذلك طبقًا لاتفاقية مع الحكومة الأردنية لخفض التكاليف التشغيلية لشحنات الغاز الطبيعي المسال، لكن مع احتياج مصر لشحنات مستمرة حتى نهاية 2024، اتجهت مصر لإعادة استئجار سفينة تغييز من الشركة النرويجية. ** انخفاض الإنتاج المحلي = وشهد عام 2023، تراجع إنتاج الغاز في مصر إلى 59.3 مليار متر مكعب وهي أقل معدلات منذ تحقيق الاكتفاء الذاتي عام 2018، إذ تعدى الإنتاج في هذا العام الـ 60 مليار متر مكعب، مما أنهى الفجوة بين حجم الإنتاج والاستهلاك، ولكن مع تراجع الإنتاج في العام 2023، ظهرت من جديدة تلك الفجوة، بحسب بيانات منظمة "جودي" المتخصصة في رصد أخبار الغاز. (9 ) = ووفقًا لموقع مجلة ميس المتخصصة في أخبار الطاقة، انخفض إنتاج مصر اليومي من الغاز الطبيعي بنسبة 11% بين عامي 2022 و2023، بعدما بلغ الإنتاج 5.8 مليار قدم مكعب يوميًا خلال العام الماضي 2023، وهو أدنى معدل إنتاج يومي لمصر منذ 2017، عام تشغيل حقل ظهر. = وواحدة من أهم أسباب ذلك ترجع إلى اختراق المياه حقل ظهر، بعد ضغط الحكومة المصرية على شركة "إيني" لتسريع عملية الإنتاج، إضافة لبعض المشكلات الفنية الأخرى، التي أدت إلى تراجع إنتاج الحقل، وهو ما كان له أبرز الأثر في تراجع إنتاج مصر الإجمالي من الغاز، إذ تراجع إنتاج الحقل من 2.96 مليار قدم مكعب يومي في 2021 إلى 2.1 مليار قدم مكعب خلال عام 2023. = ورغم محاولات شركة إيني المشغل لحقل ظهر حفر آبار إضافية لإنتاج الغاز بالحقل، إضافة للخطط الخاصة بمرافق فصل المياه تحت سطح البحر عن آبار الغاز بحقل ظهر، إلا إنه من المرجح أن ينخفض إنتاج الحقل أكثر في السنوات المقبلة، بحسب مجلة ميس. = إذ بلغت الفجوة خلال شهر يناير الماضي 403 مليون متر مكعب، بعدما بلغ الإنتاج اليومي 4.6 مليار متر مكعب، في حين بلغ الاستهلاك 5.05 مليار متر مكعب، بحسب بيانات منظمة جودي المتخصصة في بيانات الغاز. = وبلغت الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك من الغاز خلال العام الماضي 2023 نحو 2.5 مليار متر مكعب بعدما بلغ الإنتاج 59.3 مليار متر مكعب، فيما بلغ الاستهلاك 61.8 مليار متر مكعب، وفقًا لبيانات جودي.