مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
بالتزامن مع عمليات البناء التي لا تتوقف على جزيرة الوراق، لإنشاء مجتمع عمراني جديد بديلا لبيوت وزراعات أهالي الجزيرة القديمة، اجتمع مجلس الوزراء مرتين، خلال أقل من 40 يومًا، لبحث موقف أزمة رفض أصحاب عدد من المنازل على مساحة 300 فدان إخلاء المنطقة والموافقة على التعويضات التي تعرضها الحكومة، متمسكين بمنازلهم وأراضيهم.
هذه المنازل إذا استمرت صامدة أمام التطوير الحكومي ستصبح "بيوت أظاهر" جديدة، وهو مصطلح يطلق على المنازل التي يرفض أصحابها إخلائها لصالح المشاريع الحكومية، سواء كانت مشاريع إنشاء طرق أو كباري أو مجتمعات عمرانية جديدة، وتظل في موقعها داخل المشروع الحكومي، رفضًا لحجم التعويضات المقدمة.
بيوت الأظافر أو في مصطلح أخرى "بيوت المسامير" تعطل استكمال أعمال بناء الأبراج المواجهة للنيل التي تستهدف الحكومة تسويقها أبراج إدارية وسكنية فاخرة، لذا تحدث "صحيح مصر" مع أصحاب المنازل لرصد أسباب رفضهم ترك منازلهم لصالح المشروع.
دحض الإدعاء
بداية الأزمة
وفي 31 مارس الماضي، كشف بيانًا رسميًا لمجلس الوزراء عقب الاجتماع الأول لمدبولي مع عدد من الوزراء والمسؤولين التنفيذيين المختصين بالجزيرة، أن الحكومة نجحت في الاستحواذ بالشراء الرضائي على مساحة 1000 فدان، وتبقى 315 فدانًا فقط يرفض أصحابها ترك منازلهم وأراضيهم.
ولكن يقول مصدر بجهاز تنمية مدينة الوراق الجديدة لـ "لصحيح مصر" إن مساحة بيوت الأظافر تقلصت إلى حوالي 290 فدان فقط، وليس 315، بعد موافقة أصحاب عدد من المنازل على مساحة 25 فدان على التعويضات وإخلاء منازلهم.
** تعويضات هزيلة.. والإسكان البديل ضيق وغالي
= سمير - اسم مستعار- لأحد سكان الجزيرة ويقطنها منذ عام 1995 حتى الآن، ورفض خلال العامين الماضيين العروض المُقدمة من وزارة الإسكان لإخلاء البيت الذي يملكه في الجزيرة، ويقول إن التعويضات النقدية أو حتى التسهيلات الأخرى التي تقدم بين الحين والآخر من الحكومة غير مجدية في ظل الارتفاع المطرد لأسعار للعقارات.
= ويقول سمير لصحيح مصر: "الحكومة من سنة 2017 بتدفع نفس التعويض عن المتر، سواء متر أرض زراعية أو متر أرض سكنية وقيمته ألف و428 جنيه، ومش معقول بعد كل الارتفاعات في كل الأسعار، التضخم، وتحديدا أسعار الشقق والمباني يفضل سعر المتر ثابت".
= كما أشار سمير إلى أن التعويض السكني ينقسم إلى شقين، الأول: تعويض بالمتر حصة كل ساكن في الأراضي المقام عليها العقارات، والشق الثاني: هو تعويض عن الوحدة السكنية نفسها، وقيمته 25 ألف جنيه عن كل غرفة، ونوه إلى أن مساحات الشقق في الوراق لا تتعدى 150 مترًا.
= ويقول سمير، إن المساحات التي نجحت الحكومة في الاستحواذ عليها والتي تصل إلى ألف فدان، غالبيتها مساحات أراضي زراعية باعها أصحابها، لكنهم مازالوا يمتلكون شقق في مساحة الــ290 فدان المتبقية.
= ويُبرر سمير رفض السكان الانتقال للوحدات السكنية البديلة في حدائق أكتوبر ومساكن مطار إمبابة الجديدة، قائلًا: "الشقق ضيقة، وغالية، وسعرها أكثر من قيمة التعويض اللى هتاخده من الحكومة، والتعويض هيروح كله في مقدم استلام وجدية الحجز، ويفضل عليك أقساط".
يبلغ إجمالي سكان الجزيرة -بحسب سمير- في الوقت الحالي ما يقارب 20 ألف ساكن، بعد خروج حوالي 3 آلاف ساكن متوزعين على شقق الحكومة البديلة خلال السنوات الماضية، ويقدر أن الحل الوحيد لخروج الأهالي بشكل رضائي هو رفع قيمة التعويضات سواء لسعر المتر أو سعر التعويض عن الغرفة بشكل يناسب الأسعار الحالية.
** أهمية تلك المساحة
= ويوضح مصدر في جهاز مدينة الوراق الجديدة، والذي تحفظنا على ذكر اسمه، أن الأراضي المتبقية هى المنطقة الأغلى، وتخطط الحكومة لإنشاء أبراج إدارية وسكنية عليها لتكون موجهة وحداتها للأجانب، بهدف جمع أكبر قدر من العملة الصعبة.
= وعلى مدار الأشهر الثلاث الماضية واصلت اللجنة الأمنية المشكلة من قبل وزارة الداخلية اجتماعها مع ممثلي الجزيرة من الأهالي الأعضاء في هذه اللجنة محاولات الوصول لاتفاق حول سعر جديد للتعويضات سواء لمتر الأرض أو كتعويض كلي للشقة ولم تسفر المفاوضات عن أي جديد حتى الآن.
** خرائط جوجل: منازل الأهالي لازالت في مواقعها
صورة تُظهر البدء في إنشاء مجموعة من الأبراج في حيز الأراضي والمنازل المملوكة لأهالي جزيرة الوراق - مايو 2024
= كما تكشف صور ألتُقطت خلال الأسبوع الثاني من شهر مايو الحالي، لجزيرة الوراق عبر تطبيق الخرائط Planet، استمرار تواجد منازل ومحال الأهالي في أماكنها كما هي منذ عام 2013 دون أي تغيير بالهدم والإزالة إلا قليل.انحسار مساحة البناء في مساحات ضيقة، وتمركز الإزالات والتمهيد على الأراضي الزراعية،
وهو ما يفسره المصدر بجهاز تنمية الوراق الجديدة قائلاً: "الأرض التي يتم البناء عليها حاليا، هي الأرض الزراعية اللي أصحابها من سنة 2019 لغاية سنة 2021، باعوها، الحكومة اشترت المتر بـ1428 جنيه، وقمنا بإزالة الزراعات وحاليا بدأنا في بناء حوالي 50 برج سكني وإداري".
وأشار إلى أن المنطقة المتخمة بمنازل الأهالي: "مفترض يتبنى فيها 44 برج سكني وإداري، وحاليا بنحاول ننفذ ما بين 10 إلى 12 عمارة، وبنرمي الأساسات بس في المناطق اللي خرج منها السكان".
** خطة للتطوير ومصادمات مع الأهالي
= تطوير الجزيرة بدأ بقرار نُشر في الرسمية في يونيو 2018، ينص بإنشاء مجتمع عمراني جديد على أراضي جزيرة الوراق يتبع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، تبعها قرار جمهوري من الرئيس في أبريل 2019 بنقل تبعية الجزيرة لهيئة المجتمعات، تمهيدًا للبدء في تنفيذ مخططات التنمية لتطوير جزيرة الوراق بالكامل، وذلك بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
= وقدر الحكومة أن يدر التطوير 112.5 مليار جنيه إيرادات كلية من المشروع، إضافة إلى قرابة 20 مليار ونصف المليار جنيه جنيه إيرادات سنوية لمدة 25 سنة.
= في يوليو 2018 أقام الأهالي دعوى قضائية أمام القضاء الإداري ضد قرار الحكومة بضم أراضي الجزيرة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وقدموا في دفعوعهم أن قرار الحكومة يحمل بين طياته تشريد وتهجير أهالي، وملاك جزيرة الوراق، قبل أن يقر القضاء الإداري في عام 2022، برفض الدعوى المقامة من الأهالي.
= وبدأت الحكومة في محاولة إزالة منازل الأهالي بالجزيرة، منذ عام 2017، ولكن نشبت عدة اشتباكات بين الأمن وسكان الجزيرة، كان آخرها عام 2023، وقع على إثرها ضحايا ما بين قتلى ومصابين.