مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

ماذا يحدث في رأس الحكمة؟ الأهالي يرشقون قوات الأمن بالحجارة رفضًا لإزالة منازلهم قبل الاتفاق على التعويضات قوات الأمن تلقي القبض على 8 وتساومهم على حريتهم مقابل إجراء مسوحًا جغرافية لمنازلهم

ماذا يحدث في رأس الحكمة؟

الأهالي يرشقون قوات الأمن بالحجارة رفضًا لإزالة منازلهم قبل الاتفاق على التعويضات

قوات الأمن تلقي القبض على 8 وتساومهم على حريتهم مقابل إجراء مسوحًا جغرافية لمنازلهم
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr
nan

الإدعاء

انتشرت فيديوهات على موقع إكس، "تويتر سابقًا" خلال الأيام الماضية، تُظهر مناوشات بين قوات الأمن من جهة، وأهالي قرية جميمة، إحدى قرى مدينة الضبعة، بمحافظة مطروح، وذلك خلال إجراء مهندسون تابعون لإحدى الجهات الأمنية مسحًا لموقع منازل الأهالي، تميهدًا لإزالتها، بعد نقل ملكيتها إلى القوات المسلحة، ضمن مشروع لإعادة التخطيط العمراني لمدينة الضبعة بالشراكة مع مجموعة من المستثمرين. (1) تحدث "صحيح مصر" إلى بعض أهالي قرية جميمة الواقعة بين الطريق الساحلي "الإسكندرية مطروح" وشاطئ البحر المتوسط، قالوا إن الأهالي رشقوا قوات الأمن بالطوب والحجارة، ولكن لم تصل إلى حد الاشتباكات. وقال عدد من الأهالي، إن سبب تلك المناوشات أن الأهالي يرفضون الرفع المساحي لمنازلهم أو تنفيذ أي إجراءات قبل الاتفاق على قيمة التعويضات، إذ يصفون ما عرضته الحكومة بـ "ثمن بخس" لا يتناسب مع سعر الأراضي والمنازل في المنطقة، التي تقع بالقرب من شاطئ البحر، وفي واحدة من أميز المناطق في الساحل الشمالي.

دحض الإدعاء

* اشتباكات تلاها اعتقالات علي عثمان، اسم مستعار لأحد أهالي قرية جميمة، قال إن جهات حكومية تجري رفع مساحي منذ نهاية العام الماضي للأراضي الزراعية وأراضي الفضاء، ولم يتدخل الأهالي لأنه سيتم الاتفاق على قيمة التعويضات عاجلًا أم آجلًا. ولكن حتى الآن لم يتفق الأهالي والجهات الحكومية المُكلّفة بالتفاوض معهم على سعر نهائي للمنازل أو الأراضي بحسب عثمان. وبالتزامن مع ذلك الخلاف بين الأهالي والمفاوضين، بحسب عثمان. يقول: "فوجئ الأهالي قبل أيام بقوات الأمن تستعد لإجراء مسحًا لبعض المنازل تمهيدًا لإزالتها، وهو ما رفضه الأهالي، واشترطوا إيقاف أي إجراءات أو عمليات إزالة لحين الاتفاق على التعويضات وإقرار السعر النهائي والعادل"، وهي الرواية التي اتفق عليها ثلاثة من الأهالي خلال الحديث مع صحيح مصر، إذ كانوا متواجدين في محيط المناوشات بين الأهالي وقوات الأمن. ويوضح عثمان ما حدث في الأيام التالية، إذ يقول إن قوات الأمن عاودت نفس الخطوة في اليوم التالي، ولكن تطور الأمر إلى مشادات كلامية مع الأهالي، ولكن لم يتعدى الأمر التراشق اللفظي، وتوقف الأمر عند هذا، إذ أصر الأهالي على منع الرفع المساحي. ويضيف: "تالت يوم رجعت القوات تاني علشان تعمل المسح، وأصرت على إجراء المسح، وهو ما تسبب في اندلاع المناوشات التي ظهرت في الفيديوهات المنتشرة على الإنترنت"، وتطور الأمر إلى محاولة الأهالي للدفاع عن منازلهم عبر رشق قوات الأمن بالحجارة، وهو ما أجبر قوات الأمن على الانسحاب من مواجهة الأهالي، ويقول: "ده خلى الأمن ينسحب من المكان علشان الأمور متتطورش للأسوأ". ولكن بعدها بساعات، ألقت قوات الأمن القبض على 8 من أصحاب المنازل من أهالي القرية، وساومتهم على إجراء المسوح لمنازلهم مقابل الإفراج عنهم، فأذعن أربعة منهم لمطالب الأمن، ووافقوا على إجراء مسوح لمنازلهم مقابل الإفراج عنهم، فيما رفض أربعة آخرين مطالب قوات الأمن، ومازالوا محبوسين. وفقًا لما أكده عثمان وشاكر صالح، وهي اسماء مستعارة لعدد من أهالي القرية. وقال عثمان، إن أصحاب المنازل الأربعة المفرج عنهم: أُجبروا قسرًا على إجراء المسوح لمنازلهم غصب عنهم"، أما الأربعة الذين لا يزالون في الحبس حتى الآن فقال أهاليهم لعثمان وعدد من الأهالي الآخرين: "يفضلوا مسجونين لكن مش هنسيب بيوتنا بالغصب". * كيف بدأت قصة "جميمة"؟ في عام 2003 بعد إحياء مشروع محطة الضبعة الذي بدأت فكرة إنشاؤه عام 1981، انتقل أهالي قرية الضبعة إلى قرية جميمة التي كانت لا تزال نجع صغير يضم عدد محدود من المنازل، ولكن في عام 2011 عاد بعض الأهالي ليعيشون بجوار منازلهم القديمة في الضبعة، بحسب ما قاله أحد أهالي المنطقة في تقرير سابق لصحيح مصر. (2) أعيد إحياء مشروع الضبعة النووي للمرة الثانية في عام 2015، وتم الاتفاق حينها على عودة الأهالي إلى قريمة جميمة لحين بناء منطقة لنقلهم إليها تسمي "القرية البدوية" بجوار المشروع بتكلفة مليار جنيه ومكونة من 1500 منزل على مساحة 2 كيلو متر مربع. ولكن في عام 2017، خصّص رئيس الجمهورية نحو 14.5 ألف فدان من أراضي محور الضبعة للقوات المسلحة، من ضمنها "القرية البدوية" بالإضافة إلى قرية جميمة. وخلال السنوات التالية لم يتسلم الأهالي المنازل التي وُعدوا بها حتى فوجئوا منذ أشهر بمسئولي شركة تابعة لرجل أعمال يجرون الرفع المساحي للقرية، تلى ذلك مفاوضات حكومية معهم للحصول على تعويضات عن المنازل والأراضي لصالح مشروع سياحي جديد. * رفض قيمة التعويضات لم يتفق أهالي قرية جميمة والجهات الحكومية على قيمة نهائية للتعويضات حتى الآن، ولكن آخر ما تم عرضه على الأهالي هو تعويض عن المنازل الخرسانية بقيمة تتراوح بين 4- 7 آلاف جنيه للمتر بحسب جودة المنزل والتشطيب، ونحو 2000 جنيه لبقية المنازل والآبار والخزانات، بحسب عثمان وصالح. ويقول صالح إن قيمة التعويضات "متبنيش بيت في ظل ارتفاعات الأسعار الحالية وقيمة الأرض هنا أغلى من السعر المعروض" كما أن المستثمرين يحصلون على الأراضي في مناطق مجاورة بنحو 1.5 مليون جنيه للفدان وضع اليد شاملًا المنازل وأكثر من 2.5 مليون جنيه للتمليك. ويضيف أن آلية التعويضات بالمنطقة اختلفت خلال السنوات الماضية، إذ كان المستثمر يتجه للأهالي مباشرةً للتفاوض معهم بسعر "أقرب ما يكون" للقيمة الحقيقة للأرض، ولكن مؤخرًا تُخصص الدولة الأرض للقوات المسلحة أو جهات حكومية قبل بيعها للمستثمرين، ثم يفرضون علي الأهالي سعر غير عادل، حسب قوله. أما الأراضي الزراعية فسوف يتم تعويض الأهالي عنها بأخرى بديلة في منطقة تقع في الجهة المقابلة من منازلهم على الطريق الساحلي، ولكن الأزمة في أن تلك المنطقة تسكنها قبائل أخرى تمتلك الأراضي كوضع يد، كما يقول ثلاثة أهالي تحدثوا إلى صحيح مصر. الحكومة وعدت الأهالي بالحصول على عقد مسجل للأرض البديلة وترخيص لبناء منازل جديدة عليها، ولكن يرى صالح، أنه "حتى لو الحكومة ادتني كل الأوراق اللازمة مفيش ضمان لإن محدش يجي يطلعني تاني كمان شهور.. مبقاش في ثقة فيهم وكل حاجة بيخترعوا ليها مهرب".