مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
قبل يومين وعد رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي بخفض أسعار السلع والمنتجات ما بين 15 إلى 20%، وذلك أثناء لقاءاته بعدد من التجار والمستوردين؛ إلا إن ذلك لن ينطبق على السكر الذي مايزال مختفيًا من الأسواق رغم الوعود الحكومية المُتكررة بحل الأزمة. (1)
= في 18 من مارس الجاري، اعترف رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي في اجتماع عُقد خصيصًا لبحث ملف طرح السكر في الأسواق، بأن مشكلة توافر السكر بالأسواق بأسعار مناسبة مازالت مستمرة والحكومة تعمل على حلها بأسرع وقت عن طريق الإنتهاء من استيراد الدفعة الأولى من ضمن صفقة المليون طن للسكر، والمُقدرة بـ300 ألف طن في أقرب وقت.
= لكن عقب اللقاء عرض اتحاد الغرف التجارية مقترح مبدئي بزيادة أسعار كيلو السكر بما يتراوح بين 5 إلى 6 جنيهات وذلك بعد مطالبات من منتجي ومستوردي السكر من القطاعين الخاص والحكومي.
= وتشهد مصر أزمة في توفّر السكر وارتفاع أسعاره منذ سبتمبر الماضي تقريبًا، وتعهّد وزير التموين علي المصيلحي، أكثر من مرة منذ 29 نوفمبر الماضي بحلّ أزمة السكر، لكن لم يف بوعده، وحدد المصيلحي أكثر من تاريخ لحل الأزمة، لكن شيئًا من ذلك لم يحدث. (2)
= صحيح مصر يرصد في هذا التقرير مقترح منتجي ومستوردي السكر زيادة أسعار كيلو السكر في محاولة لإعادة السكر إلى رفوف المتاجر بدلاً من بيعه بالسوق الموازية.
دحض الإدعاء
** ما هو مقترح منتجي ومستوردي السكر؟
= تُشير بيانات بوابة الأسعار التابعة لمجلس الوزراء، أن متوسط سعر كيلو السكر سجل حوالي 39.5 جنيهًا، بزيادة 12.5 جنيهًا عن التسعير الجبري الحكومي الذي أقرته في ديسمبر الماضي بتحديد سعر كيلو السكر الحر 27 جنيهًا. (3)
= إلى ذلك يقول عضو اتحاد الغرف التجارية وأحد حضور اجتماع لجنة السكر الذي عُقد الأربعاء الماضي، لـ"صحيح مصر"، إن الاجتماع جاء بطلب خاص من رئيس الوزراء وحضره مستوردين وشركات متخصصة في صناعة السكر "حكومية، وخاصة"، وكان المبتغى هو حل أزمة نقص السكر المعروض في الأسواق.
= وتعدّ صناعة السكر "حكومية بالأساس"، إذ تمتلك الحكومة 12 مصنعًا لإنتاج السكر "8 لإنتاج السكر من القصب، و4 لإنتاج سكر البنجر"، فيما يمتلك القطاع الخاص 3 مصانع لإنتاج السكر من البنجر.
= وتُنتج تلك المصانع حوالي 2.8 مليون طن، فيما يصل حجم الاستهلاك إلى قرابة 3.4 مليون طن، بما يعني فجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك بقيم تصل إلى 600 ألف طن، وهذه الفجوة يتم سدها عبر استيراد قرابة 600 ألف طن، وفقًا لتصريحات لوزير التموين علي المصيلحي.
= وأوضح عضو الغرف التجارية، أن اجتماع رئيس الوزراء مع منتجي ومستوردي السكر انتهى بتقديم مذكرة لرئيس الوزراء تقضي بزيادة سعر السكر من 27 جنيهًا إلى 33 و35 جنيهًا "أسعار السكر الحر التمويني" بزيادة بين 6 إلى 8 جنيهات، فيما تزيد سعر السكر من صنف "درجة أولى" من 34 إلى 38 و40 جنيهًا بزيادة بين 4 إلى 6 جنيهات.
= وبحسب قول عضو اتحاد الغرف " هنا ستكون الحكومة هي صاحبة قرار زيادة الأسعار وليس التجار، مبررًا سبب طلبهم زيادة سعر كيلو السكر بأن سعر طن السكر المستورد حاليًا بلغ نحو 600 دولار "28.8 ألف جنيه" وفقًا لأسعار الصرف الحالية، بما يعني أن تكلفة كيلو السكر دون احتساب أرباح المستورد والتاجر تبلغ حوالي 28.8 جنيهًا، لذا تطلب ذلك تحريك سعر السكر الرسمي، كسعر عادل بحسب تعبيره.
= فضلاً عن ضمان تقليل فجوة الأسعار في السوق التي بلغت مراحل قياسية، رغم ضخ وزارة التموين حوالي 10 آلاف طن سكر يوميًا بالمحافظات بما يصل إجماليه لحوالي 300 ألف طن شهريًا بالبلاد، كما تعهدت الحكومة بضخ مليون طن سكر مستورد خلال الفترة المقبلة، ستبدأ بوصول 300 ألف طن سكر خلال الأسبوع الأول من إبريل المقبل، وفقًا لعضو اتحاد الغرف.
** ما هي أسباب نقص السكر؟
= يرجع نقص السكر إلى نقص حاد في كميات الإنتاج المحلي، وبالتالي المعروض في الأسواق، بسبب ارتفاع سعر استيراد السكر الخام، ومعاناة المستوردين في الحصول على الدولار قبل تحرير سعر الصرف قبل أيام.
= هذا إلى جانب إصابة بعض مزارع البنجر بمرض قلل من حجم الإنتاج، ويشهد موسم البنجر ثلاث عروات زراعية متتالية، تأخرت زراعة الأولى لنحو شهر في بداية الموسم، بسبب رفض المزارعين اﻷسعار التي أعلنتها وزارة التموين، ليتأخر بدء موسم الحصاد من فبراير إلى مارس في العام الماضي، بالتزامن مع حصاد العروة الثانية، ما زاد من ضغط التوريدات اليومية على مصانع الإنتاج، وأدى في الأخير إلى فقد خام البنجر أكثر من 10% من نسب السكر المعتادة به، وفقًا لتقرير صادر عن مدى مصر. (4)
= وعلى الرغم من رفع الحكومة لسعر طن توريد القصب بنحو 400 جنيه، إذ زاد السعر من 1100 جنيه للطن العام الماضي، إلى 1500 جنيه للعام الحالي، إلا أن مزارعين قالوا لصحيح مصر إن هذا سعر غير عادل في ظل ارتفاع نسبة التضخم وتكاليف الزراعة.
= كما قال مسئول سابق بإحدى شركات إنتاج السكر لصحيح مصر، السعر العادل لطن القصب لن يقل عن 2000 جنيه، حتى يُقبل المُزارع على التوريد للحكومة "الفلاح ملوش علاقة بإن دي شركة حكومية بتورّد السكر لوزارة التموين من عدمه.. حقه يحقق مكسب كويس في زراعته".
= كما فضل بعض المزارعين توريد إنتاج القصب لعصارات العسل الأسود بدلاً من التوريد للمصانع الحكومية بسبب سعر الطن، إذ يبيعوا المحصول بسعر يتراوح بين 2200 إلى 2500 جنيهًا.
= كما شهدت العروة الثالثة من محصول البنجر مشكلات بسبب قلة جودة البذور التي قللت من حجم إنتاجية الفدان، ما سينعكس في تراجع حجم الإنتاج الكلي لمصر بنهاية الموسم.
= كما كشف مصدر بمعهد البحوث السكرية التابع لمركز البحوث الزراعية، أنه حتى مع عدم صدور الأرقام الرسمية بشأن مساحة القصب التي زُرعت في عام 2022 \ 2023، لكنها أقل من هذا الرقم وتتمحور ما بين 320 لـ325 ألف فدان، ولكن يوجه فقط منها ما يقرب من250 ألف فدان لإنتاج نحو مليون طن سكر، وأما بخصوص مساحات بنجر السكر المساحة الحالية تقترب من 590 ألف فدان، تنتج 1.8 مليون طن سكر.
** شتلات جديدة للمحاصيل السكرية
= كما قال المصدر بمعهد البحوث، إنه خلال العامين الماضيين، تحاول وزارة الزراعة تطبيق نظام جديد لزراعة القصب بدلًا من النظام الحالي الذي يستهلك كميات كبيرة من المياه أثناء الرى والزراعة، لكن الأبحاث التي قدمت لتطبيق لنظام الشتلات في زراعة القصب حاليا لم يتم البت فيها وفقط تم إجراء تجارب ميدانية قليلة في أسوان عليه، وعليه فالمتوقع حتى يتم التحول للنظام الجديد أن نشهد انخفاض سنوى في المساحات المزروعة للقصب كون أن الحكومة حاليا تحاول ترشيد الاستهلاك المائي.
** هل مصانع الحلويات سبب أزمة نقص السكر؟
= في 21 مارس، وخلال حضوره احتفالية عيد الأم، مازح رئيس الجمهورية السيدات الحاضرات، قائًلا "متحطوش سكر كتير على الكنافة والحاجات دي الدكتور مصطفى مدبولى رايح يجيب مليون طن سكر.. علشان الأزمة. هنجيب مليون طن سكر"، نفس ما طُرحه السيسي في الاحتفالية كان محور حديث اجتماع لجنة السكر، حيث فسروا أسباب الأزمة لشقين، الشق الأول هو الحجم الاستهلاكي الكبير من السكر من مصانع وشركات الحلوى تحديدًا في أشهر ما قبل رمضان، والشق الثاني النمط الاستهلاكي للمواطنين في الإقبال على شراء الكميات بشكل أكبر من الاحتياج.
= لكن عضو بشعبة الحلويات باتحاد الغرف التجارية لصحيح مصر،، إن تحميل الأزمة لمحال الحلويات ليس دقيقًا، فالحجم الاستهلاكي من السكر في المعدل المعتاد، مشيرًا إلى أن استهلاك مصانع الحلويات يختلف من واحد إلى آخر بحسب خطوط إنتاجه.. قائلاً :" فيه مصنع عنده 10 ماكينات، وفيه مصنع عنده ماكينة أو 2، لكن لو هناخد المصانع اللى تتبع المحال الكبري للحلويات، فإن استهلاكهم من السكر في المعدل العادي حوالي 200 طن شهريًا، وفي رمضان ممكن يوصل لـ 250 طن من السكر شهريًا".
= كما أن مصانع العصير استهلاكها من السكر يختلف عن مصانع الحلوى، لأن طن العصير يحتاج ما بين 150 لـ 160 كيلو سكر، وعليه فصناعة الحلويات في مصر تحتاج للسكر أكثر من أي قطاع آخر لأنه مصدر الرزق الأول لها، كاشفًا أن المصانع تقوم بشراء طن السكر من شركات السكر الخاصة والحكومية بسعر يصل لـ 36 ألف جنيه لطن السكر، حيث يباع لها تحت إسم السكر الصناعي.