مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
🔴 في يونيو 2017 قررت غادة جلال - اسم مُستعار- أن تترك وظيفتها المؤقتة في مكتب بريد حلوان، بعد 7 أعوام من العمل.
◾ جاء ترك غادة لوظيفتها التي تعمل بها بعقد يُجدد سنويًا، بمثابة اعتزال وظيفي لأجل التفرغ لرعاية طفليها بعدما قرر زوجها السفر للخارج، وبسبب عدم تثبيتها في الوظيفة الحكومية نتيجة السياسات الحكومية بخفض أعداد العاملين في الجهاز الإداري للدولة.
◾ تحكي غادة: "حين عُينت في مكتب بريد حلوان عام 2010 كان مرتبي 700 جنيه، وحينها كان راتب جيد نظرًا للأسعار ومعدلات التضخم، لكن في 2017 قررت إنهاء رحلة العمل نهائيًا حتى بعدما زاد راتبي إلى 1800 جنيه، لكن كانت الأسعار قد قفزت بشكل لا رجعة فيه".
◾ كما أن زوجي الذي يعمل مُدرسا لمادة الفيزياء نجح في الحصول على عقد عمل للتدريس في سلطنة عُمان، لذا كان الدافع أكبر لترك العمل بشكل نهائي والتفرغ لرعاية أطفالنا إذ كان أكبرهم 6 سنوات والآخر 3 سنوات.
◾ غادة تقول: "سفر زوجي وضعني في موقف المسئولية الكاملة لذا كان علي أن أضحي بوظيفتي، فضلاً عن أن زوجي سيكون قادرًا على توفير احتياجات الأسرة بعد سفره بسبب فرق الرواتب بين مصر وسلطنة عمان، كما أنه ولمدة 7 سنوات في العمل لم يتم تعييني، لذا سيكون استمراري بمثابة إهدار لوقتي ووقت أسرتي".
◾ غادة جلال ليست الوحيدة التي تركت وظيفتها، إذ بين عامي 2013 وحتى 2022 خسرت المرأة المصرية نحو 720 ألف وظيفة في سوق العمل، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
⚠️ في هذا التقرير يكشف صحيح مصر أسباب تراجع معدل التشغيل بين النساء من 16.9% عام 2016 إلى قرابة 12.2% في عام 2022 وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
دحض الإدعاء
🔴 تراجع بنسبة 17.3% في أعداد النساء العاملات
◾ راوية محمود، اسم مستعار، لسيدة كانت تعمل مسبقًا في إدارة التغليف بإحدى شركات المنتجات الغذائية الخاصة قبل أن تترك عملها في عام 2018 بسبب ارتفاع الأسعار وصعود معدلات التضخم لأرقام غير مسبوقة ما جعل جهد الوظيفة بات لا يتناسب مع حجم الراتب الذي بلغ إجمالي نحو 3 آلاف جنيه.
◾ وقفز معدل التضخم في مصر بنسب تتجاوز 155% بين 2014 إلى 2022 وفقًا للأرقام القياسية لأسعار السلع الصادرة عن البنك الدولي، بعد قفز معدل أسعار السلع من 142.1 في 2014 إلى 363.3 نقطة في 2022، نتيجة تحرير سعر الصرف في 2016، وخسارة الجنيه لأكثر من 50% من قيمته أمام الدولار، وذلك بدون حساب مرات تخفيض الجنيه التي حدثت لخمس مرات بين مارس 2023 وحتى الآن.
◾ وتراجع عدد العاملات من السيدات من 4.9 مليون عاملة في عام 2013 إلى 4.7 مليون سيدة في عام 2017 بخسارة نحو 200 ألف سيدة لوظائفهم، ثم زاد عدد العاملات بشكل طفيف في عام 2018 إلى 4.73 مليون سيدة، ثم عاد المعدل للانخفاض في عام 2021 بعدما خسرت نحو 650 ألف سيدة لوظائفهن.
◾ وبين عامي 2013 و2022 خسر نحو 720 ألف سيدة لوظائفهم بنسبة تراجع حوالي 17.3%، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء.
◾ بالعودة إلى راوية التي تقول كان راتبي ينقسم بين 2500 جنيه كراتب أساسي و500 جنيه بدل مواصلات وطعام؛ إلا إنني لم أستطع المحافظة عليه نتيجة بعد مقر عملي عن سكني، إذ كان موقع المصنع في مدينة 15 مايو غرب القاهرة، بينما تسكن رواية في منطقة العمرانية بحي الهرم: "يعني لو مرتبي 3 آلاف على الورق فأنا مباخدش نصه".
◾ في عام 2013 كان حجم المُشتغلين كليًا نحو 23.9 مليون فرد منهن 4.9 مليون سيدة عاملة، مثلت نسبة 20.1% من إجمالي أعداد المشتغلين، قبل أن يحدث الانخفاض الأكبر في 2018 بعدما هبطت نسبة النساء العاملات إلى 18% من إجمالي أعداد المشتغلين؛ وواكب ذلك ارتفاع في نسبة البطالة بين النساء التي بلغت 21.4% مقابل 6.8% بين الرجال في 2018.
◾ في 2022، بلغ عدد المشتغلين 27.9 مليون فرد منهم 23.7 مليون ذكر، وأقل من 4.2 سيدة عاملة بنسبة 14.9% من إجمالي عدد المشتغلين فقط؛ كما زادت نسبة البطالة بين النساء من 16% في 2021 إلى 18.4% في 2022، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
◾ كما انخفض معدل التشغيل للسيدات أكبر من 15 عامًا من 17.4% في 2013 إلى 12.2% في عام 2022، بمعنى استحواذ الرجال على معدلات التشغيل الأعلى.
◾ أما في معدل البطالة في فئة الشباب المُصنفة ما بين 15 لـ29 سنة، فكانت نسبة المرأة الشابة من البطالة في عام 2013، تُمثل 24.2%، زادت إلى نسبة 42% في عام 2022.
🔴 12 مليون امرأة تُعيل 3 ملايين أسرة
◾ توضح إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أن هناك نحو 12 مليون سيدة معيلة، أي تقوم على رئاسة الأسرة لأي سبب، إذ تقوم السيدات بالصرف والإعالة لنحو 3 ملايين أسرة.
◾ وكانت الحكومة قد أدركت نسبة تراجع مشاركة النساء في العمل لذا طرحت في رؤية استراتيجية للاقتصاد المصري حتى عام 2030، آلية للعمل على زيادة نسبة مشاركة النساء في العمل كي تصل إلى 32% بحلول عام 2030.
🔴 الفئات الأكثر عملاً بين السيدات
◾ توضح نشرة القوى العاملة لعام 2022، أن فئة السيدات الأكبر عمرًا من بين أكبر الفئات السنية العاملة، إذ جاءت الفئة العمرية بين 40 إلى 49 سنة هي الأكثر عملاً في مصر بنسبة 21%، تليها الفئة بين 50 إلى 59 بنسبة 19.9%، ثم الفئة العمرية بين 25 إلى 29 بنسبة 19.7%، ثم الفئة بين 30 إلى 39 بنسبة 18.7%، ثم الفئة بين 20 إلى 24 بنسبة 13.6%، وأخيرًا الفئة بين 60 إلى 64 بنسبة 4.2%.
◾ لكن في عام 2013 جاءت الفئات السنية من 20 سنة وحتى 24 سنة للمرأة العاملة، لتمثل نسبة 32.2% من حجم المرأة العاملة في السوق، ثم الفئة من 25 سنة لـ29 سنة لتمثل نسبة 31.9%، ثم الفئة من 30 لـ39 سنة لتمثل نسبة 30.1%، ثم الفئة من 40 لـ49 سنة شكلت 27.8%، ثم الفئة من 50 لـ59 سنة 24.2%، ثم الفئة من 60 لـ64 سنة شكلت 5.7%.
◾ ويفسر البنك الدولي في ورقة عمل عن مشاركة الإناث في القوى العاملة صدرت في يناير 2022، إن فرص واحتمالية عمل النساء في الوظائف الرسمية، أقل من الرجال وأن فرصهن لتوسيع أعمالهن أو التقدم الوظيفي أقل مقارنة بالرجال.
◾ وعندما تعمل المرأة، فإنها تكسب أقل من الرجل، وهو نفس ما اتفقت فيه الأمم المتحدة في مارس 2023، حيث أن النساء يجدن صعوبة أكبر في الحصول على عمل، و الفجوة في ظروف العمل والأجور بين الجنسين لم تتقلص إلا بنسبة محدودة خلال 20 عاماً، وأن 15% من النساء في سن العمل في كل أنحاء العالم يرغبن في العمل لكن ليس لديهنّ عمل.
🔴 أسباب تراجع أعداد النساء العاملات
◾ ترجع باحثة متخصصة في الاقتصاد والسياسات العامة، خسارة السيدات المصريات لوظائفهن إلى شكل الوظائف الذي أنتجته السياسات الحكومية بين 2013 و2023 والذي ركز بشكل ضخم على قطاع التشييد والبناء والتي قد لاتتناسب مع عمل السيدات، فضلاً عن عدم استدامة وظائف قطاع التشييد والبناء وهو ما يختلف مع سيكولوجية المرأة التي تميل إلى الاستقرار.
◾ وتقول الباحثة لصحيح مصر، إن توقف التعيينات في الجهاز الإداري الحكومي لفترة طويلة، حتى قبل صدور قانون الخدمة المدنية في 2015 أو بعده، كان سببًا في ذلك التراجع، إذ دومًا ما تميل السيدات إلى الاستقرار الوظيفي، لذا كان قطاعي الصحة والتعليم الأكثر استقبالاً لعمل النساء، وهما قطاعان يتوافقان مع رغبات السيدات في الاستقرار، لذا انصرفت النساء عن سوق العمل.
◾ السبب الثالث وراء تراجع أعداد النساء العاملات، هو أن قوانين العمل المصرية لاتحمي حق المرأة المعيلة، أو حق الأمومة لدى المرأة العاملة، لكن في مصر قوانين العمل بشكلها القديم لا تمنح المرأة أكثر من 3 أشهر إجازة وضع، وعليه أي إجازة لاحقة فهي من راتب الأم، وعليه فالتفكير يكون كأولوية في تربية الأبناء والحفاظ على الأسرة لدى المرأة في ظل عدم حماية منظومة العمل لها.
◾ فضلاً عن تهرب أصحاب الأعمال من إتباع القانون الذي يُلزمهم بإنشاء دور رعاية أطفال في حالة بلغ عدد النساء المنجبات لأطفال أكثر من 50 سيدة، لذا دومًا ما يُمارس أصحاب الأعمال سياسة "تطفيش" السيدات من الأعمال لعدم تنفيذ القانون.
◾ أيضا البدلات المنصوص عليها في القانون للمرأة المُنجبة هي أرقام باتت حاليا لا تمثل أي حافز لها للعمل كونها هزيلة ولا تناسب الوضع الاقتصادي فيكون خيار الخروج من سوق العمل لهذه الأسباب هو الأنسب للمرأة.
◾ في النهاية وبسبب زيادة الأسعار وخسارة الجنيه لأكثر من 100% من قيمته مما أثر على قدرته الشرائية، وخوفًا من انهيار حياتها الأسرية، أُجبرت رواية على البحث عن عمل لكنه "موسمي" بدون تأمين أو حماية لحقوقها الأسرية أو الشخصية، إذ اتجهت راوية للعمل في تنظيف المنازل.