مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

الفلاح المصري ضحية جديدة للدولار سعر الدولار يربك سوق الأسمدة ارتفاعات في الأسعار وتوقف مصانع عن التوريد واتجاه لزيادة للتصدير

الفلاح المصري ضحية جديدة للدولار
سعر الدولار يربك سوق الأسمدة 
ارتفاعات في الأسعار وتوقف مصانع عن التوريد واتجاه لزيادة للتصدير
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr
nan

الإدعاء

تسبب انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار في السوق الموازية إلى أكثر من 60 جنيهًا في ارتفاع أسعار الأسمدة الزراعية، مع توقعات زيادات أخرى بالتزامن مع نقص المعروض من بعض الأنواع، في ظل توجّه المصانع نحو التصدير لتوفير سيولة دولارية تمكّنهم من تلبية احتياجاتهم والاستفادة من انخفاض العملة المحلية، وهو ما يحمل الفلاح المصري أعباء مالية غير مسبوقة وبالتبعية يتسبب في زيادة أسعار المنتجات الزراعية. ⚠️ يرصد صحيح مصر في هذا التقرير التطورات التي حلّت بسوق الأسمدة بسبب الهبوط السريع لقيمة الجنيه مقابل الدولار منذ مطلع يناير، ودور ذلك في ارتفاع الأسعار، وأسباب اتجاه مصانع نحو وقف البيع، ومدى تأثير التوسّع في التصدير على حساب السوق المحلي.

دحض الإدعاء

❓ كيف ارتفعت أسعار الأسمدة؟ ◾ تسجل أسعار الأسمدة ارتفاعات متتالية بنسب منخفضة على مدار العام الماضي بحسب ما قاله أحد تجار الأسمدة لصحيح مصر، إلا أنه منذ بداية فبراير الجاري، ارتفعت أسعار الأسمدة الفوسفورية والبوتاسية بقيمة تراوحت بين 100 و150 جنيهًا للشيكارة. ◾ ويباع طن الأسمدة الفوسفورية والبوتاسية حاليًا بما يتراوح بين 40 و44 ألف جنيه للطن بحسب كل شركة، حيث يحتوي الطن على 40 شيكارة تزن كلّ منها 25 كيلو جرام، أي أن سعر الطن ارتفع بزيادة تتراح بين 4 آلاف و6 آلاف جنيه. ◾ وقال تاجر آخر إن أسعار الأسمدة المركبة التي تستخدم في الأراضي الصحراوية زادت بنسب مرتفعة تقارب النصف منذ الربع الأخير من العام الماضي كوْن بعض مكوّنات إنتاجها مستوردة. ◾ أما الأسمدة الآزوتية الأكثر استخدامًا فارتفع سعرها من نحو 13 ألفًا و400 جنيه للطن للفلاحين إلى 16 ألفًا و500 جنيه خلال الشهر الجاري، وفقًا لمصدر بنقابة الفلاحين في إحدى المحافظات. ◾ وتستخدم الأسمدة الآزوتية في كافة المحاصيل الزراعية، فيما تستخدم الفوسفورية والبوتاسية في المحاصيل الخضرية مثل البطاطس والبصل والطماطم، كما يوضح. ❓ لماذا ارتفعت الأسعار؟ ◾ رئيس مجلس إدارة أحد مصانع الأسمدة، قال لصحيح مصر، إن الزيادات الأخيرة في الأسعار كانت بسبب عدم استقرار سعر الدولار وبالتالي ارتفاع أسعار الخامات المستوردة لبعض أنواع الأسمدة، فضلًا عن ارتفاع أسعار الخامات المحلية أيضًا. ◾ إلا أن خبيرًا زراعيًا ومصدرًا بالمجلس التصديري للصناعات الكيماويات والأسمدة يختلفان معه، إذ يقولان إن النسبة الأكبر من مكوّنات إنتاج معظم أنواع الأسمدة محلية الصنع، والمفترض ألا تتأثر بارتفاع سعر الدولار. ◾ ويبرر المُصنّع تأثر مكوّنات الإنتاج المحلية بارتفاع سعر الدولار إلى أن خامات تلك المكوّنات ذاتها مستوردة وبالتالي تتأثر أسعارها، كما أن "ارتفاع سعر الدولار بقيمة 20 جنيهًا خلال فترة قصيرة خلى كل حاجة سعرها يرفع، ودا لأننا بنوفّر احتياجاتنا الدولارية من السوق الموازية مش البنوك". ◾ لا يقتصر الأمر على تدبير الدولار اللازم للاستيراد، بل تشترط البنوك على المستورد التنازل عن 20% من قيمة المبلغ المودع للبنك بالسعر الرسمي للدولار، ليتمكن من فتح اعتماد مستندي، ما يدفع المستورد لتحميل الفرق بين سعر شراء الدولار من السوق الموازية وسعره الرسمي على تقييمه للدولار، مضيفًا: "يعني لو سعر الدولار في السوق الموازي 70 جنيه، بتنازل عن 20% للبنك بيوصل معايا لـ 78 جنيه". ◾ مصدر بالمجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة قال إن ارتفاع أسعار الأسمدة محليًا يعود إلى نسب التضخم المرتفعة في كل المنتجات بسبب ارتباك السوق "مش الأسمدة بس اللي بيرتفع سعرها كل حاجة بتزيد يوميًا". ❓ كيف أربك ارتفاع الدولار السوق؟ ◾ يقول رئيس مجلس إدارة مصنع الأسمدة، إن بعض المصانع متوقفة عن التوريد للتجار لحين الإعلان عن قائمة أسعار جديدة بداية خلال الشهر الحالي "السعر الحالي محسوب على سعر دولار يقارب 50 جنيه لكن دلوقتي السعر عدّى 70 جنيه وبعدين وقف عند 63 جنيه". ◾ ويقول تاجر الأسمدة إن حجم المعروض في السوق من الأسمدة الفوسفورية والبوتاسية انخفض بأكثر من النصف مقارنة بالفترة التي سبقت الربع الأخير من العام الماضي "بعض الشركات كانت بدأت تقفل على بضاعتها وتقول مش هنبيع غير مع بداية السنة الجديدة". ◾ كما أن الموزعين الذي يتعامل معهم غير قادرين على توفير الكميات التي يحتاجها التجار حاليًا "احنا عاملين طلبيات من أول الشهر ولدلوقتي ما استلمناش حاجة وكل يوم مفيش تسليم بحجّة شكل، أكلّم الشركات بيقولوا مش عارفين نسعّر، هحط سعر بكرة هيرفع". ◾ حديث التاجر والمُصنّع يؤيده المصدر بإحدى نقابات الفلاحين، إذ يقول إنه ورد إليه شكاوى عدّة من فلاحين بشأن تخزين تجار للأسمدة ورفضهم البيع أو البيع بسعر مرتفع عن السوق في ظل توقعات زيادة الأسعار، وبالتالي انخفض المعروض وزادت الأسعار بالفعل، على الرغم من أن إنتاج المصانع يكفي السوق المحلي. ◾ رئيس مجلس إدارة مصنع الأسمدة يرى أن المصانع تفكر حاليًا بمنطق "اللي يبيع دلوقتي خسران واللي محتفظ بالبضاعة كسبان.. كله موقّف بيع مستني يشوف اللي هيحصل في سعر الدولار". 🔴 حصة السوق المحلي والتصدير ◾ الخبير الزراعي وتاجر الأسمدة لهما تفسير آخر لارتفاع أسعار الأسمدة محليًا، إذ يرى كل منهما أن انخفاض قيمة الجنيه دفع المصانع إلى التوسع بالتصدير تحقيق أرباح كبيرة نظير التصدير. ◾ المصدر بالمجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة، لا ينفي توجه المصانع للتصدير لتلبية احتياجاتها الدولارية لشراء الخامات وقطع الغيار ومكوّنات الإنتاج، ولكن يرى في الوقت ذاته أنها توازن بين توفير احتياجات السوق المحلي وتصدير الفائض. ◾ ويضيف أن الأسعار العالمية منخفضة مقارنةً بعام 2022 الذي بلغت فيه صادرات الأسمدة ذروتها بسبب توجّه السوق الأوروبي نحو مصر عوضًا عن روسيا التي أوقفت أوروبا التعامل معها بسبب حربها على أوكرانيا. ◾ ينعكس ذلك في صادرات مصر عام 2022، إذ صدّرت بقيمة 2 مليار و819 مليون دولار خلال أول 10 أشهر من ذلك العام، مقابل مليار و953 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي 2023، بحسب بيانات النشرة الشهرية لبيانات التجارة الخارجية أكتوبر الماضي. [1] ◾ يختلف تاجر الأسمدة مع المصدر قريب الصلة بالمجلس التصديري، إذ يرى أن التصدير أثر على المعروض محليًا "واحدة من أكبر الشركات المُنتجة للأسمدة الفوسفورية في مصر لا يوجد لمنتجها أثر في السوق منذ 6 أشهر، ولما سألنا الموزعين قالوا إنهم بقوا يصدّروا منتجهم". ◾ وهي نفس وجهة نظر صاحب المصنع الذي تحدثنا إليه، إذ يقول إنه توسّع في التصدير بنسبة 20% منذ نهاية العام الماضي بسبب انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع التكاليف "لولا إن المنافسة خارجيًا صعبة بسبب انخفاض أسعار المنافسين كنت زودت أكتر". ❓ كيف أثر التوسّع في التصدير على السوق المحلي؟ ◾ على الرغم من أن المصدر بالمجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة، يقول إن المصانع تُلبّي احتياجات السوق المحلي من الأسمدة قبل التوجّه للتصدير، إلا أن دراسة حديثة صادرة عن لجنتي "الزراعة والري" و"البيئة والطاقة" بمجلس الشيوخ قبل نحو ثلاثة أشهر، ترى عكس ذلك. ◾ الدراسة التي نشرها موقع "مباشر" أكدت أن مصانع الأسمدة الآزوتية لم تورّد سوى 2.2 مليون طن من إجمالي 4 ملايين طن سنويًا من المفترض أن تورّدها لوزارة الزراعة، بعجز يصل إلى 1.8 مليون طن، كما أن أسعار تلك الأسمدة ترتفع 20% مقابل كل عجز في التوريد بنسبة 5%. [2] ◾ يأتي ذلك على الرغم من اتفاق وزارة الزراعة مع شركات الأسمدة على توريد 55% من إنتاجها من الأسمدة الآزوتية للجمعيات التعاونية الزراعية وطرح 10% في السوق الحر محليًا وتصدير النسبة المتبقية، بحسب تصريحات السيد القصير، وزير الزراعة. [3] ◾ كما أن وزارة التجارة والصناعة كانت قد أقرّت رسم صادر بقيمة 2500 جنيهًا لطن الأسمدة الآزوتية لتنظيم تصديرها وتلبية احتياجات المزارعين المحليين منها. [4] ◾ وعلى الرغم من فرض رسم صادر على الأسمدة الآزوتية، إلا أن التصدير سيظل أفضل من حيث المكاسب المالية بحسب صاحب المصنع الذي تحدث إلى صحيح مصر "قبل كدا كان رسم الصادر ممكن يكون عائق لكن حاليًا انخفاض سعر الجنيه مقابل الدولار خلّى التصدير ميزة كبيرة حتى لو كان في رسوم على التصدير".