مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

رأس الحكمة.. الحكومة تدفع للأهالي 42 جنيهًا للمتر.. وتبيعه بـ 120 دولارًا

رأس الحكمة.. الحكومة تدفع للأهالي 42 جنيهًا للمتر.. وتبيعه بـ 120 دولارًا
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr
nan

الإدعاء

🔴 في أول إعلان حكومي، كشف رئيس هيئة الاستثمار حسام هيبة في تصريحات صحفية لـ موقع "CNBC عربية"، عن صفقة بين الحكومة المصرية وتحالف إماراتي، لتطوير منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي، باستثمارات مبدأية تزيد قيمتها عن 22 مليار دولار، في حين نشرت وكالة بلومبرج، أن سعر المتر الواحد في الصفقة يتراوح ما بين 100 و120 دولارًا. [1] ⚠️ يرصد صحيح مصر في هذا التقرير، مكان ومساحة المشروع بالخرائط، والمراحل التي مر بها منذ بدء التخطيط عام 2015 حتى الآن، وقيمة التعويضات التي حصل عليها أهالي المنطقة مقارنةً بالمناطق المجاورة وما ستبيع به الحكومة الأرض للمستثمرين، وخطط الأهالي بعد التهجير المُرتقب.

دحض الإدعاء

◾ إذ تصرف الحكومة منذ العام 2018، تعويضات لأهالي المنطقة عن تهجيرهم من أراضيهم ومنازلهم بقيم تتراوح ما بين 150 و175 ألف جنيه للفدان -حسب نوع الملكية- أي نحو 36 و42 جنيهًا للمتر المربع، وهو ما اعتبره عدد من الأهالي في حديث لصحيح مصر "تعويضات بخسة"، وغير مناسبة لسعر الأرض السائد في المنطقة، ولا تمكنهم من إيجاد أراضي ومنازل جديدة بديلة، فيما لم يحصل عدد آخر منهم على أي تعويضات من الأساس حتى الآن. 🔴 مشروع قديم أُعيد إحياؤه ◾ في العام 1975، أصدر رئيس الجمهورية قرارًا بضم أراضي رأس الحكمة لهيئة التنمية السياحية، وذلك لإقامة مشروع سياحي على هذا المثلث من اليابسة المحاط بمياه البحر المتوسط، ولكن لم تتحرك الدولة لإنشاء المشروع حتى العام 2015، إذ بدأت جهات حكومية في هذا العام الرفع المساحي لجزء من منطقة المثلث. بحسب ما قاله أهالي القرى لـ "صحيح مصر". ◾ محافظ مطروح السابق اللواء علاء أبو زيد، قال في تصريحات صحفية في أغسطس 2015، بعد لقاء مع الأهالي إن الحكومة تخطط لطرح المنطقة للاستثمار السياحي في البورصات العالمية. [2] ◾ اعترض الأهالي على ما وصفوه بـ "التهجير" من منازلهم وأراضيهم الواقعة في زمام المشروع حتى في ظل إقرار الحكومة تعويضًا ماليًا، وفي عام 2018 تجاهلت الحكومة رفض الأهالي ترك منازلهم، وأعادت الرفع المساحي للمنطقة من جديد، وأقرت قيمة التعويضات، وهي القيم التي يرفضها الأهالي. 🔴 موقع المشروع ◾ تقع منطقة رأس الحكمة على بعد حوالي 65 كيلومترًا شرق مدينة مرسى مطروح، وتضم نحو 7 قرى، وتمتد شواطئها من منطقة الضبعة في الكيلو 170 بطريق الساحل الشمالى الغربي وحتى الكيلو 220 بمدينة مطروح، ويعيش داخلها أكثر من 10 آلاف أسرة، إذ تختلف تقديرات الأهالي ما بين 10 آلاف و15 ألف أسرة. ◾ ويقول محمود شعبان -وهو اسم مستعار لأحد سكان المنطقة- إن الحكومة بدأت في أغسطس 2022، إنشاء طريق يمتد داخل المثلث يربطه بالطريق الدولي الساحلي، تمهيدًا لإقامة المشروع السياحي. ◾ وتظهر الخرائط وحديث الأهالي أن مساحة المرحلة الأولى من المشروع تمتد من قرية "فوكة" حتى قرية "حنيش"، على طول الساحل بمسافة 33 كيلومترًا مربعًا، وبعمق 2.3 كيلومتر مربع وصولًا للبحر، في حين تقع المرحلة الثانية على الجانب الآخر من الطريق الجديد، وبعمق 2 كيلو متر مربع أخرى. ◾ وقالت "بلومبرج" إن إجمالي مساحة المشروع 180 مليون متر مربع، وقد تحتفظ جهات حكومية ومجموعة طلعت مصطفى القابضة بحصة تبلغ 20% من أراضي رأس الحكمة، فيما تذهب بقية أرضي المشروع إلى التحالف الإماراتي. [3، 4] 🔴 ثمن "بخس" للأراضي ◾ في العام 2018، أقرّت الحكومة قيمة التعويض بنحو 150 ألف جنيه للفدان (36 جنيهًا للمتر المربع) لمالكي الأراضي الزراعية كحق انتفاع و175 ألف جنيه للفدان (42 جنيهًا للمتر) للمالكين بعقود موثّقة، بحسب حديث أحمد سامي، أحد الذين حصلوا على التعويضات، في حديث لصحيح مصر. ◾ ويقول سامي، إن "تلك القيمة أقل بكثير مما ستبيع به الحكومة المتر للمستثمرين الإماراتيين"، إذ تُقدّر وكالة "بلومبرج" السعر في المنطقة بين بين 100 و120 دولار للمتر، أي بين 6500 و7800 جنيهًا للمتر بسعر الدولار في السوق الموازية. ◾ وفي يونيو 2018، تسلّمت 99 أسرة من أهالي قرية رأس الحكمة تعويضات بقيمة 93 مليون جنيه بعد إخلاء أراضيهم، بحضور كامل الوزير، وزير النقل حاليًا ورئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في ذلك الوقت، فيما تأخر تسليم بقية الأهالي التعويضات. [5، 6] 🔴 قيمة العملة وقيمة التعويضات ◾ هذا التأخير في تسليم التعويضات قلّص من فرص الأهالي في الاستفادة من التعويضات وشراء أراض بديلة، ويقول محمود خميس إن تلك التعويضات قيمتها انخفضت بمرور الوقت، لاسيما في ظل انخفاض القيمة الشرائية للجنيه مؤخرًا، حسب وصفه، بالإضافة إلى أن سعر المتر الذي حدّدته الحكومة منخفض مقارنةً بالسعر السائد في المنطقة، وما يدفعه مستثمرون سياحيون آخرون للبدو من أصحاب الأراضي. ◾ يشتري المستثمرون السياحيون في المنطقة- بحسب سامي- فدان الأراضي المملوكة كـ "وضع يد" بنحو 1.250 مليون جنيه للفدان، ويتعدى سعر الفدان 2 مليون جنيه في حالة تملّك المواطن للأرض بعقود موثقة من الدولة، وذلك مقابل سعر يتراوح بين 150 و175 ألف جنيه للفدان التي حددتها الحكومة، أي أن الحكومة دفعت أقل من عشر المبلغ الذي يدفعه المستثمرون عادة للأهالي. ◾ وقال محمود مطر، وهو اسم مستعار لأحد مالكي الأراضي في رأس الحكمة: "أقل سعر اشترى بيه القطاع الخاص من الأهالي كان 700 ألف جنيه للفدان، ودا بيتحدد حسب موقع الأرض ومدى قربها من البحر". مضيفًا أن الحكومة حدّدت تلك التعويضات عام 2018: "من الظلم صرفها حاليًا بنفس القيمة بعد ارتفاع أسعار الأراضي ومستلزمات البناء"، خاصةً وأن بعضهم لم يحصل على التعويضات حتى الآن. ◾ ويقول مطر إن تحديد سعر واحد لكافة الأراضي فيه ظلم أيضًا لبعض الأهالي، لأن قيمة بعضها مرتفعة جدًا لقربها من البحر، ولا يمكن مقارنتها بأسعار الأراضي البعيدة عن البحر والأقرب إلى الطريق الدولي الساحلي. ويضيف أنهم "يعيشون ويمتلكون وأجدادهم تلك الأراضي منذ أكثر من 300 عام"، ويؤكد أن بعضهم يمتلكون عقودًا: "طلعنا على الدنيا لقينا نفسنا هنا وفجأة لقينا الحكومة بتقولنا اتفضلوا شوفوا مكان تاني". 🔴 تعويضات المنازل ◾ حدّدت الحكومة تعويضات للأهالي عن المنازل بقيمة تتراوح بين ألفين وخمسة آلاف جنيه للمتر، بحسب نوعية المباني وحالة التشطيب وفقًا لحديث الأهالي، إلا أنه لم يحصل على تعويض عن المباني سوى عدد محدود -لم يستطع من تحدثنا معهم تحديده- ممن تقع منازلهم في زمام الطريق الجديد الذي يُجرى إنشاؤه تمهيدا للمشروع. ◾ ويُمثّل بناء منزل جديد أزمة كبيرة لدى الأهالي بعد ارتفاع تكاليف البناء عدة أضعاف ما كانت عليه منذ إقرار الحكومة للتعويضات عام 2018، بحسب ما قاله الأهالي لصحيح مصر. إذ يقول مطر: "مبنامش بسبب الموضوع ده، أروح فين أنا واخواتي وولادهم، وعلشان تشتري أرض وتبني بيت وتأسسه لكذا أسرة.. الناس هتشحت علشان تبني". ◾ ما ينطبق على الأراض الزراعية من انخفاض أسعار التعويضات مقابل ما يشتري به القطاع الخاص، ينطبق أيضًا على المنازل السكنية، وقال أحد الأهالي إن المشروعات السياحية الأخرى في المنطقة تشتري المتر من المنازل السكنية بما يتراوح بين 10 و20 ألف جنيه للمتر حسب حالة المنزل ونوعية التشطيب. ◾ ويضيف خميس: "معظم أصحاب المنازل لم يحصلوا على تعويضات حتى الآن، معظم اللي حصل على تعويضات أصحاب الأراضي". إذ لم يحصل على تعويضات عن المنازل والأراضي كاملة سوى الأهالي الذين تقع ملكياتهم في زمام الطريق الذي يُجرى إنشاؤه في المشروع ويفصل بين المرحلتين الأولى والثانية، فيما لم يحصل بقية الأهالي على تعويضاتهم عن المنازل التي لا يزالون يقطنون بها حتى الآن. ◾ ويرى الأهالي أن قيمة تعويضات الحكومة عن المنازل قليلة مقارنةً بالأسعار الحالية، خاصةً وأن التسعير كان عام 2018، ولم يحصلوا عليها حتى الآن، إذ تم تحديد سعر تعويض المتر للمنازل بين ألفين و5 آلاف جنيه. ويقول عادل خميس، أحد أصحاب المنازل: "إزاي يحدد للمنازل سعر في سنة 2018 وعايز يحاسبنا في 2024.. ظلم بيّن". ◾ ويرى مطر وسامي أن الأزمة الأكبر في الحصول على أرض للبناء. ويجذب سامي طرف الحديث قائلا: "كل مكان على مدى الصحرا مهدد وممكن يتعمل فيه مشروع سياحي جديد.. حتى لما طلبنا سكن بديل أو مكان نبني فيه علشان نضمن محدّش يطلّعنا منه بعد كده، قالوا هندفع تعويضات، ومنضمنش إن أي مكان ميتعملش فيه مشروع سياحي جديد".