مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

لماذا فشلت مصر في تحقيق المستهدف من صادرات الغاز في 2023؟ وكيف انخفض متوسط صادرات مصر من الغاز هذا العام إلى 220 مليون دولار فقط؟

لماذا فشلت مصر في تحقيق المستهدف من صادرات الغاز في 2023؟ 

وكيف انخفض متوسط صادرات مصر من الغاز هذا العام
 إلى 220 مليون دولار فقط؟
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr
nan

الإدعاء

** في ديسمبر من العام 2022، صرح وزير المالية محمد معيط بأن مصر تستهدف الوصول بصادرات الغاز خلال العام 2023 إلى مليار دولار شهريًا، مقارنة بنحو 600 مليون دولار شهريًا خلال عام 2022. (1) = إلا إن توقعات الوزير ذهبت أدراج الرياح، إذ لم تحقق صادرات الغاز الطبيعي خلال الـ11 شهرًا الأولى من عام 2023 إلا نحو 2.42 مليار دولار بمتوسط شهري 220 مليون دولار، وليس مليار دولار كما كان يستهدف الوزير، أي 22% فقط من القيمة المستهدفة. = وكانت قد حققت صادرات مصر من الغاز الطبيعي ارتفاعًا منذ العام 2021 بعدما بلغت 3.9 مليار دولار، وزادت إلى 9.8 مليار دولار في العام 2022 مقارنة بعامي 2019 و2020، والذي بلغت فيه صادرات الغاز 1.23 مليار دولار و439 مليون دولار على التوالي بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء. (2) وانخفضت صادرات مصر من الغاز الطبيعي خلال الـ11 شهرًا الأولى من العام 2023 إلى نحو 3.38 مليون طن فقط مقارنة بـ7.1 مليون طن خلال عام 2022، واستحوذت أوروبا وتركيا مجتمعتان على 2.2 مليون طن من صادرات مصر خلال عام 2023، وفقًا لبيانات وكالة ستاندرد آند بورز. يرصد صحيح مصر في هذا التقرير الأسباب الرئيسية لتراجع معدلات صادرات مصر من الغاز الطبيعي، في ظل تراجع إنتاج حقل ظهر، وإحجام الشركات الأجنبية عن الاكتشافات الجديدة، بسبب عدم التزام الحكومة بدفع مستحقات تلك الشركات في ظل أزمة نقص العملة.

دحض الإدعاء

** كيف انخفضت صادرات مصر من الغاز الطبيعي؟ حققت مصر بداية من العام 2019 طفرة كبيرة في إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي، بعدما حققت اكتفاءً ذاتيًا منذ العام 2018، ولكن العام الماضي شهد انخفاضًا واضحًا في أرقام التصدير لعدة عوامل: = 2019: 1.23 مليار دولار وبكميات 4.9 مليون طن = 2020: 439 مليون دولار وبكميات 1.8 مليون طن = 2021 :3.9 مليار دولار وبكميات 8.1 مليون طن = 2022: 9.8 مليار دولار وبكميات 8.6 مليون طن = 11 شهرًا الأولى في 2023: 3.38 مليون طن ** السبب الأول: تراجع إنتاج الغاز المحلي = تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي إلى 49.2 مليار متر مكعب خلال الـ11 شهرًا الأولى من العام الماضي 2023، مقارنة بنحو 55.5 مليار متر مكعب خلال نفس الفترة من العام 2022 بنسبة انخفاض بلغت 12.8%. (3) = كما بلغت نسبة تراجع إنتاج الغاز بين الـ 11 شهرًا الأولى من عام 2023 ونفس الفترة من العام 2021 بنحو 18.3% بعدما سجلت معدلات الإنتاج في 2021 حوالي 58.8 مليار متر مكعب. = يعود تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي إلى سببيّن رئيسين، هما انخفاض إنتاج حقل ظُهر وإحجام الشركات الأجنبية عن الشروع في اكتشافات جديدة في ظل تأخر الحكومة عن دفع مستحقات تلك الشركات. - مستحقات الشركات الأجنبية توقف الاستكشافات الجديدة كشف عضو لجنة الطاقة بمجلس الشيوخ -نتحفظ على ذكر اسمه- في تصريحات صحيح مصر، تخلف الحكومة عن سداد مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في قطاعي الغاز الطبيعي والبترول، مما تسبب في إحجام تلك الشركات عن خوض استكشافات جديدة وخاصة في قطاع الغاز، يعوض تراجع الإنتاج في حقل ظهر. ويرجع عضو مجلس الشيوخ، والمطلع على ملف الطاقة، تخلف الحكومة إلى أزمة نقص العملة الأجنبية، والتي تظهر جلية على مؤشر صافي الأصول الأجنبية، إذ ارتفاع عجز صافي الأصول الأجنبية مع نهاية العام الماضي 2023 إلى مستوى تاريخي عند نحو 841.3 مليار جنيه في ديسمبر الماضي، مقابل 494.2 مليار جنيه في الشهر نفسه من عام 2022. ويمثل صافي الأصول الأجنبية حجم ما تملكه البنك المركزي والبنوك التجارية من أصول العملة الأجنبية "ودائع، أوراق مالية وغيرها"، مخصومًا منه التزاماتها بالنقد الأجنبي، ووجود عجز يعني أن التزامات البنوك بالنقد الأجنبي تفوق ما تملكه منه. = وكانت قدرت مؤسسة جولدمان ساكس مستحقات الشركات الأجنبية في مجال النفط والغاز، في يونيو الماضي بما يتراوح بين 7 إلى 8 مليار دولار، وتلك التقديرات بناء على تسعير الحكومة لبيع وحدات الغاز المحلي بين 4 إلى 5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية. = فيما قدرت مجلة ميس MEES للأبحاث المتخصصة في رصد أخبار النفط والغاز أن حجم مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في قطاع النفط والغاز حتى أبريل 2023 بلغت أكثر من 3 مليار دولار. (7) = وبحسب مجلة ميس، فإن 75% من مديونية مصر تعود لثلاث شركات نفط وغاز وهي "شركة إيني الإيطالية، وشركة أباتشي الأمريكية، وشركة بريتش بتريليوم البريطانية". = ويوضح عضو لجنة الطاقة لصحيح مصر، أن عدم قدرة الحكومة المصرية على سداد مستحقات الشركاء الأجانب يدفعهم لعدم البدء في التنقيب والاستكشاف لمشروعات جديدة إلا بعد سداد مديونياتها نظرًا لارتفاع تكاليف الحفر والاستكشاف والتنقيب، فضلاً عن عدم قدرة وزارة البترول على جذب أي استثمارات أجنبية بسبب تلك المديونية. - انخفاض إنتاج حقل ظهر = ويرجع السبب الأساسي في انخفاض إنتاج الغاز إلى تراجع معدلات إنتاج حقل ظهر، الذي يشكل إنتاجه نحو 39% من إجمالي إنتاج الغاز في مصر. = وتراجع إنتاج حقل ظهر إلى 2.4 مليار قدم مكعب يومي بنهاية العام المالي 2022/ 2023، مقارنة بـ2.7 مليار قدم مكعب يومي، بنهاية العام المالي 2021/ 2022، بحسب بيانات شركة بترو شروق المشغل لحقل ظهر والصادرة عن وزارة البترول. (4) = وبحلول أبريل الماضي 2023، تراجع إنتاج حقل ظهر إلى 2.1 مليار قدم مكعب يومي بانخفاض أسبوعي يصل إلى 30 مليون قدم مكعب مقارنة بحجم الإنتاج عند بداية العام الذي بلغ 2.3 مليار قدم مكعب يومي. (5) = ويرجع انخفاض إنتاج حقل ظهر بشكل أساسي إلى مشكلات تقنية وفنية داخل حقل ظهر، أدت إلى تسرب المياه، وهي ناجمة بالأساس عن الاستعجال في استخراج الغاز، بناءً على توجيهات الحكومة بتسريع عملية الإنتاج، بحسب مجلة "ميس" المتخصصة في أخبار الغاز والنفط. (6) ** السبب الثاني: انخفاض أسعار الغاز الطبيعي = كان ارتفاع سعر الغاز في عام 2022 عقب الحرب الروسية الأوكرانية عاملًا حاسمًا في زيادة قيمة صادرات مصر من الغاز خلال ذلك العام، رغم أن كمية صادرات مصر خلال عام 2021 سجلت كمية مقاربة لما صدرته مصر في 2022. = وقفزت قيمة مبيعات صادرات مصر من الغاز الطبيعي خلال عام 2022 كنتيجة مباشرة لارتفاع أسعار بيع الغاز الطبيعي والتي بلغ أقصى سعر لها في أوروبا خلال شهر أغسطس 2022 بعدما بلغ سعر المليون وحدة حرارية أكثر من 70 دولارًا، وفي اليابان سجلت سعرها أكثر من 21 دولارًا وفي الولايات المتحدة سجلت 8.79 دولارًا. (10) = فيما سجلت أسعار المليون وحدة حرارية في عام 2023 ما بين 3.4 إلى 3.77 دولارًا للمليون وحدة حرارية، كما انخفضت أسعار المليون وحدة حرارية إلى أقل من دولارين مع أوائل العام الحالي 2024، بحسب موقع ترند إيكونمي. (11) = ويظهر هذا في قيمة الصادرات في عام 2022، إذ رغم أن الكمية المصدرة كانت 8.6 مليون طن جنت منها الحكومة 9.8 مليار دولار، ولكن في العام 2021، جنت من كمية مقاربة وهي 8.1 مليون طن نحو 3.9 مليار دولار فقط. ** السبب الثالث: استخدام واردات الغاز الإسرائيلي لتعويض نقص الإنتاج المحلي = رغم الحرب الدائرة في قطاع غزة وتوقف استيراد مصر للغاز الإسرائيلي خلال بعض أيام شهر أكتوبر الماضي 2023؛ إلا إنه خلال الـ11 شهرًا الأولى من العام 2023 بلغت كميات الغاز الإسرائيلي الموردة لمصر حوالي 6.94 مليار متر مكعب، بزيادة بنسبة 35% عن نفس الفترة من العام 2022 والتي بلغت خلالها كميات الغاز نحو 5.14 مليار متر مكعب، بحسب بيانات جودي. = ولكن جزءا من تلك الكمية الواردة من إسرائيل توجه إلى الاستهلاك المحلي لتعويض نقص الإنتاج، إذ أشارت وكالة ستاندرد آند بورز أن مصر تستخدم بعض واردات الغاز الإسرائيلي في تلبية استخداماتها المحلية المُتزايدة، والباقي يتم إسالته ثم تصديره للخارج. (9) = وبحسب الوكالة، فإن حرب غزة تسبب في إغلاق حقل تمار الإسرائيلي مما عطّل واردات الغاز الإسرائيلي لمصر مما حدّ من قدرة البلاد على استئناف صادرات الغاز الطبيعي المُسال.