مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
🔴 خلال جلسات الاستماع لقضية "الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة"، التي أقامتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، أمام محكمة العدل الدولية، حمل فريق الدفاع الإسرائيلي الحكومة المصرية مسؤولية عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
❌ وقال كريستوفر ستاكر، المحامي في فريق الدفاع عن إسرائيل أمام المحكمة، إن "الدخول إلى القطاع يكون عبر معبر رفح وهو تحت سيطرة مصر، وإسرائيل ليست ملزمة بموجب القانون الدولي أن تتيح الوصول إلى غزة من أراضيها". [1]
✅ ولكن هذه التصريحات مُضللة، إذ استخدمت إسرائيل وسائل متعددة لإعاقة تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، منذ بداية العدوان، كما أن الاحتياجات الأساسية للقطاع لم تكن تدخل قبل 7 أكتوبر الماضي عبر معبر رفح وحده، ولكن النسبة الأكبر من البضائع كانت تدخل للقطاع من المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل، وعلى رأسها المساعدات الإنسانية الخاصة بمؤسسات الإغاثة الدولية العاملة في القطاع.
◾ كما يحمل القانون الدولي إسرائيل بوصفها قوة احتلال مسؤولية تلبية احتياجات وحقوق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومن ثم يفرض عليها فتح جميع معابرها لتلبية الاحتياجات الإنسانية للسكان في القطاع، والتي أغلقتها إسرائيل بعد 7 أكتوبر، وأصبح معبر رفح وحده هو المنفذ الوحيد، في ظل عدم قدرته على استيعاب دخول كافة البضائع اللازمة للحد من تفاقم الأزمة.
⚠️ في هذا التقرير يفند صحيح مصر المزاعم الإسرائيلية أمام محكمة العدل الدولية، ويرصد تسلسلًا للخطة الإسرائيلية الممنهجة منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الجاري لإعاقة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية لغزة، في ظل فرضها حصارًا محكمًا على القطاع، تسبب في كارثة إنسانية مازالت مستمرة.
دحض الإدعاء
🔴 دخول البضائع قبل الحرب
❌ يقول فريق الدفاع: "الدخول إلى القطاع يكون عبر معبر رفح".
✅ تصريح فريق الدفاع الإسرائيلي مضلل، لم يكن معبر رفح المنفذ الوحيد لقطاع غزة، ولم يكن المنفذ الأهم أيضًا، ولكن قبل الحرب كانت تمر إلى القطاع 500 شاحنة يوميًا تحمل احتياجاتها من البضائع، 60% من تلك الشاحنات كانت تدخل عبر معبر كرم أبو سالم، المعبر التجاري الرئيسي بين إسرائيل وقطاع غزة، وتسيطر عليه إسرائيل بالكامل، بحسب بيانات الأمم المتحدة، فيما تدخل النسبة الأقل من ذلك المعدل عبر "رفح". [2]
◾ بعد 7 أكتوبر، أغلقت إسرائيل معبر كرم أبو سالم، وجميع معابرها مع قطاع غزة، وأصبح الأمر محصورًا على معبر رفح وحده، وهو ما عقد إجراءات إدخال المساعدات الإنسانية.
◾ إذ تعتمد وكالات الإغاثة العاملة في القطاع على معبر كرم أبو سالم في إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، ولم تكن تعتمد من قبل على معبر رفح، وبحسب منظمة "مسلك" الإسرائيلية، فإن "تعديل مصادر الإمدادات إلى مصر وتنسيق نقلها عبر معبر رفح، استغرق وقتًا طويلًا وأعاق إلى حد كبير إتاحة الوصول إلى الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها". [3]
◾ كما أن معبر كرم أبو سالم، يمتلك بنية تحتية ومرافق أكثر تطورا واتساعًا من معبر رفح، مما يسمح بفحص عدد أكبر من الشاحنات، وبالتبعية مرور عدد أكبر من المساعدات إلى القطاع على مدار اليوم الواحد.
✅ إذا فإن إغلاق إسرائيل المعبر التجاري الرئيسي للقطاع، كرم أبو سالم، هو أحد أسباب عرقلة تدفق المساعدات الإنسانية واحتياجات القطاع اليومية، كما أن إسرائيل أعلنت بشكل واضح وصريح فرض حصارًا على قطاع غزة، بإغلاق المعابر، بحسب ما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، إذ أمر بفرض "حصار كامل" على قطاع غزة: "لا كهرباء، لا طعام ولا ماء ولا غاز". [4]
◾ ومر من خلال معبر كرم أبو سالم، في أشهر ما قبل 7 أكتوبر نحو 4 آلاف 793 شاحنة في مايو، و4 آلاف و298 شاحنة في يونيو، و4 آلاف 738 شاحنة في يوليو، و5 آلاف 167 شاحنة في أغسطس. [5]
🔴 معبر رفح.. المنفذ الأخير
❌ يقول فريق الدفاع: "مصر تسيطر على معبر رفح".
✅ تصريح مُضلل أيضًا، إذ أنه في وقت أصبح الطريق الوحيد لفك الحصار على غزة، هو معبر رفح الواصل إلى مصر، عمدت إسرائيل إلى إعاقة دخول أي مساعدات إنسانية وإغاثية عبر تكثيف الضربات الجوية في مدينة رفح الفلسطينية، درجة استهدافها معبر رفح نفسه من الجانب الفلسطيني أكثر من مرة.
◾ وخلال الفترة ما بين 7 أكتوبر وحتى 16 أكتوبر، وثق صحيح مصر قصف إسرائيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني 4 مرات. ودمرت الضربات الإسرائيلية المعبر من الجانب الفلسطيني وألحقت أضرارًا بالجانب المصري. [6]
◾ وذلك بالتزامن، مع إشارة "القناة 12" الإسرائيلية، في 10 أكتوبر، إلى إبلاغ إسرائيل مصر من أنها "ستقصف أي شاحنات تحمل مساعدات لغزة عبر معبر رفح". [7]
◾ وظلت مصر حتى 17 أكتوبر الماضي، تختزن المساعدات على حدودها أمام معبر رفح. لكنها لم تتمكن من إدخالها إلى غزة، في ظل عدم التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل يسمح بمرور المساعدات بدون استهدافها من الطيران الإسرائيلي. [8]
🔴 المسؤولية الإسرائيلية
❌ يقول فريق الدفاع الإسرائيلي: "إسرائيل ليست ملزمة بموجب القانون الدولي أن تتيح الوصول إلى غزة من أراضيها".
✅ تصريح مُضلل، بحسب الأمم المتحدة، يصنف وضع "إسرائيل" في قطاع غزة بأنها "قوة احتلال"، وبذلك تكون ملزمة في جميع تعاملاتها مع السكان الفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها الفعلية، باتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في أوقات الحرب الموقعة عام 1949 وأنظمة لاهاي الموقعة عام 1907. [9]
◾ وبدلًا من الالتزام بمسؤوليتها عن توفير احتياجات القطاع فرضت حصارًا خانقًا منذ بداية الحرب، وكانت الأمم المتحدة شاهدة على العراقيل الإسرائيلية لدخول المساعدات، إذ قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في 20 أكتوبر، من أمام معبر رفح في مصر، إن "على هذا الجانب (الجانب المصري) رأينا الكثير والكثير من الشاحنات محملة بالمياه والوقود والأدوية والغذاء. نفس الأشياء تمامًا المطلوبة على الجانب الآخر من الجدار". [10]
◾ وبعد دخول أول الشحنات إلى القطاع، قال غوتيريش، في 22 أكتوبر: "إن النشاط العسكري الإسرائيلي في غزة يخلق عقبات هائلة أمام توزيع المساعدات في القطاع". [11]
🔴 وساطة أمريكية
◾ بدأت عملية دخول المساعدات عبر "رفح" بعد وساطة أمريكية، إذ أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته إلى تل أبيب، في 18 أكتوبر الماضي، موافقة إسرائيل على دخول مساعدات إلى قطاع غزة، على أن تخضع شاحنات المساعدات للتفتيش من قبل السلطات الإسرائيلية في نقطة نتسانا المقابلة لمعبر العوجة مع مصر. [12]
◾ وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن المساعدات التي ستسمح إسرائيل بتمريرها إلى المعبر هي الغذاء والماء والدواء فقط. ورفضت إسرائيل السماح بمرور الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات. [13]
◾ وبدأ دخول أول دفعة من المساعدات في 21 أكتوبر، وكانت عبارة عن 20 شاحنة. وازداد معدل الشاحنات تدريجيًا، حتى بلغ حوالي 200 شاحنة، خلال أيام الهدنة بين إسرائيل وحماس في نوفمبر الماضي. ولكنها لم تكن تكفي حاجة القطاع المتزايدة يوميًا. [14]
◾ ولم تدخل شحنات الوقود إلى غزة حتى منتصف نوفمبر، بعد شهر ونصف من اندلاع الأحداث، وبعد ضغوط وشكاوي متكررة من المنظمات الإنسانية بالقطاع من تعطل خدماتها بسبب نفاد الوقود. [15]
◾ إذ تسبب منع دخول الوقود إلى القطاع في كارثة صحية، إذ توقفت نحو 30 مستشفى و53 مركزًا صحيًا، بحسب أحدث إحصاءات وزارة الصحة في غزة. [16]
🔴 معبر رفح لا يكفي
◾ معبر رفح لم يكن كافيًا لنجدة سكان القطاع، إذ ظلت الكارثة الإنسانية تتفاقم مع توالي موجات النزوح من شمال القطاع إلى جنوبه.
◾ صرح مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، لشبكة CNN الأمريكية، بأن "معبر رفح لا يستطيع استيعاب كمية كافية من المساعدات لتلبية احتياجات الشعب الفلسطيني التي تتزايد مع تزايد عدد النازحين"، مضيفًا: "نحن بحاجة إلى القدرة التي يوفرها معبر كرم أبو سالم بشكل طارئ للحصول على المزيد من الغذاء والماء والأدوية والضروريات لتوزيعها على المدنيين الفلسطينيين. [17]
◾ وفي 15 نوفمبر، ناشد منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن جريفيث، إسرائيل، السماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم في إسرائيل. وقال جريفيث، للصحفيين، في جنيف "كرم أبو سالم، فضلًا يا إسرائيل، امنحونا ذلك (المعبر) كنقطة عبور خاصة بنا". [18]
◾ قبل أن تعلن إسرائيل، في 12 ديسمبر، فتح معبر كرم أبو سالم، لتفتيش مساعدات غزة، قبل دخولها عن طريق معبر رفح. وفي 15 ديسمبر الماضي، أعلن البيت الأبيض، أن إسرائيل وافقت على فتح معبر كرم أبو سالم الحدودي، لإتاحة التسليم المباشر للمساعدات الإنسانية الخاصة بمنظمات الأمم المتحدة فقط إلى المدنيين الفلسطينيين في غزة. [19، 20]
🔴 أزمة إنسانية متفاقمة
◾ رغم ذلك، فإن المساعدات التي باتت تدخل إلى قطاع غزة، عبر منفذي رفح وكرم أبو سالم البريين، لا تغطي سوى 10% من احتياجات سكان القطاع، بحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية. [21]
◾ وقالت المتحدثة الإقليمية باسم برنامج الأغذية العالمي، ريم ندا، لبي بي سي، في يناير الجاري، إن "الممرات الإنسانية لا تزال غير كافية بالمرة بالنظر إلى حجم الاحتياجات في القطاع". مشيرة إلى أن هناك شخصًا من كل أربعة أشخاص في غزة "يعاني من ظروف تشبه المجاعة، أي ما يوازي نصف مليون شخص في القطاع يعانون من نقص كامل في الغذاء". [22]
◾ وأضافت ندا، أن "الطريقة الوحيدة لوقف الانزلاق السريع إلى المرض وسوء التغذية والمجاعة والموت هو إطلاق عملية إنسانية ضخمة متعددة الوكالات في ظروف يكون فيها الوصول آمنًا ومأمونًا. وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا كان هناك وقف دائم لإطلاق النار".