مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

الصدق السياسي: تصريحات “صحيحة ” لمدير مركز الاتصال الحكومي تم تداولها على أنها مضللة

الصدق السياسي: تصريحات “صحيحة ” لمدير مركز الاتصال الحكومي تم تداولها على أنها مضللة
kashif_ps

الكاتب

kashif_ps

في لقاء صحفي أجراه تلفزيون فلسطين، مع مدير مركز الاتصال الحكومي، محمد أبو الرب، يوم الرابع عشر من نيسان، حول الأزمة المالية التي تمر بها الحكومة، أدلى أبو الرب بالعديد من التصريحات التي أثار بعضها ضجة في الرأي العام الفلسطيني، وتم تداولها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي على أنها ادعاءات مضللة، مرصد كاشف تابع هذه الادعاءات وعاد إلى اللقاء وتحقق من صحتها.

الادعاءات

النص المرفق تداوله العديد من الأشخاص على صفحات التواصل الاجتماعي، وقد وردت فيه الادعاءات التالية، على لسان أبو الرب أو تعقيبا على المعلومات الواردة في لقائه:

- أولا: ضريبة السجائر يجبيها الجانب الإسرائيلي وفي ذلك مغالطة وسوء فهم، فجزء منها يرد تصريحاً ضمن بند الإيرادات الضريبية المحلية.

على الرغم من كون هذه المعلومة صحيحة "جزء من ضريبة السجائر ترد ضمن بند الإيرادات المحلية الضريبية وقيمتها نحو 458 مليون شيقل"، إلا أنه بالعودة إلى مقابلة أبو الرب والاستماع لها بدقة، وجدنا أن سياق الحديث لم يكن أساسا عن ضريبة السجائر على وجه الخصوص، وإنما كان يتحدث عن أكبر القطاعات التي تقوم عليها المقاصة، وقد ذكر البترول والسجائر والسيارات كأمثلة على هذه الضرائب، ولم يدع أبو الرب بالمطلق في أي جزء من لقائه أن "جميع" ضريبة السجائر تجبى ضمن المقاصة.

- ثانياً: جاء في الادعاء: "اعتبر أبو الرب أن الحكومة لا تتحصّل على كل جبايتها الضريبية؛ فجزء مهم يتم تحويله للبلديات مثل ضريبة الأملاك و النقل على الطرق في حين أن البندين لا يتجاوزان 5% من مجموع الإيراد الضريبي المحلّي، وتبقى الضرائب المحلية الوازنة هي الدخل و القيمة المضافة التي لا ينازع فيها الحكومة أحد، مع ملاحظة أنه مقابل تحويل الحكومة ضريبة الأملاك للبلديات؛ فإنها لا زالت تقصم ظهر الأخيرة بمستحقات الماء و الكهرباء المتراكمة على مباني الحكومة في مختلف البلديات.

بالعودة إلى اللقاء مع أبو الرب، وجدنا أنه كان يشرح هنا الجزء الثاني من المصادر المالية للحكومة وهو الإيرادات المحلية، وقد ذكر بالفعل أن جزء من هذه الإيرادات، ضريبة الدخل وضريبة الأملاك وضريبة النقل على الطرقات وضرائب أخرى، وقد ذكر بشكل واضح أن ضريبة الأملاك تبلغ قيمتها نحو 150 مليون شيقل، كما ذكر أن القيمة الكلية للإيرادات المحلية متوقع ان تكون هذا العام 5 مليار و800 ألف شيقل، بالتالي لم يكن هناك محاولة لإيهام الجمهور بأن ضريبة الأملاك هي أكبر بنود الضرائب المحلية، كما أنه حدد بشكل دقيق أن المجالس البلدية تحصل فقط على 86% من مجمل هذه الضريبة وليس على الضريبة بأكملها، وهي كلها أرقام صحيحة.

ثالثاً: ادّعى المتحدث الحكومي أن الحكومة تحقق تطوراً في ترشيد النفقات والتركيز على النفقات التطويرية، في حين أن المقارنة بين موازنتي ٢٤ و ٢٥ تشير الى نمو بند الرواتب مجدّداً بنسبة 4% والنفقات التشغيلية بنسبة 24%، و انخفاض بند النفقات التطويرية بنسبة 17%، وهو مشهد معاكس تماماً للنوايا المعلنة.

للتحقق من هذا الادعاء عدنا أولا إلى اللقاء، ودققنا جيدا في هذه الجزئية من المقابلة، ووجدنا أن التصريح الحرفي لأبو الرب جاء فيه أن:

"هناك فجوة بين مجموع الإيرادات الشهرية والمقاصة التي تتحصل عليها الحكومة بالمقارنة مع ما تحتاجه لدفع الرواتب الشهرية للموظفين العموميين، وقال أبو الرب أن الحكومة تتعامل مع هذه الفجوة من خلال التالي:

أولا: تقليل المصاريف التشغيلية قدر الإمكان، وهناك توجه للتقاعد العسكري، وأيضا الملف المدني يتم دراسته، حيث لم يدع أبو الرب أن هناك تطورا في ترشيد النفقات ولكن قال إن هناك محاولة لتقليل المصاريف التشغيلية.

مرصد كاشف تحقق من ادعاء الحكومة توجهها نحو تقليل المصاريف من عدمه، تواصلنا مع عضو الفريق الأهلي لدعم الموازنة والشفافية، مؤيد عفانة، حيث أكد عفانة أنه بالفعل هناك توجه لدى الحكومة لتقليل المصاريف التشغيلية وخفض التكاليف، وتم العمل على العديد من أوجه الإنفاق من أجل تقليلها، ولكن المشكلة تكمن أن الحكومة تحاول خفض التكاليف في قطاعات لا تعتبر ذات تأثير كبير على الموازنة العامة.

ثانيا: بخصوص الجزئية الثانية من التحقق وهي "التركيز على النفقات التطويرية"، بالرجوع إلى مقابلة أبو الرب، لم نجد أنه ادعى تركيز الحكومة على زيادة النفقات التطويرية، وإنما قال: يتم الضخ تجاه مشاريع تطويرية أكثر، وهذا البند تعمل عليه الصناديق العربية والبنوك الداعمة، مثل حزمة الدعم الأوروبي التي سيكون لديها أثر جيد، وأيضا تجديد حزمة الدعم من البنك الدولي، بالإضافة إلى استمرار الاتصالات مع العرب من أجل الحصول على حزمة الأمان المالي.

وهنا علق عفانة أنه يجب التمييز بين بند النفقات التطويرية ضمن الموازنة، وبين توجه الحكومة بشكل عام نحو جلب مشاريع تطويرية خارج الموازنة،

فما هو مثبت في موازنة 2025 أن هناك بالفعل تراجع في النفقات التطويرية بنسبة 17.5%، حيث كان مخططا لها أن تكون مليار و 512 مليون شيقل عام 2024، وأصبح مخططا لها لتكون مليار و248 مليون شيقل عام 2025، بالتالي هناك تراجعا في هذا البند.

وتابع: ولكن بالعودة إلى التصريح الدقيق لأبو الرب في هذا السياق، فهو لم يتحدث هنا عن النفقات التطويرية ضمن الموازنة، وإنما عن ضخ مشاريع تطويرية من الصناديق العربية والبنوك والدعم الأوروبي وغيره، والدليل القاطع على ذلك أن حزمة الاتحاد الأوروبي التي تحدث عنها أبو الرب وقيمتها 576 مليون يورو، لم تدخل أصلا في الموازنة العامة، بالتالي هو كان يتحدث عن المشاريع التطويرية وليس النفقات.

ثالثا: في الجزئية الأخيرة من الادعاء المتداول ورد أنه: بالمقارنة بين موازنتي ٢٤ و ٢٥ تشير الى نمو بند الرواتب مجدّداً بنسبة 4% والنفقات التشغيلية بنسبة 24%.

أكد عفانة أن هذه النسبة من الزيادة غير صحيحة، فبالفعل زادت رواتب القطاع الحكومي هذا العام ولكن بنسبة 1.8% وليس 4%، وهذا يتطابق أيضا مع البيانات التي تنشرها وزارة المالية على موقعها، وبالتالي ترتب عليه زيادة في النفقات التشغيلية، مؤكدا أنها لم تصل بالمطلق إلى 24% فهو رقم مبالغ به.

وحول هذا الأمر أوضح عفانة أن هناك استحقاق سنوي قانوني على الحكومة برفع الرواتب، وكون بند الرواتب أكبر بند في النفقات التشغيلية إذن بالتأكيد سينعكس على ارتفاع النفقات، ولكن هناك توجه بالفعل لتقليل المصاريف التشغيلية.

كما أكد أنه هناك الكثير من الملفات وفقا لاطلاعهم كفريق موازنة يجري بحثها اليوم من قبل الحكومة، من أجل تقليصها والإبقاء فقط على النفقات الأساسية، والتركيز على القطاعات الجوهرية مثل: التعليم الصحة، الأمن. والحماية الاجتماعية، وهذا أيضا صحيح وفقا لعفانة.

رابعاً: حتى عند النظر في الموازنة المتحققة لشهري كانون و شباط الماضيين؛ بقي وبشكل مناقض لكل توصيات المجتمع المدني استحواذ قطاع الداخلية والأمن الوطني على الحصة الأكبر من النفقات  التطويرية بما يتجاوز حصة وزارة التربية و التعليم و يقل قليلاً عن حصة وزارة الصحة.

رغم صحة هذه المعلومة، إلا أنه لم يرد في تصريحات أبو الرب أي تصريح آخر معاكس لها، كما أكد عفانة أن النفقات التشغيلية في بداية العام عادة ما تكون مرتفعة عن باقي السنة، نظرا لحاجة بعض المؤسسات إلى تجديد عقود سنوية، كما أنه لا يمكن الحكم على نجاح الترشيد من عدمه من خلال شهرين فقط.

خامسا: ورغم كل هذه المغالطات، تبدو مذيعة تلفزيون المواطن منبهرة بكل ما يقوله المتحدث الرسمي ..دون سؤال ..ودون مسائلة و دون أي دراية، بالمناسبة أنفق المواطن عبر موازنته العامة ١٧ مليون شيكل خلال شهري ١ و٢ على الإعلام الرسمي...

فيما يتعلق بنفقات الإعلام الرسمي خلال شهري كانون ثاني وشباط تبين لنا وفقا للمعلومات المنشورة على موقع وزارة المالية أن المعلومات صحيحة بالفعل، ولدى التأكد من الحكومة، تم التوضيح أنه في بداية كل عام يتم تجديد اشتراكات الأقمار الصناعية ولهذا السبب تكون الأرقام الخاصة بالنفقات مرتفعة.

مع الإشارة أيضا إلى أن تصريح أبو الرب لم يتضمن أي تعليق معاكس لهذه المعلومة.

بالإضافة إلى ما سبق، فقد عدنا للقاء الذي أجراه أبو الرب وقمنا بالتحقق من صحة الادعاءات الواردة فيه، وكانت كالتالي:

تفاصيل التحقق:

  • أولا: ادعى أبو الرب أن الحكومة تنشر بياناته المالية باستمرار على موقع الوزارة، ومن خلال البحث، تحققنا من صحة هذه المعلومة. فالوزارة تنشر بالفعل تقاريرها الشهرية والربعية والسنوية، بما يوضح الإيرادات والضرائب المحلية، بما يوضح النفقات والإيرادات ومصادر التمويل.
  • - كان من بين الادعاءات التي وردت على لسان أبو الرب أيضا أنه من المتوقع أن تفوق المقاصة 10 مليار شيكل هذا العام، وأن الاحتلال يحتجز قرابة ثلثي أموال المقاصة، وهذا يخلق لدينا فجوة تمويلية، وقد أكد عفانة على صحة القيمة المتوقعة للمقاصة وعلى حجم الاقتطاع أيضا، أي أن هذا الادعاء أيضا صحيح.
  • ادعى أبو الرب أيضا أن الإيرادات المحلية قيمتها 5.8 مليار شيكل سنويا، وهذه تشمل ضريبة الأملاك، الدخل، رسوم الطوابع، ورسوم رخص السيارات والرخص الشخصية وهذه تتراوح "رسوم الرخص" بين 170 إلى 175 مليون شيقل، بالعودة إلى القرار بقانون الموازنة العامة لعام 2025 نجد أن هذا الرقم صحيحا، ولكن بمقارنته مع التقرير المالي للعام الماضي نجد أنه مستغرب، كونه مرتفع عن إيرادات العام الماضي "العام الماضي كانت الإيرادات المحلية 4.7 مليار شيقل"، وهنا أوضح عفانة أن سبب هذا الارتفاع وجود نمو غير عادي في الإيرادات غير الضريبية المحلية، حيث من المتوقع أن نحصل على 192 مليون دولار هذا العام من تراخيص الجيل الرابع لشركتي جوال وأوريدو، وأيضا تجديد عقد الامتياز لشركة اوريدو بالتالي الارتفاع مبرر والادعاء صحيح.
  • ادعى مدير مركز الاتصال الحكومي أن جميع رسوم تجديد التراخيص "السيارات والشخصي" تحول إلى هيئات الحكم المحلي على دفعتين:  50% تذهب الى هيئات الحكم المحلي فيما يسمى أمانات النقل على الطرق، والنصف الثاني من خلال مشاريع وزارة الحكم المحلي، وهذا وفقا لممثل فريق دعم شفافية الموازنة هو صحيح

كقانون، ولكن وزارة المالية تقوم بجباية الضرائب عن البلديات التي عليها ديون كهرباء ومياه وتقوم بالتقاص من هذه البلديات التي لم تصل إلى تسويات مالية معها بعد، بالتالي الادعاء صحيح ولكن يجب توضيحه والحديث عنه أكثر في ملف منفصل.

- مجمل الإيرادات المحلية بالمتوسط الشهري 220 الى 250 مليون شيقل، أكد عفانة أنه في بداية العام تكون قيمة الإيرادات المحلية مرتفعة  عن باقي السنة، مثلا في شهر كانون الثاني جبت الحكومة قرابة 355 مليون شيقل، وفي شهر شباط 402 مليون شيقل، لأنه عادة ما يكون هناك تسهيلات وحملات تشجيعية لدفع الضرائب مبكرا وخاصة في مراكز المدن.

وأوضح أن قيمة الإيرادات المحلية بعد ذلك تنخفض إلى نهاية العام، ففي العام الماضي مثلا بلغت قيمة الإيرادات المحلية عن شهر كانون الثاني 460 مليون شيقل، في حين وصلت أدناها في شهر 11 بما مجموعه 163 مليون شيقل.

وفي الوقت الذي كان نص تصريح أبو الرب يتحدث عن المتوسط الشهري لقيمة الإيرادات المحلية وهي بين 220 و250 مليون شيقل، فقد أكد عفانة أن الرقم صحيح ودقيق، إذن الإدعاء صحيح.

  •   مجمل الإيرادات المحلية والمقاصة الشهرية معا لا تكفي لدفع رواتب الموظفين العموميين، نعم أكد عفانة صحة هذه المعلومة، الادعاء صحيح.

تصنيف التصريح: صحيح