مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

مصر وشروط "صندوق النقد".. سرعة في رفع الأسعار وتقليل الدعم وتباطؤ في "توصيات أجهزة الدولة"

مصر وشروط "صندوق النقد".. سرعة في رفع الأسعار وتقليل الدعم  وتباطؤ في "توصيات أجهزة الدولة"
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
Matsda2sh

الكاتب

Matsda2sh

دحض الإدعاء

📌 خلال حضوره المؤتمر العالمي للسكان والصحة، في 20 أكتوبر 2024، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مراجعة برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي، قائلًا: "إذا كان التحدي ده هيخلينا نضغط على الرأي العام بشكل لا يتحمله الناس، لا بد من مراجعة الموقف مع صندوق النقد".

◾ بعدها بأيام، وتحديدًا أمس الأربعاء 23 أكتوبر 2024، أعلن  مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، التفاوض مع "صندوق النقد" على إعادة النظر في توقيتات ومستهدفات برنامج الإصلاح الاقتصادي، وذلك التزامًا بتوجيهات الرئيس.

◾ تصريحات "السيسي" و"مدبولي" جاءت قُبيل موعد المراجعة الرابعة للبرنامج، المزمع إجراؤها في نوفمبر 2024، من أجل الحصول على أكبر شريحة من القرض بقيمة 1.3 مليار دولار.

◾ وردًا على المطالب المصرية، صرحت كريستالينا غورغييفا، مديرة الصندوق، اليوم الخميس 24 أكتوبر 2024، بأنهم مستعدون لتعديل البرنامج، لكنها أكدت أن الصندوق لا يمكنه أداء عمله على نحو لائق إذا تم التراجع عن الإصلاحات الضرورية، لأن ذلك سيجعل التكلفة أعلى. ونصحت بتنفيذ الإصلاحات، مشيرة إلى أن ذلك سيجعل مصر في وضع أفضل.

◾ في التقرير التالي، يوضح فريق #متصدقش كيف التزمت الحكومة بتنفيذ بنود الاتفاق التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، في مقابل التباطؤ في الاشتراطات التي تمس الحكومة وأجهزة الدولة. 

⭕ سرعة في  تخفيض الدعم

◾ في خطاب النوايا المُقدم من مصر إلى صندوق النقد الدولي في 25 يونيو 2024، أكدت الحكومة التزامها بالعديد من الإجراءات بينها الإبقاء على سعر صرف مرن، ورفع أسعار الوقود تدريجيًا وصولًا إلى تغطية التكلفة الفعلية بحلول ديسمبر 2025. 

◾ وتعهدت الحكومة أيضًا بالمضي قدمًا في خطط بيع بعض أصول الدولة، والامتناع عن اتخاذ أي خطوات تتعارض مع أهداف والتزامات البرنامج.

◾ منذ مارس 2022، خفضت مصر سعر صرف العملة أربع مرات، ليرتفع سعر صرف الدولار أمام الجنيه بنحو 200%، كما رفعت أسعار الوقود 8 مرات بنسب إجمالية تتراوح بين 74% و 100%، فيما زادت أسعار الكهرباء، بنسب تتراوح بين 30 إلى 35%.

◾ بالإضافة إلى ذلك، زادت أسعار أنابيب غاز الطهي أكثر من مرة، وارتفعت تعريفة ركوب النقل العام، وتذاكر المترو بنسب تتراوح ما بين 42% إلى 66%، بجانب زيادة أسعار تذاكر القطارات.

⭕ الهدف "تقشف" والوسيلة رفع الأسعار

◾ في الوثائق الخاصة بمصر، يرى صندوق النقد أن حل الأزمة الاقتصادية التي تُعاني منها البلاد، يأتي من خلال تنفيذ إصلاحات مالية ونقدية، منها إجراء تقشف حكومي بهدف خفض المصروفات، مع السعي لزيادة الإيرادات المالية عبر عدة وسائل.

◾ الباحث بوحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية محمد رمضان، يرى أن الصندوق حدد الهدف لكنه ترك للحكومة حرية تحديد كيفية تنفيذ ذلك. 

◾ ويضيف أنه كان من الممكن خفض المصروفات بطرق أخرى لا تُسبب ضغوطات معيشية على المواطنين، مثل تخفيض بند الاستثمارات العامة الذي يُعبر عن الإنفاق الضخم على المشروعات. ومع ذلك اختارت أن يكون خفض الدعم الموجه للمواطنين هو وسيلتها الرئيسية للتقشف.

◾ وأعلنت الحكومة أن حجم الاستثمارات العامة حوالي تريليون جنيه خلال العام المالي الجديد 2024/2025، في حين  بلغت مخصصات الدعم 636 مليار جنيه.

⭕  الإعفاءات الضريبية وضريبة أرباح البورصة

◾ أوصى الصندوق الحكومة باتخاذ إجراءات لزيادة حصيلة الضرائب بهدف زيادة الإيرادات، عبر تقليص الإعفاءات الضريبية، بما في ذلك الإعفاءات المقدمة للجهات المملوكة للدولة، سواء كانت مدنية أو عسكرية. 

◾ تحايلت الحكومة على هذه التوصية، وأقرت قانونًا في فبراير 2024، ألغت فيه إعفاءات ضريبية لجهات حكومية من بينها، لكنه فتح بابًا لاستمرار "الإعفاءات المقررة للأعمال والمهام العسكرية ومقتضيات الدفاع عن الدولة وحماية الأمن القومي"، دون تحديد ما هي حدود وطبيعة هذه المشروعات. 

◾ ويرى يزيد صايغ، الباحث في مركز كارنيجي للشرق الأوسط، أن تصنيف الأنشطة تحت مظلة "الأمن القومي" يمنح القوات المسلحة وعددًا من مؤسسات الدولة امتيازات خاصة، ما يتيح لها توسيع نفوذها الاقتصادي، ويستخدم هذا التصنيف لحجب المعلومات المتعلقة بالمعاملات المالية عن الأجهزة الرقابية وهيئات مكافحة الفساد.

◾ وعلى الرغم من مطالب "الصندوق" المتجددة منذ عام 2016 بتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة، التي أعلنت عام 2014، ولم يجرِ تطبيقها. إلا ان الحكومة وعلى عكس رغبة الصندوق، أكدت على لسان وزير الاستثمار حسن الخطيب إنها تدرس إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على معاملات البورصة.

◾ كما يوصي الصندوق بضرورة زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية البرنامج، ولتحقيق هذا الهدف، يجب أن تتخذ الحكومة إجراءات تشمل توسيع القاعدة الضريبية وتحسين كفاءة إدارة الضرائب.

◾ ومازالت الحكومة تتأخر في إجراء الإصلاحات الضريبية الضرورية، بما في ذلك تحسين كفاءة تحصيل الضرائب العقارية، التي تُعد من أضعف البنود، ولا تتناسب مع حجم الثروة العقارية في مصر البالغة نحو 10 تريليونات جنيه، بحسب مشروع حلول للسياسات البديلة، التابع للجامعة الأمريكية في القاهرة.

⭕ بيع شركات الجيش و"شفافية" الحكومة

◾ تضمن الاتفاق مع صندوق النقد، الالتزام بتنفيذ إصلاحات هيكلية، لم تُظهر مصر التزامًا كافيًا بتنفيذها بنفس سرعة شروط "تحرير سعر صرف العملة، وخفض الدعم ورفع أسعار الوقود.

◾ تجنبت الحكومة تطبيق بعض شروط الصندوق، التي كان من شأنها تحقيق تأثير إيجابي على الاقتصاد الكلي والمواطنين، من بينها تحسين بيئة التنافس وزيادة مشاركة القطاع الخاص، عبر تخارج مؤسسات الدولة، بما في ذلك الشركات التابعة للجيش، بحسب تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية. 

◾ طالب الصندوق إعلان "وثيقة ملكية الدولة"، مع نشر مؤشر تتبع سياسة تنفيذ الوثيقة، بحيث تشمل جميع تفاصيل بيع الأصول الحكومية، مع تحديد الإطار القانوني الحاكم لها، والأطراف المعنية، بالإضافة إلى العوائد المتحققة وكيفية استخدامها، بحلول  30 يونيو 2024.

◾ اكتفت مصر بإصدار وثيقة ملكية الدولة، ولم تلتزم بها، إذ بيعت بعض الأصول من خارجها. كما أنها لم تصدر إلى الآن أي تقارير متعلقة بعملية حوكمة بيع الأصول ،ولم تُفصح عن آليات اتخاذ قرارات البيع، أو طريقة استخدام أموال البيع. 

◾ وباعت مصر حصصًا في 12 شركة بقيمة 5.65 مليار دولار، لكن بيع شركتي "صافي" لإنتاج وتعبئة المياه الطبيعية و"وطنية" لبيع المنتجات البترولي، المملوكتين لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، تأجل أكثر من عامين منذ إعلان نية بيعهما. 

◾ وتراجعت شركة أدنوك الإماراتية، شرا لعدم كفاية أوراق ملكية الشركة، وعدم توفر وثائق تثبت انتظامها في سداد الضرائب، بالإضافة إلى عدم إعادة هيكلتها بالشكل الملائم الذي يجعلها جاهزة للبيع، وفقًا لموقع "المنصة". 

◾ ضمن إجراءات تعزيز الشفافية، وضمان وصول المواطنين إلى المعلومات، طالب  صندوق النقد بنشر جميع بيانات المؤسسات الحكومية في وقتها بما في ذلك جميع التعاقدات الحكومية والعطاءات المقدمة من المشتريات الحكومية، وترسية عقود تنفيذ المشروعات، وتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات.

◾ كما طلب الصندوق نشر جميع العقود المرتبطة بالمشتريات التي أبرمتها أكبر 50 شركة مملوكة للدولة، لكن موقع بوابة التعاقدات الحكومية العامة، لا يظهر من خلاله أي عقود لشركات كبرى واقتصر فقط على نشر مناقصات دواوين الوزارات والمحافظات والمجالس المحلية. 

ولم تستوف الحكومة مطالب عدة،من بينها تنفيذ خطة لإعادة رسملة البنك المركزي المصري، بالإضافة إلى إعلان خطة خفض الالتزامات المالية المستحقة على المؤسسات الحكومية بحلول نهاية أبريل 2024.

كما لم تلتزم بنشر نتائج مسح الدخل والإنفاق حتى الآن، أو إعلان تقارير المركزي للمحاسبات ومنحه الاستقلال اللازم لأداء عمله، والسلطة لإصدار عقوبات إدارية مباشرة.

◾ ويرى ولاء البكري، الباحث والمحاضر في إدارة وتمويل المشروعات الدولية بجامعة ويستمنستر البريطانية، أن الحكومة قد تستشعر الحرج أو تتردد في نشر هذه البيانات، خاصة وان معظم عقود مشاريع القطاع العام تُسند بالأمر المباشر. بالإضافة إلى ذلك، توجد صعوبات فنية وعوائق تشريعية تقف أمام تحقيق طلبات الصندوق المتعلقة بالشفافية والحوكمة.