مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
الكاتب
Matsda2sh
دحض الإدعاء
فجر اليوم، الاثنين، أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، وزير الدفاع عبد الفتاح البرهان، حلّ مجلسي السيادة والوزراء، مع إعفاء ولاة المدن السودانية من مناصبهم، كما فرض حالة الطوارئ، وعَلّق بعض مواد الوثيقة الدستورية التي تنص على تسليم قيادة مجلس السيادة للحكومة خلال الأشهر المقبلة.
بيان البرهان جاء بعد ساعات من حملة اعتقالات شملت رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك وزوجته من قِبل قوة عسكرية، وعدد من الوزراء منهم وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، والإعلام حمزة بلول، والاتصالات هاشم حسب الرسول، والصناعة إبراهيم الشيخ، وقيادات أحزاب سياسية منهم أمين سر حزب البعث السوداني علي الريح السنهوري، وعضو مجلس السيادة عن المكون المدني محمد الفكي سليمان.
## كيف كانت تدار المرحلة الانتقالية في السودان؟
بعد الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر البشير في أبريل 2019، اتفق المجلس العسكري مع التيار المدني ممثلًا في قوى إعلان الحرية و التغيير، لإدارة مرحلة انتقالية مدتها 39 شهرًا- وبعدها تجرى انتخابات رئاسية سودانية.
الاتفاق الذي وُقع في أغسطس 2019 نص على وجود مجلس تشريعي ومجلس وزراء يمثل السلطة التنفيذية، يشرف عليه مجلس سيادة على رأس الحُكم يتكون من 11 عضوًا منهم ستة مدنيين، ويرأسه شخصية عسكرية في الـ21 شهرًا الأولى، وشخصية مدنية في الـ18 شهرًا الآخرين.
## تعديل الاتفاق:
هذا الاتفاق تم تعديله بعد توقيع “اتفاقية جوبا للسلام” في أكتوبر 2020، بين الحكومة الانتقالية والفصائل المسلحة تحت لواء “الجبهة الثورية”، ليُصبح احتساب الـ39 شهرًا بدءًا من 3 أكتوبر 2020 وحتى 3 ديسمبر 2023.
كما تم تعديل تشكيل مجلس السيادة ليُصبح مُشكلًا من 14 عضوًا يختار المجلس العسكري 5 منهم، وقوى إعلان الحرية والتغيير 5 آخرين، ويشتركا فى اختيار عضو مدني آخر، فيما تختار الأطراف الموقعة على “اتفاق جوبا” 3 آخرين، كما شمل التعديل إنشاء “مجلس شركاء المرحلة الانتقالية” لحل الخلافات بين الأطراف المختلفة.
## ما أبرز الخلافات بين المدنيين والعسكريين خلال إدارة المرحلة الانتقالية؟
ـ الخلاف الرئيسي بين شريكي إدارة المرحلة الانتقالية، هو التخوف من انفراد أحدهما بإدارة المرحلة.
– محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة -أحد المعتقلين اليوم- ممثلًا عن التيار المدني، قال في تصريحات تليفزيونية في سبتمبر الماضي، إن القيادات العسكرية تسعى للانفراد بالسلطة.
– التأخر في تحقيق بعض مطالب الثوار، والذي أدّى لخروج احتجاجات في الشهر الماضي تُطالب بـ”إعادة هيكلة القوات النظامية، وإصلاح القضاء، وإنشاء محكمة الدستورية، والتحقيق في فض (اعتصام الثالث من يونيو)”.
– القيادات العسكرية وجهت انتقادات للقوى السياسية على خلفية إحباط محاولة انقلاب في 21 أيلول/ سبتمبر الماضي، والخلاف بشأن ترتيبات تسليم رئاسة مجلس السيادة إلى المدنيين وفقا للوثيقة الدستورية.
## ما هي الوثيقة الدستورية التي ألغى البرهان بنود منها؟
الوثيقة الدستورية وُُقعت في 4 أغسطس 2019، متضمنة اتفاق إدارة المرحلة الانتقالية وعدة بنود أخرى أبرزها:
– التزام أجهزة الدولة بأهمية محاسبة منسوبي النظام البائد.
– ضرورة معالجة الأزمة الاقتصادية.
– إلغاء القوانين والنصوص المقيدة للحريات.
وأعلن البرهان تعليق العمل بالمواد 11 و12 و15 و16 و24-3 و71 و72 من الوثيقة الدستورية مع الالتزام التام بالاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقعت خلال فترة الحكومة الانتقالية”.
وتتعلق المادتان 11 و 12 بتشكيل مجلس السيادة الانتقالي واختصاصاته وسلطاته و المادتان 15 و 16 بتكوين مجلس الوزراء الانتقالي واختصاصاته وسلطاته.
أمام المادة 24-3 فتتعلق بتكوين المجلس التشريعي الانتقالي وتقول بأنه يتكون بنسبة 67% ممن تختارهم قوى إعلان الحرية والتغيير و33% للقوى الأخرى غير الموقعة على الإعلان.
وتنص المادة 71 على أن الوثيقة الدستورية استمدت أحكامها من الاتفاق السياسي لهياكل الحكم في الفترة الانتقالية الموقع بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير وفي حالة تعارض أي من أحكامهما تسود أحكام هذه الوثيقة، والمادة 72 تقول بأن المجلس العسكري الانتقالي يحل بأداء القسم الدستوري من قبل أعضاء مجلس السيادة.
وبذلك يكون البرهان عمليًا حل المجلس والحكومة وعلق العمل بكافة مواد الوثيقة الدستورية التي تحكم عمل هياكل السلطة في المرحلة الانتقالية.
## كيف تواجه القوى المدنية القرارات؟
بعد حملة الاعتقالات، دعا تجمع المهنيين السودانيين المواطنين والقوى الثورية ولجان المقاومة للخروج إلى الشوارع واحتلالها تمامًا، للتجهيز لمقاومة أي “انقلاب عسكري”.
تزامن ذلك مع انتشار قوات عسكرية سودانية في محيط مجلس الوزراء، وغلقها عددًا من الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم، وسط انتشار أمني كثيف، كما قالت وزارة الإعلام السودانية أن مقر الإذاعة الحكومية بأم درمان اقتُحم من قِبل جنود. لاحقًا دعت كذلك دعت قوى إعلان الحرية والتغيير السودانيين إلى الاحتشاد قائلة “هبو لحماية ثورتكم”.
وخرج متظاهرون مؤيدون للمسار الديمقراطي في السودان إلى شوارع العاصمة، واندلعت اشتباكات بين المحتجين والقوات العسكرية أدّت إلى وقوع 12 إصابة على الأقل حسب إحصاء لجنة الأطباء المركزية في السودان، كما قالت وزارة الإعلام السودانية إن الجنود أطلقوا نيران على المحتجين قرب وزارة الدفاع.
ووردت أنباء عن تعطل في خدمات الإنترنت داخل السودان كما أكّدت وزارة الإعلام انقطاع خدمات الإنترنت عن شبكة الهواتف النقالة، وأُغلق مطار الخرطوم، وعُلقت الرحلات الجوية الدولية.
عدة نقابات سودانية قررت العصيان المدني منها نقابة الأطباء السودانية التي أعلنت الإضراب العام والانسحاب من المستشفيات العسكرية كرد فِعل على القرارات الأخيرة.
كما أعلنت الهيئة النقابية في جامعة الخرطوم عصيانها المدني، وكذلك اللجنة التيسيرية لاتحاد الطيارين السودانيين.
## ما أبرز ردود الفعل الدولية؟
مصر: وزارة الخارجية دعت كافة الأطراف السودانية في إطار المسئولية وضبط النفس، لتغليب المصلحة العليا للوطن والتوافق الوطني.
الجامعة العربية: طالبت بـ”التقيد بالترتيبات الانتقالية الموقعة.. والامتناع عن أي ترتيبات من شأنها تعطيل الفترة الانتقالية أو هز الاستقرار”.
الأمم المتحدة: مبعوث الأمم المتحدة للسودان فولكر بيرثيس، طالب أيضًا بـ”الإفراج عن القادة السياسيين الموقوفين كافة واحترام حقوق الإنسان”.
الاتحاد الأوروبي: دعا الاتحاد الأطراف السودانية إلى العودة لمسار العملية الانتقالية.
الولايات المتحدة: البيت الأبيض أعلن رفضه تصرفات الجيش ودعا إلى الإفراج الفوري عن رئيس الوزراء والآخرين الذين وضعوا قيد الإقامة الجبرية.