📌في مارس 2024، خلال حديثه مع قناة العربية السعودية، انتقد رجل الأعمال، نجيب ساويرس، "استمرار الإنفاق غير المسبوق"، من الحكومة على مشروعات، وصفها بـ"غير الضرورية"، مشيرًا إلى ضرورة مراجعة هذه المشاريع.
◼ وفي نفس الشهر، كانت شركة أوراسكوم للإنشاءات، المملوكة بأغلبية كبيرة لعائلة ساويرس، تعلن عن نتائج أعمال عام 2023، بحجم إيرادات 3.4 مليارات دولار، ومشروعات تحت التنفيذ بقيمة 8.1 مليار دولار، تستحوذ مصر منها وحدها على نسبة 68% ، ما يُقدر بنحو 5.5 مليار دولار.
➖ فريق متصدقش، حلل تقارير الميزانيات السنوية، ونتائج الأعمال، وبيانات إفصاح شركة أوراسكوم للإنشاءات، التي قدمتها للبورصة المصرية، بين عامي 2015 و 2024، وكشفت عن زيادة كبيرة في حجم العقود الجديدة التي حصلت عليها سنويًا، من المشروعات التي تنفذها الحكومة المصرية.
➖وأظهر تحليلنا، أن شركة أوراسكوم للإنشاءات، حققت بفضل الإنفاق الحكومي على المشروعات القومية، منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للسلطة وحتى الآن إجمالي إيرادات بلغ 35.6 مليار دولار(2014 - 2023)، وصافي أرباح مجمع خلال تلك الفترة بلغ نحو 1.1 مليار دولار.
⭕ "شركة عالمية"، وأرباح "مصرية"
◼ منذ عام 2015، مع إدراج "أوراسكوم للإنشاءات"، في بورصتي مصر ودبي، ورغم الانتشار الجغرافي، وتوسع أعمالها في الولايات المتحدة ومنطقة الخليج، والجزائر، استحوذ السوق المصري، ومشاريع البنية التحتية التي تنفذها الحكومة المصرية، على الحصة الأكبر من حجم وقيمة أعمال الشركة.
◼ وتسيطر عائلة ساويرس، الأكثر ثراء في قارة أفريقيا، بشكل مباشر على 51.80% من أسهم "أوراسكوم للإنشاءات"، موزعين بين الأخوة الثلاثة، ناصف (34.4%)، سميح ( 11.8%) نجيب (5.5%)، والباقي موزع بين صناديق استثمار وأفراد، بحسب التقرير السنوي للشركة لعام 2023.
◼ بحسب بيانات الشركة، التي حللها فريق متصدقش، حققت "أوراسكوم للإنشاءات"، طفرة غير مسبوقة في الإيرادات والأرباح، منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم عام 2014.
◼ كانت الشركة سجلت خسائر في عامي 2012 و2013، بلغت نحو 9.1 مليار جنيه و 1.4 مليار جنيه على التوالي، قبل أن تعود للربح بفضل الإنفاق الحكومي الضخم على مشروعات البنى التحتية، والطاقة والنقل والمواصلات والمشروعات الحكومية الكبرى، التي قدر قيمتها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أكتوبر 2023، بـ10 تريليون جنيه أي ما يعادل نحو 320 مليار دولار بسعر الصرف في ذلك الحين.
◼ وفقا للتقارير المالية السنوية، التي تنشرها "أوراسكوم للإنشاءات"، زادت إيرادات وأرباح الشركة سنويًا بالتوازي مع زيادة المشاريع والعقود التي تحصل عليها من الحكومة المصرية.
◼ بدأت هذه المشاريع فور تولي السيسي السلطة، بحصولها على عقد تنفيذ أعمال حفر الأنفاق والبنية التحتية ضمن مشروع توسعة قناة السويس، بالشراكة مع شركة المقاولين العرب، في أغسطس 2014.
◼ وفي عام 2015، حققت "أوراسكوم للإنشاءات"، إيرادات بلغت 3.9 مليارات دولار، وكانت وقتها حصة مشاريع الشركة قيد التنفيذ 39%، وارتفعت لأعلى مستوى لها عام 2020، ووصلت لـ77%، بقيمة 4.2 مليارات دولار، من أصل 5.4 مليارات دولار قيمة أعمال الشركة قيد التنفيذ في مختلف دول العالم.
◼ خلال تلك الفترة، شاركت "أوراسكوم للإنشاءات" في تنفيذ عشرات المشروعات القومية، في قطاعات النقل والمواصلات، والطاقة، ومحطات المياه والصرف الصحي، من أبرزها:
◼ تنفيذ عدد من محطات إنتاج الطاقة الكهربائية، من بينها محطة كهرباء أسيوط الجديدة، و أعمال مقاولات محطتين شمال بحيرة البرلس،بالتعاون مع شركة سيمنس الألمانية، ومحطة توليد كهرباء تعمل بالبخار في محافظة أسيوط، وإنشاء وتشغيل محطة لإنتاج الكهرباء بطاقة الرياح في منطقة رأس غارب، بمحافظة البحر الأحمر.
◼نتيجة توسع الحكومة في بناء محطات إنتاج كهرباء، أعلنت "أوراسكوم"عام 2022، أنها تنفذ مشاريع قدرتها الإجمالية تصل إلى 30 جيجاوات، وهو ما يعادل متوسط الحمل الأقصى للاستهلاك اليومي ، في كل مصر.
◼ وفي قطاع معالجة مياه الصرف الصحي، حصلت"أوراسكوم" على عقد لتنفيذ محطة معالجة مياه الصرف الصحي بأبو رواش ، ويشمل العقد التشغيل والصيانة للمحطة لمدة 3 سنوات.
◼ وفي قطاع النقل، نفذت عدة مشاريع حكومية، من بينها المشاركة ضمن تحالف ثلاثي، بين شركة بومباردييه الكندية والمقاولون العرب، لتصميم وإنشاء وتشغيل خطي المونوريل، بقيمة إجمالية 4.5 مليار دولار أمريكي. على أن يكون التحالف مسئولًا عن أعمال التشغيل والصيانة لكلا الخطين لمدة ثلاثين عامًا.
◼ كما تشارك "أوراسكوم" في جميع إنشاءات الخط الثالث و الرابع لمترو أنفاق القاهرة، وبناء وتشغيل وصيانة أول منظومة متكاملة لقطار فائق السرعة في خط سكة حديد رئيسي مكهرب بطول 660 كلم يربط مدينة العين السخنة على البحر الأحمر ومحافظة الإسكندرية ومرسي مطروح، وتحديث وتطوير مسار سكة الحديد بين القاهرة وبني سويف، كما حصلت على عقد إنشاء مشروع مترو جديد في الإسكندرية بقيمة 1.3 مليار يورو.
◼ خلال عام 2023، حققت الشركة إيرادات بلغت نحو 3.4 مليار دولار ، فيما وصلت قيمة أعمالها قيد التنفيذ نحو 8.1 مليار دولار ، وكان نصيب مصر منها نسبة 68%، بقيمة 5.5 مليار دولار بحسب نتائج الأعمال المنشور على موقع الشركة.
◼ الدكتور ولاء بكري، الباحث والمحاضر في إدارة وتمويل المشروعات الدولية في جامعة ويستمنستر البريطانية، يفسر استحواذ "أوراسكوم" على معظم المشاريع الحكومية، يعود إلى أن عدد شركات المقاولات المتخصص في البنية التحتية قليل جداً مقارنة بحجم الأعمال داخل السوق المصري، مشيرًا إلى أن ذلك ما يمنح أوراسكوم الأفضلية. كما إنها تتمتع بثقة المؤسسات الدولية بسبب عوامل الحوكمة والشفافية، على عكس بقية شركات المقاولات الحكومية التي تُبقي أعمالها مجهولة.
⭕ عقود آمنة
◼ في حوار مع موقع جريدة "المال" عام 2019، شرح أسامة بشاي، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة أوراسكوم ، استراتيجية المشاريع في مصر"نعمل في الأغلب كمقاول ومنفذ للأعمال فقط، ولكن في الوقت نفسه قد تستثمر الشركة بنفسها حال وجود فرص جيدة".
◼ الباحث الاقتصادي، مجدي عبد الهادي، يقول لـ"متصدقش"، إن كون المجموعة مشاركة في التنفيذ والتشغيل يجعلها مطلعة بشكل كامل على طبيعة هذه المشاريع وهي تدرس وتخطط بعناية قبل اتخاذ أي قرار استثماري، موضحًا أن ما يُفسر سبب تجنب الاستثمار المباشر، أنها ليس لديها توقعات إيجابية لهذه المشاريع ولا تُريد تحمل المخاطرة."
◼ تتحوط الشركة تجاه انخفاض الجنيه المصري عبر تحديد جزء من قيمة مشروعات تحت التنفيذ في مصر مقوماً بالعملة الصعبة، بحسب بياناتها المالية.
◼ عقب تحرير سعر صرف الجنية المصري أمام الدولار عام 2016، في حوار مع نشرة "إنتربريز" الاقتصادية، استعرض، أسامة بشاي، القدرة الاستثنائية لـ "أوراسكوم للإنشاءات" في التغلب على آثار التعويم "هذا هو التخفيض الرابع أو الخامس للجنيه في الفترة التي عملت فيها في أوراسكوم، منذ أن كان الدولار 0.75 جنيهاً، وقبل التعويم يكون لدينا عام أو عام ونصف للتحضير وزيادة فرصنا بعدم التأثر".
◼ ويضيف "بشاي"، أن "أوراسكوم" تحمي عقودها من تخفيض قيمة العملة " لدينا بنود تعاقدية تحمينا بعض العقود واجبة السداد بالعملات الأجنبية، والبعض الآخر بالجنيه المصري، ولكنها مربوطة بالدولار في وقت الدفع".
◼ ويقول الدكتور ولاء بكري، المحاضر في التمويل وإدارة المشروعات الدولية، إن طبيعة مشروعات الحكومة توفر لـ"أوراسكوم"، ميزة هامة، لأن معظمها يكون بنظام (EPC + Finance) ما يضمن للشركة الحصول على المدفوعات المالية أثناء تنفيذه، على أن تسدد الحكومة قيمة القرض للجهة الممولة فيما بعد، بدلا من الاعتماد في الإنفاق على جهودها الذاتية أثناء التنفيذ.
◼ هذا النظام يحمي أوراسكوم من مخاطر تعثر الحكومة عن تسديد تكلفة المشروعات (مثلما يحدث مع شركات البترول حالياً) إذ تحصل الشركة على مستحقاتها المالية من مؤسسات التمويل الدولية مباشرةً، بحسب بكري.