مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

هل كان لقوانين بناء الكنائس دور في حريق كنيسة أبو سيفين؟

هل كان لقوانين بناء الكنائس دور في حريق كنيسة أبو سيفين؟
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
Matsda2sh

الكاتب

Matsda2sh

دحض الإدعاء

على مدار اليومين الماضيين، نشبت حرائق متفرقة في عدد من الكنائس المصرية، أبرزها حريق كنيسة أبو سيفين في محافظة الجيزة، الذي راح ضحيته 41 شخصًا بينهم 18 طفلًا، حسب آخر إحصاء من وزارة الصحة. 
حريق أبو سيفين خلّف العديد من التساؤلات حول كيفية بناء كنيسة بمساحة 120 متر فقط، دون مراعاة أبسط شروط الأمن والحماية المدنية، مثل توافر طفايات الحرائق ومخارج الطوارئ وغيرها.
#متصدقش هتحاول تجاوب على أبرز الأسئلة المثارة حول طرق بناء وترخيص وشروط الأمان والحماية المدنية في الكنائس: هل كان لقوانين بناء الكنائس دور في حريق كنيسة ابوسيفين؟

# كيف يتم تنظيم عملية بناء الكنائس في مصر؟

- تاريخيًا تعود عملية تنظيم بناء الكنائس إلى عام 1856، في عهد الخليفة العثماني السلطان عبد المجيد الأول، الذي أصدر بيانًا تحت اسم "الخط الهمايوني"، تعهد فيه بضمان "الامتيازات والمعافات الروحانية" للطوائف والملل الخاضعة للدولة العثمانية، ومن هذه الامتيازات بناء الكنائس وتجديدها.
- لكن أول إجراءات إدارية تفصيلية لبناء الكنائس وضعها وزير الداخلية العزبي باشا عام 1934. لكنها كانت شروط صعبة "أقرب إلى منع بناء الكنائس منها إلى إتاحة البناء"، حسب Egyptian Initiative for Personal Rights - المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
- تلى ذلك عددًا من القرارات الجمهورية، منها:
1- القرار رقم 13 لسنة 1998، لتفويض المحافظين كل في نطاق محافظته بمباشرة اختصاصات رئيس الجمهورية الخاصة بالترخيص للطوائف الدينية بتدعيم الكنائس وترميمها.
2- القرار رقم 453 لسنة 1999، ويمنح الجهة الإدارية المختصة بشئون تنظيم كل محافظة حق إصدار التراخيص لترميم دور العبادة.
3- القرار رقم 291 لسنة 2005، بتفويض المحافظين بإصدار تراخيص البناء أو إجراء توسعات في الكنيسة.
- كل هذه القرارات لم تحل الأزمة، وواجه المسيحيون صعوبات شديدة في بناء الكنائس.

# كيف تعامل المسيحيون مع الصعوبات القانونية في بناء الكنائس؟

- التشديد على بناء الكنائس جعل المسيحيين يتحايلوا على القانون ويبنوا دور العبادة بشكل سري، على شكل بيوت عادية وبعدين يحولوها لكنائس.
- ولما كانوا يواجهوا صعوبات في بناء البيوت، كانوا بيلجأوا إلى شراء منزل وهدم حوائطه الداخلية وتفريغه ليكون ملائمًا لممارسة الشعائر الدينية. علشان كده حالة معظم الكنائس دي متهالكة، وغير متوفر فيها شروط الأمان والحماية، وبتبقى مساحتها صغيرة نفس مساحة البيوت.

# كيف تغير الأمر مؤخرًا؟

- الصعوبات دي فضلت مستمرة عقود، لحد ما جه دستور 2014، الذي نص في مادته الـ 235 على إصدار قانون لبناء الكنائس الجديدة وترميم الكنائس القديمة وتقنين أوضاعها لأنها اتبنت بشكل غير قانوني. وبعد سنتين صدر القانون فعلًا.
- نظم القانون رقم 80 لسنة 2016 عملية الموافقة على بناء الكنائس، حيث يتقدم الممثل القانوني للطائفة إلى المحافظ المختص بطلب للحصول على الموافقات.
- اشترط القانون أن يكون مبنى مستقل قد يعلوه قبة أو أكثر، تمارس فيه الصلاة والطقوس الدينية للطوائف المسيحية، على نحو منتظم، له الشكل التقليدي، ويتكون من طابق واحد أو أكثر، وله سقف واحد أو أكثر، ويحاط المبنى بسور إذا زادت مساحة الأرض على ثلاثمائة متر.
- في المادة التاسعة، وضع القانون شروط الحماية الواجب توافرها لبناء الكنائس، منها ثبوت ملائمة المبنى الانشائية وتشييده وفقًا للاشتراطات البنائية المعتمدة، حسب تقرير مهندس استشاري معتمد من نقابة المهندسين.
- من وقت إصدار القانون وتشكيل اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس، تم تقنين وضع 2401 كنيسة ومبنى تابع، حتى مايو 2022.

# هل اختلف وضع الكنائس بعد قانون البناء والتقنين؟

أولًا: فيما يخص الكنائس القديمة:
- رغم إعلان الحكومة عدد الكنائس التي تم توفيق أوضاعها، إلا أن الموافقات تسير ببطء، إذ أنه بعد 5 سنوات من القانون، وثقت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" الموافقة على 35.3% فقط من الطلبات المقدمة، كما تراجعت معدلات موافقات توفيق الأوضاع منذ 2019.
- كما أن الموافقات معظمها مبدئية وليست نهائية، وفي 2020، حصلت "المبادرة المصرية" على إفادات بأن عدد الموافقات النهائية لن يزيد على 200 كنيسة ومبنى تابع، رغم إعلان الحكومة آنذاك الموافقة على تقنين نحو 1500 كنيسة ومبنى. رئاسة مجلس الوزراء المصري
- في بعض الحالات تتجاهل الدولة الرد على طلبات بناء الكنيسة، رغم أن القانون ينص على إلزام المحافظ بالرد خلال 4 شهور، وفي حالة الرفض أن يكون ذلك مسببًا.
ثانيًا: فيما يخص الكنائس الجديدة:
- لا يوجد إحصاء رسمي بعدد التصاريح التي تم منحها لبناء كنائس جديدة. وحسب شهادات وثقتها "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" من عدد من القيادات الدينية المسيحية في محافظات بني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر، فإنه لم تصدر قرارات رسمية بشأن بناء الكنائس منذ إصدار القانون وحتى 2021. باستثناء المدن الجديدة، التي شهدت إنشاء نحو 51 كنيسة خلال الفترة من 2014 وحتى 2020.
- في بعض المحافظات، حصلت القيادات الكنسية على موافقات شفهية فقط من الجهات المختصة، ما أدى إلى إعادة إنتاج المشكلة (البناء على هيئة منازل) التي صدر القانون من أجل حلها.

# كيف تم بناء كنيسة أبو سيفين التي شهدت وفاة 41 شخصًا نتيجة حريق؟

- أبوسيفين تقع تحت قائمة ما يسمى بـ"الكنائس الخطرة"، وهي الكنائس القديمة المتهالكة التي تم بنائها دون اشتراطات حماية.
- الكنيسة تم بنائها في البداية كمنزل مكون من 4 أدوار في شارع ضيق مكتظ بالمباني، بسبب صعوبة الحصول على ترخيص، كما أن "الكثافة القبطية في المنطقة كبيرة"، حسب وصف البابا تواضروس.
- تم تقنين أوضاعها لتصبح "كنيسة" رسميًا عام 2019، لكن ذلك لم يؤد إلى إدخال شروط السلامة والحماية داخلها، على عكس ما قاله نائب لجنة تقنين الكنائس، القس ميخائيل أنطون، الذي أكد أن الكنيسة يتوافر داخلها شروط الحماية.

# ما أزمة حرائق الكنائس في مصر؟

- قبل حريق كنيسة أبو سيفين شهد عام 2022، وقوع 5 حرائق كان السبب المعلن فيها ماس كهربائي، بحسب رصد موقع "Daraj Media". وبحسب إحصائية مبدئية أجراها موقع "Masr360 مصر 360" بناءً على البيانات الرسمية فإنه منذ عام 2016 وقع ما يقارب 20 ماس كهربائي وحرائق محدودة لكنائس مصرية.
- ترجع تلك الحرائق إلى أن كثير من الكنائس حالتها متهالكة، لذلك تقدمت قيادات كنسية بعشرات الطلبات لهدم الكنائس وإعادة بنائها، لكن الجهات المعنية لم تمنحهم التراخيص اللازمة.

# كيف ساهم القانون في خلق أزمات إضافية لوضع الكنائس؟

- وثقت المبادرة المصرية منذ بداية تطبيق قانون بناء الكنائس وحتى نهاية 2019 غلق 25 كنیسة كانت تقام فيها الشعائر الدينية بانتظام.
- كما وثقت منع إقامة الصلوات في كنائس قدمت أوراقها ضمن ملف تقنين أوضاع الكنائس القائمة، في مخالفة للمادة الثامنة من قانون بناء الكنائس، والتي تنص على استمرار ممارسة الشعائر في الكنائس والمباني الدینیة وعدم غلقها، حتى لو لم تحصل على التراخیص اللازمة، أو لم تتوفر فیها شروط تقنین أوضاع الكنائس.
- حسب منظمات حقوقية، فإن القانون الحالي -رغم بعض الخطوات الإيجابية- لم يحقق هدفه المعلن، وهو ضمان بناء وترميم الكنائس بسهولة وبدون إجراءات إدارية معقدة.