يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22 بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول للحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
بين ادعاء عبور حاملة طائرات أمريكية قناة السويس المصرية من دون دفع أي رسوم، وأن المصريين يحصلون على ثلث أيام العام إجازات، مروراً بخلو سماء إسرائيل من الطائرات بعد تهديدات الحوثيين، وصولاً إلى منشور يزعم "اختباء مقاتلي الجولاني" إثر ضربات إسرائيلية، تعددت المعلومات المضللة التي كانت موضع تحقق منصات تدقيق معلومات عربية خلال الأسبوع.
هل مرت حاملة طائرات أمريكية عبر قناة السويس مجاناً؟
انتشر مقطع فيديو يظهر عبور حاملة طائرات أمريكية قناة السويس، مرفقاً بزعم أنها أول قطعة بحرية أمريكية تمر عبر القناة من دون دفع رسوم، استجابة لطلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
انتشر مقطع فيديو يظهر عبور حاملة طائرات أمريكية قناة السويس، مرفقاً بزعم أنها أول قطعة بحرية أمريكية تمر عبر القناة من دون دفع رسوم، استجابة لطلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
دققت منصة "صحيح مصر" في الفيديو المتداول، وتبين لها أنه قديم، ويعود أصله إلى عبر حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" الأمريكية قناة السويس في كانون الأول/ديسمبر 2024؛ أي قبل تصريحات ترامب التي أطلقها أخيراً.
ولم تتحرك حاملة الطائرات الأمريكية من البحر الأحمر منذ تعرضها لحادث سقوط طائرة "إف-18" من على متنها، أثناء محاولتها تفادي صواريخ الحوثيين في 28 نيسان/أبريل 2025.
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن ترامب طلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بور السفن الأمريكية مجرى قناة السويس الملاحي مجاناً، بوصفه مقابل للعملية الأمريكية العسكرية ضد الحوثيين، التي يزعم بأنها تسهم في إعادة تشغيل المجرى الملاحي بشكل طبيعي بعد تضرره من هجماتهم على السفن.
وفي السياق المصري المحلي، انتشرت عدة معلومات مضللة، أبرزها تداول تصميم منسوباً إلى قناة "القاهرة الإخبارية" يتضمن خبراً نصه: "البنك المركزي: مل من تجاوزت ثروته مليار جنيه سيخضع للتحقيق".
كشفت "صحيح مصر" أن الخبر مفبرك، إذ لم تنشر حسابات قناة القاهرة الإخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي هذا الخبر سواء منسوباً إلى البنك المركزي أو إلى أي جهة أخرى.
كما لم ينشر البنك المركزي المصري عبر صفحاته الرسمية هكذا خبر، فضلاً عن أن التصميم معدل بأحد برامج تحرير الصور، ويتضح هذا في عدم تطابقه مع شكل وحجم الخط المعتادين في تصميمات قناة القاهرة الإخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما أثارت عضوة مجلس النواب المصري آمال عبد الحميد جدلاً واسعاً عقب تقدمها بمقترح موجه إلى مجلس الوزراء، ووزير الاستثمار، لتقليص معدل الإجازات السنوية التي تبلغ بحسب قولها "122 يوماً، بما يعادل ثلث السنة"، معتبرة أن كثرة الإجازات من شأنها أن "تؤثر سلباً في الاقتصاد القومي".
أوضحت منصة "متصدقش" أن الخطاب نفسه تبناه وزير الاستثمار حسن الخطيب، عندما انتقد في نيسان/أبريل 2025، ارتفاع عدد أيام الإجازات.
وأشارت "متصدقش" أن المقترح مضلل؛ إذ تبلغ عدد أيام الراحة الأسبوعية في عام 2025 102 يوماً، يضاف إليها 18 يوماً إجازات أخرى رسمية، مع الأخذ في الاعتبار أنهم يمكن أن يعملوا خلالها مع تعويضهم بضعف الأجر، حسب قانون العمل.
ولا يعد هذا المعدل الأعلى عالمياً، إذ تتجاوز عدد من الدول مصر في أيام الإجازات الرسمية. كما تحصل عدة دول أوروبية على أيام إجازات تتراوح بين 15 و16 يوماً في العام.
"سماء إسرائيل خالية من الطائرات بسبب الحوثيين"
ما زالت الأوضاع في اليمن مشتعلة، إثر الغارات الأمريكية على مواقع تابعة لجماعة الحوثي، وما تبعها من قصف إسرائيلي لميناء الحديدة وعدة مواقع استراتيجية للحوثيين، في وقت يتوعد فيه الحوثيون بتكرار هجماتهم على إسرائيل، بعد استهدافهم مطار بن غوريون بصاروخ باليستي.
أدى هذا التصعيد إلى انتشار معلومات مضللة على منصات التواصل الاجتماعي، أبرزها صورة لحركة الطيران تظهر خلو سماء إسرائيل من الطائرات، مصحوبة بتعليق "سماء البلاد فارغة بأمر من اليمن".
تحققت منصة "يوب يوب" اليمنية من الصورة المتداولة عبر العودة إلى منصة Flightradar 24 التي توفر خريطة حية لحركة الطيران في العالم، وتظهر بيانات مطار بن غوريون الإسرائيلي أنه شهد إقلاع وهبوط 128 رحلة طيران، بالتزامن مع المنشور الذي راج على منصات التواصل الاجتماعي. ولم تبلغ نسبة الرحلات الملغاة في المطار سوى 11%.
وخلص تحقق "يوب يوب" إلى أن ناشري الادعاء تلاعبوا بإعدادات عرض الطائرات، لتظهر السماء فوق إسرائيل خالية من الطيران.
وفي السياق اليمني ذاته، تداولت حسابات على منصة "إكس" فيديو، مرفقاً بزعم أنه يوثق قصفاً لطائرات إسرائيلية على ميناء الحديدة.
أجرت منصة "مسند" اليمنية بحثاً عكسياً عن أصل الفيديو، وتوصلت إلى أن الفيديو التقط أثناء قصف تعرضت له محطة للطاقة بمدينة خاركيف شرقي أوكرانيا، في أيلول/سبتمبر 2022، ولا علاقة له بقصف ميناء الحديدة.
حملات عراقية ضد النظام السوري الانتقالي
شنت عدة شخصيات وحسابات عراقية على منصات التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع هجوماً على النظام السوري الانتقالي، مستهدفة إياه بعدة معلومات مضللة، كانت موضع تحقق من منصة "صحيح العراق".
وتداولت صفحات صورة أشخاص بعضهم يرتدى زي جماعات مسلحة، مدعية أن الصورة تظهر "القوات السورية برئاسة الجولاني، يختبئون من ضربات جوية إسرائيلية".
وتداولت صفحات صورة أشخاص بعضهم يرتدى زي جماعات مسلحة، مدعية أن الصورة تظهر "القوات السورية برئاسة الجولاني، يختبئون من ضربات جوية إسرائيلية".
كشفت "صحيح العراق" أن الصورة تعود إلى نهاية عام 2024، أثناء العمليات التي أدت إلى سقوط نظام بشار الأسد، ولا علاقة لها بالضرات التي شنتها إسرائيل في سوريا أخيراً.
كما ادعى الباحث العراقي في الشأن السياسي عصام حسين، أن النظام السوري برئاسة أحمد الشرع "غير معترف به عربياً أو دولياً إلا من تركيا وقطر".
بينت "صحيح العراق" أن معظم الدول العربية أعلنت اعترافها بالنظام السوري الجديد، وتبادلت الزيارات الدبلوماسية مع قياداته على مستويات مختلفة. كما نال النظام الانتقالي اعترافاً من الأمم المتحدة، وترحيباً من الاتحاد الأوروبي.
وفي السياق ذاته، ادعى النائب العراقي مصطفى سند أن بحوزته نسخة من مذكرة اعتقال بحق الشرع قال إنها صادرة عن مجلس القضاء الأعلى في العراق، وإنها "ممنوعة من النشر".
حللت منصة "صحيح العراق" الوثيقة التي عرضها سند، وخلصت إلى أن الوثيقة مزورة بالنظر إلى شكلها وتفاصيل المعلومات التي تضمنتها، كما أن مجلس القضاء الأعلى سبق أن نفى إصدار أي مذكرات اعتقال بحق الشرع.
وذكرت الوثيقة التي تحمل تاريخ 11 آب/أغسطس 2020 اسم "أحمد الشرع"، في حين أن اسم الشرع ذكر لأول مرة رسمياً في كانون الأول/ديسمبر 2024، أي بعد أربع سنوات من إصدار المذكرة.
"مسيرات تستهدف مستودعات وقود في بورتسودان"
تداولت العديد من الحسابات على "فيسبوك" مقطع فيديو، مدعية أنه يوثق تصدي مضادات أرضية لمسيرات استهدفت مستودعات للوقود في بورتسودان بولاية البحر الأحمر شرقي السودان.
أجرت منصة "بيم ريبورتس" السودانية بحثاً عكسياً عن أصل الفيديو، قاد إلى أن المقطع قديم، وسبق أن نشر في عام 2024، وهو يوثق اعتراض الدفاعات الأوكرانية لمسيرة من طراز "شاهد" أطلقتها القوات الروسية، ولا علاقة لها بالحرب الدائرة في السودان.