مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

إرشادات لتدقيق الحملات المضللة المتزامنة مع مؤتمر المناخ

إرشادات لتدقيق الحملات المضللة المتزامنة مع مؤتمر المناخ

كيف ندقق التضليل المناخي المنطلق بالتزامن مع مؤتمرات COP؟

 

ينشر هذا المقال التعليمي بالتعاون بين مجتمع التحقق العربي (AFH) و منصة مدرسة المناخ

 

يشكل التضليل بشأن المناخ خطراً متزايداً على جهود مكافحة تغير المناخ، إذ تسهم المعلومات المضللة في إضعاف اتجاهات الأفراد نحو اتباع ممارسات أكثر مسؤولية إزاء البيئة، وتعيق التزام الحكومات بسياسات مكافحة تغير المناخ. وعادةً ما تتزايد وتيرة المعلومات المضللة بشأن مناخ بالتزامن مع دورات مؤتمر الأطراف (كوب).

في هذا المقال نقدم منهجية للصحفيين ومدققي المعلومات، تمكنهم من التصدي للمعلومات المضللة التي تجتاح وسائل الإعلام التقليدية، ومنصات التواصل الاجتماعي، أثناء انعقاد مؤتمر الأطراف. كما يستعرض المقال مجموعة من الأدوات التي يمكن الاعتماد عليها لجمع معلومات موثوقة بشأن مختلف القضايا المناخية.

ما هو التضليل المتصل بالمناخ؟


يعرف الاتحاد الأوروبي التضليل المتصل بالقضايا المناخية بأنه تعمد نشر معلومات كاذبة تتعلق بتغير المناخ، ويمكن أن يأخذ هذا التضليل أشكالاً متعددة، بداية من الإنكار القاطع لتغير المناخ، مروراً بالترويج لنظريات المؤامرة، وصولاً إلى نشر معلومات تهدف إلى تزييف الحقائق من خلال الادعاء بأن تغير المناخ ليس من صنع الإنسان أو أنه ليس بالخطورة التي يصورها العلماء؛ وبالتالي لا يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة.

كما تعرف الأمم المتحدة أحد أشكال التضليل البيئي المعروف بـ”الغسل الأخضر”، على أنه ترويج بعض الأطراف -شركات أو حكومات- لحلول أو إجراءات زائفة لمواجهة تغير المناخ؛ لصرف الانتباه عن الإجراءات الملموسة الفعالة.

لماذا يعتبر كشف التضليل المتعلق بالبيئة المرافق لمؤتمرات المناخ أولوية؟


لم يعد انتشار المعلومات المضللة بشأن المناخ، بالتزامن مع مؤتمرات المناخ الدولية، مجرد حدث عارض أو غير مقصود؛ بل بات يأخذ شكل حملات منسقة ومنهجية تهدف إلى ترويج معلومات مغلوطة. تسعى هذه الحملات للتأثير في قرارات المؤتمرات وسياساتها، بل وحتى على أجندتها، ما يشكل تحدياً كبيراً أمام الجهود الدولية لمواجهة أزمة المناخ.

كشف مقال المعلومات المضللة تمثل أحد أكبر التحديات في قمة المناخ المنشور على نيويورك تايمز، أن المؤثرين على الإنترنت، وشركات الوقود الأحفوري، وبعض الدول المشاركة في مؤتمر COP28، الذي انعقد في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2023، أدوا دوراً بارزاً في الترويج لأكاذيب بشأن تغير المناخ. وأوضح التقرير أن هذه الحملات المضللة أسهمت في تقويض الجهود العامة للضغط من أجل منع مستقبل كارثي للكوكب، إلى جانب تصاعد خطاب الكراهية التحريضي ضد النشطاء المناخيين، ما زاد من صعوبة مواجهة التحديات المناخية العالمية.

كشف التقرير الصادر عن “تحالف العمل المناخي ضد المعلومات المضللة” بالتزامن مع مؤتمر الأطراف Cop 28، عن أدوار مارستها جماعات الضغط في قطاع الوقود الأحفوري، والجهات التابعة لبعض الدول، من أجل التصدي لجهود مواجهة تغير المناخ. وقدم التقرير أربع دراسات حالة تسلط الضوء على أنشطة هذه الجهات في العالم الرقمي، والشبكات والروايات والتكتيكات التي تستخدمها من أجل الترويج لأفكارها.

ترى رحمة ضياء، مؤسسة مبادرة مدرسة المناخ، أن انتشار المعلومات المغلوطة وحملات التضليل بشأن المناخ، التي تتزايد أثناء فاعليات مؤتمرات المناخ، وما يصاحبها من توجيه أنظار العالم نحو أزمة المناخ، يعود إلى الضغوط المتصاعدة من الجهات الفاعلة في العمل المناخي. تهدف هذه الضغوط إلى دفع قادة العالم لاتخاذ إجراءات حاسمة؛ مثل: التخلص النهائي من الوقود الأحفوري، وتمويل المناخ، وتحقيق العدالة المناخية. ومع ذلك، فإن هذه المطالب لا تلقى قبولاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والتجارية، نظراً لما تتطلبه من تكاليف باهظة وسياسات قد لا تحقق مكاسب اقتصادية سريعة للجهات المعنية.

أبرز التقارير التي كشفت عن التضليل المرافق لمؤتمرات المناخ


كشف ائتلاف “العمل المناخي ضد التضليل الإعلامي” (CAAD) في أحدث تقاريره “روبوتات COP29: الحسابات الوهمية عززت الدعاية التي روجتها الدولة المضيفة” عن آلاف الحسابات الوهمية التي عملت على الدعاية للدولة المضيفة لمؤتمر هذا العام، أذربيجان، وإظهارها بمظهر المدافع عن المناخ، كما توصل التقرير إلى أبرز المنصات التي نشطت عبرها الحملة.

كما سبقه تقرير “إنكار، خداع، تأجيل فضح الاتجاهات الجديدة في التضليل الإعلامي بشأن المناخ في COP27“، الذي رصد إنفاق شركات الوقود الأحفوري أربعة ملايين دولار لتمويل إعلانات حملت محتوى مضلل عبر منصة “ميتا”، أثناء انعقاد مؤتمر المناخ في مصر.

منهجية تدقيق حملات التضليل المناخي المنسقة

 

  

تبدأ الخطوة الأولى برصد المحتوى المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي وتحليل طبيعة الأنشطة عليها، مع التركيز على كشف وجود أي معلومات مضللة. يشمل ذلك مراقبة الحسابات لتحديد ما إذا كان نشاطها طبيعيًا أم مصطنعًا، مما يساعد على فهم ديناميكيات انتشار المحتوى والتحقق من مصداقيته.


تبدأ الخطوة الأولى برصد المحتوى المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي وتحليل طبيعة الأنشطة عليها، مع التركيز على كشف وجود أي معلومات مضللة. يشمل ذلك مراقبة الحسابات لتحديد ما إذا كان نشاطها طبيعيًا أم مصطنعًا، مما يساعد على فهم ديناميكيات انتشار المحتوى والتحقق من مصداقيته.

كما يمكن متابعة التصريحات الرسمية والتحقق منها، وتدقيق تصريحات السياسيين والوزراء والرؤساء وغيرهم بشأن تغير لمناخ، ودققت منصة “أوزون” عدة تصريحات مضللة لترامب بشأن تغير المناخ؛ شملت مغالطات منطقية، وخلط بين المصطلحات، وتأجيل اتخاذ خطوات تجاه العمل المناخي.

وتشكل المواقع الصحفية، وما تحتويه من أخبار وتقارير مصدراً محتملاً للمعلومات الخاطئة بشأن المناخ. وتنتج أغلب هذه الأخطاء عن عدم الفهم المتعمق بالمصطلحات المناخية.

وأخيراً، لعبت الإعلانات الممولة دوراً في الترويج لمعلومات مضللة عن المناخ؛ وعليه يجب فحص الإعلانات الممولة المنشورة على منصات ميتا وإكس وتيك توك التي تتضمن معلومات ذات صلة بالمناخ.

ويمكن عبر المصادر سابقة الذكر التوصل إلى معلومات مضللة أو خاطئة بشأن المناخ، من شأنها أن تندرج تحت “التقنيات الخمس لإنكار العلوم”، وهم:

الخبرة الزائفة: تقديم أشخاص أو مؤسسات غير مؤهلة كمصادر معلومات موثوقة
المغالطات المنطقية: تقديم حجج تستند إلى مغالطات منطقية
التوقعات المستحيلة: تقديم مطالب غير واقعية قبل اتخاذ أي إجراء في صالح العمل المناخي
نظريات المؤامرة: الادعاء بوجود خطط سرية لتنفيذ مخططات خبيثة
الانتقاء الموجه للبيانات: اختيار بيانات محددة تؤيد وجهة نظر معينة مع تجاهل البيانات التي تناقضها

نصائح لتدقيق الادعاءات المضللة المتزامنة مع مؤتمرات المناخ؟


قدمت رحمة ضياء، الصحفية الحاصلة على عدة جوائز ومؤسسة مدرسة المناخ، عدة نصائح للصحفيين ومدققي المعلومات عند تدقيق الادعاءات المتعلقة بالمناخ:

1- تجنب توجيه الاتهامات بغير أدلة قاطعة لتفادي المساءلة القانونية.

2- ذكر الادعاء في فقرة منفصلة في بداية التقرير، مع وضع عنوان فرعي يوضح أن هذا الادعاء مضلل عند كتابة التقارير حتى لا يختلط الأمر على القارىء.

3- البحث عن أجوبة لهذه الأسئلة: من يقف وراء انتشار هذه الادعاءات؟ ما هو الدافع والمصلحة؟ كيف نتحقق من صحتها؟

4-الاستعانة بالأدلة، الدراسات، المواقع الموثوقة للبيانات.

5 -الرجوع إلى التقارير التي تنشرها الجهات الرقابية ومواقع الرصد التي تفضح الانتهاكات والمخالفات البيئية.

6- البحث في مواقع تدقيق المعلومات وكشف الادعاءات المضللة فربما هناك من سبقك وقام بهذا الجهد.

7- التواصل مع باحثين، وعلماء، ومتخصصين في موضوع البحث للحصول على أجوبة، والرد على المزاعم.

8-استخدام لغة بسيطة وشرح أي مصطلح قد يصعب فهمه على القارئ غير المتخصص.

9-الاستعانة بالصور والرسوم البيانية والخرائط والفيديوهات التوضيحية في تقرير تدقيق المعلومات.

10 -كتابة فقرة تلخيصية في نهاية التقرير تتضمن الكشف الأبرز الذي قمت به.


أبرز المصادر المفتوحة التي يمكن الاستعانة بها

 

 


تمثل أدوات المصادر المفتوحة مصدراً ثميناً للوصول للبيانات في مختلف المجالات، ومراقبة التغير المناخية؛ ومن ضمنها:

* صور الأقمار الاصطناعية؛ وأهمها في مجال المناخ Sentinel Hub والخريطة الديناميكية للحرائق وGoogle Earth Pro.
كما توفر قاعدة بيانات Global forest watch، بيانات بشأن انحصار الغطاء النباتي في مختلف دول العالم.



تمثل أدوات المصادر المفتوحة مصدراً ثميناً للوصول للبيانات في مختلف المجالات، ومراقبة التغير المناخية؛ ومن ضمنها:

* صور الأقمار الاصطناعية؛ وأهمها في مجال المناخ Sentinel Hub والخريطة الديناميكية للحرائق وGoogle Earth Pro.

كما توفر قاعدة بيانات Global forest watch، بيانات بشأن انحصار الغطاء النباتي في مختلف دول العالم.

واستخدم تقرير “مصر تدفن رئتيها تحت الخرسانة.. الحكومة مستمرة في قطع الأشجار” المنشور على منصة “زاوية ثالثة” قاعدة بيانات Global Forest؛ لرصد تآكل الغطاء النباتي نتيجة قطع الأشجار.

ويعد موقع Skytruth مصدراً مفيداً لقياس معدلات التلوث الهوائي، ورصد انبعاثات حرق الغاز داخل المصفات المصاحب لاستخراج النفط.
يقدم الإطار التشغيلي للمصادر المفتوحة العديد من الأدوات المساعدة في تحقيقات المناخ وغيرها، كما يوفر كتيب الأدوات والمصادر المفتوحة OSINT المزيد من الأدوات والمصادر المفتوحة للتحقيقات بشكل عام؛ ومن ضمنها تحقيقات المناخ. وتعد حقيبة أدوات بلينكات مصدراً شاملاً يتضمن العديد من الأدوات الخاصة بتحقيقات المصادر المفتوحة.

* ويوفر دليل العدالة المناخية بعدسة أريجية استقصائية العديد من الأدوات والمحاذير الأخلاقية لاستخدام الأدوات مفتوحة المصدر في تحقيقات المناخ وكشف التضليل المناخي. يشمل ذلك أدوات لقياس الغطاء النباتي، ورصد تآكل المساحات الخضراء، وقياس نسب تلوث الهواء، بالإضافة إلى قياس التلوث الناتج عن حرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط. كما يتضمن أدوات للتحقق من وفرة المياه، ومخاطر الفيضانات، وكذلك تقييم الكوارث الطبيعية، ما يعزز القدرة على توثيق التأثيرات البيئية والتحقق منها.

قواعد بيانات مناخية يمكن الاستعانة بها

بجانب الأدوات مفتوحة المصدر، يمكن الاستعانة بعدة مواقع، وقواعد بيانات متخصصة، لاستقاء معلومات موثقة بشأن المناخ.

1- توفر منصة “Climate feedback” كجزء من إنتاج موقع “Science Feedback” معلومات مستندة إلى مخرجات أبحاث علمية، بشأن قضايا المناخ والصحة، ما يجعلها مصدراً لكشف المعلومات المضللة.

2- ويمكن الاعتماد على أداة Ask NASA Climate التي توفرها ناسا؛ للتحقق من المعلومات المضللة المتعلقة بالمناخ.

3- يحتوي موقع Green washing index على معلومات عن الممارسات والإجراءات الأكثر فعالية للحد من تغير المناخ والحفاظ على البيئة.

4- تقدم منصة Climate Watch بيانات مفتوحة المصدر، وتحليلات، تساعد في الحصول على رؤى بشأن تقدم الدول في مواجهة تغير المناخ.

5- تحتوي منصة تحالف مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية (NRDC) بالتعاون مع تحالف المناخ والهواء (CCAC) مجموعة من الحقائق العلمية بشأن المناخ.

6- تعد قاعدة المعرفة المناخية، المقدمة من مؤسسة المناخ والاستراتيجية، قاعدة بيانات مجانية تحتوي على منشورات علمية، وتقارير، ومقالات، وملفات صوتية تتناول مختلف قضايا المناخ.

7- تسلط منصة Climate Fact Checks الضوء على الحقائق المتعلقة بالمناخ في مواجهة الادعاءات المضللة في وسائل الإعلام.

8- ينشر DeSmog قائمة بخبراء المناخ للتواصل معهم، وتلقي معلومات موثوقة تساعد في تفنيد الادعاءات.

تحديات كشف التضليل المناخي المرافق للمؤتمرات:

تواطؤ الشركات التكنولوجية الكبرى

كشف تقرير المعلومات المضللة تمثل أحد أكبر التحديات في قمة المناخ المنشور على نيويورك تايمز، أن بعض مواقع نشر التضليل تحقق أرباحاً مهولة من الإعلانات، ما يجعل التكنولوجيا الكبرى متواطئة بشكل غير مباشر في تعزيز هذه المحتويات.

تنوع أشكال وصور حملات التضليل المناخي

تتغير أشكال التضليل المناخي باستمرار طبقاً للسياق ” Shape shifting” حيث تتدرج من إنكار العلم، لنظريات المؤامرة المتعلقة بإضعاف اقتصاد الدول لصالح دول أخرى، إلى التشكيك والطعن في مدى فعالية الحلول المناخية المقترحة وكيفية تطبيقها، إلى الغسل الأخضر و التضليل حول سياسات صديقة للمناخ وهمية تتبعها حكومات أو شركات كبرى لتضليل الرأي العام حول تأثيرها الحقيقي على البيئة.

تحديات الوصول للمعرفة الموثوقة

تعد المصطلحات المناخية صعبة ومعقدة لغير المتخصصين، مما يخلق تحدي في التحقق من المعلومات واحتياج لفهم الحقائق المناخية والاستراتيجيات قبل تحليلها والاستدلال على المعلومات المضللة.

تحديات حاجز اللغة

تعد تحديات أن أغلب مصادر المعلومات الموثوقة و القائمة على أساس بحثي سليم منشورة باللغة الإنجليزية بشكل أكبر مقارنة بالمحتوى الموثوق بالعربية، تحدياً للصحفيين ومدققي المعلومات من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تحديات المهارات والتمكين التقني

تظهر تلك التحديات جلية في الأدوات التي تحتاج للتعامل مع البيانات الغير مهيكلة وإعادة تصنيفها و تنظيفها ومعالجتها، والأدوات التي تحتاج إلى معرفة تقنية مثل: ال Scrapping أو استخراج البيانات عن طريق الـ API للتعامل معها.

تحديات مالية

تعتبر بعض الأدوات مكلفة مادياً بشكل كبير، مما يعيق استخدامها للصحفيين والمدققين المستقلين، أو المؤسسات والمبادرات الصغيرة.