مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

تصريح محمد معيط وزير المالية عن أخطاء الحكومة

تصريح محمد معيط وزير المالية عن أخطاء الحكومة
(تحقيق- الحقيقة فين- اعرف- سين وجيم- تقارير- علشان محدش يضحك عليك- مدونة- والمواد المتشابهة في المنصات الشريكة)
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr
تحقيق عن كيف اضرت الأموال الساخنة بالاقتصاد المصري

الإدعاء

** رغم اعتراف الحكومة على لسان وزير المالية محمد معيط، بأنها أخطأت بالاعتماد على الأموال الساخنة لتوفير العملة الصعبة منذ التعويم الأول عام 2016، عادت من جديد لتلك السياسة في ظل أزمة الفجوة التمويلية الحالية ونقص الدولار. وعشان محدش يضحك عليك خلينا نعرف ما هي الأموال الساخنة؟ وكيف أضرت بالاقتصاد المصري؟

دحض الإدعاء

في يوليو الماضي، قال وزير المالية محمد معي في تصريح متلفز: "اتعلمنا الدرس من ثلاث مرات متتالية في ٢٠١٨، و٢٠٢٠، و٢٠٢٢، ولن نعتمد على هذا النوع من الأموال مرة أخر". ما هي الأموال الساخنة؟ ولماذا لجأت لها مصر؟ وما هي مخاطرها؟. الأموال الساخنة عبارة عن تدفقات مالية تأتي عبر شراء المستثمرين الأجانب السندات وأذون الخزانة من الحكومة المصرية، مستغلين انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار، وارتفاع معدلات الفائدة. توصف بـ"الساخنة" لأنها سريعة الانتقال من دولة إلى أخرى حسب حالة السوق ونسب المخاطر ونسب الفائدة، وعادة إذا تعرض الاقتصاد العالمي لأي هزات تنتقل سريعًا من الأسواق الناشئة ذات المخاطر المرتفعة والفوائد العالية، إلى الأسواق الكبرى الأكثر أمنًا. تأتي الأموال الساخنة في شكل الأذون والسندات، وهي عبارة عن صكوك وأدوات مالية، والأذون عادة تكون قصيرة الأجل، إذ تتراوح فتراتها بين ثلاثة شهور إلى سنة، بخلاف السندات التي تصل مدتها إلى أكثر من سنة وحتى 30 سنة. ويشتري المستثمرين تلك الأذون والسندات بالدولار ، مما يحقق الوفرة الدولارية للحكومة المصرية، والتي تستخدمها في تغطية نفقات الاستيراد أو لسداد فوائد وأقساط الديون الخارجية أو لتغطية عجز الموازنة العامة. كيف أضرت الأموال الساخنة بالاقتصاد المصرية؟. خلال الفترة من ٢٠١٦ إلى ٢٠٢٢ اعتمدت مصر بشكل كبير على الأموال الساخنة، إذ زاد حجمها من مليار دولار عام ٢٠٢٦ إلى نحو ٢٨.٨ مليار دولار بنهاية عام ٢٠٢١. ولكن مع نشوف الحرب الروسية الأوكرانية، وكعادة الأموال الساخنة هربت من مصر سريعًا، تخارج ٢٢ مليار دولا من الاقتصاد المصري مما أحدث فجوة تمويلية كبيرة، ووضع الاقتصاد في مأزق. اعتبر خبراء أن أحد أسباب أزمة النقص الدولاري في الأسواق المصرية هو الاعتماد على الأموال الساخنة، ووصل الأمر إلى اعتراف حكومي بذلك من وزير المالية، محمد معيط، والذي قال: "لن نعتمد على هذا النوع من الأموال مرة أخرى". بعد نشوب الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، صرح وزير المالية بهروب 22 مليار دولار من الأموال الساخنة من الاقتصاد المصري، وأشار إلى هروب الأموال الساخنة ثلاث مرات من قبل، حين قال: "اتعلمنا الدرس من ثلاث مرات متتالية في 2018، و2020 و2022". من الواضح أن وزير المالية لم يستطع الالتزام بوعده، وأن الحكومة المصرية لم تعِ الدرس جيدًا حتى الآن، وخاصة بعدما عادت للاعتماد على الأموال الساخنة، بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على حزمة إصلاحات اقتصادية منها تطبيق سعر صرف مرن للجنيه المصري. شجع انخفاض قيمة الجنيه أكثر من 100% خلال العامين الأخيرين. وارتفاع معدلات الفائدة على الأذون إلى 21.845%، و21.304%، وفقًا لبيانات البنك المركزي، عودة الأموال الساخنة من جديد. وخلال شهر يناير الجاري اشترت صناديق خليجية ٥ أنواع من السندات بقيمة ٧.١٨ مليار جنيه "نحو ٢٥٠ مليون دولا". كما باعت الحكومة المصرية أذون خزانة بقيمة ٥١.٨ مليار جنيه بما يعادل ١.٧٥ مليار دولار. كل زيادة في معدلات الفائدة على الأذون والسندات يزيد من عجز الموازنة، إذ إن كل ارتفاع في معدلات الفائدة بنسبة 1% يكلف الموازنة العامة ما بين 30 إلى 32 مليار جنيه، وفقًا لموقع مصراوي. خلال الفترة بين ٢٠١٦ إلى ٢٠٢٣ ارتفع بند الفوائد في الموازنة العامة للدولة من ٢٤٤.١ مليار جنيه إلى ٦٩٠ مليار جنيه. وبلغت نسبة الزيادة في بند الفوائد في الموازنة العامة ٤٤٥.٩ مليار جنيها بنسبة زيادة ١٨٢٪ خلال تلك الفترة. يضطر البنك المركزي المصري مع تخارج الأموال الساخنة لسحب أموال دولارية من احتياطي النقد الأجنبي لسداد أموالهم. وتسبب ذلك في انخفاض الاحتياطي النقدي من 40.99 مليار دولار بنهاية فبراير 2022 إلى 33.14 مليار دولار في أغسطس 2022. وذلك تسبب أيضا في خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار مرة أخرى، بسبب انخفاض المعروض الدولاري بشكل مفاجئ في الأسواق، وحدث هذا بشكل أوضح خلال السنة الفائتة، إذ اضطرت الحكومة لتخفيض قيمة الجنيه في مارس الماضي وزاد سعر الدولار من ١٥.٦ جنيه إلى ١٨.٦، ثم في أكتوبر الماضي انخفض أيضا وسجل ٢٤.٥ جنيها لكل دولار. دخول الأموال الساخنة يعني تبني البنك المركزي المصري سياسة أسعار الفائدة المرتفعة، ويدفع ثمن ذلك القطاعات الاقتصادية الإنتاجية خاصة الصناعة والزراعة التي تحتاج لخفض أسعار الفائدة لتأمين قروض بأسعار فائدة منخفضة للمصانع والمستثمرين والفلاحين.