مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
(توضيح - معدل- صورة معدلة- تصريح صحيح قديم- صورة صحيحة قديمة- مجتزأ- زائف جزئيًا- خادع)
الكاتب
Beam Reports
تتداول العديد من الوكالات الإخبارية والصحف والمواقع –العالمية والمحلية- مع مئات الصفحات والمجموعات والحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي منذ نهار أمس الأول، السبت 25 سبتمبر، بياناً صحفياً ممهوراً باسم المستشار الإعلامي للبرهان، العميد الطاهر أبوهاجة، يتحدث خلاله عما أسماها “حملة مغرضة” ضد الجيش و”كرامة وعزة أفراده”. ويزعم أبوهاجة في ثنايا بيانه أن “القائد العام هو من رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب“.
الإدعاء
أن “القائد العام هو من رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب“.
دحض الإدعاء
بيم ريبورت عرضت الإدّعاء أمام صحيفة الوقائع والأحداث التي سبقت قرار رفع اسم السودان من قائمة الدول المارقة، وبدا جلياً أن الزعم ربما يمثّل ابتساراً للحقائق، وإهدار لجهود ممتدة منذ أمد؛ فالحكومات السودانية، ولسنوات مطولة، كانت قد انخرطت في محاولات مسترسلة للانعتاق من ربقة القائمة الأمريكية السوداء، بعدما زجّت سياسات النظام السابق باسم البلاد في هذه الأتون.
وطبقاً لمجموعة الأزمات الدولية فإنّ واشنطون، وبعد عقود من العلاقات العدائية، ابتدرت سياسة التعاطي الحذر مع الخرطوم اعتباراً من العام 2015، وصولاً إلى يناير من العام 2017.
وكانت واشنطن قد رهنت عملية رفع العقوبات بالتزام رصيفتها السودانية بخمسة مسارات؛ ضمّنتها التعاون في مكافحة الإرهاب، التصدي لتهديد جيش الرب، وقف العدائيات في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، تحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى تلك المناطق، ومسار أخير يتعلق بإنهاء التدخل السالب في جنوب السودان.
وفي وقت بدا خلاله أن نظام المخلوع يحاول تحسين سلوكه لطي حقبة العقوبات، والمضي في تنفيذ خارطة المسارات، كانت طلبات الإدارة الأمريكية تترى، ابتغاء المزيد من التنازلات؛ من شاكلة وقف التعامل العسكري مع كوريا الشمالية.
وبعد انتصار الثورة السودانية، بدا جلياً أن العقوبات الأمريكية إلى زوال، خصوصاً مع تنامي التوجهات الداعمة للدمقرطة والقيادة المدنية، في الخارجية الأمريكية ومجلس الشيوخ، وأروقة صنع القرار في البيت الأبيض، التي تعاملت مع الثورة بوصفها فرصة لا تتكرر إلا كل جيل.
إثر ذلك، تسارعت المفاوضات الرامية للوصول إلى تسوية في الملف، بمشاركة فريق وطني، ضمّ ممثلين للجهاز التنفيذي والمخابرات؛ بينهم السفير محمد عبد الله على التوم رئيساً، وعضوية العميد علي عبد العظيم محمد حسين، من جهاز المخابرات العامة، والمستشار عمر حسن هاشم من وزارة العدل، وقد توجت جهود الفريق برفع اسم السودان من قائمة الإرعاب في ديسمبر 2020.
وكان فريق التفاوض قد سلّم رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك التقرير الختامي للمهمة في مايو الماضي، وذلك بحضور وزير العدل د. نصر الدين عبد الباري ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق جمال عبد المجيد، والسفيرة إلهام إبراهيم أحمد وكيلة الخارجية بالإنابة.
ودأب العميد أبو هاجة إلى نسبة انجاز عملية رفع العقوبات إلى الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إذ كتب في 20 أكتوبر الماضي ما مفاده: “رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب يمثل نقطة تحول كبرى (…) وهو إنجاز سهرت علية القيادة السودانية منذ بزوغ فجر ديسمبر، وميلاد المجلس العسكري الانتقالي؛ بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة…”.
وفي منتصف ديسمبر الماضي، وبينما كان القائد العام للجيش يغرّد عبر تويتر، مزجياً الشكر لفاعليات شعبية ورسمية و”لمجموعات العمل الوزارية والدبلوماسية” التي أنجزت المهمة؛ في ذات التوقيت كان أبو هاجة يبارك إنجاز رفع العقوبات، معتبراً أن هناك “جهات ما حاولت عمداً إخفاء دور المكون العسكري، وعلى رأسهم الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان”.
وكان رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك قد أنجز العام الماضي زيارة وصفت بالتاريخية إلى واشنطون امتدت قرابة أسبوع؛ بغاية وضع حد للعقوبات. وشهدت الزيارة مجموعة من اللقاءات والاجتماعات المهمة مع الإدارة الأمريكية، في وزارات الخارجية والدفاع والخزانة، والمعونة الأمريكية، وجهاز الاستخبارات، ومجلسي الشيوخ والنواب، قبل عودته إلى البلاد؛ مبشراً بتقليص حزمة الشروط الأمريكية من 7 إلى شرط واحد فقط؛ تمثل في تعويضات ضحايا العمليات الإرهابية من الأمريكيين.
وباستثناء العمل في ملف التطبيع، ربما كانت زيارة البرهان إلى الإمارات، العام الماضي، رفقة وفد وزاري وعدد من الخبراء والمختصين في قضايا التفاوض؛ أبرز حراك لرئيس المجلس السيادي في الملف، وهو جهد لا يصح معا الادعاء بأن “القائد العام هو من رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب”، طبقاً لمزاعم أبوهاجة.
وكان الوفد الوزاري المرافق، برئاسة وزير العدل نصر الدين عبد الباري والخبراء، قد عقد إبان الزيارة سلسلة مفاوضات مع فريق من الإدارة الأمريكية، حول رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ودعم الفترة الانتقالية.